بالتوازي مع الانطلاق في تحقيق الانتقال الديمقراطي الذي ميز السنة المذكورة ، عرف الثلاثي الأخير من سنة 2014 تسجيل عدة مستجدات خارجية وداخلية تواصلت خلال الأشهر الأولى من سنة 2015 وتستدعي ضرورة مراجعة التوازنات الكلية للاقتصاد الوطني عامةوتوازنات المالية العمومية خاصة للحفاظ على سلامتها وديمومتها من جهة واعتماد برنامج لمساندة ودعم الحركة الاقتصادية من خلال إجراءات استثنائية من جهة أخرى. وتميزت النتائج المسجلة خلال الخمسة أشهر الأولى من سنة 2015 وفق معطيات رسمية من الدوائر الحكومية بانخفاض نسق النمو من 2.4 بالمائة خلال الثلاثي الأول من السنة الماضية إلى 1.7 بالمائة خلال الثلاثي الأول من سنة 2015. ويهم الانخفاض بالخصوص الصناعات غير المعملية (-3.7 بالمائة مقابل-1.6 بالمائة )والخدمات المسوقة ( 1.6 بالمائة مقابل 3.0 بالمائة ). و ينتظر أن تتراجع نسبة النمو لسنة 2015 من 3 بالمائة مقدرة إلى حوالي 0.9 بالمائة وذلك بالعلاقة أساسا مع انعكاسات العمليات الإرهابية خاصة عملية باردو( 18 مارس)وعملية سوسة ( 26 جوان). كما اتسم الوضع بانخفاض أسعار النفط في السوق العالمية بحوالي 47.4 بالمائة ليبلغ المعدل منذ بداية السنة إلى موفى شهر ماي 2015 مستوى 57 دولارا للبرميل مقابل 108.4 دولار في نفس الفترة من سنة 2014 ومقابل 95 دولار مقدرة في إطار قانون المالية. وبالرغم من ارتفاع سعر صرف الدولار، فقد ساهم انخفاض سعر النفط إلى موفى جوان 2015 في انخفاض صادرات الطاقة ب 41.0 بالمائة ووارداتها ب 15.2 بالمائة . كما ارتفع مستوى معدل سعر صرف الدولار مقابل الدينار بنسبة 20.8 بالمائة ليبلغ المعدل خلال الخمسة أشهر الأولى من سنة 2015 مستوى 1.938 دينار للدولار مقابل 1.604 دينار خلال نفس الفترة من سنة 2014و1.800 دينار للدولار معتمدة في إطار قانون المالية الأصلي. تواضع العائدات الجبائية ويظهر من خلال تنفيذ ميزانية الدولة لسنة 2015 وإلى موفى شهر ماي في مستوى الموارد، ضعف تطور الاستخلاصات الجبائية إلى موفى ماي 2015 حيث سجلت الموارد الجبائية زيادة بنسبة 2.3 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2014 وهو نسق دون المستوى المنتظر( 6.7 بالمائة مقدرة لكامل سنة 2015). ويفسر بطء النسق بعدة عوامل منها بالخصوص انخفاض نسق النمو، وانخفاض حجم واردات السلع الموجهة للسوق الداخلية (- 5.1 بالمائة ) مما ترتب عنه انخفاض الجباية المرتبطة بالتوريد بنسبة 3.7 بالمائة إلى جانب انخفاض أسعار النفط الذي انعكس سلبا على جباية الشركات البترولية. وتمت في هذا الإطار تعبئة موارد غير جبائية إلى موفى ماي 2015 الى حد 667 م.د متأتية أساسا من عائدات المساهمات ( 189 م.د ) واستخلاص القروض أصلا وفائدة لدى المؤسسات العمومية (82 م د)وهبات خارجية ( 97 م.د من الجزائر ما يعادل 50 مليون دولار)وتسوية الصندوق الوطني للتأمين على المرض قسطا من متخلداته (66 م د) . وتجدر الإشارة إلى تسجيل انخفاض هام لعائدات أنبوب الغاز العابر للبلاد التونسية (18 م د مقابل 89 م د في ماي 2014 ومقابل 242 م د مقدرة لكامل السنة) بالعلاقة مع انخفاض كمية الغاز الجزائري العابر إلى أوروبا بنسبة تناهز 60 بالمائة . وتم في إطار تنفيذ الميزانية تعبئة إقتراضات في حدود 3020 م.د من مصادر خارجية (2366 م د) وإصدارات داخلية (654 م د) إلى موفى ماي 2015 مقابل 7405 م.د مقدرة بقانون المالية الأصلي. وتتضمن هذه الإقتراضات مبلغ 1892 م د بعنوان القرض الرقاعي الذي تم إصداره على السوق المالية العالمية في شهر جانفي 2015 . انخفاض النفقات أما على مستوى النفقات فقد انخفضت نفقات التصرف ب 1 بالمائة إلى موفى ماي 2015 مقابل زيادة ب 9.6 بالمائة لنفس الفترة من سنة 2014. و يفسر هذا الانخفاض بتراجع نفقات الدعم ( المواد الأساسية والطاقة ) ب 45 بالمائة من جراء انخفاض الأسعار العالمية وذلك بالرغم من ارتفاع معدل صرف الدولار. و باستثناء نفقات الدعم، فقد تطورت نفقات التصرف ب 7.6 بالمائة تبعا أساسا لارتفاع نفقات الأجور ب 8.6 بالمائة ونفقات الوسائل والمصالح ب 11.6 بالمائة . كما تطورت نفقات التنمية ب 36.2 بالمائة إلى موفى ماي 2015 لتبلغ بذلك نسبة انجاز في حدود 19 بالمائة من التقديرات مقابل 17 بالمائة في نفس الفترة من سنة 2014. غير أن هذه النسبة ( 19 بالمائة ) تبقى دون المستوى المنتظر ( 42 بالمائة ) . ووقع أيضا تسديد مبلغ 2004 م د بعنوان خدمة الدين إلى موفى ماي 2015 ( 1267 م د بعنوان الأصل و737.م د بعنوان الفائدة ). على مستوى التوازن تم في هذا الجانب تسجيل عجز في حدود 100 م د خلال الخمسة أشهر الأولى من سنة 2015 مقابل فائض ب 71 م د خلال نفس الفترة من سنة 2014. علاوة على تطور حجم المديونية إلى موفى ماي 2015 بنسبة 8.3 بالمائة بالمقارنة مع نفس الفترة من سنة 2014 حيث ارتفع من 38325 م د الى 41495 م د.