لا بدّ من إلغاء معلوم العبور الجهة في حاجة إلى 5 مناطق: سياحية ولوجستيّة وصناعية وفلاحة وحرّة حاوره: عبد السلاح لصيلع يتواصل الاحتقان بمدينة بن قردان بسبب سوء الأحوال المعيشيّة والذي يتجدّد بين الحين والآخر نتيجة للأوضاع الصّعبة في معبر راس جدير من ناحية، ولغياب مشاريع تنمويّة جدّية توفّر الشّغل للنّاس وتنهض اقتصاديّا واجتماعيّا بالجهة. وحاليا لأبناء بن قردان مطالب شرعيّة وعاجلة وملحّة لإنهاء معاناتهم مع البطالة والإقصاء والتّهميش، لم تقع الاستجابة لها إلى جانب مشاكل بقيت بلا حلول.. لمعرفة حقيقة ما يجري والتعرّف على مطالب أهاليها، التقت «التونسية» الأستاذ الطّاهر فضيل، أصيل مدينة بن قردان والحقوقي وعضو مجلس نوّاب الشّعب عن الاتحاد الوطني الحرّ (دائرة مدنين) فكان معه الحوار التّالي: ماذا يجري حاليا في مدينة بن قردان؟ ما يجري حركة احتجاجيّة سلميّة بمشاركة عدد من التّجّار الصّغار الذين لا مورد رزق لهم سوى التنقّل إلى القطر الليبي عبر منفذ راس جدير لكسب قوت يومهم بمعيّة نشطاء المجتمع المدني سعيا منهم لتسهيل العبور من وإلى التّراب الوطني لتجاوز الصّعوبات التي تعترضهم ومنها بالأساس رفع معلوم العبور المحدّد ب30 دينارا على كلّ مواطن ليبي عند مغادرته للتّراب التونسي. وفي إطار المعاملة بالمثل تولّت السلطات الليبية توظيف معلوم مضاعف ب60 دينارا ليبيّا على كلّ مواطن تونسي عند التنقّل إلى ليبيا دخولا وخروجا، هذا الوضع أدّى إلى ركود النشاط التجاري في الجهة التي عرفت به وعرفها الناس بذلك منذ أمد بعيد. وفي غياب بديل تنموي لجهة بن قردان تضاعف منسوب الاحتقان والبطالة ومحدودية الدخل مما أدى إلى توسّع الحركة الاحتجاجية السلمية من قطع الطريق الرابط بين معتمدية بن قردان ومعبر راس جدير وتعطيل الشاحنات المحمّلة بالبضائع التونسية المتّجهة إلى التراب الليبي الذي قد يؤدّي إلى تداعيات سلبيّة على التّجارة البينيّة للبلدين، وذلك منذ ما يزيد على أسبوع دون أن يلمس أهالي الجهة من السّلطات المعنيّة تحرّكا في اتّجاه إيجاد مخرج حقيقي لتعدّد انتشار ظاهرة الاحتجاج كلّما تمّ إحداث تغيير في تنظيم حركة المرور من وإلى التراب التونسي. إذن، ما هي في رأيك الحلول المناسبة للمشاكل التي يعاني منها أبناء الجهة؟ من الحلول المستعجلة التي يجب أن تتّخذ مؤقّتا هي التّمييز الإيجابي لأهالي بن قردان عند تنقّلهم إلى التّراب الليبي سواء كان ذلك للزّيارة أو للتّجارة وذلك بإلغاء معلوم ال30 دينارا وباتخاذ إجراءات قمرقيّة مخفّفة في حقّ التجّار الصّغار الذين اعتادوا على كسب قوتهم بجلب بضائع محدودة ولا تضرّ بالاقتصاد الوطني والتجارة الرسمية. أمّا بخصوص الحلول الدّائمة فلا مناص للدّولة والحكومة من اتّخاذ إجراءات هيكليّة وأساسيّة دائمة بتمكين الجهة من مشاريع تنمويّة مبناها الميزات التفاضليّة للجهة وتثمينها والتي تكون ذات محتوى تشغيلي هامّ وحقيقيّ لامتصاص ظاهرة البطالة وإعادة الثقة إلى الشباب المهمّش وإلى أصحاب الشهائد العاطلين عن العمل لإمكانيّة ضمان مستقبلهم في العيش الكريم. ومن الميزات التفاضليّة للجهة موقعها الجغرافي الاستراتيجي باعتبار أنّ معتمديّة بن قردان الكائنة بأقصى الجنوب الشّرقي هي مدينة ساحليّة يمتدّ شاطئها إلى أكثر من 60 كيلومترا وذات عمق صحراوي يمتدّ إلى النّقطة الحدوديّة الرّابطة بين صحراء ليبيا والجزائر ممّا يجعلها مؤهّلة بصفة جدّية وواقعيّة أن تشكّل قطبا سياحيّا هامّا ذا محتوى تشغيلي لا يستهان به وقادرا على توفير مواطن الشغل المباشرة وغير المباشرة بشرط أن يفكّ الارتباط بين اللّوبيات القائمة على السّياحة في تونس وبين ملفّ مدينة بن قردان الذي يسعى إلى عدم إدراج هذه المدينة كمنطقة سياحية منذ ستّينات القرن الماضي حفاظا على مصالح اللّوبي السّياحي الضّيّقة لإدراكه المسبق أنه في إيجاد منطقة سياحيّة في بن قردان تناقصا لمردوديّة مشاريعه السياحيّة المتمركزة في المدن الحضريّة الكبرى، خاصة أنّ اللوبي السّياحي المانع لجعل المدينة منطقة سياحية يدرك أنّ عدد الوافدين للسياحة من القطر اللّيبي يتجاوز شهريّا 100 ألف زائر. وثانيا، تمّ تمكين مدينة بنقردان من منطقة لوجستيّة لم تر النّور إلى حدّ الآن، الأمر الذي يجعل الحكومة الجديدة الدّائمة معنيّة بالدخول فعليّا في عمليّة الإنجاز باعتبار أنّ المنطقة اللّوجستيّة تساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية والتّجارة البيئية وتحقيق مواطن الشغل لأصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل والتّقليص من ظاهرة البطالة. وثالثا، تمّ أيضا تمكين مدينة بن قردان من منطقة صناعيّة كائنة بطريق راس جدير إلاّ أنّ هذه المنطقة لم تنجز بسبب المشكل العقّاري الذي يقتضي إجراءات معقّدة لحلّه، الأمر الذي يتعيّن معه على الدولة والحكومة والسلط الجهوية التفكير جدّيا في اقتناء قطعة أرض لا تقلّ عن 100 هكتار لإنجاز المنطقة الصناعيّة. ورابعا، لابدّ من استغلال السِّباخ الفسيحة التي تتميّز بها المدينة وذلك بتسهيل الإجراءات للمستثمرين للانتصاب واستخراج مادّة الملح الجيّد ومستخرجاته لاستعماله في المجالات المخصّصة له. وخامسا، لمدينة بن قردان عمق شاسع من الأراضي المؤهّلة لجعلها منطقة فلاحيّة ذات مردوديّة عالية في غراسة الزّياتين والنّخيل والأشجار المثمرة والباكورات وتربية الماشية بجميع أنواعها وتخصيص الأراضي الاشتراكية لإنتاج مواد العلف وتحقيق الاكتفاء الذاتي الجهوي لولايتيْ مدنين وتطاوين وتحويل المنتوج الإضافي إلى الولايات المجاورة. وهذا يقتضي من الدّولة والحكومة الإسراع بحفر الآبار العميقة وتمكين أهالي الجهة من حوافز مادّية للاستغلال والإنتاج. وفي غياب الإسراع بإنجاز تلك المشاريع فإنّ ظاهرة التّهريب في المناطق الحدوديّة ستبقى قائمة باعتبار أنّ أهالي معتمدية بن قردان سيجدون أنفسهم ضحايا لعمليات التّهريب بحكم عدم وجود مواطن شغل وغياب بديل تنموي يؤمّن لهم ولأبنائهم الاستقرار في الجهة وكرامة العيش، خاصة أنّ التهريب هو سلسلة متّصلة الحلقات أوّلها وأخطرها من يقوم بإحضار المادّة المهرّبة التي لا تنتجها الجهة وإنّما يتمّ إنتاجها بعيدا عن الولايات والجهات الحدوديّة، الأمر الذي يستدعي من الحكومة تنشيط أجهزة الرّقابة على مواقع الإنتاج للمواد المدعّمة ومسالك توزيعها. وللقطع نهائيّا مع ظاهرة التّهريب ينبغي إحداث منطقة حرّة بمعتمدية بنقردان. هل لديك إضافة؟ ينبغي على أهالي بن قردان التمسّك بالمطالبة بحقوقهم في التنمية والاستثمار والانتفاع من عائداته في إطار التحرّك السّلمي والمدني والعقلاني طبق الفقرة الثّالثة من التّوطئة في الدّستور والفصل 12 منه الذي ينصّ على وجوبيّة التّمييز الإيجابي للجهات للنّهوض بها في جميع المجالات.