بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد جغام (نائب رئيس حزب «المبادرة الوطنية الدستورية») ل«التونسية»:الدساترة مسؤولون عن وجودهم خارج الحكومة
نشر في التونسية يوم 11 - 03 - 2015


مطلوب من الجميع الصبر والتضحية لإنقاذ بلادنا
الخلافات داخل «النّداء» لا تفيد في شيء
نخاف على تونس لأنّها مازالت في خطر
الدساترة وراء نجاح «نداء تونس» لكنهم الآن متفرّقون
حاوره: عبد السلام لصيلع
نستضيف في حوار اليوم السيد محمد جغام نائب رئيس حزب «المبادرة الوطنيّة الدستورية»، وهو شخصية سياسية مَعْروفة بالمصداقية والاعتدال ونظافة اليد والفكر واللّسان والجيب طوال مختلف المسؤوليات الهامّة التي اضطلع بها في عهدي بورقيبة وبن علي.. ونظرا لمواقفه الواضحة والصّريحة.
سألناه فأجاب بصدق وبتلقائية.. وتحدّث ل«التونسية» عن تونس وأوضاعها الحالية.. وعن الحاضر والمستقبل.. كما تحدّث عن الحكومة الحالية.. والدساترة.. و«نداء تونس» و«النهضة» و«المبادرة»... ومواضيع أخرى داعيا كلّ التونسيين إلى العمل مطالبا إيّاهم بالصّبر والتّضحية لإنقاذ تونس التي قال عنها إنّها «مازالت في خطر»:
ما هو تقييمك للأوضاع الحالية في تونس بعد الانتخابات التشريعية والرئاسيّة؟
- بداية لابدّ من أن نقول كلمة عمّا قبل الانتخابات وعن الآمال الكبيرة التي تكوّنت وسبقت تلك الانتخابات على أساس أنّ الأوضاع ستستقرّ بعد الانتخابات وننجز الانطلاقة الجديدة التي كان ينتظرها كلّ الناس. لذلك وقعت انتخابات تشريعيّة ورئاسيّة. والحقيقة نحن نفرح ونفتخر بهذه الانتخابات وبالطريقة التي تمّت بها، رغم أنّ هناك من مازال يشكّك فيها لكن حتى إذا كان هناك شكّ، فهو بسيط جدّا جدّا. وقعت انتخابات تشريعية ورئاسيّة.. أصبح لنا مجلس نيابي.. ورئيس جمهورية.. وتكوّنت حكومة لتنطلق.. لكن يصعب على الإنسان أن يحكم على رئيس الحكومة وعلى الحكومة الجديدة في الأيّام القليلة التي مرّت.. نعم، يصعب.. ولكن حين نحلّل الوضع الذي أمامنا هذه الأيّام القليلة فإنّنا نخاف على تونس. بطبيعة الحال، الوضع الاجتماعي لن يتحسّن في ظرف قصير.. وعلى الأقلّ ما كنا نتمنّاه هو أن تتغيّر العقليات.. ولا يبدو لي أن العقليات في طريقها إلى التغيير.. لأنّ الاعتصامات والمظاهرات والإضرابات مازالت موجودة، والإقبال على العمل مازال ناقصا، ويوجد ما يُسمّى بالفرنسية un déclic، أي شيء يعطي الضّربة الأولى للانطلاق.. هذا لم يقع إلى حدّ الآن. فبعد مرور مائة يوم سيقدّم رئيس الحكومة برنامجه وما تحقّق في هذه المدّة، ولا أتصوّر أنّ هناك شيئا كبيرا من ذلك. على كلّ حال، نحن نرى أنّ الوزراء يتحرّكون ميدانيّا ويذهبون إلى أماكن صعبة ولم يقع استقبالهم استقبالا جيّدا.. وعادت كلمة Dégage، في الشمال الغربي، خلال الفيضانات وفي الجنوب الشرقي، على سبيل المثال.
ولا ننكر أنّ هناك إرادة للتّحسين على المستوى الحكومي «ربّي يعينهم»، وما هو المطلوب؟ أنا أقول أنّه من الضروري على كلّ الفئات والجهات أن تعمل على تغيير ما عشناه في الأربع سنوات الماضية وعلينا أن نساعد هذه الحكومة التي مازالت جديدة ولم نجرّبها بعد ونعرف أنّه ليس لديها الإمكانيات.. هناك شيء يجب أن يتغيّر ولا نرى أنّه سيتغيّر. وهذا هو الخطير.
وكيف ترى أنّ أداء حكومة الحبيب الصّيد؟
- إلى حدّ الآن، مثلما قلت لك، وزراء الحكومة ورئيسها، يتحرّكون في كلّ الاتجاهات بإمكانيات متواضعة، يصعب الحكم عليهم في هذه الأيّام. علينا أن ننتظر ثلاثة شهور على الأقل حتى نحكم على الطريق الذي اختاروه، هل هو الطريق الصّحيح أم لا.
ما هو تفسيرك لهزيمة الدّساترة في الانتخابات؟
- عندما يقولون: «هزيمة الدساترة» أنا أقول: رغم ذلك فإنّ الدّساترة مازالوا موجودين.. الدّساترة انقسموا في عدّة أحزاب، ولكن الخطّ الكبير ذهب إلى «نداء تونس» وذلك ما جعل «نداء تونس» ينجح.. فكيف نجح «نداء تونس؟ في رأيي نجح لثلاثة أسباب:
السبب الأوّل اسمه الباجي قائد السبسي.. ومن الأكيد أنّ اسم الباجي قائد السبسي يذكّر ببورقيبة وبتاريخ مجيد رغم كلّ ما يُقال. وبطبيعة الحال نعرف أنّ هناك فئة من التونسيين تريد أن تميّع هذه الفترة كلّها، فيها الظلم والاستبداد، .. فيها التجاوزات ليس في ذلك شكّ.. لكن أيضا تمّ فيها بناء الدولة، وبناء الدولة بدأ منذ ذلك الوقت، من الاستقلال إلى الآن. ونستطيع القول إنّ الباجي قائد السبسي في «نداء تونس» اختار الخطّ البورقيبي.
والسّبب الثاني هي المرأة.. المرأة التي خافت على المكاسب، والباجي قائد السبسي طمأنها على هذه المكاسب، وكذلك طمأنها «نداء تونس». بحيث كانت المرأة سببا هامّا في نجاح «نداء تونس».
والسبب الثالث في رأيي هم الدساترة الذين من حيث العدد موجودون وذهبوا وصوّتوا خلافا لما وقع في الانتخابات الأولى سنة 2011.. فالدّساترة صوّتوا للباجي الذي ذكّر ببورقيبة، وصوّتوا لتوجّه يذكّرهم بالتوجّه البورقيبي وبالمبادئ والمدرسة البورقيبيّة.. الدساترة موجودون، فماذا سيقع في المستقبل؟ أنا حاولت مع الكثير من الدساترة أن نكون مع بعضنا بعضا.. مع الأسف تفرّقنا في عدّة أحزاب.. ماذا سيقع؟ في الحقيقة مازالت الصّورة غير واضحة. لكن علينا أن نواصل مع الذين عندهم نيّة صادقة وطيّبة في نهج التّوحيد والتّقارب، لأنّي أتساءل لماذا يبقى دساترة «نداء تونس» و«الحركة الدستورية» و«المبادرة الوطنيّة الدستوريّة» بعيدين عن بعضهم بعضا؟ هم لو يكونوا معا موحّدين في صفّ واحد يكوّنون قوّة لفائدة الحزب الدستوري والنهج البورقيبي ولفائدة البلاد.
لكن إلى أين وصلت المساعي الجارية لتوحيد الأحزاب الدستورية في حزب دستوري واحد بقيادة واحدة؟
- هذه المساعي مازالت في مستوى المحاولات.
يشاع أنّ الدّساترة ساهموا، مثلما قلت، في وصول الباجي قائد السبسي إلى كرسي رئاسة الجمهورية باتّفاق سرّي بينه وبينهم، ثمّ انقلب عليهم. ما صحّة ذلك؟
- لم يكن هناك اتّفاق. فمثلا بيننا وبين سي الباجي لم يكن هناك اتّفاق.. كانت هناك رغبة من سي الباجي في أن ننضمّ كلّنا إلى «نداء تونس».. هذا لم يتم.. وأعتقد أنّه لو تمّ ذلك لكان الوضع ربّما أحسن، زي وضع الدّساترة و«نداء تونس». لو تمّ هذا قبل الانتخابات لكان وضع «نداء تونس» أحسن وأفضل. هذا لم يتم. على كلّ حال، علينا أن ننظر إلى المستقبل بتفاؤل وأن نواصل حواراتنا ومساعينا التّوحيديّة، لأنه ليس هناك طريق آخر غير هذا الطّريق من أجل أن نتوحّد. ونقول إنّ «نداء تونس» أنقذ البلاد لكنّ «نداء تونس» الآن يمرّ مع الأسف بظروف صعبة نتمنّى أن يتغلّب فيها المنطق والعقل وتكون كلّ مكوّناته مع بعضها بعضا.. ونكون كلّنا معا لنكوّن قوّة تجعل بلادنا تسير في الاتّجاه الصّحيح.
كيف تفهم الصّراع الدّائر الآن بين مختلف الأجنحة داخل «نداء تونس»؟
- يقولون بالفرنسية Al chimie.. يعني أنّ قدرة سي الباجي أبرز وأكّدت أنّه كان قادرا على توحيد أناس لم يكن أيّ شيء بربطهم معا، بل بالعكس هناك عداءات.. لكنّ وجود سي الباجي على رأس «نداء تونس» لم يجعل هذه المشاكل تظهر، ولمّا خرج من الحزب وذهب إلى رئاسة الجمهورية بدأت هذه المشاكل تظهر.. ولا أعتقد أنّ بروز هذه الخلافات على السّطح في صالح أيّ شقّ.. وبما أنّها برزت يجب أن لا تزيد في التوسّع، وأنا من الذين يدعون إلى أن ينسى كلّ واحد الخلافات التي كانت في الماضي، لأنّها لا تفيد في شيء.. ما هي فائدة الخلافات بين اليساريّين والدّساترة الآن؟ وقد كانوا في وقت ما غير متّفقين.. وربّما وقعت اضطهادات.. فلفائدة من ذلك؟ إنّ فائدة البلاد تقتضي أن نضع اليد في اليد مع بعضنا بعضا، يساريّين ونقابيّين ودستوريّين لإنقاذ البلاد. لا بدّ أن نتكلّم عن الإنقاذ لأنّ بلادنا مازالت في موضع خطر.. عندما نتكلّم في الشأن السياسي لا بدّ أن نتكلّم عن الإنقاذ.. لابدّ أن نقنع الدّساترة وغيرهم بأنّه علينا إنقاذ هذه البلاد مثلما أنقذها وقت الاستعمار بورقيبة وأعضاؤه ومناضلوه والشّهداء.
هل تعتبر أنّ الدّساترة ذهبوا ضحايا التّعايش بين «نداء تونس« و«النهضة» ؟
- لا أعتقد. وحتّى كلمة «التّعايش» لا أوافق عليها كثيرا، لأنّ ل«النهضة» أعداد كبيرة من مناصريها ومناضليها، وهي موجودة على السّاحة، أحببنا أم كرهنا وأنها تأخذ جزءا بسيطا جدّا من المشهد السياسي بالبلاد، بالنسبة إليّ فهذا لا يُقلق فهي بالجزء القليل هذا، لا تستطيع التصرّف في البلاد ولن تفرض برنامجها.. ولن تُترك لتسيير البلاد في الطريق الذي رسمته في البداية، وكان طريقا خاطئا وخطيرا.. لا أعتقد أنّ «النهضة» بتواجد المجتمع المدني والأحزاب و«نداء تونس» إن شاء الله يسترجع قوّته ، قادرة علي فرض رأيها.. فالخطر كلّ الخطر أن يتلاشى الدساترة وأن يضعف «نداء تونس».. وخمس سنوات هي غدا... ونأتي إلى الانتخابات التشريعية ونجد «النهضة» الحزب الوحيد القويّ المهيكل الذي يمسك البلاد.
هناك من يقول إنّ الباجي قائد السبسي ضحّى بالدساترة وحزبه بعدما ضحّى ب«الاتحاد من أجل تونس»، ما هو رأيك؟
- في الحقيقة أنا أنزّهه.. أنزّهه وأعرف رأيه.. أي هو يعتزّ بانتسابه إلى الدساترة.. هذا قاله لي شخصيّا.. قال لي: «أنا دستوري.. وسي محمد الناصر دستوري..» .. وحتى سي الحبيب الصّيد دستوري الذي جاء على أنّه مستقلّ، هو لا ينكر هذا.. ولا ينكر انتسابه إلى المدرسة البورقيبيّة.
وماذا تعتبر إذن، إقصاء الدساترة من هذه الحكومة؟
- فعلا أنا أعتبر هذا إقصاء.. شخصيّا أعتبره إقصاء.. لا أقول توجد محاولة لإبعاد الدستوريين.. لكن كان من الممكن أن يكون واحد أو إثنان من الدساترة في الحكومة الحالية من الذين خدموا البلاد ولم يقوموا بأيّ تجاوز، وهؤلاء أعدادهم بعشرات الآلاف. هناك شيء من الحرص لإسكات بعض الأفواه.. لا أعتقد أنّ هناك سببا آخر.. ولا أقول إنّ هناك إقصاء مقصودا. وعلى كلّ حال، هذه هي البداية ولا شيء يمنع تكوّن حكومة جديدة بعد أشهر أو مغادرة بعض الوزراء ودخول آخرين ونحن نعتقد أنّ الباب ليس مغلقا.
من يقف وراء هذا الإقصاء؟
- من الأكيد أنّ رئيس الحكومة قام بمشاورات حوله.. وفي القصر.. وترجع إليه المسؤولية لأنه هو رئيس الحكومة.
ألا ترى أنّ الدساترة أنفسهم يتحمّلون مسؤولية تشتّتهم وتعدّد زعاماتهم؟
- أكيد.. أكيد.. يعني الدساترة اليوم بعد أربع سنوات من الفوضى، وقع خوف وتردّد. لو اتحد الدساترة مع بعضهم بعضا في حزب واحد وكوّنوا قوّة، من الأكيد لأصبح اليوم يُقْرَأُ لهم أكثر من ألف حساب.
هل قاموا بمراجعات، وهل استفادوا من أخطائهم ومن دروس ما حصل لهم؟
- أكيد.. أكيد.. وقعت مراجعات، وهناك أخطاء نحن نعترف بها.. هناك أخطاء في الحزب.. هناك أخطاء وقعت في الإدارة.
ولكن لا بدّ أن نعترف بأنه عندما نقول الحزب الحاكم والرئيس الحاكم لم تكن في تسيير دواليب الدّولة ديمقراطية كما نعيشها الآن.. في مجلس النوّاب نفسه لم يكن هناك الحوار المفتوح مثلما نشاهده الآن ومن الأكيد استخلاص الدروس من الأخطاء والتجاوزات التي وقعت في السّابق حتى لا تقع مرّة أخرى.
ما هي أبرز التحدّيات التي تواجهها تونس؟
- التحدّي الأوّل بطبيعة الحال هو الإرهاب. ونحن لا نقول إنّ الإرهاب على أبوابنا فقط.. الإرهاب بين ظهرانينا.. والحمد لله هناك جهد كبير تقوم به قوات الأمن الداخلي والجيش الوطني لحماية حدودنا بالقدر اللاّزم.. لكن الإرهاب في المنطقة العربيّة كلّها، في سوريا والعراق واليمن ومصر وليبيا.. وهذا يتطلّب منّا مزيدا من الحيطة وبمشاركة الجميع وليس فقط الأمن والجيش.
والتحدّي الثاني اقتصادي بلا شكّ. وخلافا لما يعتقد البعض لا توجد في بلادنا الثروات الموجودة حوالينا يمنة ويسرة. ففي وقت من الأوقات كان وضعنا الاقتصادي أفضل والسّرعة التي كنّا نسير بها أكبر من سرعة البلدان التي لديها هذه الثّروات كالبترول.. فلماذا لا نعود إلى هذا الوضع وكيف؟ نرجع إليه بالإقبال على العمل.. يجب على كلّ فرد أن يعمل في موقعه. وأصبح واضحا أنّ كلّ واحد يريد أن «ينتّش» و«يجبد» في أقرب وقت ممكن وكأنّه ليس هناك صبر، وكأنّه ليست هناك تضحية.. إلى درجة أنّنا لم نعد نسمع كلمتيْ «صبر» و«تضحية».. وبات الواحد خائفا من أن ينطق بهما حتى لا يضحكون منه.. مطلوب من الجميع التضحية من أجل تونس.. كثيرون استشهدوا من أجل هذه البلاد وحرّيتها وانعتاقها.. ومطلوب من الشعب التونسي في هذه المرحلة أن «ينقّص» قليلا من الطلبات حتى نعود إلى الطّريق الصّحيح...
كيف ترى المستقبل السّياسي في تونس؟
- المستقبل السياسي مرتبط بنا كلّنا.. ومرتبط بحكّامنا وبالطّريق الذي اختاروه.. هناك طريق يوصل، وطريق لا يوصل. هناك طريق، رغم تلاطم الأمواج، يوصل إلى شاطئ النّجاة، لنا دور كبير في رسمه كمواطنين.. كلّ الفئات وكذلك الإعلام والمجتمع المدني والأحزاب.. يجب أن يسير الجميع في نفس الطّريق.. هذا، مع الأسف، مازال غير متوفّر.
ما هو وضع حزب «المبادرة» وموقعه حاليا ضمن المشهد السياسي القائم؟
- نحن خسرنا الكثير، خسرنا لأنّنا، مع الأسف، قمنا ببعض الأخطاء في الاختيارات، ولم تكن الاختيارات صائبة دائما، وفي التوجّهات. الان، هناك إرادة قويّة لتجاوز هذه الأخطاء ولننطلق من جديد. اتّفقنا في المكتب الوطني على تكوين مكتب تنفيذي سيهتمّ بالشؤون اليوميّة للحزب.. ثم ننطلق في جميع الجهات لترميم المكاتب الجهويّة، وهذه المكاتب في بعض المناطق موجودة وتعمل، وفي مناطق أخرى سنعيد هيكلتها.. نحن الآن بصدد معالجة هذا الوضع.. وسننهي هذه المسألة من هنا إلى نهاية شهر مارس الجاري.. وننطلق من جديد. وبطبيعة الحال، للجانب المادّي دخل كبير، وتقريبا كلّ الأحزاب، باستثناء «النهضة» و«نداء تونس» تتخبّط في هذا الموضوع. فنحن، ماليّا، نعتمد على مناضلينا داخل الحزب.
ومتى ستعقدون مؤتمركم القادم؟
- المؤتمر مازال بعيدا. بعد ترتيب البيت، والانتهاء من الهيكلة واعتمادا على المكاتب الجهويّة، إن شاء الله قبل نهاية هذه السّنة، حينئذ نعقد المؤتمر.
في الختام، هل لديك رسالة معيّنة؟
- ما قلته لك ألحّ على تأكيده وهو أنّه لا يُنقذ تونس إلاّ أبناءها ومطلوب من التونسيين الآن قليلا من الصّبر والتّضحية لننقذ بلادنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.