في لقاء إعلامي تم صباح أمس قدمت السيدة لطيفة الأخضر الإجراءات ذات الأولوية خلال المائة يوم عمل من برامج الحكومة بالنسبة لوزارة الثقافة والمحافظة على التراث و هي خمسة إجراءات رأت الوزارة أنها ذات أولوية وأكثر أهمية رغم قناعة السيدة الوزيرة أن عديد القطاعات و الهياكل و البرامج الأخرى تتطلب أيضا حلولا عاجلة. وقد إنطلقت بالنقطة الأولى والتي لم يقع إيجاد حل جذري لها من خلال الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة الثقافة من بعد 14 جانفي 2011 وهي معضلة مشروع مدينة الثقافة . استكمال مشروع مدينة الثقافة فقد صرحت الوزيرة أن استكمال المشروع هو الأولوية المطلقة و لكن بأية طريقة ؟ فأهمية مشروع مدينة الثقافة تبدو بالغة باعتبار إفتقار المشهد الوطني لفضاء ثقافي مميز يستجيب لمتطلبات الإبداع المعاصر والعروض الفنية الكبرى و يجعل من تونس قطبا ثقافيا على المستوى الإقليمي والدولي ووجهة بارزة ضمن مسالك السياحة الثقافية العالمية لذلك فإنه منذ تسلمت الوزارة الموقع عملت أولا على تأمين حراسته و تم أخيرا التوصل إلى حل يبدو الأنجع في هذه المرحلة إذ سيتم التقدم بطلب عروض دولي بإقتراح تمويل لإتمام القسط الأول و إنجاز القسط الثاني المتمثل في المتحف الوطني للحضارات و من المنتظر أن يتم إعلان طلب العروض الدولي في آخر الشهر الجاري أو مع بداية شهر ماي 2015 و من المتوقع أن يتم الإنطلاق في الأشغال خلال الثلاثي الأخير من سنة 2015 على أن يكون القسط الأول جاهزا مع بداية الثلاثي الثاني لسنة 2017 والقسط الثاني خلال الثلاثي الثاني من سنة 2018 . و في سياق متصل أفادت السيدة الوزيرة أن كلفة المشروع مقدرة ب 120 مليون دينار و أن مدة الأشغال ستمتد طوال 30 شهرا على أقصى تقدير. وردّا على سؤالنا حول ما سبق و صرح به الوزير السابق مراد الصقلي من أن دولة صديقة ستتولى تكملة المشروع أفادتنا الوزيرة «أن إستكمال هذا المشروع لن يكون إلا عن طريق طلب العروض الدولي لأن من سنتفق معه سيتولى هو طلب القروض و القيام بالأشغال و سنتولى تسديد القرض فى آجال بعيدة» المحافظة على التراث المادي و إدماجه في التنمية المستدامة إعتبرت الوزيرة أن هذه النقطة تستمد أهميتها من غزارة و ثراء المخزون التراثي للبلاد التونسية إذ أن عدد المعالم و المواقع يصل إلى 40 ألف موقعا و معلما فضلا عن شبكة واسعة من المتاحف ورصيد وافر من التراث غير المادّي. وأضافت: «لكن هذا المخزون يبقى في حاجة إلى إمكانيات بشرية ومادية ضخمة غير متاحة في الوقت الحاضر بالمستوى المطلوب مما جعله عرضة للإعتداء والنهب والتجاوزات وهو ما جعلنا نضع هذا الأمر كأولوية قصوى وسنتولى تركيز آليات فعالة للمحافظة على التراث وحمايته من جهة و جعله رافدا من روافد التنمية المستدامة من جهة أخرى». وردا على سؤال «التونسية» عن الإجراءات العملية لهذه النقطة أفادتنا أنه سيقع تكثيف الحراسة و عمليات التفقد بالمواقع و المعالم تحسبا للإعتداءات الممكنة وسيقع اللجوء إلى أعوان عرضيين ب 400 حارس إضافي الى جانب إحداث خلية السلامة و المراقبة بالمعهد الوطني للتراث تحت إشراف إطار أمني سام مختص يعهد إليه و ضع خطة شاملة و قائية و حمائية. وأضافت أنه على أرض الواقع تم فعليا تركيز كاميراوات مراقبة في نقاط الإستقبال بالمواقع الأثرية الكبرى كالجم و قرطاج و أنه تم تركيز102 مزهريات كبيرة الحجم مانعة للاقتحام و أيضا تركيز 50 كاشف معادن للمتاحف الأكثر زيارة و أنه يجري الآن التشاور حول كيفية إخراج شباك التذاكر من مدخل المتحف الأثري بباردو. و عرجت الوزيرة كذلك على ضرورة تنفيذ الأحكام القضائية و إلزام الأطراف المعنية باحترام القانون المتعلق بإخلاء بعض المواقع الأثرية مثل الموانئ البونيقية و معلم الكراكة بحلق الوادي و أيضا الإلزام بتطبيق القانون في ما يتعلق بضرورة الحصول على رخص بناء تتلاءم مع أمثلة التهيئة الترابية و التهيئة العمرانية خاصة بالمدن العتيقة . وفي مجال جعل التراث عامل تنمية مستدامة قالت الوزيرة إنّه وقعت دراسة إحداث مسالك سياحية ثقافية بالجهات التي تعتمد التراث المادي و اللامادي ( جربة و المهدية و القيروان ) وأنه تم فعلا الشروع في الإجراءات لفتح فضاءات تجارية مهيأة لفائدة الحرفيين و المهنيين في الصناعات التقليدية ( متحف باردو وسوسة) وسيشرع مباشرة في تعميم نقاط الإعلام و الإسترشاد في كل المطارات و محطات القطار و الموانىء . الإحاطة بالمبدعين و المثقفين حول هذه النقطة بالذات تدخل عديد الحاضرين و أسالت هذه الأولوية عديد الإقتراحات بإعتبار أن واقع عديد المبدعين اليوم هش ومزر ويبعث على الحيرة أيضا مما حتم هذا التدخل من طرف الوزارة وأفادت الوزيرة أنه سيقع إيلاء مزيد الدعم للجانب الإجتماعي و المادي لهذه الفئة أولا من خلال تنقيح الأمر المتعلق بضبط شروط و طرق تدخل صندوق التشجيع على الإبداع الأدبي و الفني بغرض تسوية العجز الهيكلي بنظام التغطية الإجتماعية للفنانين و المبدعين و المثقفين من خلال تحول إعتمادات من موارد الصندوق ستصل إلى حدود مليارين و أربع مائة ألف دينار لعدد قليل من الفنانين مع إقرار الوزيرة بأن هذا ليس حلا جذريا و لكنه يخفف وطأة معاناتهم . وفي سياق متصل بهذه النقطة أفادت الوزيرة أنه و قع إبرام إتفاقية مع المستشفى العسكري بغرض التعهد و الإقامة بالنسبة للمبدعين الذين تستوجب ظروفهم الصحية الرعاية و الإقامة بالمستشفى واضافت أنه كمساهمة من الوزارة في مزيد دعم المثقفين الذين يكونون في حاجة مادية تم الترفيع في الإعتمادات المخصصة للمنح الظرفية التي تسند في إطار برنامج مساعدة المبدعين و ذلك من 80 ألف دينار الى 130 ألف دينار و لكن يبقى أهم إجراء في نظر السيدة لطيفة الأخضر بالنسبة للمبدعين و الفنانين هو الشروع في وضع قانون أساسي للفنان و مراجعة المنظومة القانونية المتعلقة بإسناد بطاقة الإحتراف الفني و تصنيفها . تطوير العمل بدور الثقافة بلغ عدد دور الثقافة في الجمهورية التونسية حوالي 220 دارا تحتوي منها 70 دارا على الظروف الملائمة للعمل و عليه قالت الوزيرة إنّ الوزارة أقرت تدخلا عاجلا على مستوى تحسين البنية الأساسية ( البناءات والمعدات و الشبكات) وأنه سيقع مباشرة البدء في صيانة 70 مؤسسة من العمل الثقافي في حالة سيئة بكلفة مليوني دينار و من جهة أخرى سيقع العمل على تفعيل اتفاقيات الشراكة بين وزارات التربية و التعليم العالي و البحث العلمي و المرأة و الطفولة وذلك لربط الصلة بين الشباب التلمذي و الطالبي و نوادي الطفولة مع المؤسسات الثقافية و سيقع تطوير عدد الاتفاقيات المبرمة مع الجمعيات في الجهات لتدعيم الخصوصيات الجهوية و اثراء مضامين التنشيط الثقافي . و سيقع احداث 6 مراكز نموذجية للتنشيط الثقافي بالجهات تكون فضاءات إشعاع و استقطاب ثقافي وهي المركب الثقافي بسليانة و دار الثقافة ابن رشيق و المركب الثقافي بالمنستير و المركب الثقافي بصفاقس و دار الثقافة بقبلي و المركب الثقافي بمدنين . ريم شاكر