يواصل النادي الافريقي تحضيراته المكثفة استعدادا لخوض المباراة الختامية من مرحلة الذهاب لبطولة الرابطة الاولى والتي ستجمعه هذا الأحد بالترجي الرياضي الجرجيسي في مباراة تبدو في ظاهرها في متناول الأفارقة لكنها تبقى في كل حال من الأحوال مفتوحة على كل الاحتمالات بالنظر الى المستوى الطيب الذي يقدّمه الترجيون منذ بداية الموسم إضافة الى أنّ اسم «الترجي» يبقى دائما له رهانه الخاص ولعل جماهير الاحمر والابيض لم تنس بعد المباراة التاريخية التي جمعت الفريقين في ختام موسم 2007 عندما كاد العكارة يحوّلون وجهة بطولة هي الأغلى دون ادنى شكّ في تاريخ الأفارقة... مباراة الترجي «الصغير» تأتي أياما قليلة بعد «دربي» العاصمة الذي جمع الكبيرين وانتهى قسمة «وخيان» بعد ان رفض الترجي الانصياع لقانون الهزيمة وانتفض لسمعته وتاريخه ليعود في المباراة بعد ان كان متخلفا في النتيجة بهدفين مقابل صفر حتى الدقيقة 80 في حين فوّت الافريقي في انتصار كان في المتناول بالنظر الى مجريات الدربي حين ظنّ لاعبوه وبعض الظنّ اثم أن المباراة انتهت قبل صافرة الحكم متناسين أنّ الدربي يبدأ فقط حين «تجنّ» الكرة وتغيب لغة العقل وينتصر «القليّب» على «فورمة الجسد»... مرارة كبيرة... نتيجة التعادل في مباراة الدربي ليست كارثية أو هكذا علمتنا الذاكرة الرياضية في الحوارات السابقة التي جمعت بين الناديين كما انّ مباراة امس الاول لها قراءاتها الخاصة والتي قد تجعل الافريقي مستفيدا على الورق من نقطة السبق على اعتبار وان الترجي كان يومها مدعوما بجماهيره الوفية والتي حضرت بكثافة في ملعب رادس بل فاق حضورها النصاب القانوني كما أن شيخ الاندية التونسية ورغم بعض الهزّات التي اعترت مسيرته في هذا الموسم برهن أنه جاهز لمقارعة الكبار بدليل نتائجه المسجّلة في حواراته المباشرة مع الثالوث التقليدي في حين كان الافريقي منقوصا من لاعبين مؤثرين في التشكيلة الأساسية هما العيفة والعقربي وفرض غيابهما على المدرّب تحويرات بالجملة حدّت من فاعلية الفريق على الأقل في وسط الميدان... لكل هذه الاعتبارات تبدو النتيجة مقبولة الى حد ما خاصة وانّ الفريق حافظ على موقعه منفردا في صدارة الترتيب وأمام فرصة مواتية لإنهاء النصف الأول من السباق في المرتبة الأولى لكن مع ذلك تشعر جماهير الافريقي بخيبة أمل كبيرة عكستها هيستيريا الاحتفال من المدرج الجنوبي... خيبة تعادل مرارتها الشعور بالهزيمة لأنّ الفريق كان متقدما في النتيجة الى حدود الدقيقة 80 وليس يسيرا على الأفارقة تقبّل سيناريو كالذي حصل أمس الأول خاصة وأن بعضهم انطلق في الاحتفال قبل نهاية الكرنفال... أن تكون متقدّما في النتيجة بثنائية و تفوّت في فرصة الانتصار ليس بالأمر المألوف في الدربي ولاستحضار ذات السيناريو علينا العودة الى ذاكرة سنوات مضت حين كان الافريقي يعاني الوهن وفقط مجرّد شاهد على تحوّل الزمن... أخطاء بالجملة... مدرّب النادي الافريقي الفرنسي دانيال سانشاز يتحمّل مسؤولية كبيرة في ضياع الانتصار وحرمان جماهيره من «نشوة» الاطاحة بالجار ولاح جليا ان الفني أساء التعامل مع مجريات المباراة ولم يحسن «قتلها» بلغة الكرة كما انه لم يستفد من هفوات خالد بن يحيى الذي أنقذه يانيك نجانغ من «موجة» غضب عارمة كانت تترصّده...بن يحيى أخطأ لانّه أجهض ماكينة الرواقين في فريقه بالتعويل على أفول كظهير متأخر وبإشراك المباركي على الجهة اليسرى لكن أخطاؤه لم يعد لها وقع أو تأثير لانّ ذنوب الفرنسي غطّت عليها... سانشار الذي يشرك زهير الذوادي كأساسي وهو غير مقتنع بذلك واصل فلسفة العادة وتغييراته النمطيّة وسحب الذوادي الى البنك وهو التغيير الذي قلب المباراة رأسا على عقب حيث تحرّر أفول وتوقّف عدّاد الميكاري عن الدوران وكان هذا منعرج المباراة... سانشاز أخطأ كذلك حينما لم يسارع الى تعبئة خطّ الوسط عندما كانت النتيجة لصالحه حيث تثاقلت خطوات نادر الغندري الذي لم يعد يقوى حتى على مجرّد المشي وكان التعويل عليه الى جانب ستيفان ناطر ضرورة محظورة أملتها الغيابات لان الثنائي يتميّز بإمكانيات بدنية وفنية هائلة لكنهما يتشابهان كثيرا في أسلوب اللعب وبالتالي لا يكمّلان بعضهما فهما يميلان الى التدرج البطيء بالكرة ولا يستطيعان التحوّل سريعا من الوظيفة الهجومية الى المهمة الدفاعية وقتها كان لزاما الدفع بسايدو ساليفو الى موقعه الاصلي كلاعب فكّاك لسدّ المنافذ أمام الترجيين مع لعب ورقة دفاعية إَضافية كان وليد الذوادي الاقرب اليها خاصة مع تراجع الاداء البدني للاعبي المحور هاشم بلقروي وسيف تقا لكن كل هذا لم يحصل على الاقل في ذهن الفرنسي... بالنسبة لزهير الذوادي الذي تعيب عليه جماهير الافريقي تواضع مردوده الهجومي وفّق في المقابل في مهمته الدفاعية و نجح في كبح جماح أفول وشلّ الحركة على الرواق الايمن للترجي وهذا ما غاب عن مدرّب الافريقي الذي عايش المباراة برؤية فنية متواضعة لأنّه كان لزاما عليه ان يتفطن لمثل هذه الجزئيات التي تصنع الفارق في الدربيات والتي لا يليق أن تغيب عن المدارك الفنيّة والتكتيكية لمدرّب في هذا المستوى... العلامة الكاملة... إذا كان زهير الذوادي موفقا من الناحية الدفاعية وهذه ليست خاصياته وهو الذي تعوّد ان يكون جناحا طائرا وإذا كان الجزائري عبد المؤمن جابو مصدر الازعاج الاول لدفاعات المنافس بفضل فنياته ولمساته الساحرة فانّ صابر خليفة نال العلامة الكاملة في دربي امس الأول وكان بالفعل أفضل لاعب على الميدان... خليفة كان قلب الافريقي النابض ومقياسه الحراري وكلما تحرّك صنع الفارق لصالح زملائه مستفيدا من جاهزيته الفنية وتفوقه البدني على كل منافسيه...خليفة تحرّك في الهجوم كثيرا وساند الدفاع على امتداد التسعين دقيقة وكان في كلّ مرّة الأوّل على الكرة حيث حسم كل الثنائيّات لصالحه ليؤكّد من جديد أنه صفقة رابحة لفريق باب الجديد قد تكون هي الأهم والأغلى في دفاتر منتصر الوحيشي... الدربي امتحان وفيه يكرم اللاعب أو يهان وهناك من يعبر من خلاله الى شطّ الأمان ليستحق أفضل عنوان على غرار صابر خليفة وهناك من تتلعثم أقدامه وتتثاقل خطواته ليغادر «زعلان» ويصحّ فيه القول « ولدك موش متاع دربي يا مادام» وهؤلاء للأسف كثر... «الصعيب تعدّى...» في قراءة أولى للنصف الاول من السباق يمكن القول انّ الافريقي يملك كلّ مؤشرات البطل ليس لأنه الافضل في الوقت الحالي لكن لأنه يتصدّر الترتيب رغم أنّه كان الاسوأ في بعض الاوقات... الافريقي عانى من روزنامة الذهاب التي وضعته ضيفا كلما واجه منافسيه المباشرين على اللقب لذلك مع تغيّر المعادلة في الاياب قد تزول «عقدة» الاخفاق ضدّ «الكبار» و ستكون الطريق سانحة امامه لحصد عدد أكبر من النقاط خاصة وأنه سيلعب الجولات الأربع القادمة في العاصمة بشكل قد يجعله يستعيد مسافة الأمان عن أٌقرب منافسيه كما أنّ بعض الإنتدابات المرتقبة قد تعيد للفريق بعضا من توازنه المفقود... منطقيا «الصعيب تعدّى» والمجموعة الحالية رغم «عثرة» الدربي وما لاح من سذاجة بلغت حدّ «الغباء» تملك مقوّمات البطل الاّ إذا هبّت من جديد «رياح النبّارة» و تنازل الفريق طواعية عن كرسي الصدارة...