لم يمر أسبوع خلال عام 2014 دون أن يظهر على الشاشات أو عبر وكالات الأنباء العالمية خبر عن غرق مهاجرين أو إنقاذ آخرين خلال محاولة يائسة لعبور البحر الأبيض المتوسط باتجاه سواحل واحدة من دول جنوب أوروبا، مما دعا ضابط في البحرية الإيطالية يشارك بعمليات الإنقاذ لتسمية المتوسط «بحر الموت». وأثبتت إحصاءات المنظمة الدولية للهجرة أن هذه المنطقة تحديدا شهدت بين جانفي وسبتمبر الماضيين 3072 حالة غرق أثناء محاولة الوصول إلى أوروبا، وكان ذلك الرقم هو الأعلى بين تسع مناطق عبر العالم تشهد عمليات لجوء غير شرعي. ولم يلبث الرقم أن ارتفع بحلول 10 ديسمبر الجاري إلى 3419 غريقا، إلى جانب فقدان 3200 آخرين، ووصول 161 ألف شخص إلى بر الأمان بفضل برنامجي إنقاذ ترعاهما إيطاليا ودول أوروبية أخرى يحملان اسمي «ماري نوستروم» و»تريتون». قوس الأزمات ويأتي المهاجرون غالبا مما سماه الخبراء «قوس الأزمات» المحيط بجنوب وجنوب شرق القارة الأوروبية، والذي يشمل كلا من سوريا والعراق وأفغانستان وفلسطين ومصر والسودان وإريتريا. وكان أكثر من خمسمائة مهاجر من فلسطين ومصر والسودان وسوريا قد لقوا حتفهم في 6 سبتمبر الماضي في أتعس حوادث الغرق عبر المتوسط. وينحدر القادمون الأفارقة من كل من غامبيا ومالي والسنغال ونيجيريا وغانا، وهم يأتون عادة عبر أراضي دول عربية في شمال أفريقيا وموريتانيا والمغرب وليبيا. وكانت ردود فعل حكومات دول الاتحاد الأوروبي حيال المهاجرين محل استنكار مسؤولي الهيئات الدولية والبابا فرانشيسكو، فقد انتقد المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة زيد رعد الحسين في 10 ديسمبر ما وصفها باللامبالاة الصادمة للدول الغربية بشأن المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر البحر. من جهته، دعا المفوض السامي لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس الدول الغربية إلى العمل من أجل إنقاذ الأرواح وليس تشديد إجراءات منع وصول المهاجرين غير القانونيين عبر البحر. بدوره، لفت البابا فرانشيسكو أنظار أعضاء البرلمان الأوروبي إلى موضوع الهجرة قائلا «يجب عدم السماح بتحول المتوسط إلى مقبرة كبيرة»، علما أنه كان قد افتتح مهامه بعد اختياره للمنصب عام 2013 بزيارة جزيرة لامبيدوزا التي باتت رمزا لمغامرات اللجوء عبر المتوسط كونها أقرب نقطة في القارة إلى اليابسة التونسية.