نظم المشرع التونسي الهبة بجملة من الاحكام والنصوص القانونية، ضمنها صلب مجلة الاحوال الشخصية، من الفصل 200، إلى الفصل 213، وقد عرفها على انها عقد بمقتضاه يُملِكُ شخص اخر مالا دون عوض، ويجوز للواهب دون ان يتجرد عن نية التبرع، ان يفرض على الموهوب له القيام بإلتزام معين وتسمى «هبة عوض». ولا تصح الهبة الا بوجود حجة رسمية، والحقوق العينية المترتبة عنها بالنسبة للعقارات المسجلة، لا تكون الا بترسيمها بالسجل العقاري، أما في ما يخص المنقولات المادية، فالهبة تصح بالمناولة، على معنى الفصل 204 من مجلة الاحوال الشخصية، المنقح بالقانون عدد 48 لسنة 1992، المؤرخ في 4 ماي 1992. وتتم الهبة حسب ما اقتضاه الفصل 201 من مجلة الاحوال الشخصية، بتسليم الشيء الموهوب الى الموهوب له، ويإعتبار ان الهبة عقد من العقود العينية، فإن من شروطها حصول تسليم الموهوب قبل وفاة الواهب، فالهبة تصبح باطلة، إذا مات الواهب أو الموهوب له قبل التسليم، وإن اجتهد الموهوب له في طلبه. وتنسحب قواعد تسليم المبيع على تسليم الموهوب، فيما لا يتنافى مع طبيعة الهبة وقواعدها الخاصة،وإذا لم يتم التسليم، كان للموهوب له ان يطالب به. وقد اعتبر المشرع ان هبة الاموال المستقبلية باطلة، وهو ما أكده في الفصل 205 من مجلة الاحوال الشخصية. ولا يمكن إبطال الهبة بعد وفاة الواهب إلا أنه إذا اقترن عقد الهبة بمرض الواهب وكان المرض خطيرا متصلا بالموت وهو ما يعبر عنه بمرض الموت اعتبرت الهبة وصية. وقد نص الفصل 206 من مجلة الاحوال الشخصية على انه «إذا صدرت الهبة خلال مرض متّصل بالموت اعتبرت وصية». ولا يضمن الواهب خلوّ الشيء الموهوب من العيب، الا انه إذا تعمد الواهب إخفاء العيب أو ضمن خلوّ الشيء الموهوب من العيوب، كان ملزما بتعويض الضرر الناشئ عن العيب، ويكون كذلك ملزما بالتعويض، إذا كانت الهبة بعوض على ألا يتجاوز التعويض في هذه الحالة قدر ما أداه الموهوب له من العوض. الرجوع في الهبة اذا اشترط الواهب انه يرجع في هبته، إن شاء الله، فالهبة صحيحة والشرط باطل، غير أن الفصل 210 من مجلة الاحوال الشخصية اقتضى أنه «يجوز للواهب مع مراعاة حقوق الغير المكتسبة قانونا طلب الرجوع في هبته لأحد الأسباب الآتية، ما لم يوجد مانع من الموانع الواردة بالفصل 212 من مجلة الاحوال الشخصية، والاسباب هي: إذا أخل الموهوب له بما يجب عليه نحو الواهب حيث يكون هذا الإخلال جحودا كبيرا منه، أو إذا أصبح الواهب عاجزا عن أن يوفّر لنفسه أسباب المعيشة بما يتفق مع مكانته الاجتماعية أو إذا أصبح غير قادر على الوفاء بما يفرضه عليه القانون من النفق،أو إن رزق الواهب بعد الهبة ولدا يظل حيا إلى وقت الرجوع. وقد اعتبر القانون التونسي ان حق القيام بطلب الرجوع في الهبة بسبب الجحود، يسقط بمضي عام من حصوله أو من اليوم الذي من شأنه أن يحصل فيه العلم للواهب بالجحود، وعلى كل حال يسقط حق القيام بعد إنقضاء 10 أعوام من يوم حصوله. ولا ينتقل هذا الحق إلى ورثة الواهب إلا إذا سبق منه القيام بدعوى الرجوع أو إذا توفي قبل مرور عام على حصول الجحود. ولا يجوز طلب الرجوع في الهبة، إذا وجد مانع من الموانع التالية: - إذا حصل للشيء الموهوب زيادة متصلة موجبة لزيادة قيمته. - إذا فوت الموهوب له في الشيء الموهوب، أما إذا اقتصر التفويت على بعض الموهوب، جاز للواهب أن يرجع في الباقي. - إذا هلك الشيء الموهوب في يد الموهوب له، سواء كان الهلاك بفعله او بحادث أجنبي، لا يد له فيه أو بسبب الإستعمال، وإذا لم يهلك إلا البعض منه، جاز الرجوع في الباقي. «ويترتب على الرجوع في الهبة، ان تعتبر الهبة كأن لم تكن ولا يرد الموهوب له الثمرات، الا من وقت الاتفاق على الرجوع او من وقت رفع الدعوى، وله ان يرجع بجميع ما انفقه من مصاريف ضرورية، اما المصاريف النافعة، فلا يجوز الرجوع فيها الا بالقدر الذي زاد في قيمة القدر الموهوب»، على معنى الفصل 213 من مجلة الاحوال الشخصية.