بمناسبة اليوم الوطني لتولي مؤسس دولة قطر الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني الحكم في البلاد سنة 1878، يسرنا التأكيد على تواصل نفس العزيمة لتمتين العلاقات الأخوية بين الشعبين التونسيوالقطري؛ عزيمة ترعاها جهود حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني - أمير البلاد المفدى حفظه الله- الذي ما فتئ يدفع نحو مزيد مساندة إخواننا التونسيين. وترتبط دولة قطر بعلاقات وثيقة متميزة بجمهورية تونس في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية منذ تأسيس الدولة مرورا ببداية العمل الديبلوماسي الذي انطلق سنة 1974 مع إنشاء أول سفارة لدولة قطربتونس، وقد وقفت دولة قطر بقيادة حضرة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى جانب الشعب التونسي في ثورته الظافرة منذ اندلاعها وإلى أن حققت أهدافها. وشارك حضرة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى في الاحتفال الذي أقيم في قصر المؤتمرات في العاصمة التونسية عام 2012 بمناسبة مرور عام على الثورة التونسية. إلى جانب زيارات أخرى على أعلى مستويات بين الجانبين. العلاقات الاقتصادية وقد تطوعت دولة قطر منذ سنوات لمساعدة الشعب التونسي الشقيق عبر مشاريع تنموية واستثمارية ضخمة في مقدمتها مشروع عمر المختار، وهو عبارة عن المرحلة الثانية لبناء 810 مسكن اجتماعي وقد تم وضع حجر الأساس من قبل حضرة صاحب السمو الشيخ/ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى «حفظه الله» (عندما كان سموّه ولياً للعهد) أثناء زيارة سموّه للجمهورية التونسية, وبناءً على اجتماع سموه مع معالي رئيس الحكومة التونسية, فقد تم الاتفاق على أن يتم تمويل المشروع من قبل دولة قطر. تمت المصادقة على الاتفاقية من الجانبين كما وقع صرف الدفعة الأولى من التمويل و وقع إيداعه في البنك المركزي التونسي في شهر جانفي 2014, كما وقع الاختيار على الشركات المنفذة للمشروع و قد تم البدء في تنفيذ المشروع. وتم عمل اتفاقية وإبرام الجزئية المتعلقة بالهبة والقرض وتحديد كيفية السداد, وبعد ذلك سيتم عمل طلب العروض من قبل السفارة ووزارة التجهيز والإسكان, وتم الاتفاق على البدء في المشروع بعد ترسيته على إحدى الشركات, وبدأ تنفيذ المشروع في نهاية فبراير 2013م. زيادة على مشاريع أخرى تنموية كبيرة بمدينتي الكاف والقيروان وقد تم الانطلاق في بعضها في الفترة الأخيرة بالإضافة كذلك إلى صندوق الصداقة القُطري التّونسي الذي يعتبر أهم مشروع لدعم التنمية في تونس من خلال رصد ميزانية قدرها 97 مليون دولار لتمويل مشاريع الباعثين الشبان وقد استفاد منه مئات الشباب التونسيين الذي تمكنوا من بعث مشاريع ستمكنهم من الدخول بسهولة لعالم المال والأعمال. هذا ينضاف إلى ما قدمته وتقدمه دولة قطر على مستوى المشاريع الاستثمارية من خلال مؤسساتها المتمركزة في تونس وفي مقدمتها أوريدوو والبنك الوطني القطري. وفي ما يلي نبذة تاريخية عن تأسيس دولة قطر وتاريخ تعاونها مع دول العالم الشقيقة والصديقة والانجازات التي حققتها دولة قطر في هذا الإطار: قطر من التأسيس إلى الريادة انطلق التأسيس الفعلي لدولة قطر بعد أن غادرت الحماية البريطانية البلاد التي دخلتها عام 1916 بموجب اتفاقية حماية. وحكمت قطر أسرة آل ثاني التي أخذت اسمها من عميدها ثاني بن محمد والد الشيخ محمد بن ثاني، الذي كان أول شيخ مارس سلطته الفعلية في شبه الجزيرة القطرية خلال منتصف القرن التاسع عشر. وكانت أسرة آل ثاني قد استقرت حول واحة «جبرين» في جنوبي نجد، قبل ارتحالها إلى قطر في أوائل القرن الثامن عشر وهي فرع من قبيلة بني تميم، التي يعود نسبها إلى مضر بن نزار، وقد استقرت بادئ الأمر في شمال شبه الجزيرة القطرية، ثم انتقلت إلى الدوحة في منتصف القرن التاسع عشر بزعامة الشيخ محمد بن ثاني. وبعد ذلك قام سمو الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني بالتأسيس الفعلي لدولة قطر سنة 1878. علاقات قطر الدولية ونذكر بهذه المناسبة أن دولة قطر أولت منذ استقلالها عام 1971 اهتماماً كبيراً بالتعاون الدولي، حيث انضمت إلى منظمة الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي. وتجسد اهتمام قطر بالتعاون الدولي في رؤيتها الوطنية 2030 والتي تدعو إلى تعزيز دورها الإقليمي اقتصاديا وسياسيا وثقافياً وتعزيز التبادل الثقافي ودعم حوار الحضارات والمساهمة في تحقيق الأمن والسلم العالميين. وقد ساهم التقدم الذي أحرزته قطر في مجال التعاون الدولي وطيلة أربعة عقود من الزمن في تطوير العلاقات الثنائية مع دول العالم، حيث ارتبطت قطر بعلاقات ديبلوماسية مع دول العالم كافة من خلال انتشار (108) بعثة ديبلوماسية. ولم يقتصر اهتمام دولة قطر بالتعاون الثنائي الحكومي، بل اهتمت أيضاً بالتعاون المتعدد الأطراف وذلك من خلال انضمامها لأكثر من (328) منظمة وهيئة دولية عربية وإقليمية تعمل في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية. كما قامت بالتصديق والانضمام إلى العديد من الاتفاقيات المتعددة الأغراض في المجالات التجارية والقانونية والبيئية والسياسية والإعلامية. قطر والعالم العربي ويجدر التذكير خلال هذه المناسبة أن علاقات قطر مع الدول العربية تتسم بالترابط والتعاون ، فقد اتخذت قطر عددا من المواقف المؤثرة التي ساهمت في دعم الدول العربية وتشكيل مواقفها تجاه قضاياها السياسية الهامة، ولعبت دورا فاعلا في صناعة مستقبل جديد لتلك الدول تحقيقا للمصالح العربية المشتركة. وتقوم دولة قطر أيضا بزيارات رسمية للدول العربية تعمل بها على مناقشة الأمور والقضايا المشتركة ووضع خطط وبرامج إصلاحية تهدف إلى حل المشكلات التي تواجهها أي دولة عربية، ومن أبرزها زيارة سمو الأمير الوالد لقطاع غزة حيث دشن خلالها سموه عددا من المشاريع التنموية التي تنبئ بخير بداية لنهاية معاناة الشعب الفلسطيني. وبرز دور قطر في علاقاتها مع الدول العربية من خلال المساعدات الانسانية التي قدمتها للعديد من الدول كلبنانوفلسطين وإقليم دارفور، وتستمر قطر في إمداداتها بالمعونات التي تهدف من ورائها لإعادة بناء الوطن العربي واستتباب الأمن به. وقد تمكنت دولة قطر من احتضان القمة الخامسة والثلاثين لدول مجلس التعاون الخليجي وهي القمة التي ساهمت في تدعيم روابط الأخوة بين كافة دول مجلس التعاون، وهي خطوة أولى في مسار تدعيم روابط الأخوة في العالم العربي. انجازات قطر في التعاون الدولي تتميز دولة قطر بعلاقتها المتطورة مع المجتمع الدولي، واستطاعت وطيلة الأربعين عاماً المنصرمة من تحقيق العديد من الإنجازات التي جعلت من قطر دولة فاعلة في تحقيق السلم والأمن الدوليين، علاوة على دورها المتميز والرائد في تحقيق التنمية الدولية والشراكة العالمية فيها. ويمكن إيجاز اهم إنجازات دولة قطر في مجال التعاون الدولي بالآتي: أولاً: المساهمة في حل النزاعات المسلحة وتعزيز السلم والأمن الدوليين، ويمكن الإشارة في هذا المجال إلى أهم الانجازات بالآتي: المشاركة في قوات حفظ السلام التي شكلتها الأممالمتحدة في العديد من مناطق العالم، في لبنان، إريتريا، البوسنة ... حل النزاعات والمشكلات التي حصلت في بعض الدول العربية، كمشكلة دارفور، اليمن، لبنان، فلسطين... تبنّي مبادرة «هوب فور» الهادفة لتعزيز فعالية وتنسيق استخدام أصول الدفاع العسكري والمدني لمواجهة الكوارث الطبيعية، وذلك من خلال إنشاء مركز دولي بالدوحة معني بإقليم الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا في سبيل تنسيق الجهود والاستخدام الأمثل للأصول العسكرية والمدنية في مجال الإغاثة. ثانياً: المساهمة الفاعلة في تحقيق الشراكة العالمية للتنمية وتعزيز العون الإنمائي الدولي فيما يتعلق بمساعدة الدول النامية على تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، ويمكن الإشارة إلى أهم الإنجازات القطرية في هذا المجال بالآتي: تقديم المعونات والمساعدات الإنمائية التي استفادت منها أكثر من (100) دولة في مختلف أنحاء العالم، والتي تركزت في مجملها على قطاعات الصحة والتعليم والمياه والصرف الصحي، علاوة على المساعدات الإنسانية التي ترتبط بظروف استثنائية تتعرض لها بعض البلدان كالكوارث الطبيعية والنزاعات المسلحة. إنشاء مؤسسة «صلتك» برأسمال 100 مليون دولار وذلك للتصدي للأزمة المتفاقمة للبطالة بين جيل الشباب في العالم وذلك من خلال توفير فرص العمل للشباب ولاسيما النساء والمحرومين، وقد قامت المؤسسة بتنفيذ العديد من المبادرات والمشاريع في بعض الدول العربية كاليمن والمغرب وسوريا لمعالجة مشكلة البطالة المتفشية في أواسط الشباب العربي. إنشاء مؤسسة التعليم فوق الجميع في عام 2008 بهدف حماية ودعم الحق في التعليم بالمناطق الواقعة أو المهددة بالأزمات والصراعات والحروب. وقامت هذه المؤسسة بتنفيذ العديد من المشاريع في فلسطين والعراق، وفي دول أخرى. ثالثاً: التوقيع على العديد من الاتفاقيات الثنائية مع مختلف دول العالم استهدف تشجيع وحماية الاستثمارات ومنع الازدواج الضريبي ، وتعزيز العلاقات الثنائية التجارية والاقتصادية والثقافية والسياسية والعلمية والتنموية والتعاون التقني وتبادل الخبرات رابعاً: استضافتها للعديد من المؤتمرات والمنتديات الدولية العالمية المعنية بالتجارة والتنمية والديمقراطيات الجديدة وتمويل التنمية وذلك بالتعاون مع منظمة الأممالمتحدة والمنظمات والهيئات الدولية الأخرى، ويمكن الإشارة لأهم الفعاليات العالمية بالآتي: - قمة مجموعة السبع والسبعين والصين عام 2005. - المؤتمر الدولي السادس للديمقراطيات الجديدة والمستعادة عام 2006. - مؤتمر المتابعة الدولي لتمويل التنمية المعني باستعراض تنفيذ توافق آراء مونتيري عام 2008. - منتدى الأممالمتحدة الرابع لتحالف الحضارات عام 2011. - المؤتمر الثالث عشر للأونكتاد ( مؤتمر الاممالمتحدة للتجارة والتنمية) عام 2012. - القمة الخامسة والثلاثين لدول مجلس التعاون الخليجي في ديسمبر 2014