قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    مهرجان «بريك المهدية» في نسخته الأولى: احتفاء بالتّراث الغذائي المحلّي    عمر الغول.. الولايات المتحدة تريد قتل دور مصر بالميناء العائم في غزة    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    عاجل/ ليبيا: اشتباكات عنيفة في الزاوية.. وهذه حصيلة الضحايا    عاجل/ صفاقس: انقاذ 52 شخصا شاركوا في 'حرقة' وإنتشال 4 جثث    عاجل/ ضبط 6 عناصر تكفيرية مفتّش عنهم في 4 ولايات    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    اتحاد الفلاحين: ''أسعار أضاحي العيد تُعتبر معقولة''    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    عضو بمجلس هيئة الانتخابات: لا يمكن تجاوز هذا التاريخ كأقصى موعد للرئاسية    الإنتخابات الرئاسية: إلزامية البطاقة عدد 3 للترشح..هيئة الإنتخابات تحسم الجدل    قريبا.. الحلويات الشعبية بأسعار اقل    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    الوطن القبلي.. صابة الحبوب تقدر ب 685 ألف قنطار    بقلم مرشد السماوي: كفى إهدارا للمال العام بالعملة الصعبة على مغنيين عرب صنعهم إعلامنا ومهرجاناتنا!    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة .. «عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    قراءة في أعمال ومحامل تشكيلية على هامش معرض «عوالم فنون» بصالون الرواق .. لوحات من ارهاصات الروح وفنطازيا الأنامل الساخنة    شبهات فساد: الاحتفاظ بمعتمد وموظف سابق بالستاغ وإطار بنكي في الكاف    عاجل : مسيرة للمطالبة بإيجاد حلول نهائية للمهاجرين الأفارقة من جنوب الصحراء    محيط قرقنة مستقبل المرسى (0 2) قرقنة تغادر و«القناوية» باقتدار    فقدان 23 تونسيا شاركو في عملية ''حرقة ''    الحشاني يُشرف على اجتماع لجنة القيادة الاستراتيجية بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي    وزارة الصناعة : ضرورة النهوض بالتكنولوجيات المبتكرة لتنويع المزيج الطاقي    القيمة التسويقية للترجي و الأهلي قبل موقعة رادس    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    تضم منظمات وجمعيات: نحو تأسيس 'جبهة للدفاع عن الديمقراطية' في تونس    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    هذه القنوات التي ستبث مباراة الترجي الرياضي التونسي و الأهلي المصري    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    ضمّت 7 تونسيين: قائمة ال101 الأكثر تأثيرا في السينما العربية في 2023    قانون الشيك دون رصيد: رئيس الدولة يتّخذ قرارا هاما    جرجيس: العثور على سلاح "كلاشنيكوف" وذخيرة بغابة زياتين    ألمانيا: إجلاء المئات في الجنوب الغربي بسبب الفيضانات (فيديو)    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    نحو 20 بالمائة من المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم يمكنهم العلاج دون الحاجة الى أدوية    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    داء الكلب في تونس بالأرقام    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    كمال الفقي يستقبل رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    حفل تكريم على شرف الملعب الإفريقي لمنزل بورقيبة بعد صعوده رسميا إلى الرّابطة الثانية    الصادرات نحو ليبيا تبلغ 2.6 مليار دينار : مساع لدعم المبادلات البينية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منجي الخماسي الأمين العام لحزب «الخضر للتقدم» ل«التونسية» نريد اصطفافا وراء برنامج «السبسي»بخلفية نقدية إصلاحية
نشر في التونسية يوم 30 - 12 - 2014


احداث الشغب بفعل عُقول ترفض التداول على السلطة
حذار من تغوّل المال السياسي
حوار :أسماء وهاجر
كيف ينظر منجي الخماسي الأمين العام ل«حزب الخضر للتقدم» لمبادرة الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي ببعث«حراك شعب المواطنين»؟ و ما رأيه في الإحتجاجات التي أعقبت الإعلان عن نتيجة الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية؟ و هل يخشى تغوّلا في الساحة السياسية؟ وأي نوع من الحكومة يريد؟
ما رأيك في مبادرة الرئيس المنتهية ولايته ببعث حراك«شعب المواطنين»؟
أوّلا أقول إنّ هذا حقّ من حقوقه يضمنه له الدستور إلاّ أنني اعتبر إعلانه هذا متسرّعا جدّا، غير واقعيّ بالمرّة، وينمّ عن رغبة في الهروب من الواقع مواصلة لسياسة بعيدة عن نبض الشارع واحتياجاته في وسط هذا الإغراق التعدّدي والمتعمّد غير المسبوق الذي أضرّ بالدور المنوط للأحزاب، كما أني أرى في ذلك اعترافًا ضمنيًا بفشل حزب «المؤتمر» وبفقر ايديولوجي لا يليق بحزب كان إلى حدّ البارحة في سدّة الحكم وفي أعلى هرم في السلطة.
ماذا تقصدون بذلك ؟
مع احترامنا للسيد المرزوقي وفريقة وبعيدا عن لغة التخوين والتحقير والتندّر والنقد لمجرّد النقد. أقول إنّ المرزوقي لم يكن البتّة مُوَفّقا خلال تولّيه منصب الرئاسة، حيث أخْطأ العديد من المرّات في تقييمه للأوضاع أخطاء سمع بها القاصي والداني ولا أظنّ شخصيّا أنّ السبب وراء هذا هو قلّة الخبرة فقط بل كذلك الاستخفاف بمنصب رئيس الجمهوريّة، كما أعتبر أنّ مقرّبيه ومستشاريه من حزبه ساهموا في قسط لا يستهان به في ضحالة المردود السياسي, فالسيّد المرزوقي اليوم وبعد خسارته يواصل ارتكاب نفس الأخطاء السياسيّة والتي تستبطن الدعوة إلى العصيان ومواصلة التعنّت في التشبّث بكرسي الرئاسة وهذا مخالف لما هو متعارف عليه في التداول على السلطة سلميّا.
فقد كان من المفروض أن يراجع الرئيس المنتهية ولايته مدّة حكمه برويّة وموضوعيّة ثّم العودة برؤية إصلاحيّة ملائمة وفكر حداثي متفتّح وبعقليّة بنّاءة تعكس فعليّا الذود عن الذات وعن الوطن خاصّة أنّ السيّد المرزوقي صرّح منذ أيّام قليلة أنّه في حال عدم الفوز سيتفرّغ لمعالجة الملفّات الحقوقيّة وللكتابة وهو ما يليق بمقام «رئيس سابق» في منظومة ديمقراطيّة تحترم زعماءها وشعبها.
كما أنّنا نلحظ اليوم أنّ المرزوقي بصدد التنكّر لحركة «النهضة»، ذاك الحزب الذي سانده وفتح له أبوابا كانت مغلقة ومكنّه من تحقيق أحلام شبه مستحيلة وعلى رأسها الوصول إلى رئاسة الجمهوريّةو حصول حزبه على العديد من الوزارات.
والأدهى والأمرّ أنّ السيّد المرزوقي اليوم يناور -أقولها وأتحمّل مسؤوليّتي في هذا- حيث نلحظه يعمّق الفجوة والانشقاقات الاجتماعيّة وذلك في قراءة لخطابه الأخير وبطريقة ممنهجة يفتح الباب للنعرات الجهويّة عبر معطى الانتماء الجغرافيّ وكأنّ الجنوب مثلا أقلّ حظّا من الشمال الغربي، وهنا نتساءل لا من باب المزايدات بل من باب الوقوف على المنجز، ماذا قدّم الرئيس السابق للمناطق المحرومة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب التونسي؟ هذا دون أن ننسى ما سمعنا وما شاهدنا عبر وسائل الإعلام و ما نشرته مجموعة «انونيموس» حول طريقة التصرّف في المال العام من ميزانيّة مؤسّسة الرئاسة والتي تفوق الثمانين مليارا.
مباشرة اثر الاعلان عن فوز السيد الباجي قائد السبسي بالرئاسة انطلقت تحركات احتجاجية وأعمال عنف حتى أنّ بعض المحللين ربط هذه الاعمال بالزيارة التي أدّاها برنار ليفي الى تونس ما تعليقك على ذلك ؟
برنار ليفي غير مرحّب به في تونس وأتمنّى ألّا تقع دعوته مجدّدا تحت أيّة تعلّة كانت. ونحن لسنا في حاجة لاستقبال أو التشاور مع أمثال هؤلاء الذين دمّروا الوطن العربي ببثّ الفتنة والفوضى، فما عاشته ولا تزال الشقيقة ليبيا من تَقاتل وتناحر وحرْب أهليّة خير دليل على سوء نيّة هذا الرجل. أمّا بالنسبة لأحداث الشغب فنعتبرها بفِعل بعض العُقول المدبّرة التي لا تزال متعنّتة ومتمسّكة بالسلطة والتسلّط وبعيدة كلّ البعد عن مفهوم الانتقال السلمي للسلطة وهي نِتَاج هندسة للوبيّات الضغط والأجندات الأجنبيّة.
فالباجي قائد السبسي انتُخِب بطريقة مباشرة وديمقراطيّة ويَحْظى بالشرعيّة الشعبيّة. وإنّنا في «حزب الخضر للتقدّم» لم نسانده ولكنّنا نتمنّى له ولحزبه ولحلفائه التوفيق والنجاح في مهامهم الصعبة ونمدّ أيادينا للمساعدة والتشاور للاستئناس بأفكارنا ورؤانا ما أمكن لما فيه خير البلاد والعباد والبيئة والمحيط خاصّة.
منذ فوز الباجي قائد السبسي بالرئاسة وفوز حزبه «نداء تونس» في الانتخابات التشريعية كثر الحديث عن احتمال التغوّل والعودة الى نظام الحزب الواحد. هل ترون ذلك ممكناً في المشهد الحالي ؟
أعتقد أنّ ذلك مستحيل لعدّة أسباب موضوعيّة. أوّلها أنّ تونس ما بعد 14 جانفي 2011 تختلف جذريّا عن تونس ما قبل هذا التاريخ ولن يقبل الشعب الذي تشبّع بالحريّة أن يرجع إلى المربّع الأوّل وإلى الحكم الرئاسوي.
إنّ «نداء تونس» لم يتحصّل على الأغلبيّة المريحة في «التشريعيّة» ممّا أجبره على البحث على تحالفات وممّا سيحدّ حتما من هامش تصرّفه وأدائه عن طريق معارضة لا يستهان بها تحت قبّة البرلمان أو خارجه ولا يمكننا التغاضي عن حقيقة أنّ الأربع أحزاب البرلمانيّة الأولى متباعدة سياسيّا وايديولوجيّا وبالتالي لا أرى مجالا للتغوّل.
أمّا بالنسبة للرئاسيّة فدعنا نقرّ أنّ صلاحيّاتها محدودة وعليه لن يستطيع الرئيس الجديد الاستبداد والتفرّد بالرأي حتّى ولو أراد ذلك، ولكن هذا لا يمنعنا من لفت النظر إلى معطى نعتبره مهمّا ألا وهو الرجوع إلى مظاهر الشخصنة و«تأليه» القيادات والزعامات السياسيّة (le culte de la personnalité) من قبل القواعد الشعبيّة، علينا الحذر من هذه الممارسة التي عانى بسببها الشعب التونسي الويلات وراح ضحيّتها الكثيرون كما علينا أن نستخلص العبر من الماضي.
أمّا ما يخيفنا اليوم كفصيل سياسي بيئي فهو «تغوّل» المال السياسي الذي لا يزال يسود المشهد السياسي وأعذروا صراحتي أنّه طال أيضا المشهد الإعلامي ممّا يؤثّر سلبا على الرأي العام الوطني ويؤسّس أحيانا زعامات كرتونيّة باعت وتبيع الوهم للمواطن.
هناك تسريبات تؤكد أنّ رئيس الحكومة لن يكون من «النداء» ألا تعتبر أنّ هذه رسالة طمأنة من طرف رئيس الجمهورية بأنّ همّ الحزب الفائز ليس الحصول على أكبر عدد ممكن من الكراسي بقدر ما هو تحقيق النفع العام والبحث عن حكومة وفاق وطني ؟
في الحقيقة حتّى وإن كان رئيس الحكومة من خارج «النداء» فهذا لا يعني ضرورة أنّه سيكون بهذا الحياد كما لا يعني أنّه سيكون الأكثر دراية بإدارة الشأن العام مستقبلا.
صحيح، تعلمّنا من التجربة الماضية أنّ النضاليّة لا تنتج ضرورة القيادات الحكوميّة الصائبة ولكن رأيي هو أنّ الديمقراطيّة أفرزت فوز «نداء تونس» وعليه فهو حرّ ومسؤول في اختيار حكومته سواء من داخل أو خارج الحركة. وهذا حال الديمقراطيّات العميقة في كافّة أنحاء العالم.
ونحن في «حزب الخضر للتقدّم» نعوّل على حكومة كفاءات سياسيّة وطنيّة يشكّلها الحزب الفائز، فالشعوب التي تحترم نفسها تحتكم لصناديق الاقتراع ولا إلى التوافق بين الفرقاء وعليه نحمّل المسؤوليّة للفريق الحائز على أغلبيّة الأصوات كي تقع محاسبته فيما بعد عن أدائه واجتهاده.
يرى البعض أن في تصريحات رئيس حركة «النهضة» الأخيرة محاولة لإستمالة السيد الباجي قائد السبسي إذ دعا الى الاصطفاف وراءه أيمكن أن يقرأ ذلك على أنّها محاولة لعقد حلف مع «النداء» من أجل الحصول على حقائب وزارية ؟
لا أقرأ في الغيب ولا في عقول الآخرين ولا أعرف ما هي طموحات السيّد الغنوشي ولكن أظنّ أنّ حركة «النهضة» وإن كانت تاريخيّا قديمة لم تطوّر أداءها وبرهنت أنّها غير قادرة على الحكم الرشيد. و المجال لا يسمح لسرد تقييم للفترة الانتقاليّة التي دامت أكثر من اللازم ومع هذا لم تقنع الناخب التونسي. على قواعد «النهضة» أن تراجع مواقفها ومسيرتها والوقوف على النقائص وعلى الاخلالات من أجل التوجّه نحو المستقبل بنظرة أكثر واقعيّة ووطنيّة.
أمّا بخصوص الاصطفاف وراء السبسي فلم لا شريطة أن يكون الاصطفاف من أجل تكريس الوحدة الوطنيّة ومن أجل الالتفاف وراء مشروع وطني هدفه بناء تونس المستقبل، تونس القادرة على احتضان جميع أبنائها دون اقصاء لتحقيق الآمال للجميع لا الاصطفاف من أجل محاصصة حزبيّة ما واقتسام الكعكة. نريده اصطفافا وراء فريق السبسي لا لشخصه بل لبرنامجه وبخلفيّة نقديّة إصلاحيّة.
تونس تعيش الآن وضعا اقتصاديا خانقا. هل ترى ان «النداء» وحلفاءه قادرون على قيادة البلاد نحو برّ الامان ؟
الظرف صعب جدّا وقاس هذا لا ريب فيه خاصّة على طبقات واسعة من الشعب التي أصبحت تعاني الكثير جرّاء التهاب الأسعار ومحدوديّة القدرة الشرائيّة وتفشّي البطالة وتكدس الأزمات الاقتصاديّة والاجتماعيّة ومظاهر «الفلتان» التي صرنا نعيشها بل نتعايش معها إنّ صحّ التعبير. ليس أمام حركة «النداء» سوى العمل والسهر على الإيفاء بالتزاماتها الانتخابيّة و المحافظة على السيادة الوطنيّة والاقتصاديّة.
تونس ولاّدة وفيها ما شاء الله من الخبرات والكفاءات القادرة على التصدّي لكلّ الصعاب. يستوجب على «النداء» التحلّي بروح المسؤوليّة والتعويل لا على المحاصصة الحزبيّة بل على الأدمغة التونسيّة القادرة على تغيير المعادلة نحو ما هو أفضل وعلى الملاءمة بين التجربة والرصانة والحكمة والروح الابداعيّة الشبابيّة لتصوّر نمط اقتصادي جديد ومستدام منفتح على المتغيّرات العالميّة وجملة التطوّرات التي تشهدها المعمورة على جميع الأصعدة، فتونس تمتلك كلّ مقوّمات النجاح شريطة الإيمان بقدراتنا والعمل لا شيء غير العمل الجاد والدؤوب من أجل الوصول إلى أهدافنا.
حسب تقديراتك ما هي أولويّات الحكومة القادمة ؟
أوّلا غلق ملفّ الإرهاب الذي دام أكثر من اللازم وهذا يتطلّب إرادة سياسيّة لاستئصال الإرهاب، فتونس تحتاج إلى وضع تصوّر أمنيّ قادر على المحافظة على الدولة وإلى تركيز منظومة استباقيّة وقائيّة من خطر الإرهاب، فالقصد من منظومة أمنيّة لا يعني أن نرسّخ دولة بوليسيّة أو إرساء دكتاتوريّة كما يذهب إلى ذهن البعض بل يعتمد مقاربة تُعنى بالأمن الشامل في جوهره من أجل الحفاظ على الأمن القومي الذي يعنى بوحدة الدولة والمحافظة عليها من الخطر الداخلي والخارجي.
وبالتوازي مع ضمان الأولويّات وجب استرجاع مكانة تونس المشعّة على المستوى الديبلوماسي بعد ما عرفته من قطع العلاقات الديبلوماسيّة والتدنّي غير المسبوق للأداء الديبلوماسي، إلى جانب الانكباب على الملف الاقتصادي للخروج من الأزمة الخانقة ودفع عجلة الاستثمار، ومعالجة القضايا الاجتماعيّة المستعصية وتحقيق طموحات الشعب في حياة كريمة، وامتصاص البطالة لدى شبابنا الحائر، ومراجعة المنظومة الصحيّة ومنظومة التربية والتعليم العالي وملاءمتها مع متطلّبات سوق الشغل ولاننسى ترسيخ روح التضامن والوئام بين مختلف الشرائح المجتمعيّة التونسيّة بعيدا عن التفرقة والانشقاق.
بوصفك الأمين العام لحزب الخضر للتقدم ماهي تطلعات حزبك في الفترة المقبلة ؟ وهل تم دعوتكم للمشاورات الجارية في تشكيل حكومة ؟
تَطلّعاتنا على الصعيد الوطني هي إيلاء الملفّ البيئي الأهميّة القصوى، يكْفينا تلوّثا وعيشا وسط القمامة، هذا لا يليق بقيم المواطنة التي نطمح إلى ترسيخها. كما يوجعنا أن نلاحظ تراجع المؤشّرات الإيكولوجيّة في تونس التي كانت سبّاقة على الصعيدين العربي والإفريقي وعليه نوصي الحكومة والمجلس التشريعي الحالي بالسعي حقيقة إلى الالتفات إلى الأولويّات البيئيّة ووضع الخطط الملائمة للتصدّي إلى كلّ الاخلالات البيئيّة وإلى تصوّر رؤية استشرافيّة للمستقبل البيئي التونسي على ضوء التحوّلات العالميّة الكبرى في الولوج إلى الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري واعتماد مفهوم الاستدامة والتصدّي لظاهرة الاحتباس الحراري والتصحّر وندرة الموارد المائيّة وتحقيق الأمن الغذائي وتحقيق كذلك الانتقال الطاقي مع المحافظة على الثروات الطبيعية. وأعيدها نحن على استعداد تام لمدّ أيدينا والمساعدة على وضع تصوّر بيئي حديث يلائم تطلّعات المواطنين.
أمّا على الصعيد الدّاخلي للحزب فتطلّعاتنا هي مواصلة المشوار رغم الصعوبات والمكبّلات الماديّة التي ترهقنا منذ 4 سنوات وكسب ثقة المواطن خلال الاستحقاق البلدي القادم.
صرح القيادي ب«الجبهة الشعبية» زياد لخضر أنّ الابقاء على وزير الداخلية بن جدو في الحكومة القادمة هي علامة سلبية ستؤثر على علاقة «الجبهة» برئيس الجمهورية الحالي كيف تقرؤون ذلك ؟
من البديهي ألّا يواصل بن جدّو في منصب وزير الدّاخليّة. لقد قام بدوره مثله مثل أيّ وزير آخر ولا يوجد أيّ موجب للإبقاء عليه ولا على غيره في حكومة جديدة.
الشعب التونسي، الذي هو مصدر السلطة، اختار قيادات جديدة في المحطّة الانتخابيّة الأخيرة وعلى الجميع احترام اختياراته. ومن الطبيعي أيضا أن تختار الأغلبيّة وجوها جديدة بتصوّرات قادرة على تغيير المعادلة نحو الأفضل -شَكَر الله سعي حكومة المهدي جمعة-. كلّنا نتطلّع اليوم إلى الأحسن والأفضل.
مجلس النواب يعرف تلونا حزبيا غير معهود في تونس فهل ترى ان المعارضة ستلعب فعلا دورها ام انها ستكون معارضة «حطان العصا في العجلة لا غير» ؟
أوّلا أسمحوا لي، سئمت مصطلح «العصا في العجلة» وأرجو أن تنتج قريحة السياسيين الجدد مصطلحات أكثر دلالة. أمّا اليوم فتقييمي أنّ أكبر كتلة معارضة في البرلمان ستكون لحركة «النهضة» التي كانت في الحكم إلى حدود ماض قريب. وأخالف من يتوقّع أنّ هذه المكانة سهلة لأنّ على ممثّلي الحركة البرهنة للشعب التونسي على مدى قدرتهم على استيعاب دروس الماضي ومدى التأقلم مع الوضعيّة الجديدة بروح من المسؤوليّة والوطنيّة. لطالما كنّا في «حزب الخضر للتقدّم» ننبذ فكرة المعارضة للمعارضة وكنّا نردّ بضرورة تقديم البدائل الواقعيّة والموائمة لتجربتنا التونسيّة بقوّة الاقتراح وهذا هو المطلوب من المعارضة الجديدة أن تكون جريئة في طرحها وأفكارها ولكن متفهّمة لطبيعة المرحلة وصعاب إدارة الشأن العام. وأجزم أنّ الخماسيّة القادمة ستكون حمّالة لمفاجآت عدّة.
ما رأيك في ما يحدث في حركة «النهضة»؟
حركة «النهضة» هي حزب سياسي كغيره من الأحزاب التي جربّت الحكم وفشلت وقطعا ستكون لهذا الفشل انعكاسات على المدى القريب والمتوسّط وستختلف الرؤى والاستنتاجات والأحكام صلب الحركة. الحراك الديمقراطي داخل المؤسّسات الحزبيّة هو تعبير عن سلامة وحسن الإدارة لا العكس وشخصيّا لا أهتمّ بالتكهّنات وأتمنّى للحركة كما الأحزاب الأخرى التوفيق في مسيرتها. الاختلاف رحمة والتعدّد حتمي لتشكيل مشهد متوازن.
تونس حققت إنتقالا ديمقراطيا سلميا هل ترى ان هذا المعطى سيساهم في جلب الإستثمارات في الفترة المقبلة ؟
بالفعل تونس وبفضل شعبها حقّقت نقلة نوعيّة جسدت الاستثناء ولكن هذا لا يكفي وحده للدفع نحو إقتصاد متين ولجلب الاستثمارات. المطلوب اليوم هو السهر على بعث رسائل طمأنة من أجل تعافي نسيجنا الاقتصادي وتطوّر بنيتنا التحتيّة والقضاء على كلّ أشكال الإرهاب والإجرام واسترجاع الاستقرار لتصدّر قائمة الدول ذات القدرة التنافسيّة العالية لا سيما في المجالات التشغيليّة المستقبليّة. تونس في حاجة اليوم إلى العودة إلى العمل وإلى التعويل على الذكاء والكفاءة والبذل والعطاء للتقدّم. من هنا ندعو جميع الشغّالين والعاملين في كلّ الميادين والقطاعات إلى الابتعاد عن عقليّة التكاسل والتواكل على الآخرين ومزيد الحرص على الاجتهاد وتقديم الأفضل خدمة للوطن وإعلاءً لرايته، تونس في حاجة لنا جميعا فلنكن جميعا في المستوى.
كيف ترى تونس المستقبل؟
ما أضيق العيش لو لا فسحة الأمل. طبعا يظلّ الأمل والطموح والحلم قائما. فلنعوّل جميعا على أبناء هذا الوطن وخاصّة العنصر النسائي فما دامت عليسة والكاهنة وعزيزة عثمانة وغيرهنّ تركن حفيدات على شاكلة نسائنا وبناتنا وأخواتنا فلا خوف على تونس وعلى مستقبلها.
ورسالتي للجميع هي شيء من نكران الذات والنأي بأنفسنا عن الأنانيّة والابتعاد عن التجاذبات السطحيّة فتونس تتسّع للجميع، فرفقا بوطننا العزيز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.