وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    سيدي بوزيد: انطلاق فعاليات الدورة التاسعة للمهرجان الدولي الجامعي للمونودراما    قرابة مليون خبزة يقع تبذيرها يوميا في تونس!!    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    مدير عام الغابات :'' 96% من الحرائق وراءها عامل بشري''    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    عاجل/ انتشال نحو 392 جثمانا من مجمع ناصر الطبي ب"خان يونس" خلال خمسة أيام..    كاردوزو: سنبذل قصارى جهدنا من أجل بلوغ النهائي القاري ومواصلة إسعاد جماهيرنا    وفد "مولودية بوسالم" يعود إلى تونس .. ووزير الشباب والرياضة يكرم الفريق    هطول كميات متفاوتة من الامطار خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية    عاجل/ بيان مشترك: 18 دولة تدعو 'ح.ماس' للافراج عن الرهائن مقابل وقف اطلاق النار    عاجل/ بن قردان: العثور على مركب صيد وفُقدان البحّار    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    جندوبة: 32 مدرسة تشارك في التصفيات الجهوية لمسابقة تحدي القراءة العربي    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    القيروان: القبض على مقترفي عمليّة سرقة قطيع أغنام    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    روح الجنوب: إلى الذين لم يبق لهم من عروبتهم سوى عمائمهم والعباءات    لعبة الإبداع والإبتكار في رواية (العاهر)/ج2    إمضاء اتفاقية تعاون بين وزارتي المالية والتجارة حول تبادل المعطيات والبيانات    جندوبة: انزلاق شاحنة بالطريق الوطنية 17 بطبرقة    خدمة الدين تزيد ب 3.5 مليارات دينار.. موارد القطاع الخارجي تسعف المالية العمومية    Titre    قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ بمنزل بورقيبة: هذا ما تقرر في حق الموقوفين..#خبر_عاجل    رئيس الجمهورية يجدّد في لقائه بوزيرة العدل، التاكيد على الدور التاريخي الموكول للقضاء لتطهير البلاد    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    بركان ينفت الذهب.. ما القصة؟    قفصة: تورط طفل قاصر في نشل هاتف جوال لتلميذ    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها على البلجيكية غريت    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    اليوم: عودة الهدوء بعد تقلّبات جوّية    شهادة ملكية لدارك المسجّلة في دفتر خانة ضاعتلك...شنوا تعمل ؟    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    وزارة الصناعة تكشف عن كلفة انجاز مشروع الربط الكهربائي مع ايطاليا    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    السيطرة على إصابات مرض الجرب المسجلة في صفوف تلامذة المدرسة الإعدادية الفجوح والمدرسة الابتدائية ام البشنة بمعتمدية فرنانة    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سماحة مفتي الجمهورية ل«التونسية»:لا «جهاد» خارج الوطن إلاّ بإذن من رئيس الدّولة
نشر في التونسية يوم 14 - 04 - 2015


نسجّل سنويّا إسلام أكثر من 800 أجنبي
الزّواج العرفي باطل وتأخير الإفطار أو الإمساك فتنة
الإعلام الدّيني مدعوّ لمقاومة التطرّف والتعصّب
رسالة المساجد وأد الفتنة لا إشعالها
حاوره: عبد السلام لصيلع
تستضيف «التونسية» في حوار اليوم سماحة الشيخ الدكتور حمدة سعيّد مفتي الجمهورية الذي أجابنا، مشكورا، على كلّ الأسئلة التي توجّهنا بها إليه والتي تطرّقت إلى طبيعة عمل ديوان الإفتاء ونوعيّة الفتاوى التي ترد عليه، وشهادة الحلال الخاصّة بالمنتوجات التونسيّة المصدّرة إلى الخارج، وأهميّة نشريّة «الإصلاح» الجديدة التي ستصدر عن ديوان الإفتاء، بالإضافة إلى الإعلام الدّيني، والمعتنقين الجدد للإسلام من جنسيات مختلفة. وقد تحدّث سماحة المفتي عن حماية المجتمع والشباب بصفة خاصّة من التشدّد والتطرّف في الدّين، وعن أسباب هذا التشدّد والتطرّف والتّكفير، وأبرز موقف الإسلام من الإرهاب، مع التأكيد على الرّسالة الحقيقية للمساجد وضرورة تحييدها وإبعادها عن السياسة، وسُبُل التصدّي لأخطار العنف والإرهاب في العالم الإسلاميّ، إلى جانب النّتائج التي خرج بها المؤتمر الثاني والعشرين لمجمع الفقه الإسلامي الدّولي في الكويت مؤخّرا، والاستعدادات لشهر رمضان المعظّم.
وسماحة الشيخ الدكتور حمدة سعيّد هو زيتوني مختصّ في الفقه وأصوله، ورئيس الجمعيّة الجهويّة للمحافظة على القرآن الكريم بنابل، والإمام الخطيب في بني خيار، وهو ممثل الجمهورية التونسية في مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظّمة التعاون الإسلامي، وعضو المجمع العالمي للتّقريب بين المذاهب الإسلاميّة.. وله مؤلّفات من بينها كتاب عنوانه: «التّعارض والتّرجيح بين الأدلّة الشّرعيّة».. كما له مساهمات في عدّة دوريات في تونس وخارجها منها مجلّة «الهداية» التونسيّة.
ما هي أهمية العمل الذي يقوم به ديوان الإفتاء خاصّة أنه عمل لا ينتبه إليه خاصّة النّاس؟
- ما نباشره يوميا من أعمال كثيفة لا ينتبه إليها عامّة الناس فعلا، تتوزّع على اهتمامات يوميّة متعدّدة أهمّها:
استفتاءات المواطنين والمواطنات من مختلف الشرائح والجهات، وترد علينا استفساراتهم بوسائل مختلفة منها المراسلات البريدية ونتلقّاها يوميا وبأعداد متزايدة ونجيب عليها بطريقة مفصّلة ومبسّطة حتى تكون في متناول الفهم العادي، ومن هذه الاستفتاءات ما يرد علينا مباشرة عن طريق المكالمات الهاتفية، وعن طريق البريد الالكتروني، وعن طريق الصفحة الاجتماعية والموقع الرسمي لديوان الإفتاء، ومن المستفتين من نستقبلهم مباشرة بمكاتبنا من غير موعد مسبق وطيلة أيّام الأسبوع. وسنجعل إن شاء الله حيّزا جديدا لطرح الأسئلة من خلال نشرية «الإصلاح» الصادرة عن ديوان الإفتاء. هذا فضلا عن البرنامج الأسبوعي بإذاعة «الزّيتونة» والذي يتناول أسئلة المستمعين بالتفصيل والتّدقيق والتأصيل. وكنا قدمنا طيلة عام برنامجا تلفزيّا على القناة الوطنية الأولى بعنوان «مع سماحة المفتي» استعرضنا من خلاله وعبر حصص أسبوعية متواصلة قضايا فقهية وحضارية واجتماعية. واليوم لدينا بخزينة الإفتاء مئات من الفتاوى مضافة إلى عدد كبير آخر من فتاوى صادرة عمّن سبقوني من مشائخ الإفتاء، وهي تمثل كلها مجالا تراثيا دينيا حريّا بالاعتناء وحقلا معرفيا يستفاد منه علميا وأكاديميا.
ونحرص الحرص كلّه على أن تكون كل الفتاوى صادرة عن مذهب الإمام مالك وعلماء المذهب، مع الانفتاح على المذاهب السنية الأخرى عند الاقتضاء كالاعتماد على المذهب الحنفي في تقويم قيمة الإطعام نقدا في الفدية والكفارة. ويمكن للقراء الأعزّاء أن يطّلعوا على الموقع الخاص بديوان الإفتاء للاستفادة منه وتقديم الأسئلة واقتراح ما يسعهم اقتراحه لتطوير الموقع.
كما نخصّص أسبوعيّا حيزا لا بأس به لاستقبال الأجانب الرّاغبين في اعتناق الدين الإسلامي من عديد الجنسيات ومن مختلف جهات العالم.
تعيين بداية الأشهر القمرية وهو عمل شهري لا يقتصر على رمضان ولا المناسبات الدينية، وهو ما لا يعلمه كثير من الناس، ونتعاون في ذلك مع المعهد الوطني للرّصد الجوي الذي يقدّم لنا تباعا التقارير العلمية الفلكية وننسّق كذلك مع السادة ولاّة الجمهورية الموقّرين الذين يسدون لنا الخدمة اللازمة مشكورين في تيسير خروج اللجان الجهوية لرصد الهلال بإشراف السادة الوعاظ الجهويين مشكورين كذلك على عملهم، ونتقلى منهم تقريرا عن نتائج الرصد سواء مباشرة بواسطة الهاتف عند دخول شهر شوال وشهر المحرم باعتبار اتصال هذه الأشهر القمرية بالمناسبات الدينية كالعيدين ورأس السنة الهجرية. ونتلقى منهم في سائر الأشهر برقيات كتابية تفيد نتائج الرصد، وعلى ضوئها يتمّ تحديد بدايات الأشهر وتعيين مفتتح السنة الهجرية. وهذا العمل هو في جهد مستمر وهو دقيق ومهمّ.
تحديد مقدار زكاة المال وزكاة الفطر: وننسّق في تحديد زكاة المال على سعر الذهب ونستعين في ذلك بمصالح البنك المركزي وبأمانة سوق الذهب بمدينة تونس. ونردف ذلك ببلاغ يقع تعميمه على وسائل الإعلام المتعدّدة عبر وكالة تونس إفريقيا للأنباء. كذلك في زكاة الفطر نحدّد قيمتها نقدا في الأسبوع الأخير من كلّ شهر رمضان، ونبلّغ عموم الناس بذلك عبر وسائل الإعلام. وهو عمل مطرد ومتواصل لأنه ترد علينا الأسئلة المختلفة والمتعدّدة في موضوع الزكاة لنجيب عنها بالتفصيل في أبواب متعدّدة كزكاة الحبوب وزكاة الثمار وزكاة العروض والتجارة وزكاة الماشية. وقد لمسنا اهتماما بالغا لدى التونسيين في التعرّف على كيفيات إخراج الزكاة، وهو ما يبشّر بكلّ خير باعتبار أنّ وجهة هذه الزكاة هي الفقير والمحتاج.
كما يستقبل ديوان الإفتاء في مناسبات متعدّدة ضيوفا مبجلين من الشخصيات الدينية المختلفة بالانتساب إلى الإسلام أو إلى غيره من الديانات.
فقد استقبلنا مثلا البابا ثيودوروس الثاني بطريرك الإسكندرية وسائر إفريقيا للأقباط الرّوم رفقة وفد مصاحب له. كما استقبلنا الأمين العام المساعد لمعهد المواصفات والمقاييس للدول الإسلامية، واستقبلنا بالتنسيق مع وزارة الخارجية التونسية بعضا من السادة السفراء كسعادة سفير المملكة العربية السعودية بتونس وسعادة سفير إيران بتونس، واستقبلنا منذ أشهر رئيس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية...
نشارك أيضا في عديد الندوات الدينية الوطنية والإقليمية والعالمية المهتمة بالشأن الديني، وقد حضرت عديد الندوات في تونس وخارجها في المملكة العربية السعودية وفي دولة الإمارات العربية المتحدة وبجمهورية إيران وبلبنان وبكوريا الجنوبية وأخيرا بدولة الكويت الشقيقة.
وقريبا يصدر عن ديوان الإفتاء العدد الأوّل لنشرية «الإصلاح» وهي نشرية فصلية، ستعطي إن شاء الله فكرة ضافية عن الجهود المبذولة لهذه المؤسّسة الدينية العريقة. وهذه النشرية تحتاج بدورها إلى عناية كبيرة وتعهّد مستمر من خلال نشر الفتاوى التونسية والتعريف بأعلام الفتوى ببلادنا مع جملة من المقالات الأخرى التي نرجو أن تثري الإعلام الديني المكتوب ببلادنا، مراعين في ذلك انتساب مدرسة الفقه التونسي إلى الزيتونة المباركة المستنيرة باجتهادات كبار علمائنا ومشائخنا كالعلامة الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور ونجله العلامة الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور وغيرهما ممن يُعدّون منارات علمية وشرعية.
ما هي نوعية الفتاوى التي ترد عليكم يوميا من المواطنين والمواطنات؟
- مواضيع الفتاوى عديدة ومتنوّعة تشمل العلاقات الأسريّة والاجتماعية والمعاملات المالية بمختلف صورها بيعاو شراء وهبة وميراثا وقرضا (وفيها فتاوى مستحدثة حول التعامل مع شركات تجارية عبر ما يسمى بالتّسويق الشبكي)، ومنها قضايا تهم الزكاة بأنواعها، ومسائل تهم العبادات، كما نهتمّ بالرد على كثير من الفتاوى المشبوهة التي يعلمنا بها المواطنون بغاية الوقوف على حقيقة الأمر كتأخير الإفطار في وقت المغرب من رمضان وتأخير وقت الإمساك في الفجر عن الوقت المنصوص عليه، وهي من الفتن التي وقعت في عدد من مساجد بلادنا، وقد نبهنا إلى أن الأوقات المنصوص عليها في الإمساكيّة الرسمية التي تصدر عن المعهد الوطني للرصد الجوي هي أوقات شرعية وصحيحة علميا وفلكيا ولا يمكن ممخالفتها.
وننبّه الناس من خلال الفتاوى من كل من يروّج أو يسوغ الزواج العرفي على أنه زواج شرعي هو تزييف لحقائق الشرع والدّين، وأكدنا أن العقد القانوني الذي يتمّ بين الزوجين لازم بالدّين والعقل لأنه يحفظ الحقوق والواجبات وهو شرط أساسي لا يصح الزواج إلاّ به. وبيّنا من خلال الفتوى المباشرة أو المكتوبة أن ما يسمّى بجهاد الطلب بتغرير الشباب إلى السفر خارج الحدود للقتال هو جهاد باطل لأنّ كلّ جهاد هو وقف على إذن ولي الأمر باتفاق المذاهب الأربعة السنية. كما نهتمّ بإصلاح ذات البين وحسم الخلافات الزوجية ورأب الصدع بين العائلات لأسباب مختلفة، ونذكر الناس بالقيم الإسلامية السمحة ومنها العفو والتجاوز.
تطالب جهات خارجية تورّد من بلادنا منتوجات تونسية بشهادة الحلال، فكيف تسند هذه الشهادة وعلى أيّة مقاييس؟
- مواصفة حلال هي اليوم مواصفة عالمية لأنّها مطلوبة في أسواق كثيرة، أوروبية باعتبار وجود جاليات مسلمة تعيش بها وتعدُّ بالملايين، وأسواق آسيوية في الخليج وفي أندونيسيا والفليبين وحتى روسيا، وأسواق المصنّعين التونسيين لمنحهم شهادة حلال في ما ينتجونه ويكون معدّا للتصدير. ونتعاون في ذلك تعاونا وثيقا مع المعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية الذي يقدم لنا التقرير الفنّي، قبل أن نخرج للمعاينة الميدانية التي يتوقف عليها إصدار هذه الشهادة. ولدينا الحرص كلّه على تمكين الطالبين من بغيتهم وسماعة الصناعة التونسية على أن تروج منتوجها وتضاعف مرابيحها. وهذه الطلبات هي في تزايد مستمر، وتأخذ منا جهدا ووقتا للتنقل على عين المكان شمالا وجنوبا.
يستعد ديوان الإفتاء لإصدار نشرية جديدة تحت عنوان «الإصلاح»، لماذا هذه النشرية الآن وما هو دورها؟
- بيّنت في افتتاحية النشرية أسباب إصدارها والأهداف التي وضعت من أجلها، وخلاصة الأمر أنّنا نحرص على أن تكون هذه النشرية أداة جديدة للتعريف بديوان الإفتاء ونشاطه، وجسرا للتواصل بيننا وبين التونسيين حتى يتسنّى لهم الاطلاع على العمل اليومي لهذه المؤسّسة الدينية العريقة ببلادنا. واخترنا لها اسم «الإصلاح» لدلالاته الحضارية والثقافية والدينية. فقد عرفت تونس منذ تاريخ بعيد بحركة اجتهادية إصلاحية دؤوبة طالت مختلف المجالات والقطاعات، وتواصلت حلقاتها المضيئة عبر أجيال متعاقبة، ومثّلها أعلام كبار في مختلف المجالات العلمية، منهم على سبيل الذكر لا الحصر: الشيخ محمود قابادو والشيخ سالم بوحاجب والشيخ محمد الخضر حسين والشيخ محمد الطاهر ابن عاشور والشيخ محمد العزيز جعيط والشيخ محمد الفاضل ابن عاشور رحمهم الله، وغيرهم كثير... ولعلنا نسهم بهذا الإصدار في تنوير الشباب وتجنيبهم مزالق السقوط في مهاوي الفتاوى المشبوهة، والفتاوى الوافدة المدسوسة. ولعلنا نوفّق بعون الله في الحدّ من ظاهرة الفوضى في الفتاوى وبثّ الطمأنينة في نفوس الناس، بتقديم الفتوى الأصيلة المبنية على قواعدها الشرعية الميسّرة.
ما هو مفهومكم للإعلام الديني الصحيح؟
- الإعلام الديني في تقديري الشخصي مدعو اليوم إلى المساهمة الفعّالة في مقاومة التطرّف وأشكال التعصّب والانحراف الفكري، وتبيان حقيقة الإسلام وجوهره الخالص من كل التشويهات التي لحقته ظلما وبهتانا. وأنا على يقين أنّ وزارة الشؤون الدينية التي يرجع إليها هذا الاهتمام، ستبدل وسعها في ذلك برعاية فضيلة الشيخ عثمان بطيخ الذي عرفنا منذ سنوات طويلة جدّه وإخلاصه وكفاءته مع خصال أخلاقية عالية.
يقصدكم يوميا معتنقون جدد للإسلام من جنسيات مختلفة، إلى أين وصلت أرقام هؤلاء وما هي جنسياتهم؟
- نهتم أسبوعيّا من خلال موعدين قارين (الاثنين والأربعاء) بقبول الأجانب الراغبين في اعتناق الإسلام من خلال جلسات نقابلهم فيها مع مرافقيهم من التونسيين والتونسيات ونرحّب بهم ونتحاور معهم في مزايا الإسلام ونخصّص مساحة زمنية لا بأس بها نركّز فيها على سماحة هذا الدّين وننبّههم في كلّ مرة إلى مخاطر التطرّف والتعصّب ونحذّر في كلّ جلسة من الإرهاب الذي لا يمثّل الإسلام في شيء. وأعداد المعتنقين في زيادة مطّردة، ويحتاجون منّا كلّ العناية وكلّ الجهد وهو ما نبذله من دون كلل. والجنسيات الواردة علينا متعدّدة من أوروبا وأمريكا وآسيا ومن عدد من الدول الإفريقية، وسجلنا أرقاما مهمّة في عدد المعتنقين للإسلام تجاوز في المعدّل السنوي ال800 حالة.
كيف تقع حماية المجتمع والشباب بصفة خاصة من التشدّد والتطرّف في الدّين؟
- تحقيق المناعة الفكرية والاجتماعية من التطرّف والتشدّد، يحتاج إلى جهد مؤسّسي أولا من خلال التربية الأسرية أولا والمدرسة والمعهد والجامعة ثانيا والإعلام ثالثا. ونرجو أن يتولّى الإعلام التونسي بمختلف اختصاصاته المادة الدينية التي من شأنها أن تستقطب اهتمام المجتمع والشباب على وجه الخصوص بتغيير نمط الخطاب القديم الرتيب المملّ، والتركيز على أهمّ القيم الإسلامية خصوصا الأخلاقية منها، وتكوين متخصّصين دينيين يمتلكون القدرة العلمية والقدرة البيداغوجية علي التبليغ والتأثير المثمر، حتى نقطع الطريق على كثير من الأدعياء المتطفّلين الذين يغزون عديد الفضائيات المشبوهة في وسائلها وأغراضها. مواجهة التطرّف تبدأ عندما يتولد وعي جماعي واسع النطاق داخل المجتمع بالأخطار المحدقة التي لا تستثني أحدا وليس أحد بمنجاة منها.
في رأيكم سماحة الشيخ ما هي أسباب هذا التشدّد وهذا التطرّف والتكفير؟
- هناك لفيف متشابك من الأسباب الداخلية والخارجية. من الأسباب الداخلية التي أقرّ بها الجميع هو ما حصل لسنوات طويلة من تهميش أدخل فئات اجتماعية في دائرة اليأس وخصوصا منهم الشباب كذلك غزو القضائيات الخاصة التي ساهمت بشكل كبير في تسميم عقول الشباب وتضليلهم عن الحقائق الأصيلة للإسلام، أضف إلى ذلك ما اندس داخل الشبكات الاجتماعية من صفحات مشبوهة ومضامين مدسوسة والتي مارست تأثيرا إيديولوجيا مدمرا لنفسيات الشباب أدى بهم إلى إلقاء أنفسهم في المحرقة السورية وغيرها من المحارق. وكنت أفتيت في سؤال ورد عليّ بأنّ ما يُسمّى بجهاد الطلب ليس له دليل شرعي ولا مستند فقهي قوي وأن أهل الشرع أوقفوا الجهاد في كلّ صوره على إذن وليّ الأمر وهو رئيس الدولة.
وما هو موقف الإسلام من الإرهاب؟
- الإرهاب لا دين له ولا وطن ولا ذمّة له عند الله وعند المسلمين. صناعته شيطانيّة خبيثة، وأهدافه جهنمية تخدم ركاب من فقد إنسانيته وانسلخ عن آدميته واستوحش قلبه وخلا من كل رحمة. وإلصاقه بالإسلام تهمة هو عين الزيف والبطلان، والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى أو تحصر، ليس أدل على ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس منّا من حمل السلاح علينا» (أخرجه البخاري في كتاب الفتن).
ما هي الرسالة الحقيقية للمساجد؟
- المساجد هي بيوت الله في الأرض قال تعالى: «في بيوت أذن الله أن ترفع ويُذكر فيها اسمه». هي بيوت وضعت للعبادة أولا ووُضع لها الإسلام حُرمات لا يجوز تعدّيها كرفع الأصوات والصخب والخصام وهو ما آلت إليه أوضاع مساجد كثيرة في بلادنا إبّان الثورة، ووقعت تجاوزات خطيرة لا تليق بمساجدنا التي يجب التجمل فيها بآداب السكينة والوقار والخشوع والتواضع والتراحم، ويؤدّي المسجد أيضا رسالة أخلاقية بامتياز وموعظية وتوعوية علمية من شأنها أن تنير دروب الناس وتهديهم إلى سواء السبيل. وهذه الرسالة في صميم دورها أن تجمع ولا تفرّق، وأن تعين على وأد الفتنة لا أن تكون مصدرا لها.
كيف يمكن تحييد المساجد وإبعادها عن السياسة؟
- لا بدّ من التوافق المجتمعي الواسع على تشريع قوانين منظمة لنشاط المساجد حتى لا تكون عرضة للفوضى. ومن جملة ما يجب تشريعه هو النأي بالمساجد عن الدعاية الحزبية أو المذهبيّة أو الفئوية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منّا من دعا إلى عصبية، أو من قاتل من أجل عصبية، أو من مات من أجل عصبية» (البخاري ومسلم).
شاركتم في المؤتمر الثاني والعشرين لمجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، الذي انتظم مؤخرا بدولة الكويت الشقيقة. ما هي المواضيع التي تناولها المؤتمر؟ وما هي النتائج التي خرج بها؟
- بالفعل شاركت في أشغال هذا المؤتمر الهام والذي تناول بالبحث والدرس قضايا مهمة منها: بين الشورى والديمقراطية في النظر الإسلامي، وكانت لي مساهمة عبر دراسة مستفيضة في الغرض بيّنت فيها أوجه التشابه والتمايز بين هذين النظامين. كذلك مسألة حقوق وواجبات المواطنين غير المسلمين في الدول الإسلامية. وموضوع المرأة والولايات العامة، وحقوق المعاقين، وقضايا تهم التأمينات والبنوك وسائر المعاملات المالية. ومسألة الذّكاة بعد تدويخ الدابة بالصدمة الكهربائيّة الحدود والضوابط، وغيرها من المواضيع. ومن القرارات المهمة التي أصدرها المجمع مثلا: تفعيل إنشاء محكمة العدل الإسلامية لفض النزاعات بين الدول الإسلامية، والتأكيد على لائحة الحقوق الدولية في الإسلام وإعداد مدونة إسلامية في الغرض. ومن القرارات: عدم تجويز التكفير لأيّ فئة من المسلمين، ووضع ضوابط للحرية الدينية برد الفتوى إلى أصحابها من العلماء والمفتين المشهود لهم بالعلم الشرعي. وقد أوصى المجمع شباب الأمة وحذّرهم من أهل الغلو وبيّن لهم أن المنهج الوسطي هو الإسلام حقا لا ما يدّعيه المتطرّفون والإرهابيون. وأكد المجمع في أحد قراراته على حقّ المواطنين غير المسلمين في الأمان على أنفسهم وممتلكاتهم من منطلق الأحكام الشرعية، ويحق لغير المسلمين المقيمين في البلدان الإسلامية إقامة دائمة أو وقتية ما يحقّ للمسلمين ويجب عليهم ما يجب على المسلمين. هذا غيض من فيض وبإمكانكم الاطلاع على نشاطات المجمع واهتماماته من خلال موقعه الرسمي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.