يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    جماهير الترجي : فرحتنا لن تكتمل إلاّ بهزم الأهلي ورفع اللقب    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    وزارة السياحة أعطت إشارة انطلاق اعداد دراسة استراتيجية لتأهيل المحطة السياحية المندمجة بمرسى القنطاوي -بلحسين-    وزير الخارجية يواصل سلسلة لقاءاته مع مسؤولين بالكامرون    عمار يدعو في ختام اشغال اللجنة المشتركة التونسية الكاميرونية الى اهمية متابعة مخرجات هذه الدورة وتفعيل القرارات المنبثقة عنها    رئيس البرلمان يحذّر من مخاطر الاستعمال المفرط وغير السليم للذكاء الاصطناعي    سجنان: للمطالبة بتسوية وضعية النواب خارج الاتفاقية ... نقابة الأساسي تحتجّ وتهدّد بمقاطعة الامتحانات والعمل    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    الرابطة 2: نتائج الدفعة الأولى من مباريات الجولة 20    الترجي الرياضي يفوز على الزمالك المصري. 30-25 ويتوج باللقب القاري للمرة الرابعة    بطولة مدريد للماسترز: أنس جابر تتأهل الى الدور ثمن النهائي    زيادة ب 4.5 ٪ في إيرادات الخطوط التونسية    إمضاء اتفاقية توأمة في مجال التراث بين تونس وإيطاليا    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    توزر: الندوة الفكرية آليات حماية التراث من خلال النصوص والمواثيق الدولية تخلص الى وجود فراغ تشريعي وضرورة مراجعة مجلة حماية التراث    تعاون مشترك مع بريطانيا    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    تامر حسني يعتذر من فنانة    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    الرابطة الثانية : نتائج الدفعة الأولى لمباريات الجولة السابعة إياب    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو إلى تنظيم تظاهرات طلابية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الثقافة الإيطالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    صادم/ العثور على جثة كهل متحللة باحدى الضيعات الفلاحية..وهذه التفاصيل..    عاجل/ عالم الزلازل الهولندي يحذر من نشاط زلزالي خلال يومين القادمين..    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    خط تمويل ب10 مليون دينار من البنك التونسي للتضامن لديوان الأعلاف    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    سيدي حسين : قدم له يد المساعدة فاستل سكينا وسلبه !!    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    قفصة: ضبط الاستعدادات لحماية المحاصيل الزراعية من الحرائق خلال الصّيف    تونس : أنس جابر تتعرّف على منافستها في الدّور السادس عشر لبطولة مدريد للتنس    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    انطلاق أشغال بعثة اقتصادية تقودها كونكت في معرض "اكسبو نواكشوط للبناء والأشغال العامة"    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منسّق ائتلاف الثورة الليبية ل«التونسية»:القذافي أقصي من السلطة 5 سنوات قبل سقوطه
نشر في التونسية يوم 19 - 04 - 2015

لم يكن اندلاع الثورة الليبية مجرد فوضى أو تقليدا أعمى لما وقع بتونس ومصر بل كانت نتاج معاناة المظلومين ومن انتهكت حقوقهم من ضحايا كارثة طائرة سيدي السائح, ومجزرة سجن بوسليم.
هذا ما كشف عنه فرج الترهوني منسق ائتلاف ثورة 15 فيفري الوطنية ل«التونسية». التفاصيل في السطور التالية:
تفجير طائرة سيدي السائح
النواة الأولى للثورة
يقول السيد فرج الترهوني: هناك حادثة رئيسية في تحريك أحداث الثورة الليبية هي تفجير طائرة سيدي السائح أثناء قيامها برحلتها من بنغازي باتجاه طرابلس وكانت تقل على متنها 157مدنيا وكان الانفجار مدويا ولم ينج اي مسافر من هذه الكارثة. وقد خلفت هذه الحادثة ردود فعل متباينة حول حقائقها وخفاياها لتفتح باب التأويلات على مصراعيه في نطاق تفكيك شفرات هذا اللغز الذي ربطه المطلعون على الكواليس والمحلّلون السياسيون بواقعة أخرى هي تفجير طائرة «لوكربي» التي كانت في نفس التاريخ وهو 22 ديسمبر وتحمل نفس رقم رحلة طائرة سيدي السائح 1103 ولهذا دلالته. وقد تأكد ذلك بتصريحات معمر القذافي بعد اسبوع من تلك الحادثة الذي اعترف اثناء لقائه بطلبة جامعة «سبها» في الدائرة المغلقة بأن هذه الحادثة ترجع لثلاثة أسباب: إمّا أن تكون عملا ارهابيا من قبل افراد منظمة الجيش الجمهوري الايرلندي بعد ان قدمت ليبيا معلومات دقيقة عن هذا التنظيم لبريطانيا سنة 1991 في ظل عودة العلاقات معها أو أن هناك نقصا في المعدات والاتصالات اللاسلكية وقطع الغيار نتيجة الحصار على ليبيا بالرغم ان الحصار كان له قرابة سنة والسبب الثالث ان يكون الغرب قد اختار نفس تاريخ تفجير طائرة «لوكربي» وقام بإسقاط هذه الطائرة ومعنى ذلك أن النتيجة أصبحت واحدة بواحدة.
وهكذا أصبحت هناك شبهة حول حقيقة اسقاط طائرة الخطوط الجوية العربية الليبية - رحلة رقم 1103 بتاريخ 22 ديسمبر 1992 - وأصبحت هناك قناعة بأنها سقطت بفعل فاعل .ورسخ هذا اليقين لدى أسر الضحايا من خلال تصريح مثير لإدارة العمليات الجوية العربية الليبية جاء فيه أنه طوال فترة عمل هذه الشركة لم يتم اعتماد «كود» رحلات جوية بأربعة أرقام إلّا قبل هذه الرحلة بثلاثة أشهر.
وأضاف محدثنا ان هناك معطى آخر يثير الشك ضمن الوقائع هو أن قائد سلاح الجوي الليبي قام بإبرام اتفاقية مع مصلحة الطيران المدني الليبي بشأن حركة إقلاع وهبوط الطيران العسكري بمطار طرابلس العالمي اتفق فيها الطرفان على ان يتم الاقلاع من «رانواي» واحد وعلى ان تسيّر حركة الطيران العسكري من برجين. والكارثة الاكبر ان الاتصال بين البرجين المدني والعسكري لم يكن موجودا. وقال محدثنا إنه رغم اعترافات معمر القذافي والدوائر المقربة بوجود شبهة اجرامية حول الحادث فإنه وعلى اثر صفقة سياسية مشبوهة تم اعتبار الحادث عاديا.
خيبة أمل
ويضيف محدثنا قائلا: كانت خيبة أمل أسر ضحايا طائرة سيدي السائح كبيرة جدا في التعاطي مع هذا الملف فبعد وعود كبيرة من القذافي بإيلاء هذا الملف الاهمية القصوى وتأكيده أن الغرب متورط في عمل تفجير هذه الطائرة وتكليفه وزير الداخلية الليبي آنذاك المرحوم ابراهيم بكار بمهمة تقصي الحقائق في هذا الملف الغامض وتشكيل تحقيق في هذه الكارثة تعرّض هذا الأخير لحادث مرور تحوم حوله شكوك بعد اسبوعين من تعهده بالملف. اثر ذلك كُلّف بوزارة الداخلية أحد المقربين من معمر القذافي فقام بإلغاء اللجان الثلاث وكون لجنة برئاسة ضابط في الجيش لكن الى الآن لم ير هذا الملف النور وتواصل التعتيم عليه, وبات واضحا لأسر الضحايا ان النظام الحاكم يريد غلق هذا الملف وهو ما يتضح من تصريح سيف القذافي في احدى وسائل الاعلام عندما وجه له سؤال حول حقيقة سقوط الطائرة وإجابته بأنه كان حادثا عرضيّا بين طائرة مدنية وطائرة عسكرية.
تشكيل جمعية أهلية لأسر وعائلات شهداء طائرة سيدي السائح
بعد أن اتضح الخيط الأبيض من الأسود – يواصل محدثنا - جاءت فكرة التعويل على الذات من أجل كشف الحقيقة وكانت مبادرة تكوين جمعية لأسر وعائلات شهداء طائرة سيدي السائح خلال سنة 2010 والتي ترأسها محدثنا. لكن ومنذ اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة أصبح، حسب قوله، خاضعا لرقابة لصيقة حيث وضعت هواتفه الجوالة تحت المراقبة كما تم استجوابه من قبل جهاز الأمن وهو ما جعله يتوجه لوزير العدل الليبي «مصطفى عبد الجليل» ويطلب منه اقرار حماية شخصية له ورفع القيود بشأن مراقبة هواتفه ومكالماته والكف عن عرقلة اعماله الخاصة. ويقول محدثنا إنه انتظر من الوزير تفاعلا ايجابيّا خاصة أن هناك من ضمن ضحايا الطائرة 5 أصدقاء من المقربين لوزير العدل. إلاّ أن هذا الأخير اكتفى بأن وعد بعرض الأمر على سيف القذافي.وعند عودته اليه أعلمه أنه لا رغبة لسيف الاسلام في فتح هذا الموضوع. ثم عاود الاتصال به طالبا منه التدخل من اجل تحويل المقبرة الرمزية لشهداء طائرة سيدي السائح الى مقبرة بنغازي بعد ان طلبت محكمة شمال بنغازي ضرورة موافقة وزير العدل بقبول دعوى قضائية بذلك, غير انه رفض وصرح حرفيا «هذا تحيير مواجع» حينها تأكد محدثنا حسب تصريحه لنا ان مصطفى عبد الجليل أصبح محاميا للنظام وليس وزيرا للعدل. وكان ذلك بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس نحو الثورة على مؤسسات ظالمة تدعمت بظهور تضارب بين نقابة المحامين الشرعية والنقابة الجديدة المستحدثة بالحيلة.
نقابة محامي مدينة بنغازي
واستنادا إلى تصريحات محدثنا فقد كانت هناك خطة لضرب النقابة الشرعية للمحامين فكانت مساعي السيد عبد الحفيظ غوقة وسلوى بوقعقيص – اغتيلت - وعبد السلام المسماري - اغتيل – والاخواني خالد السائح, والاخواني محمد المهدي كشبور وخالد زيو الذين انضمّ اليهم بصفة استثنائية عبد السلام المسماري من قيادات برنامج «ليبيا الغد» الذي يترأسه سيف معمر القذافي لإعادة انتخاب نقابة المحامين بمدينة بنغازي, مخالفين بذلك القوانين واللوائح المعمول بها وهو ما تم رفضه من قبل أعلى سلطة تشريعية في ليبيا وهي أمانة مؤتمر الشعب العام –البرلمان- الا ان السيد عبد الحفيظ غوقة وهو من المقربين من سيف الاسلام القذافي استغل نفوذه والتقى بالعقيد معمر القذافي بتاريخ 8 فيفري 2011 وقدم له معلومات مغلوطة ومنها عدم ذكره قرار أمانة مؤتمر الشعب العام بعدم قانونية انتخاب النقابة المذكورة اعلاه وهو ما جعل معمرالقذافي يصدر تعليماته بتثبيت هذه النقابة الغير القانونية والغير شرعية والتي يترأسها الإخواني خالد السائح الأمر الذي أدّى الى خلق اختلاف كبير بين امانة مؤتمر الشعب من ناحية التي اقرت بعدم شرعية النقابة وتوجيهات معمر القذافي باعتماد هذه النقابة من ناحية اخرى, وهو ما أدى بنقابة المحامين الشرعية إلى تشكيل لجنة تسييرية للخروج من هذه الازمة, وفي يوم 13 فيفري 2011 أراد عبد الحفيظ غوقة ومجموعته مباشرة العمل بالنقابة غير ان عددا من المحامين منعوهم من ذلك وقاموا بطردهم الامر الذي انجر عنه مشاحنات كبيرة.فكانت الاجواء عامة – حسب تصريحات محدثنا – قد بلغت ذروة الاحتقان خاصة بعد انضمام ضحايا قضية سجن بوسليم لضحايا أهالي طائرة سيدي السائح.
قضية سجن بوسليم 1996 وكشف أمر الجماعات الليبية المقاتلة بزعامة عبدالحكيم بالحاج
كان منطلق قضية سجن بوسليم حسب رواية محدثنا مواجهات بين قوات الامن والجماعات الليبية المقاتلة التي يتزعمها عبد الحكيم بلحاج, والتي قامت بعمليات انتحارية اسفرت عن سقوط ضحايا في صفوف الأمنيين والمدنيين بمدينتي بنغازي ودرنة فضلا عن إصابة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة. وقد نجحت قوات الامن في القبض على المتورطين في هذه العملية الارهابية وتم ايداعهم بسجن بوسليم. غير انه بتاريخ 26 جوان 1996 قام سجناء من الجماعة الليبية المقاتلة بقتل بعض حراس سجن بوسليم وخطف البعض منهم وأسفرت هذه العملية عن مقتل 241 فردا من الطرفين ثم حدثت مجزرة سجن بوسليم حيث قام النظام بعملية انتقامية قتل فيها كل السجناء وبعد تواتر الأنباء عن المجزرة أعلن النظام أن مجزرة سجن بوسليم اسفرت عن مقتل 1270 شخصا. واكد محدثنا ان الرقم غير صحيح لأنه يعرف بعض العائلات من مدينة بنغازي لديهم ابناء ماتوا تحت التعذيب قبل حادثة بوسليم بأكثر من سبع سنوات مشيرا إلى أن النظام السابق لم يطعن في عدد القتلى المصرح بهم والغاية من ذلك طمس جرائم التعذيب التي جدت بالسجن قبل هذه الحادثة. ويضيف أن ما يثير الاستغراب في هذا الموضوع بالنسبة اليه هو سكوت عائلات المسجونين الذين توفوا قبل هذه الحادثة عن تقديم معطيات دقيقة تهم هذا الأمر من ناحية, ومن ناحية أخرى ان دول الغرب التي تتقدمها امريكا الداعية لحقوق الانسان الراعية لبرنامج «ليبيا الغد» والذي يقوده نجل العقيد معمر القذافي «سيف الاسلام» قد تغاضت عن الانتهاكات الصارخة في قضية سجن بوسليم, إلى جانب تعتيم منظمة هيومين رايتس ووتش التي تغافلت حسب قول محدثنا عن حيثيات هامة قدمتها إليها عائلات بعض المفقودين قبل سنة 1996 للمنظمة ولم تدرج أسماء بعض الضحايا في قائمة سجن بوسليم.
كما تولت قيادات من «ليبيا الغد» ومنهم عبد الحفيظ غوقة وخالد زيو وسلوى بوقعقيص التضامن مع مطالب عائلات سجن بوسليم وكلفوا الطالب فتحي تربل الدارس في القانون ناطقا باسمهم ليتضح فيما بعد انه عراب قضية سجن بوسليم بتأييد من عبد الحفيظ غوقة ومصطفى عبد الجليل. وقد قام هذا الأخير بصفته وزيرا للعدل بالأشراف على دفع مبلغ 200 ألف دينار ليبي الى كل عائلة قتيل بسجن بوسليم. وتم تسديد قيمة الدية لفائدة 1185من العدد المشاع (1270 قتيل بسجن بوسليم) لتبقى 85 أسرة بلا ديّة حتى 15 فيفري 2011 ويعود سبب عدم قبول هؤلاء بمبلغ الديّة مطالبة الكثير منهم برفع قيمة الديّة الى 3مليون دينار ليبي وتحفظ القليل منهم على استلام الديّة وتمسكوا بالكشف عن حقيقة مقتل ابنائهم بسجن بوسليم لكن كل هذه التحركات لم تستطع امتصاص غضب الشعب الليبي وكانت التعبئة العامة.
تصاعد وتيرة الأحداث
وحسب رواية محدثنا فإنه في بداية شهر فيفري كثف معمر القذافي لقاءاته بمكونات المجتمع الليبي وجميع القوات الفاعلة على اساس التعبئة لتدارس الاوضاع خاصة مع اندلاع الثورة في تونس ومصر. وأكد خلال هذه اللقاءات ان ليبيا بخير وأنها صامدة في وجه المطامع الغربية وكانت اغلب مضامين رسائله ايجابية. كما أكد معمر القذافي انه سيخرج يوم 17 فيفري مطالبا بإسقاط الدكتور البغدادي المحمودي أمين اللجنة الشعبية العامة «رئيس حكومة» متهما اياه بأنه سبب تردي الاوضاع في البلاد.
في المقابل كان سيف الاسلام وقيادات برنامج «ليبيا الغد» بدورهم يتابعون الوضع عن كثب اذ ارسلوا بعض العيون لرصد الوضع في تونس ومصر. كما ان الاجهزة الأمنية كانت على اهبة الاستعداد وفي حالة طوارئ مستمرة وقد شكلت للغرض غرفة عمليات عليا برئاسة اللواء عبد الفتاح يونس.
كما سعى النظام للتخفيف من حالات الاحتقان وذلك بتسوية اكبر عدد ممكن من الملفات الموقوتة وتمّ بتاريخ 15 فيفري تنفيذ الاتفاق المبرم بين الاسر والنظام حول دفع التعويضات لعائلات ضحايا مجزرة سجن أبو سليم حيث تم استقبال هذه الاسر من طرف الناطق الرسمي لرابطة سجن بوسليم طارق الهميل الفرجاني الذي حل محل فتحي تربل منذ 15 ديسمبر 2010 وكذلك من طرف محمد خليفة البرغثي بطرابلس. وفي سياق متصل بالموضوع تمت تسوية ملف ضحايا شهداء 17 فيفري 2006 المتعلقة بالقنصلية الايطالية والتي اسفرت عن 14 شهيدا. وقد التقى معمر القذافي مساء 15 فيفري 2011 بأفراد عائلات ضحايا المجزرة الذين تلوا بيانا أمامه يفيد بأن قضيتهم مع النظام قد سوّيت مع العلم انه كان لمجموعة عبد الحفيظ غوقة دور بارز في احتواء واخماد انتفاضة 17 فيفري 2006 بمدينة بنغازي والتي استمرت وقائعها على امتداد 7 ايام من المواجهات مع رجال الأمن وهذا ماجعله ورفاقه يحظون بثقة ومكانة مرموقة لدى النظام.
ويضيف محدثنا انه فضلا عن تفشي الفساد واستغلال النفوذ من قبل بطانة القذافي التي كانت من بين العوامل التي أدت الى اندلاع الثورة الليبية. فان صراع الأجنحة بين ابني القذافي المعتصم وسيف الاسلام كان بدوره عاملا هاما في اضعاف النظام وجعله مرتهنا بيد الغرب – امريكا – التي دعمت سيف القذافي وعهدت إليه بمهمة تنفيذ برنامج «ليبيا الغد» وبارك القذافي ذلك لان، سيف كان سهل المراس بالنسبة إليه على خلاف المعتصم الذي كان قوي الشخصية وهو عسكري بامتياز، فيما كان المعتصم بدوره يسعى الى الحصول على الدعم الامريكي من أجل افتكاك السلطة حتى يكون البديل لنظام والده بحكم نفوذه في الدولة فهو رئيس مجلس الأمن القومي في ليبيا. ويؤكد محدثنا في هذا السياق أن القذافي في الخمس سنوات الأخيرة كان مقصيّا بسبب صراع ابنيه على السلطة.
إرهاصات ثورة 15 فيفري الوطنية
وأشار محدثنا الى أن شخصا يدعى الورفلي مقيم خارج ليبيا دعا في مطلع شهر فيفري على أحد المواقع مجهولة الهوية الى جعل يوم 17 فيفري يوما للغضب في ليبيا. ثم وفي عشية يوم 15 فيفري 2011 قام رجال الأمن باعتقال فتحي تربل وشخص آخر يدعى فرج الشراني له 3 اخوة من ضحايا سجن بوسليم استلم مبلغا ماليا قدره 600.000 ألف دينار ليبي تعويضا عن فقدانه لهم. والحقيقة – حسب ذكر محدثنا وعلى لسانه - ان هناك تضارب عن اسباب الاعتقال الذي استمر لمدة 7 ساعات والذي يبدو مجرد عملية أمنية مدبرة بالاتفاق معه لبعث رسالة الى شباب مدينة بنغازي مفادها ان بنغازي تحت القبضة الامنية المشددة. ثم اطلق سراح فتحي تربل ورفيقه بعد ان ازداد عدد المتظاهرين أمام مقر مديرية أمن بنغازي لكن هؤلاء المتظاهرين انصرفوا فور اطلاق سراحهما. ولم يبق إلا 60 شخصا من بينهم محدثنا الذي يضيف انه تحول للمشاركة في مظاهرة انطلقت من امام مقر مديرية الأمن الى وسط المدينة في حدود الساعة 10.45 دقيقة مساء وأنه انضمت لهذه المظاهرة أعداد غفيرة من الشباب وافدة من عدة مناطق وكان الاعتصام بميدان الشجرة بمدينة بنغازي وكانت أول الشعارات في هذة الانتفاضة (كرامة حرية عدالة اجتماعية) وليرتفع سقف المطالبة مباشرة ليتحول الى المناداة بإسقاط النظام,وقد تمت مواجهة هذه الانتفاضة من قبل رجال الامن الذين افرطوا في استخدام القوة في محاولة لإخماد أصوات المتظاهرين وذلك رغم ان العدد لم يتجاوز 1500 متظاهر. واضاف محدثنا ان الانتفاضة في تلك الليلة كانت نتيجة خطأ وقعت فيه اللجنة الامنية العليا بتعنتها وتوجيهها إنذارا لشباب بنغازي باستعراض القوة المفرطة فاذا بها تتحول الى شرارة اعلنت انطلاق ثورة 15 فيفري الوطنية. وسرعان ما عمت هذة الانتفاضة بقية مدن ليبيا - ظهر يوم 16 فيفري 2011 - منها غرب البلاد وتحديدا مدينتي الزنتان والرجبان وشرق البلاد بمدينتي البيضاء وشحات لتتواصل مع الايام في بقية المدن الليبية. ففي مدينة البيضاء وبعد ساعتين تقريبا من خروج المتظاهرين سقط كل من الشهيد «خالد خنفر» والشهيد «محمد اليمني» والمعروف أن مدينة البيضاء يهيمن عليها الجانب القبلي ومن الصعب أو من المستحيل أن يقتل رجل أمن أحد أبناء هذه المدينة ويبقى مجهول الهوية لكن وللأسف الشديد مازال قاتل أو قاتلي الشهيدين مجهولا أو مجهولين. وبالرغم من تطمينات مصطفى عبد الجليل وزير العدل الذي وصل في ذلك اليوم الى مسقط رأسه مدينة البيضاء في محاولة لإخماد الانتفاضة بها حيث ابلغهم ان سيف الاسلام سيكون أفضل من والده فإن ردّ فعل الشباب عليه كان قويا ممّا جعله يسارع بالخروج إلى مدينة بنغازي ويسافر الى طرابلس صباح يوم 17 فيفري 2011 دون ان يقدر على اخماد الصوت الشعبي الثائر علما وان مصطفى عبد الجليل تم تعيينه وزيرا للعدل سنة 2007 بعد انضمام الاخوان المسلمين لبرنامج «ليبيا الغد» , كما لا يخفى على أحد ان معاقل الاخوان في ليبيا هما مدينتي البيضاء ومصراته – حسب تصريحات محدثنا -.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.