قانون إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجدّدة معلّق بإمكان تونس تحقيق نسبة نمو ب 3٫8 ٪ اذا عاد انتاج الفسفاط إلى مستواه حاوره: سامي بن هنية شكل الحوار الذي اجريناه مع السيد كمال بن ناصر وزير الصناعة والطاقة والمناجم مناسبة هامة لبسط جملة من المحاور والمواضيع العالقة والحارقة وفي مقدمتها ملف قطاع الفسفاط وتداعياته على الاقتصاد الوطني إلى جانب قضية الطاقة وما يلفها من غموض. ورغم تحفّظه على الخوض من مواضيع على غاية من الحساسية فقد كان الوزير صريحا وقدّم جملة من المعطيات الهامة . وعلى امتداد أكثر من ساعة حاولت «التونسية» الغوص في جملة من الملفات الهامة والحساسة مع الوزير في حكومة مهدي جمعه المنتظر أن تسلم مهامها وهو ما يمكن أن يكون آخر حوار لكمال بن ناصر قبل مغادرته كرسي الوزارة. لننطلق من الأحداث الآنية والإشكاليات العالقة حول تعطل مختلف مواقع إنتاج الفسفاط في المدة الأخيرة. ما هي أهم أسباب الإضرابات المتتالية التي مست القطاع؟ بالرجوع إلى مسألة الإضرابات الأخيرة التي طالت قطاع الفسفاط والمناجم الأمر الذي أدى إلى تعطل آلة الإنتاج في جل مواقع الاستخراج والإنتاج، أقول أن هناك نوعين من الإضرابات الأول بدأ في 13 ديسمبر 2014 وخاص بإضراب عمال شركة نقل المواد المنجمية، أما الإضراب الثاني بدأ في 12 جانفي 2015 يتعلق بصرف منحة الإنتاج في شركة فسفاط قفصة. وفي ما يتعلق بالإضراب الأول فإن الطلب الأساسي لعمال شركة نقل المواد المنجمية هو الإسراع بإعداد القانون الأساسي بهذه الشركة وهو ما استجابت له سلطة الإشراف بالاتفاق مع الطرف النقابي كما أن القانون الأساسي بات جاهزا ولم يبق سوى الاطلاع عليه من طرف النقابات الأساسية للشركة. وأود أن ألاحظ أنّني فوجئت بتزايد الطلبات والمرور إلى طلب آخر يتمثل في وجوب إلحاق عمال شركة نقل المواد المنجمية وإدماجهم في شركة فسفاط قفصة. لا سيما أن عدد عمال شركة نقل المواد المنجمية يبلغ 1600 عامل. ووجب التأكيد على أنه لم يقع التطرق في المفاوضات مع الطرف النقابي إلى هذه النقطة بل إن النقطة الأساسية تتعلق بإعداد القانون الأساسي لشركة نقل المواد المنجمية وذلك بالاتفاق مع المركزية النقابية والاتحاد الجهوي للشغل بقفصة والنقابات الأساسية لهذه الشركة. وعلى الرأي العام أن يدرك أن هناك مزايدات في هذا الملف من خلال تحويل وجهة المسألة من إعداد قانون أساسي إلى انتداب عمال من شركة نقل المواد المنجمية لشركة فسفاط قفصة. وفي ما يهم الإضراب الثاني فقد تلقينا برقية الإضراب يوم 30 ديسمبر 2014 والدخول في إضراب يوم 12 جانفي يتعلق بطلبات منح الإنتاج في شركة فسفاط قفصة. وقد أوفت الحكومة الحالية بجميع التزاماتها إزاء الشركة وفق ما يمليه القانون وهناك مفاوضات أخرى جارية حاليا بمشاركة ممثلين عن المنظمة الشغيلة وممثلي الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة وممثلين عن جامعة المناجم ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الصناعة لمواصلة التفاوض. ما هي تداعيات تواصل شن الإضرابات في القطاع بشكل متواتر على الاقتصاد التونسي؟ لقد خسرت تونس في سنة 2014 حوالي0.7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام جراء تواصل الإضرابات وتعطل الإنتاج في قطاع الفسفاط والمناجم، إذ انه بإمكان بلادنا أن تسجل نسب نمو في حدود 3.8 بالمائة في السنة الحالية في صورة القطع نهائيا مع الإضرابات. كما أن خسائر قطاع الفسفاط في تونس بلغت في سنوات 2011 و2012 و2013 حوالي 3 آلاف مليار وقيمة الناتج الداخلي الخام تقدّر بحوالي 80 مليار دينار مع خسارة بقيمة 3 مليارات دينار من الفسفاط فإن ذلك يعني أن تونس خسرت زهاء 3.5 بالمائة في الناتج الداخلي الخام بمعدل 1.2 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في السنة. و يبلغ معدل إنتاج تونس من الفسفاط حوالي8 ملايين طن سنويا ونزل هذا المستوى إلى 2.5 مليون طن في 2012 و2013 وتحسنت الأمور نسبيا في السنة الماضية بإنتاج 3.5 ملايين طن، وكان بالإمكان بلوغ 4 ملايين طن لولا حصول إضراب عمال شركة نقل المواد المنجمية في 13 ديسمبر 2014 . ولقد اجتمعت مع المشرفين على القطاع مع موفى السنة الأخيرة وتم الاتفاق بفضل تضافر الجهود على بلوغ إنتاج ب 6.5 ملايين طن سنة 2015 غير انه حصلت سلسلة من الإضرابات المتتالية جعلت من الصعب بلوغ الهدف المنشود. وفي هذا الإطار فاني أدعو إلى وجوب إنهاء أزمة الإضرابات والقطع معها نهائيا بداية من سنة 2015 بعد أن تمت الاستجابة لكل الطلبات الإجتماعية. ماذا عن آفاق قطاع الفسفاط والمناجم في سنة 2015؟ ما يمكن التأكيد عليه هو وجوب الخروج من الإضرابات المتواصلة التي مست القطاع وقد قمنا بمجهودات كبيرة للاستجابة للطلبات الاجتماعية وأتمنى ألا يكون لها تأثير على القطاع. واشتغلنا على إعداد برنامج في ما يخص نقل الفسفاط بالقطارات ونحن جاهزون لبلوغ إنتاج 6.5 مليون طن إنتاج في هذه السنة شريطة توفر الإرادة الجماعية والمشتركة من اجل تلبية الطلبات المعقولة. كيف ترى مهمة وزير الصناعة القادم في حكومة الحبيب الصيد وما هي أهم التحديات التي تنتظره؟ قبل كل شيء أتمنى له التوفيق في مهمته الجديدة ومن أهم الملفات أو التحديات التي تنتظره هناك قبل كل شيء تأمين عودة إنتاج الفسفاط إلى سالف نشاطه والرجوع إلى مستوى ما قبل 2010 والتوقف عن الاعتصامات والإضرابات. والعمل على مواصلة انجاز المشاريع الجارية في مجال الفسفاط والمناجم على غرار إتمام مشروع أم العرائس الذي تعطل عن النشاط لأكثر من 3 سنوات والحال أن عمال هذا الموقع يحصلون على جراياتهم الشهرية بلا أي عمل. وعلى الوزير القادم وجوب الاهتمام بالمشاريع الكبرى في القطاع على غرار مشروع المظيلة 2 الذي يشهد تأخرا في دخوله حيز الإنتاج بسنتين إذ انه من المنتظر أن يدخل حيز العمل في غضون سنة 2016 وهو مشروع الوحدة الكيميائية بصفاقس الذي سيتم نقله إلى المظيلة وكان من المفروض أن يدخل حيز العمل سنة 2014 علما أن المشروع سيوفر 650 موطن شغل وهناك مشاريع أخرى تهم المناجم في المكناسي والجريد وستتمّ مواصلة العمل على ملف منجم سراورتان في الجريصة (الكاف) لانجاز دراسة شاملة لتشخيص إمكانيات الإنتاج والتكلفة وطاقات استخراج الفسفاط والتكنولوجيا التي سيقع اعتمادها. ويبقى التحدي الكبير في نظري هو مشروع القضاء على التلوث الهوائي في قابس والذي من المنتظر أن يقع تكريسه في سنة 2016. وبالنسبة إلى مسألة الفوسفوجيبس فقد اشتغلنا على حل لبعث الفضلات بعيدا عن الشواطئ غير أنه مع الأسف وجدنا اعتراضات من المجتمع المدني على طريقة التخلص منها. حاليا وصل سعر برميل النفظ إلى اقل من 50 دولارا، هل سيؤثر ذلك على نسق الاستثمارات في قطاع الطاقة في تونس؟ إن كبرى شركات الإنتاج العالمية بصدد التقليص من قيمة استثماراتها بنسبة 40 بالمائة بالمقارنة مع سنة 2014 إلى جانب إقرارها برامج لتسريح العمال على خلفية انخفاض اسعار برميل النفط في الأسواق العالمية حيث من المنتظر أن يصل إلى اقل من 50 دولارا كما أن شركات الإنتاج في الولاياتالمتحدةالأمريكية راجعت استثماراتها إلى حدود 80 بالمائة وليس لها إمكانية معادلة سعر الكلفة والإنتاج. وفي تونس من المرجح أن يتراجع الاستثمار في قطاع الطاقة والشركات بصدد التفكير في هذه المسألة. وما نطلبه من الطرف النقابي هو تفهم الوضعية التي تمرّ بها شركات الإنتاج والخدمات المنتصبة في تونس حيث تمر بوضعية صعبة جراء المناخ العالمي الجديد ويجب تفهم الوضع العالمي وفي حال تواصل المطلبية غير المعقولة فان هذه الشركات سوف تغادر تونس بلا رجعة. أين وصل تطبيق قانون إنتاج الكهرباء بالطاقات المتجددة؟ لقد وافق عليه المجلس الوطني التأسيسي وحصل اثر ذلك اعتراض من بعض النواب على بعض الفصول وهو ما جعل الهيئة الوقتية لدراسة دستورية مشاريع القوانين تعيد النظر في 3 فصول من القانون تتطلب مزيدا من التوضيح. وقد أعدت الوزارة التوضيح غير أن المجلس التأسيسي انحل ووجب انتظار مجلس نواب الشعب للنظر في المشروع وبالتحديد الثلاثة فصول المذكورة آنفا. ويمكن اعتبار أن القانون الحالي معلق ووجب انتظار صدور الأوامر التطبيقية بعد المصادقة عليه من مجلس نواب الشعب. كما أن إعداد الأوامر والنصوص التطبيقية يتطلب حوالي 6 أشهر ومن المنتظر خلال الثلاثي الأول من هذه السنة إعادة تمرير القانون على أنظار مجلس نواب الشعب. الشركة التونسية للكهرباء والغاز تعاني من عجز مالي كبير نسبيا جراء تفاقم الديون عدم المستخلصة ما هو رأيك في الموضوع؟ بالفعل «الستاغ» لها معضلة الديون المتخلدة بذمة الحرفاء وقد وصلت هذه الديون إلى أكثر من 600 مليون دينار مع سرقة الحرفاء للكهرباء بقيمة 200 م د الأمر الذي جعل الوضعية المالية حرجة. ولعلمكم وانه في إطار تطبيق القانون تم قطع الكهرباء عن مؤسستين عموميتين لم تقوما بخلاص فواتير الكهرباء. وفي ما يخص الخواص نحن بصدد النظر مع القطاع وأهل المهنة في سبل خلاص الديون مع الإشارة إلى أن هناك مصنعا بجهة زرمدين له متخلدات للستاغ بقيمة 3 ملايين دينار جراء عدم خلاصه فواتير الكهرباء والغاز. إلى أين وصل برنامج إنقاذ المؤسسات العمومية التابعة لوزارة الصناعة؟ لدينا حاليا 3 دراسات جارية خاصة بشركة عجين الحلفاء بالقصرين وشركة الفولاذ وشركة «أمين» للعجلات المطاطية ويتم انجازها من طرف مكاتب دراسات مختصة وهي دراسات تتطلب معدل سنة نصف للخروج بمقترحات عملية من شأنها أن تساعد هذه المؤسسات على الخروج من وضعيتها المالية الصعبة. فبالنسبة لشركة الفولاذ تمّ الشروع منذ السنة الماضية في تطبيق برنامج للإحالة على التقاعد الاختياري وان دفعة أخرى ستغادر المؤسسة مع مطلع العام الحالي في انتظار النتائج النهائية للدراسة. وفي ما يخص شركة الحلفاء وجب إيجاد أسواق جديدة وممكن إقرار برنامج اجتماعي والترفيع في رأس مال الشركة مع شركاء استراتيجيين بينما يكمن الحلّ الأمثل بالنسبة لشركة العجلات المطاطية «أمين» في إيجاد أسواق تصدير جديدة.