بعد أزمة الكلاسيكو.. هل سيتم جلب "عين الصقر" إلى الدوري الاسباني؟    آخر ملوك مصر يعود لقصره في الإسكندرية!    قرار جديد من القضاء بشأن بيكيه حول صفقة سعودية لاستضافة السوبر الإسباني    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    قيس سعيد يستقبل رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    ل 4 أشهر إضافية:تمديد الإيقاف التحفظي في حقّ وديع الجريء    جهّزوا مفاجآت للاحتلال: الفلسطينيون باقون في رفح    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    ماذا في لقاء رئيس الجمهورية بوزيرة الاقتصاد والتخطيط؟    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي متفائل و10 لاعبين يتهدّدهم الابعاد    القبض على شخص يعمد الى نزع أدباشه والتجاهر بالفحش أمام أحد المبيتات الجامعية..    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    تعزيز الشراكة مع النرويج    بداية من الغد: الخطوط التونسية تغير برنامج 16 رحلة من وإلى فرنسا    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    منوبة: الاحتفاظ بأحد الأطراف الرئيسية الضالعة في أحداث الشغب بالمنيهلة والتضامن    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    هذه كلفة إنجاز الربط الكهربائي مع إيطاليا    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    اكتشاف آثار لأنفلونزا الطيور في حليب كامل الدسم بأمريكا    تسليم عقود تمويل المشاريع لفائدة 17 من الباعثين الشبان بالقيروان والمهدية    رئيس الحكومة يدعو الى متابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع لسنة 2024    هذه الولاية الأمريكيّة تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة!    الاغتصاب وتحويل وجهة فتاة من بين القضايا.. إيقاف شخص صادرة ضده أحكام بالسجن تفوق 21 سنة    فيديو صعود مواطنين للمترو عبر بلّور الباب المكسور: شركة نقل تونس توضّح    تراوحت بين 31 و26 ميلمتر : كميات هامة من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    مركز النهوض بالصادرات ينظم بعثة أعمال إلى روسيا يومي 13 و14 جوان 2024    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    سيدي حسين: الاطاحة بمنحرف افتك دراجة نارية تحت التهديد    بنزرت: تفكيك شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    باجة: وفاة كهل في حادث مرور    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين في البحر الأحمر..    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    فاطمة المسدي: 'إزالة مخيّمات المهاجرين الأفارقة ليست حلًّا للمشكل الحقيقي'    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حميدة البور (المديرالعام لوكالة تونس إفريقيا للأنباء) ل«التونسية»:كسبنا حرية التعبير لكن ينتظرنا الكثير
نشر في التونسية يوم 09 - 03 - 2015


سنحاول كسب سباق الآنية
ندرس إحياء مكاتبنا بالخارج
لا لعودة الرقابة بتعلّة الإشهار العمومي
في الإعتداء على الصحافي اعتداء على حق المواطن في المعلومة
داخل كل صحافي «دودة» الاستقصاء
حاورتها: ريم شاكر
تعتبر السيدة حميدة البور من أهم الناشطات في حقل الصحافة والإعلام ومن المدافعات عن قضايا المرأة وهي حاصلة على الأستاذية من معهد الصحافة وعلوم الإخبار الذي تولت فيه منصب مدير قسم الصحافة لسنوات ومنسقة الماجستير المهني في الصحافة الإستقصائية كما تحصلت على شهادة الدكتورا في علم الاجتماع من كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس. ويذكر أن السيدة حميدة البور قد إشتغلت كصحافية بجريدة لوطون قبل أن تنتقل إلى التدريس في الجامعة.
وقد تم تعيينها يوم 14 فيفري الماضي في خطة مدير عام وكالة تونس إفريقيا للأنباء وحول مهمة وبرامج ومستقبل وكالة تونس إفريقيا للأنباء و عالم الصحافة وأهم التحديات التي تنتظرها كان ل«التونسية» هذا الحوار معها.
أستاذة حميدة لست السيدة الأولى التي يتم تعيينها في مثل هذه المناصب لكنّ هناك من ذهب إلى أن تعيينك يأتي ليحقق أمرين ، أولهما تعزيز حضور المرأة التونسية في المناصب القيادية و ثانيهما أنه يأتي في إطار خلق توازنات جهوية فأنت أصيلة الجنوب التونسي. وبقطع النظر عن هذا وذاك هل لنا أن نعرف لماذا قبلت هذا المنصب اليوم بعد أن رفضت سابقا عديد العروض؟.
قبل كل شيء أكيد أنه قبل تعيين أي كان في أي منصب تقع إستشارته وهو ما تم معي وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه ومنذ جانفي 2011 عرضت عليّ عدة مناصب ومواقع ولكن السؤال لماذا قبلت اليوم في حين رفضت من قبل؟
أرى اليوم أن الإعلام العمومي في مفترق الطرق وأن المشهد الإعلامي والقوانين التي تنظم القطاع تغيرت فنحن نعيش مجالا واسعا من حرية التعبير ومن المفيد أن ينتفع بها المجتمع ككل و لكي ينتفع بها يجب أن تكون ركيزة أساسية في ذلك وقاطرة في تحول المشهد الإعلامي في مجتمع ديمقراطي تعددي. وبطريقة ما فأن أكون اليوم على رأس وكالة تونس إفريقيا للأنباء هو أمر يمكنني من المرور من النظري إلى التطبيقي والعملي. فمنذ سنتين كنت منسقة لندوة دولية هامة تعنى بالإعلام العمومي في البلدان التي تعرف تحولا ديمقراطيا وكان النقاش مستفيضا حول ذلك وشاركت أيضا في عديد الندوات الدولية التي تهتم بهذه المسائل. هذا من جهة العمل ولكن من جهة أخرى فأنا لطالما عملت على مسائل تهم المرأة ودورها في المجتمع وحظوتها ومكانتها وهو ما دفعني إلى القبول فكيف أدافع عن المرأة وعن ضرورة تمركزها في مواقع القرار وضرورة تحملها المسؤولية ثم أرفض عندما تتاح الفرصة المميزة والتي تلائم أهدافي وتتماشى وواقع اليوم؟ هذا عن نفسي أما عن من رشحني أو إقترحني فأكيد أن وراء ذلك قناعة بتشريك أكبر عدد ممكن من النساء وأيضا لكفاءة المرأة وقدراتها. أما أمور الجهويات فلا تعنيني كثيرا، المهم أن نتوفق في هذه التجربة.
كيف وجدت الوكالة، التي تعد واحدة من أكبر المؤسسات الإعلامية التونسية ويعمل بها حوالي 200 إعلامي؟
قبل كل شيء اتفق معك في عراقة وكالة تونس إفريقيا للأنباء ثم إن علاقتي بها ليست جديدة فلدي عديد الزملاء الذين درست معهم يعملون بها وأيضا البعض من طلبتي يعمل بها دون أن أنسى عديد الزيارات التي كنت أؤديها لطلبتي في السنوات الأولى والثانية أثناء تربصاتهم بها إلى جانب عديد الأصدقاء الكبار الذين أكن لهم كل التقدير والإحترام إضافة للوكالة في حدّ ذاتها.
اليوم قبلت المهمة وسأحاول بالتعاون مع الصحافيين والمسيرين والإداريين والتقنيين أن ننصهر في الدور الجديد لصحافة الوكالة. فالمجال تغير وبخلاف التغيرات السياسية الكبرى التي حصلت في تونس والتي انتفع بها الإعلام توجد أيضا التغيرات التكنولوجية التي تفرض علينا طريقة أخرى في الإنتاج وتحتم التغيير والتجديد وإقحام طرق جديدة في العمل.
وهل من إستراتيجية جديدة للعمل باعتبار أن الوكالة كانت تخضع لما يملى عليها من القصر الرئاسي وأنها حتى بعد 14 جانفي لم تصنع الحدث ولم تنفرد ببعض الأخبار مما جعل مواقع إعلامية تتفوق عليها؟
بالنسبة للتعامل السياسي سنحاول أن نكون مرفقا عموميّا فالوكالة ممولة من جيب المواطن التونسي أولا وقبل الدولة و من الضروري أن تقدم المعلومة التي تفيد المواطن، فالمنظومة الإعلامية السابقة كلها لم تكن تخص الوكالة وحدها بل يتعلق الأمر بجميع وسائل الإعلام ، الصحف التي تصنف مستقلة وهي في حقيقة الأمر غير ذلك وغيرها من الصحف والإذاعات وجميع وسائل الإعلام مرئية ومسموعة ومكتوبة كانت بشكل أو بآخر في حلقة مترابطة. اليوم المنظومة كاملة يجب أن تتغير.
أما بالنسبة للوكالة فأعتبر أنه لدينا نقطتين إيجابيتين أولهما الطاقم البشري والكفاءة الإعلامية التي تحتكم إليها الوكالة والتي هي مطلوبة إلى حد اليوم من طرف وسائل الإعلام الخاصة والمنظمات الدولية والوكالات الأجنبية والأمر الثاني هو المصداقية. صحيح أنه كان هناك بعد 14 جانفي سبق صحفي في هذا الموقع أو ذاك لكن أيضا كان هناك كثير من الإشاعات، والتي لم تسقط فيها الوكالة. وشخصيا أعتبر أن هذين الأمرين مهمين ويمكن أن نبني عليهما ونؤسس من جديد. وما هو موجود وجيد نثمنه ونحافظ عليه وما تجاوزته الأحداث وتجاوزه السياق التاريخي والاجتماعي نحاول تحسينه وذلك في إطار عمل جماعي. فلست بالمديرة العامة التي تفرض رأيها وتأمر وتنتظر الطاعة، ينتظرنا عمل جبار على مستوى التكوين المستمر والأفكار سنعمل معا ونغير معا.
هناك أمر آخر ربما لا يعلمه العديد هو أنه لدينا نقص هام في الموظفين، ففي السنوات الأخيرة غادر العديد الوكالة ولم يتم تعويضهم. لدي تحدّ كبير هو الانتداب فنحن كوكالة مطالبون بالعمل لأربعة وعشرين ساعة متواصلة عكس وسائل الإعلام الأخرى وفي بعض الأحيان لا تجد الطاقة البشرية التي بإمكانها تأمين ذلك. وهذا التحدي الأول فكيف لمجموعة تتقلص باستمرار أن تكون مطالبة بانجاز عمل كبير؟
والتحدي الثاني هو على مستوى التجهيزات وتطوريها فقد بدأت الإدارة السابقة في تنفيذ ذلك من خلال مشروع تغيير النظام الرقمي ووصلنا اليوم إلى القسط الأول لتركيب المعدات وسنبدأ فيه. الموضوع الثاني هو كيف نجلب حرفاء جددا للوكالة لنعرف بمنتوجنا؟ سنحاول أن يكون هناك نوع من الاتصال والتواصل بيننا. اليوم هناك عديد الفاعلين على الساحة في حاجة لخدمات الوكالة وسنحاول تركيز أكثر ما يمكن من صحافة القرب نحو تعزيز قدرات الجهات وهي من الأشياء العاجلة. أيضا هناك مسألة الطاقات البشرية كيف نجد وسيلة للمحافظة على العطاء؟ فكل شخص من حقه المغادرة ولكن يجب أن تتوفر آلية لتعويضه. ولكن هناك تحدّ آخر ففي رأيي أن نعمل في سياق تنافسي أفضل بكثير من أن يجري العدّاء بمفرده ويصل الأول. فالمنافسة مع وسائل الإعلام التي تمتلك المواقع والتي تنشر المعلومة بسرعة تعتبر إيجابية وتمثل تحديا إيجابيا يدفعنا إلى تطوير أنفسنا وعملنا.
لدينا وعي بأن قوة الوكالة كانت في الآنية واليوم لم نعد لوحدنا في السوق فلابد من التغيير والتجديد و لكن يحسب للوكالة أيضا أنها لا تقوم بنشر أي خبر بل تتحرى في ذلك. ولكن ليس معنى ذلك أننا سننام، لقد لمست استعداد كبيرا من جميع الطاقم للتحسين والتطوير وهو أمر مهم باعتبار انك عندما تقترح برامج جديدة وتجد القبول والتجاوب مع فريق عملك فإنك ستصل إلى مبتغاك. ومادامت الرغبة متوفرة للتجديد ولأن تكون الوكالة مشعة ومصدرا أساسيا للمعلومة فإن ذلك أهم دافع للتطور.
تعتبر وكالة تونس افريقيا للانباء المقياس و الواجهة الأعلى كقناة رسمية، هل تتمتع بإمتيازات مقارنة بغيرها؟
وكالة تونس إفريقيا للأنباء ليست وسيلة إعلام «رسمية» هي وسيلة إعلام عمومية تعمل مثل بقية وسائل الإعلام. أما الحديث عن «حظوة» فاليوم كلّ المصادر مفتوحة أمام الجميع وربما هي مفتوحة أكثر أمام وسائل الإعلام السمعية والبصرية. فيما عدا ذلك فإن الوكالة معروفة بمصداقية الخبر الذي تنشره والتثبت والتأكد من المعطيات قبل بثها. والرهان اليوم هو المحافظة على المصداقية وتعزيزها وتكريس مبدإ الاستقلالية وتجسيد هوية «المرفق العمومي» في انتاج الوكالة.
ماذا تستطيع الوكالة ان تفعل مع الصحف على مستوى الإشتراكات في ظل الصعوبات التي تعاني منها هذه الأخيرة؟
يمكن البحث عن صيغ مختلفة لبيع الاشتراكات كأن تحدد مثلا الصحف حاجتها من إنتاج الوكالة باختيار بعض المواد والاستغناء عن المواد الأخرى. لكن لا ننسى أن الوكالة مطالبة اليوم بالبحث عن سبل التمويل الذاتي لكي تستطيع كسب رهان الجودة وتنويع المنتوج وتكريس دورها كمرفق عمومي.
الموضوع اليوم هو موضوع مادي بالأساس فلا تحسين ولا تطوير دون رصد إعتمادات مادية كبيرة؟
صحيح عندما نتحدث عن التحسين والتطوير يعني انه يجب بالضرورة رصد اعتمادات مالية، ولكن بالنسبة لسنة 2015 أكيد أن الموضوع انتهى أمّا بالنسبة ل2016 فسنقوم بما يلزم حتى ترصد لنا إعتمادات مالية ولكن نحن مطالبون أيضا بتطوير مواردنا الذاتية و بطرقنا الخاصة فنحن منخرطون في عديد البرامج و المبادلات و التكوين عن طريق الإتحاد الأوروبي الذي وضع خطة وبرنامجا لدعم وسائل الإعلام في تونس وهذا التعاون هو نوع من أنواع دعم طاقات الوكالة على الأقل في باب التكوين في إطار الاتفاقيات الثنائية.
هل تنوي الوكالة تطوير مكاتبها بالخارج؟
مسألة إحياء المكاتب بالخارج مرتبطة بالتمويل وقدرتنا على التكفل بمصاريف المكاتب والفكرة قيد الدرس ونحن في الوكالة اليوم مقتنعون بوجوب عودة هذه المكاتب للعمل ولابد من توفير سبل تحقيق ذلك فالعالم اليوم قرية صغيرة ولابد أن نتأقلم مع ذلك.
مكاتب الوكالة في الجهات عادة ما نجدها بمقرات الولايات، هل هناك برنامج للإفراج عنها إن جاز التعبير وتمتيعها بالإستقلالية و إبعادها عن المركزية حتى تكون أكثر موضوعية؟
مكاتب الوكالة في الجهات ليست مرتبطة دائما بمقرات الولايات. ومعظم المكاتب لا توجد في مقرات الولايات وهي تبعا لذلك مستقلة. أما الحديث عن الموضوعية فإن مراسلي الوكالة في الجهات يبذلون جهودا كبيرة في تنويع تغطيتهم ومن الحيف أن نتحدث عن غياب الموضوعية لديهم. والمراسل هو في تواصل دائم مع رؤساء التحرير ورؤساء الأقسام في تونس. ولا ننسى أن المراسل في الجهات مدعو إلى تغطية كل الأحداث مهما كان نوعها وهذا يطرح تحديات كبيرة مادية وبشرية وهو ما يجعلنا نحاول مسابقة الزمن.
تحدثت سيدتي عن الإعلام العمومي كيف ترين المشهد اليوم في ظل تكاثر وسائل الإعلام؟
صحيح أننا كسبنا حرية التعبير لكن مازال أمامنا الكثير، فالطريق طويلة لاكتساب رهان أخلاقيات المهنة فمهم جدا أن تحترم آليات التعديل عن طريق «الهايكا» و «مجلس الصحافة» الذي يقع العمل على إحداثه. صحيح أن مهمة الإعلام العمومي أن يكسب المشاهدين ولكن ليس على حساب المحتوى ولا على حساب أخلاقيات المهنة فدوره أن يعبر عن شواغل المواطن وأن يكون مستقلا بمعنى ألاّ يناصر طرفا على حساب آخر وهو الأساس. أفرح اليوم عندما أرى نوعا من إعادة بناء الثقة بين المواطن وشريط الأنباء على القناة الوطنية فهذا أمر مهم جدا بالنسبة للإعلام العمومي.
وهل بالإمكان المحافظة على حرية التعبير التي كسبناها اليوم؟
أكيد و ذلك بتظافر جهود كلّ الفاعلين والمتدخلين في القطاع وهنا لا بد أن ننوه بدور المجتمع المدني الذي يمثل قوة ضغط مهمة جدا لكي لا تتم العودة للمربع الأول فهو الذي يدفع نحو تكريس حرية التعبير وبألاّ تحدث الانتكاسة لذلك لا بد من وجود شروط يلتزم بها الجميع،أولا أن تتوفر رغبة لدى الصحافي لتطوير نفسه ويجب أن يجد من يساعده ويسانده وأن يجد في عمله من يعطيه رؤية واضحة ويشركه في القرار وأن يكون العمل في إطار قانوني.
عدم عودة الاستبداد معيار هام و لكن التعددية الإعلامية هي واقع ملموس اليوم رغم مشاكل القطاع والمنافسة بين وسائل الإعلام أمر لا مفر منه بقطع النظر عمّا تحققه كل وسيلة إعلامية و لكن ما حققته القناة الوطنية كمرفق عمومي وما وصلت إليه من نضج ومشاهدين يبعث الأمل في نفسي لتصل الوكالة أيضا إلى تحقيق الأهداف التي رسمناها.
أنت من الأساتذة الجامعيين الذي طالما درّسوا الصحافة والإعلام للطلبة ما ردك على تهمة تدني مستوى الطالب اليوم وعدم كفاءته مقارنة بجيل سابق؟
أولا هناك أمر عام وآخر خاص فالعام هو أنه بالمنظومة التعليمية الجامعية برمتها عديد النقائص فنظام «إمد» جنى على العديد وجعل الكثير في ورطة. ولكن من الحيف أن نعمم فرغم أن منظومة «امد» فرضت علينا عديد التحديات فإننا في معهد الصحافة قد حاولنا التأقلم وأوجدنا عديد الحلول، منها سعينا إلى أن يكون التوجيه إلى معهد الصحافة عبر المناظرة ونجحنا في ذلك. فبعد أن كان المئات يتوجهون إلى معهد الصحافة، تقلص العدد اليوم ليصبح حوالي السبعين. أيضا ضغطنا على عدد الطلبة بالفرق داخل المعهد. أما على مستوى النوعية والمحتوى فدائما كان الفريق البيداغوجي يجد الحلول. غيّرنا أيضا على مستوى الإجازة وبعثنا شعبا جديدة على مستوى الماجستير فأحدثنا ماجستير في الاتصال السياسي وماجستير في الصحافة الإستقصائية وفي الصحافة المكتوبة والإلكترونية التي طورناها. وهذا التغيير والتطوير تمّ بفضل برامج الشراكة مع جامعات عريقة كجامعة مونيخوالجامعة الحرة ببرلين وجامعة نيويورك في الصحافة الاستقصائية وبعض وسائل الاعلام الخاصة التي شركناها في التكوين. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، لو حقيقة نتحدث عن عدم كفاءة وهنا حتى من يقول ضحالة المستوى كيف نفسر أن العديد من طلبتنا وخريجي معهد الصحافة وعلوم الإخبار يجدون حظّهم خارج تونس في وسائل إعلام عريقة أوروبية وعربية وغيرها فإن كان المستوى كما يقال هل ستجد هذه الكفاءات حظها في الظفر بفرص كبيرة؟ لا أعتقد ذلك فالصحفي التونسي اليوم يعمل بمؤسسات عريقة ولكنه أيضا يتميز ويكون مشعا وناجحا ومشرفا لبلده.
شخصيا أرى أن وسائل الإعلام في تونس أيضا مسؤولة عن ذلك لأنه ليس لديها رؤية واضحة ومستقبلية في التشغيل ولا تبرمج مثلا قبل سنة أو سنتين وتحدّد إحتياجاتها الشغلية وتبرمج لذلك بحرفية. أمر آخر مهم و عامل هام في عدم بروز الصحفي في تونس إنها الهشاشة فوضعية الصحافي الشاب اليوم وضعية هشة وهي معضلة حقيقية أحببنا أم كرهنا... ماذا فعلنا لذلك؟ وأيضا غياب التأطير وضعف التكوين فالصحفي يتخرج مؤهلا للعمل بنسبة هامة ولكنه ليس مكتملا. وهنا دور التأطير ولا يتم ذلك إلا بالممارسة فكيف يكون للمحامي وللمهندس وللطبيب وغيرها من المهن سنوات من التربص للتأطير و التأهيل و لا يكون للصحفي نفس فرص التأطير؟. هل تعلمين أن الطلبة اليوم يرفضون التربصات ببعض المؤسسات الإعلامية التونسية لأنهم لا ينتفعون مهنيا ولا يتعلمون شيئا بل ويقع ركنهم على الرف دون أن أنسى أن عديد وسائل الإعلام تعمد إلى التصرف بعدم حرفية فكيف أعلم طالبا عندي أنه عندما ينقل جملة أو صورة لا بد أن يذكر مصدرها بكل دقة ولا بد أن يعود للمصدر للتحقق من خبر ما، ويأتي المسؤول عن وسيلة إعلامية ويطلب منه غير ذلك والتغاضي عن ذكر المصدر أو التثبت في الخبر؟
اليوم على وسائل الاعلام أن تصارح نفسها وتراجع طريقة عملها، لا أنفي وجود بعض الهنات في التكوين ولكن علي أصحاب وسائل الإعلام أن يقوموا بتغيير عقلياتهم وإليك الدليل: ففي معهد الصحافة وفي المجلس العلمي للمعهد يتم تحديد ممثلين عن المهنة وعن وسائل الإعلام و لكن لا يحضر أحد منهم.
فأنا أطلب منك أن تعطيني رؤية لنتقدم ونغير وأنت لا تهتم ولا تبذل مجهودا ثم تتشكى من عدم الكفاءة. الأمر في رأيي الشخصي مغلوط.
لماذا سعيت لإطلاق الماجستير في الصحافة الإستقصائية و تحمست كثيرا لذلك؟
أولا نحن نفخر أنه أول ماجستير مهني في العالم العربي والإستقصاء هو درجة متقدمة من عمل الصحافة وكل صحفي بداخله «دودة» الاستقصاء وليس معنى ذلك أن جميع الصحافيين سيهتمون بصحافة الإستقصاء.
وصحافة الإستقصاء التي أخذت تتطور اليوم في العالم العربي هي رؤية نقدية و مساءلة ولكن ليس برؤية فلسفية تأملية بل إنطلاقا من وقائع بالبحث عن الحقيقة والكشف عنها. وفي هذا السياق فرحت كثيرا عندما علمت أنه من بين الصحافيين الذين قاموا بتحقيقات إستقصائية في التحقيق المتعلق بالبنك السويسري يوجد مالك الخضراوي، وهو شرف لي كصحافية تونسية أن يكون التونسيون قد تركوا بصمة مع صحافيين عالميين في هذا العمل الكبير.
والإستقصاء اليوم يستمد أهميته من وجود سلطة المال والسياسة والتي يجب أن تجد من يواجهها لكي لا تطغى، فمهمة الإستقصاء هو كشف الحقيقة للمواطن و الإستقصاء ليس سياسة بل إن أهم التحقيقات الإستقصائية هي التي تهم الصحة و البيئة ولدينا اليوم في تونس نواة لصحافيين إستقصائيين تعمل على الميدان ولا بد من العمل على تأطيرها ومساعدتها فالخبر اليوم في المتناول وليتميز الخبر لابد أن يتدعم بتحقيق إستقصائي فلا يمكن الكشف عن الحقيقة بمجرد الإشارة إلى الداء أو توجيه تهمة لشخص بل لا بدّ أن يكون ذلك بحرفية ووفق قواعد مهنية تنظم صحافة الإستقصاء التي لا يمكن أن تكون موجودة إلا في إطار نظام ديمقراطي يكرس قوانين النفاذ للمعلومة.
هل تم الفصل اليوم في ملف الإنتهاكات التي تنال من الصحافي؟
بصراحة لا يمكن أن نقول فصلنا ربما خرجنا من مرحلة نحو مرحلة جديدة ربما تغيرت نوعية الإنتهاكات ولكن مازال أمامنا الكثير. يجب أن نسعى نحو تطوير ما حققناه خاصة كيف نطور في إتجاه حرية التعبير؟ فما تحقق اليوم هو فقط بداية والمبدأ هو أن نطور وليس أن نعيد النظر حتى نضمن عدم الإعتداءات على الصحافيين وهو ما يمثل إعتداء على حرية التعبير. فالتعنيف مستمر والإعتداءات على الصحافيين متواصلة وفي الإعتداء على الصحفي إعتداء على حق المواطن في المعلومة والصحافي اليوم لا يمثل نفسه بل يمثل المواطن إنه يمثل رأيا عاما.
أشعر اليوم بألم عندما اطلع على تقارير مرصد حرية الصحافة و الإعتداءات التي تطال الصحافيين رغم تنديد النقابة وجميع الجهات لذلك اليوم مهم جدا أن نتخذ القرارات الحازمة مهما كانت موجعة وصعبة نحو مزيد تطوير المنظومة القانونية وتقوم في هذا الإتجاه نقابة الصحافيين بدور هام على هذا المستوى و أيضا فإن مؤسسات المجتمع المدني يجب أن تدفع بقوة نحو الكف عن هذه الممارسات وذلك بطرق عديدة .
يطبخ اليوم قانون لتنظيم الإشهار العمومي فما هو موقفك من ذلك؟
بصراحة أخاف من العودة إلى ما كنّا نعيشه في السابق، وهنا أقول لا لعودة الرقابة بتعلة الإشهار العمومي. فالتجربة المريرة التي عشناها مع الوكالة التونسية للاتصال الخارجي تجربة سيئة أكدها ووثقها تقرير الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام بإطناب وتعرض لما كان يحدث بتعلة الإشهار العمومي وكيف و لمن تفتح وتغلق حنفية الإشهار العمومي.
هي تجربة خرجنا منها فلا يجب أن نعيد تنظيمها أو إستنساخها في شكل جديد. ولكن يجب على وسائل الإعلام أيضا ألّا تتكئ على الإشهار العمومي فحسب فكل مؤسسة إعلامية يجب أن يكون لديها نموذج إقتصادي خاص بها وتعمل على تطوير مواردها وتخلق منابع أخرى لكي لا يتحكم أي طرف في توجهاتها. وفي رأيي الخاص الأهم هو على أي أساس وما هي القواعد و ما هي الآليات لتنظيم الإشهار العمومي؟ ومن هنا يمكن أن نتحدث عن تنظيم الإشهار العمومي وفق مقاييس محددة ومضبوطة لكل الأطراف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.