الحكومة تشكو من عجز اتصالي وعليها المرور من النوايا إلى الإصلاح السريع هناك إجحاف في المطالب مقارنة بأوضاع الدولة والمؤسسة بالإمكان مضاعفة الصادرات في ظرف 5 سنوات الاقتصار على خوصصة ب٪15 سيعيد البنوك العمومية إلى ذات الحلقة المفرغة ليس بيننا وبين منظمة الأعراف إلا الاحترام الكامل أجرى الحديث: فؤاد العجرودي تصوير: صالح الحبيبي الحديث مع رجل الأعمال طارق الشريف رئيس منظمة «كوناكت» أو كونفدرالية مؤسسات المواطنة هو واحد من أحاديث تعد على أصابع اليد الواحدة لامست خلالها «العقلانية التونسية» التي توارت خلال السنوات الأخيرة تحت جبال من الأدران بفعل الطلوع غير المسبوق للخطب والمقاربات الشعبوية التي تعد الناس بجنات الخلد فيما تبيعهم الموت البطيء! زهاء ساعة ونصف الساعة كان طارق الشريف العضو الأسبق في المكتب التنفيذي لمنظمة الأعراف يرد على زخم من الأسئلة التي أثارت بالخصوص حقيقة الأوضاع الاقتصادية للبلاد ومخاطر الوصول إلى سيناريو مماثل لأزمة اليونان وتداعيات الانفجار الحاصل في الإضرابات على المؤسسة الاقتصادية محرك النمو ومصدر الثروات. وبقدر ما شخّص الأوضاع المتأزمة كما هي فقد أعرب طارق الشريف عن أمله في إمكانية التوصل إلى قلب الأوضاع والمرور إلى معدلات أرفع للنمو ونسق أسرع لخلق الثروات.. بل أكد قدرة تونس على مضاعفة رقم معاملات التصدير في ظرف الخماسية القادمة. الحديث الذي أتى أيضا على أسباب الانحصار الحاصل في مسار الاندماج المغاربي وتداعيات «أمراض» الجهاز البنكي على أحوال المؤسسات والوضع الاقتصادي إلى جانب مستقبل البنوك العمومية انطلق من هذا الزاوية: كيف تنظر إلى الوضع الاقتصادي العام بالبلاد بعد أشهر قليلة من تشكل الحكومة الحالية؟ أعتقد أنه لا يوجد وضع أصعب وأكثر تعقيدا مما نواجهه اليوم.. البطالة تجاوزت ٪15 فيما التداين الخارجي أدرك مستويات قياسية بوصوله إلى ٪63 من الناتج الداخلي حيث تجاوز 50 مليارا من الدنانير... في المقابل نزلت نسبة النمو إلى أدنى مستوى بعد أن بلغت ٪1،7 في الأشهر الأولى من هذا العام كما أن احتمالات النزول تحت هذا السقف مازالت قائمة حيث لا توجد حاليا أية ضمانة على أننا سنحافظ على هذا المعدل على ضعفه.من جهة أخرى يبدو الوضع الإقليمي ضاغطا لجهة أن ليبيا شبه مغلقة أمام النسيج الاقتصادي الوطني فيما تأثرت الجزائر بهبوط أسعار النفط وبدأت تتجه نحو ترشيد وارداتها وهو معطى سيؤثر بدوره على آفاق النمو في تونس. معدل النمو في أوروبا مازال بدوره ضعيفا ولم يتجاوز سقف ٪1 في بعض الدول مثل ألمانيا فيما هو دون هذا المعدل في أغلب بلدان منطقة اليورو كما أن الوضع في اليونان قد يتأزم أكثر بما يزيد في تباطؤ النمو لدى الشريك الاقتصادي الأول لتونس وهو ما سيلقي بظلاله أيضا على نسق التنمية في بلادنا. ألا تعتقد أن الانفجار الحاصل في الإضرابات وكل أشكال الانفلات قد زاد في تأزيم الأوضاع وجعل مهمة الإنقاذ أكثر صعوبة لجهة أن معطى الاستقرار يظل الكلمة المفتاح لإصلاح كل الأوضاع؟! المشكل الجوهري هو أن حجم التطلعات والمطالب تجاوز بكثير الإمكانيات الحقيقية في هذه المرحلة ومستوى الجهد الوطني المبذول.. هناك مطالب مجحفة مقارنة بالأوضاع الحقيقية للبلاد وكأنّ النخب لا تطلع حتى على مضامين ميزانية الدولة التي يفترض أن يكون الإلمام بها عنصر التقاء بين جميع الأطراف تتحدد في ضوئه مقاربة الممكن وغير الممكن.أما في القطاع الخاص فإن الأرقام قد تغني عن أي تعليق... خلال الأسبوع الفارط أصدر البنك الدولي تقريرا جديدا حول القدرة التنافسية أظهر أن تونس تدحرجت كثيرا إلى الوراء وصارت في مؤخرة البلدان العربية... جميع المؤشرات تدل أيضا على أن المؤسسات الخاصة تواجه صعوبات جسيمة وبالتالي فإن الزيادة في الأجور حاليا ستؤول آليا إلى فقدان عديد المؤسسات وبالتالي آلاف مواطن الشغل...لا تنسَ أيضا أن عديد المؤسسات ذات المساهمات الأجنبية قد غادرت البلاد أصلا... أما بخصوص القطاع الوطني فإن عديد المؤسسات اندثرت فيما قلصت مؤسسات أخرى من استثماراتها. وحجم الاستثمار الخاص عرف إجمالا هبوطا حادا في السداسية الأولى من هذا العام حيث تراجع بنحو ٪25..هناك بعض المؤسسات التي تخرق قانون الشغل ونحن ضد هذه الممارسات لكن لا يمكن إيقاف بلد بأسره بالإضرابات فيما الجميع يدرك حقيقة الأوضاع المالية للدولة والصعوبات الجسيمة التي يواجهها القطاع الخاص.. الجميع على بيّنة من هذه الحقيقة المؤلمة كما أنه في حال لم نتوصل إلى زحزحة نسق خلق الثروة فإن الأوضاع ستزداد صعوبة بعد مدة قصيرة.. خصوصا وأن سنة 2017 ستشهد انطلاق تسديد أصل القرض الرقاعي الذي لجأت إليه تونس في مطلع هذا العام. نحن مازلنا بصدد خلاص أقساط الفائدة فكيف سيكون الوضع عندما نصل إلى أصل الدين؟ سؤالك الأخير يحيلني رأسا إلى استنتاجات آخذة في التوسع بأن تونس صارت على مرمى بصر من سيناريو مماثل لأزمة اليونان التي آلت إلى تسريح آلاف العمال وخفض الأجور.. هل تعتقد أن هذا السيناريو أصبح وشيكا؟ إذا لم نتوفق في قلب الأوضاع في آجال قريبة وأعني بالخصوص تسريع نسق النمو وخلق الثروات بما يقتضيه ذلك من استقرار وإحياء قيمة العمل فإن حصول هذا السيناريو بات قريبا وسيكون وضعه أكثر عمقا ممّا عرفته اليونان لجهة أن هذه الأخيرة استفادت من عضويتها في منطقة اليورو وبالتالي ضخ الكثير من الأموال الأوروبية فيما تونس تفتقر إلى هذا السند الهام وهذا الاستنتاج يستند إلى المخاطر الماثلة بشأن إمكانية عجز تونس في المدة القادمة عن خلاص ديونها... وبالتالي فإنه لا يمكن الابتعاد عن هذا السيناريو المفزع إلاّ بمخطط سريع لإنعاش الأوضاع الاقتصادية. هل تعتقد أن حكومة الصيد قادرة على صياغة وتنفيذ قرارات وإصلاحات حاسمة وجريئة تمكن من الإسراع في إصلاح الأوضاع الاقتصادية؟ الحبيب الصيد هو رجل مشهود له بالكفاءة كما أن حكومته تبذل الكثير من الجهد ونواياها طيبة.. لكن هل أن النوايا لوحدها كافية.. لا أعتقد ذلك نحن في حاجة إلى رسائل قوية تدلل على أن الحكومة تتفهم مشاغل قطاع الأعمال.. وما نلاحظه في هذا الإطار هو وجود تباطؤ في تجسيم الإصلاحات الملحة التي تطمئن رجال الأعمال وتوضح الرؤية أمامهم.. حيث لم يتم الحسم إلى حد الآن في المجلة الجديدة للاستثمار.. كما لم تستغل الحكومة فرصة تراجع أسعار النفط لإصلاح موازنات دعم المحروقات بشكل يؤدي إلى المحافظة على أهداف الدعم مع ترشيده بما يمكن من توفير الموارد الضرورية لدعم الاستثمار الذي يعد أول الأولويات في هذه المرحلة خصوصا وأن قطاعات واسعة من النسيج الاقتصادي تعاني من صعوبات جسيمة.. الفنادق تمر بأزمة حقيقية.. المؤسسات الصغرى والمتوسطة تحتاج بدورها إلى الدعم في الظرف الحالي، كما أن تحقيق الطفرة المنتظرة يحتاج إلى انطلاقة حقيقية للقطاعات ذات القيمة المضافة العالية التي تتلاءم مع طبيعة اليد العاملة الخامدة وخاصة وجود ربع مليون عاطل عن العمل من أصحاب الشهائد العليا... استيعاب هذه الأعداد لن يتم دون إرادة قوية لتطوير عديد القطاعات مثل التكنولوجيا الحديثة للاتصال والمعلومات والخدمات والصناعات المرتبطة بالطاقة البديلة والبيوتكنولوجيا. بالمحصلة أعتقد أن الكلمة المفتاح لإنعاش الأوضاع هي وجود قناعة حقيقية ومشتركة بأن كل الجهود يجب أن تنصب في اتجاه واحد وهو زيادة نسق خلق الثروات. وبالتالي فإنه على الحكومة أن تمر إلى نسق أسرع في حسم الملفات ووضع الإصلاحات على السكة إلى جانب معالجة نقطة ضعف هيكلية في أدائها هي العجز الاتصالي الذي يحول دون تعميق الوعي الوطني بالحاجة الملحة لتسريع القطار الاقتصادي وخلق تعبئة وطنية حول هذا الهدف المحوري.بالمحصلة أعتقد أن الحكومة تملك إرادة قوية لإصلاح الأوضاع وهي تبذل مجهودات هامة لكن ينبغي ربح كثير من الوقت وتسريع الإصلاح.. لا بد من رسائل قوية على غرار التعاطي الأخير مع الإضرابات الذي شكل رسالة مطمئنة.. ليس لنا أي مشكل مع اتحاد الشغل.. ولكن القرارات الأخيرة أعادت الاعتبار للدولة وهذا عامل مطمئن. هيبة الدولة تصنعها القرارات الحاسمة وعدم ترك المسائل عالقة. صعوبات المؤسسات زادها تعقيدا تشدد البنوك بسبب زيادة المخاطر وكذلك نقص الموارد.. هل يعد هذا الملف أول العراقيل أمام الاستثمار اليوم؟ قبل الوصول إلى ملف العلاقة مع البنوك ينبغي التذكير أننا كنا قد أجرينا سبر آراء بطريقة علمية بيّن أن العائق الأول أمام الاستثمار وبنسبة ٪45 هو ضعف معطى الاستقرار L ' insécurité بكل مكوناته ثم وبنسبة مماثلة تقريبا الفساد وغياب الشفافية إلى جانب الإطار التشريعي والإجراءات الإدارية هذا لا يعني أنه لا توجد مشاكل مع الجهاز البنكي بل على العكس أكد ٪25 من المستجوبين أنهم يلاقون صعوبات للنفاذ إلى روافد التمويل وهو ما يبين وجاهة النداء الذي توجهنا به إلى الحكومة منذ أربع سنوات بضرورة إصلاح مشكل الموارد البنكية.. وكذلك إيجاد الحلول لمشكل الحوكمة خاصة عبر تطوير آليات التصرف وأخذ القرار.. البنوك وخاصة العمومية لا تعوزها الكفاءات البشرية ولكنها تحتاج إلى تطوير أدوات التصرف للارتقاء بمردودها ونجاعتها. في هذا الإطار تطرح مسألة إعادة هيكلة البنوك العمومية الثلاثة فكيف تتفاعل مع التمشي الذي انتهجته الحكومة في هذا المجال؟ أعتقد أن الارتقاء بنجاعة البنوك العمومية يحتاج بالضرورة إلى إدماج القطاع الخاص بما في ذلك رأس المال الأجنبي بنسب مرتفعة تصل إلى ٪40 .. وبالتالي فإن التوجه الحالي الذي سيقتصر على خوصصة بنسب تتراوح بين ٪10 و٪15 غير كاف وسيعيد البنوك بعد سنوات قليلة إلى ذات الحلقة المفرغة... كما أن حسم هذا الملف يتطلب أولا إيجاد الحلول أي روافد التمويل الملائمة للقطاعات التي تكتسي صبغة اجتماعية ولا يمكن أن توظف عليها المعايير التجارية المعتادة. كما ينبغي التذكير بأن البنوك العمومية استثمرت منذ عقود في قطاعات أخرى للنهوض بمردوديتها وهذا الخيار كان صائبا في ظروف معينة أما الآن فلم يعد له أي معنى خصوصا وأن التفويت في تلك الاستثمارات سيغني البنوك العمومية عن الدعم العمومي وسيوفر لها موارد هامة لتمويل الاستثمار. من جهة أخرى يطرح ملف التنمية في الشريط الداخلي الذي مازال يراوح مكانه.. ما هي الحلول في اعتقادك؟ للأسف أعتقد أننا مازلنا بصدد ارتكاب ذات الخطإ الاستراتيجي في التعاطي مع هذا الملف وأعني الاقتصار على الزاوية الاجتماعية فيما بداية الطريق إلى حلول فعلية ناجعة تكمن في قناعة راسخة بأن الشريط الغربي هو احتياطي الاقتصاد الوطني.. وبالتالي فإن التوفق في تحريك الطلب في تلك الجهات سيوفر إمكانيات مهولة لتسريع نسق الاستثمار والنمو.. وهو ما يتطلب حزمة من الإجراءات المتوازية والمتكاملة.. تعصير البنية الأساسية هو مسألة محورية لكن يجب أيضا اتخاذ قرارات قوية وناجعة لتحفيز الاستثمار على غرار إعفاء المشاريع الناجحة من الأداءات لمدة معينة... ثم لماذا لا يتم إحداث صناديق للاستثمار في الجهات الداخلية وليس في «البحيرة» وكذلك بنوك إقليمية توفر الموارد الضرورية لتمويل الاستثمار في عدة ميادين مثل الوحدات الصغيرة لتحويل المواد الأولية والمنتوجات الفلاحية. لماذا لا يتم أيضا تحرير العمل تحت العلامة الأصلية.. وإزالة القيود الإدارية أمام إحداث المراكز التجارية الكبرى «المول» مع اشتراط إنجاز عدد مماثل من هذه المشاريع في المناطق الغربية.أعتقد أن الحلول موجودة ولكنّ تجسيمها يحتاج إلى ثلاثة عناصر هي توحيد الرؤى والجرأة ثم السرعة. ألا تعتقد في نفس الإطار أن حالة الجمود التي أصابت مسار الاندماج المغاربي قد ألقت بظلالها على الوضع الداخلي.. وأي دور يمكن أن يضطلع به قطاع الأعمال لتدارك الوقت الضائع؟ بالطبع تأجيل الاندماج الاقتصادي المغاربي يتسبب في فاتورة ثقيلة لكافة شعوب المنطقة حيث يؤدي إلى ضياع ما بين 2 و3 نقاط نمو إضافية سنويا.. أي نحو 35 ألف موطن شغل إضافي سنويا في تونس لوحدها.. قطاع الأعمال يقوم بمجهود كبير وهناك اتصالات مكثفة على مدار العام لكن الشرط الجوهري لتسريع القطار الاقتصادي المغاربي مازال مفقودا وأعني بذلك توفر إرادة سياسية قوية تدفع نحو الاندماج... على سبيل المثال لا يوجد خط بحري تجاري مباشر بين تونس والمغرب وهو ما يحد من تدفق السلع بين البلدين..كما أن حجم التعاون الاقتصادي بين تونسوالجزائر مازال دون الإمكانيات الحقيقية بكثير بسبب المعاليم الجمركية المرتفعة الموظفة على السلع التونسية والتي لا تحول فقط دون تدفق أكبر للصادرات وإنما أساسا دون إقامة شراكة قوية بين قطاع الأعمال في كل من تونسوالجزائر لجهة أن ارتفاع أرقام التبادل التجاري هو أداة أساسية لتوطيد العلاقات بين المؤسسات الاقتصادية وبالتالي تسهيل استكشاف فرص الشراكة. وفي هذا الإطار نعتقد أن طبيعة العلاقات الاستراتيجية التونسيةالجزائرية تتطلب إعطاء المنتوجات التونسية ذات الامتيازات الممنوحة للمنتوج الأوروبي وذلك كحد أدنى. نأتي الآن إلى مسألة تمثيلية قطاع الأعمال وأقصد هناك طبيعة العلاقة بين منظمة كوناكت الفتية التي قامت منذ 4 سنوات ومنظمة الأعراف التي كان لها طيلة عقود دور بارز في البناء الوطني. هل هي علاقة تنافس أم تكامل؟ علاقتنا مع منظمة الأعراف تقوم على الاحترام الكامل أما بخصوص من لا يقبل هذا الوضع فأقول فقط «ربي يهدي». لقد تأسست كوناكت في أوت 2011 في خضم التغيرات التي عرفتها البلاد على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بعد 14 جانفي.. وقد تأسست هذه المبادرة على قناعة راسخة بأن التعددية بامكانها أن تساعد تونس وقطاع الأعمال علما أن هذا الواقع قد كرسه الدستور لاحقا حيث نص الفصل 35 بالخصوص على التعددية النقابية.«كوناكت» تجمع اليوم نحو 2000 مؤسسة وهي موجودة في عديد الجهات والقطاعات وكان بالإمكان أن نجمع عددا أكبر من المؤسسات لكننا خيرنا ربط الانخراطات بجملة من الشروط منها ضرورة توفر سجل تجاري وأن تحترم المؤسسة تعهداتها بخصوص الضمان الاجتماعي دون هذه الشروط لا يمكن للمؤسسة أن توقع على «ميثاق» كوناكت ونحن نحرص اليوم على متابعة جهودنا على أساس قناعة راسخة بأن المؤسسة الاقتصادية قد استنزفت وأن سمعة رجل الأعمال قد تدهورت في خضم منحى الشيطنة الذي استهدف قطاع الأعمال وتفاقم الانفلاتات والعراقيل التي أربكت وضع المؤسسة الاقتصادية التي نسعى إلى إعادة الاعتبار إليها بوصفها محرك النمو ومصدر الثروة.يؤلمني اليوم أن أشاهد خريجي جامعات يرغبون في العمل في القطاع العمومي وذلك بسبب عدم وجود نظرة جيدة للقطاع الخاص. وبالتالي ينبغي القيام بجهود كبيرة سواء من قبل قطاع الأعمال أو الحكومة لتطوير جاذبية القطاع الخاص وهذا لا يتحقق إلا بإصلاحات سريعة تزيل العراقيل أمام الاستثمار وتدفع بنسق خلق الثروات. «كوناكت» تهتم كثيرا بنشاط تكوين الشباب وإعداده لسوق الشغل فماهي حصيلة هذا النشاط وآفاق تطويره في المدة القادمة؟ إعداد الشباب لسوق الشغل يعد من أهم مكونات نشاط كوناكت ونحن نسعى من خلاله إلى إنعاش الأمل في نفوس الشباب وتمكينه من فرص أكبر للاندماج في الدورة الاقتصادية وسوق الشغل عبر تطوير مهاراته ومزيد تنمية ثقافة المبادرة الخاصة.. نحن نقوم بنشاط كبير في هذا المجال ولنا برامج تعاون مع عديد البلدان مثل ايطاليا وسويسرا والولايات المتحدةالأمريكية إلى جانب برنامج التعاون مع صندوق الصداقة القطري. وكما قلت منذ حين فنحن نقوم بجهد كبير لكن حسن الإحاطة بالشباب يتطلب تظافر جهود كل الأطراف والتوجه رأسا إلى الحلول العملية والناجحة لزيادة خلق الثروات بما يمكن من استيعاب العاطلين عن العمل وإحياء الأمل لدى الشباب في غد أفضل. لقد تطرقنا في هذا الحديث إلى سائر ملامح الأزمة التي تمر بها البلاد في الظرف الراهن. هل مازلت تحتفظ ببعض التفاؤل بخصوص المستقبل.. وهل تعتقد في إمكانية التوفق قريبا في قلب الأوضاع؟ لي مخاوفي ككل التونسيين ولكني متفائل بخصوص المستقبل.. تونس قادرة على قلب الأوضاع وتسريع نسق النمو والتصدير بل يسكنني اعتقاد راسخ بأننا على سبيل المثال قادرون على مضاعفة الصادرات في ظرف خمس سنوات لكن كل ذلك يحتاج إلى مسألة محورية هي الاستقرار والوضوح وهو ما يتطلب إيقاف كل أشكال الانفلاتات والانحرافات التي حصلت في الأشهر الأخيرة وهي انفلاتات غير معقولة وغير مبررة بكل المقاييس.البلاد تحتاج فعلا إلى هدنة اجتماعية حتى تتوضح الرؤية ويتسارع نسق خلق الثروات الذي سينعكس لاحقا على مستوى العيش لكافة التونسيين كما سيمكن من تفكيك جحافل البطالة بنسق أسرع.. أعتقد أنه بالإمكان قلب الأوضاع بسرعة إذا انطلقنا من وعي مشترك بأننا مطالبون بتضحيات مشتركة من أجل مستقبل أفضل لأبنائنا.