بقلم: الناصر السعيدي تسكرة 320 فرنك ...... تفضّل.......... 470 فرنك ومعاها واحدة أخرى نصْ... قدّمْ. يرحم الشايب تاقفْ الكارْ في محطة الاستقلال. ايهْ نعم.. محطّات الاستقلال والنصر والجلاء ...الكل تتوقف فيهم. كارطة.........قدم القدامْ......... ها ها ها ، ما لا باش نقدم التالي؟ سمعه بعض التلاميذ من ركاب الحافلة فخطفوها وهي طايرة: ها ها ..اقعد قاعد...اعطيني وذنك ..زيد نقص في الصوتْ..قوم ارقدْ..يقربلي من بعيد ..ها ها ها. جاء دوري امام «القصّاص»..تقدمتُ والمرافق تلمزني من الخلف مما جعلني كعادتي اقبضُ على جيب سروالي الخلفي بقبضة يدي خوفا من أيادي أولاد الحلال : يعيشك تسكرة نصْ... ورّيني كارطّك.. تفضّل .. اشار لي بوجهه بأن أتقدم بملامح عبوسة وكانني فكّيتلو الكارْ. سامحني خويا نقعد بجنبك.. تفضل هاي فارغة خير ما يقعد واحد فيها غشير يزيد على ما بيّ. اللطف عليك وين قاصد ربي انت؟... ماشي لشارع الحرية . ها ها..القلب على القلب انا ماشي لمحطة الاستقلال. يا ولدي وينو الاستقلال؟ .. وينو النّصر الّي جابوه الصحاح؟ ..الله يرحمك يا بورقيبة . ربي يهدي.............. كان عليّ أنا ربي يدّي. تظاهرتُ بأني لم أسمعه خاصة ان أنظار الركاب توجهتْ لنا وقد جذبهم صوت جليسي المرتفع وكأنّ قلبو معبّي المغبونْ . اقترب مني يكلمني في همس وكأنه يذيع سرا خطيرا . ماهو جاري يا مرحوم الوالدين اغتنم فرصة الثورة ..طلّْع الطاق الأول والثاني والثالث...سد عليّ الهواء والشمس ..وليت نعيش في داموس. يا والله حال..علاش ماكلمتوش بالسياسة؟ انا سياسة يا ولدي؟ ..ياخي عندنا نحن سياسة ولا رجال متاع سياسة؟ هيه..مشيت اشكيت وقدمت عريضة للمسؤولين . يا خويا ..ماهي البلاد كانت داخلة في حيط ..لشكون باش نشكي؟ مهما يكون ..البلاد فيها ادارة وحاكم..ياخي انت في اي وقت صارت الحكاية؟ الحكاية وقعت في عهد «علي العريّض»..وانا شكيت في وقت» المهدي جمعة». جاوبوكش؟............. حكاية فارغة ..قالولي كان شكيت ل«مصطفى بن جعفر» خير . ما لا عملت بلّي قالولك ؟ ديويوْ..يا خي بوهالي انا ..نشكي الى» بن جعفر» باش «ابراهيم القصاص» يكعبرهالي. انفجرتُ ضاحكا واندهشتُ لكلام الرجل ...و تجاوب معي شاب يجاورنا الكرسي الخلفي واظنه كان يسترق السمع لنا في غفلة منا . الحافلة بين المحطة والأخرى تتوقف لينزل ركاب ويصعد آخرون ..و في كل مرة يعلو الصياح بين صاعد اصطدم به نازل : القُعرْ قُعرْ..جبورة ونزوحْ..ما يعرفوشْ الّي الركوب من التالي . قلّو قعرْ ..جايا من وراء البلايكْ وتتكلم ..فوتني ها النهار المبروك. هيا صلّو على النبي . و بما اني رغبت في الانشغال بحكاية صاحبي على ان أسمع هراء ولغو الركاب..جذبته من جمازته في هدوء ..و سألته: ايه آش عملت..ياخي بقيت ساكت؟ ماني مشيت الى بلدية تونس..بعثتني الى البلدية متاعنا ..و خرجولي خبير ..ودفعتلو أتعابو ..ستنّيت ورجعت للبلدية متاع شارع قرطاج بعثوني هوما الى الولاية متاع نهج روما ..و بديت ندور كيف الزربوط من حومة الى حومة..و من شارع الى شارع كيف التاكسيست . هاي شيخة جاتك...تتجول وتغرم في زمانك ..خير من كبّي الدار. و فجأة علا صياح امراة من وسط الحافلة وساد معه سكوت الركاب لشدة الصرخة: تفيهْ عليك يا ساقط حاشى الّي ما يستاهلش..في عمر بابا وانت لاصقلي اتبّعْ فيّ من آخر الكار حتى لْهوني..يكبْ سعدكْ ..الشيبْ والعيبْ . لم يفهم الجميع من تقصد المرأة اذ صارت الحافلة تغصّ بالركاب بعد ان فتحت المؤسسات التربوية أبوابها لخروج التلاميذ مع منتصف النهار . يا ولدي ماني قتلك البلاد داخلة في حيط. الله يجيرنا دنيا وآخرة. عادة نرجعلك لغريبتي...قلت الحل نرجع الى جاري ونحاول معاه يهديشو ربي. نتخيل المرة هذي باش يتعاطف معاك ويكون العقل منو. يبطى شوية..بعد ماحكيتلو وتشحّت فيه..قالي برّة اشكي.. عجب..يا والله مصيبة وحلتْ فيها. عادة هاني ماشي لشارع الحرية باش نشكي بيه. آه..بالحق ثمة برشة مكاتب متاع محامين وعدول تنفيذ في شارع اللّيبيرتايْ. يا ناري عليك ..ماشي لدار الاذاعة والتلفزة. فرد مرة..ياخي الاذاعة آش مْدخّلها؟ ماهو سي السيد قالي برّة اشكي بيّ للعروي..عادة هاني من الغلبْ ماشي لدار الاذاعة باش نشكي بيه للعروي. ها ها ها ...نتولاك..و الله قلت الحق.