التونسية (تونس) حدد الفصل 14 من مجلة الاحوال الشخصية التونسية موانع الزواج، وقسمها الى مؤبّدة و مؤقتة، وقد عرف القانون الموانع المؤبّدة، بكونها القرابة أو المصاهرة أو الرضاع أو التطليق ثلاثا، أما الموانع المؤقتة، فهي تعلّق حق الغير بزواج أو بعدّة. في المقابل لم يورد القانون اختلاف الأديان ضمن هذه الموانع، غير أن عددا من فقهاء القانون أقروا بعدم شرعية زواج المسلمة بغير المسلم والمسلم بغير أهل الكتاب، على إعتبار ان تونس دولة إسلامية، ومجلة الأحوال الشخصية مستمدة من الشرع الإسلامي، وبالتالي فإن ما حرم بمقتضى النص القرآني، محرم ومجرم في العرف التونسي، ولو لم يتم التنصيص عليه صراحة ضمن النصوص القانونية، إذ يفترض لصحة إبرام الصداق، خلو الزوجين من الموانع الشرعية المتعارف عليها في الفقه الاسلامي. بين المنع والإباحة منع المنشور الصادر عن وزير العدل والمؤرخ في 5 نوفمبر 1973 ضباط الحالة المدنية وعدول الإشهاد من إبرام عقود زواج المسلمات بغير المسلمين، حيث اعتبره المشرع التونسي إجراء غير قانوني. وقد اقر المشرع أنه لا يجوز ذاك الزواج إلا في صورة ثبوت إشهار الأجنبي إسلامه لدى مفتي الجمهورية، وبالتالي أدى هذا المنشور الى الزام محرري عقود الزواج باجراء رقابة مسبقة تمنع ابرام زيجات بين المسلمات وغير المسلمين، وهو ما انتج المنع الكلي لزواج التونسيات المسلمات من غير المسلمين في عقود الزواج التي تبرم في تونس. وتعتبر المحاكم أن الزواج الذي يبرم رغم المنع، زواج فاسد يتعين التصريح بفسخه، وقد التزم في ذات التوجه جانب هام من قضاة النواحي برفض ادراج الأجانب الذين لم يثبت اسلامهم بحجج وفاة مورثيهم المسلمين، بما يؤكد تحجير الزواج من خلال عدم الاعتراف بآثاره، وقد هيمن هذا الموقف على فقه القضاء منذ صدور مجلة الاحوال الشخصية سنة 1957 الى بداية سنة ألفين. انقاسم إلا أن فقه القضاء التونسي شهد انقساما كبيرا في مسألة المنع، في السنوات الأخيرة، إذ أن أغلب الأحكام القضائية المنشورة في المحاكم التونسية، أعلنت مؤخرا، عن توجه المحاكم لعدم الأخذ باختلاف المعتقد كسبب لفساد الزواج وتبعا لذلك لعدم استحقاق الإرث، رغم صدور احكام قضائية لا زالت تصر على المنع وتصرح بحرمان القرين الاجنبي الذي لم يثبت اسلامه بشهادة رسمية من دار الافتاء، من ارث قرينه أو أبنائه منه. كما أقرّت محكمة التعقيب بعدم الأخذ بمسألة إختلاف الأديان كمانع من موانع الزواج، من ذلك قرارها التعقيبي المدني عدد 31115 مؤرخ في 05 فيفري 2009، الذي نص على «إن ضمان حرية زواج المرأة على قدم المساواة مع الرجل المكرسة (بالفقرة 1- ب من الفصل 16 من مجلة الأحوال الشخصية) يمنع القول بوجود أي تأثير لمعتقد المرأة على حريتها في الزواج وبالأثر على حقها في الميراث اعتبارا لإلزامية الاتفاقيات الدولية التي تفوق إلزامية القوانين العادية طبقا لأحكام الفصل 32 من الدستور»، والقرار الابتدائي المدني عدد 26855 بتاريخ 29 جوان 1999 الصادر عن محكمة الناحية، والذي أقر ما يلي: «عرف الفصل 14 من مجلة الاحوال الشخصية الموانع الشرعية للزواج بأنها مؤبدة ومؤقّتة ولا وجود لزواج المسلمة بغير المسلم ضمن موانع الزواج». حكم زواج المسلمة بغير المسلم في الشرع أجمع علماء الإسلام على تحريم زواج المسلمة من غير المسلم مهما كانت ديانته، وذلك إستنادا إلى قوله تعالى في سورة البقرة «وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ»، وهي دلالة قطعية على تحريم زواج المسلمة بغير المسلم، وهذا ما عليه إجماع لا لبس فيه، والمقصود بغير المسلم، هو كل كافر أو مشرك سواء كان من الوثنيين أو المجوس أو من أهل الكتاب، وبالتالي فإن الشرع الإسلامي يحرم زواج المسلمة بغير المسلم.