التونسية (تونس) منذ ساعات الصّباح الأولى يتوافد حشود الأولياء على عجل باتجاه المحاضن بالعاصمة حتى يسلموا المشرفين عليها فلذات أكبادهم الرضع باحثين فيها عن الأمن والرعاية لينطلقوا بعدها للعمل أو قضاء شؤونهم . هذا يدفع عربة رضيعه باتجاه باب المحضنة وأخرى مثقلة بحمالة الرضع أمامها. وسيدة أخرى تقدم ملاحظاتها وتوصياتها لطاقم المحضنة بخصوص طفلها قبل مغادرة المكان والكل يهرول على عجل جيئة وذهابا. هذه صورة لبعض التونسيين الذين اختاروا لأسباب عديدة أهمها التزاماتهم المهنية أن يشرف آخرون على العناية بصغارهم الرضع. لكن مواقفهم اختلفت في هذا الروبرتاج الذي رصد مدى رضا الأولياء عن خدمات المحاضن خاصة مع كثرة الحوادث. استقبلتنا السيدة بن يحيا وهي مشرفة على إحدى المحاضن لها تجربة كبيرة في المجال حيث أكدت لنا أن العناية بالأطفال بصفة عامة أمر جد حساس ويتطلب خبرة ونضج ومعاملة معينة لكل طفل فما بالك بالرضع وعليه وجب التواصل اليومي مع الأولياء وتفعيل صيغة عمل مشتركة لبلوغ النتائج المرجوّة. وضعيات خارجة عن النطاق وأضافت السيدة بن يحيا بأن الرضع يدخلون الحضانة من السابعة صباحا ليغادروها السابعة مساءا وان غياب الاهتمام والنظام سيؤثر سلبا على نفسية الطفل وصحته كذلك ملاحظة أنه رغم كل الرقابة والحرص توجد وضعيات خارجة عن نطاق المشرفين على المحاضن خاصة مع وجود عدد بين 20 و 25 صغير في الآن ذاته . طول نفس السيدة سيرين الداهش أكدت من جانبها أن الإشراف على المحاضن أمر صعب ويتطلب حبا للمهنة وولعا بالأطفال وطول نفس وصبر نظرا لضرورة وجود اهتمام كبير بنظافة الرضيع وأكله وصحته ... مع وجوب توفر الشروط الملائمة في الحضانة و الطاقم المشرف عليها كانتمائهم لقطاع الصحة أو الطفولة وقدرتهم على القيام بالإسعافات الأولية مثلا ووعيهم بضرورة الانتباه للرضع حتى خلال فترات نومهم. وأضافت السيدة الداهش «أولاد الناس مسؤولية كبيرة والمسؤولية مضاعفة مع الرضع وننصح الأولياء بالتوجه لمحاضن معروفة ونظيفة وطاقمها مشكور» وأكدت محدثتنا أن توجه سلطة الإشراف كان يرتكز على الروضات دون المحاضن في حين أن الرقابة ضرورية للاثنين وخاصة للمحاضن التي تعتبر النواة الأولى والقاعدة في مجال العناية بالطفل مشيرة إلى أن قدوم احد المتفقدين إلى حضانتها مؤخرا أعاد لديها الأمل في وجود رقابة جيدة ومنتظمة لمحاضن الأطفال في الآونة الأخيرة. تجاوزات انتقلنا للحديث مع الأولياء الذين يجدون في المحاضن ملاذا لهم لتحمل مسؤولية رضيعهم في غيابهم فيما اختار آخرون حلولا أخرى لصغارهم. السيدة سلوى مثلا لها تجربة جد سيئة مع المحاضن حيث أكدت أن صغيرها تعرض للضرب من طرف احدى المشرفات و صار كثير الصراخ مما جعلها تعدل عن تركه في محضنة ,كما أشارت محدثتنا أيضا إلى غياب الرقابة الدورية في هذا المجال مما جعل الوضع يتفاقم في بعض المحاضن والروضات كذلك . السيدة بن فطيمة بدورها لها ما تضيف في الموضوع حيث أكدت أنها جد ممتنة للمشرفين على ابنها سلوكا وأخلاقا رغم سماعها لحالات غريبة من بعض الأقارب والأصدقاء الذين كانت لهم تجربة مغايرة تماما ومنها استعمال الأدوية المنومة والمهدئات لتفادي إزعاج الصغار وصراخهم ووصل الأمر لحد الضرب والتعنيف و التخويف كذلك. السيدة نفاتي بدورها أكدت رفضها وضع رضيعها بالمحاضن وتفضيلها إشراف والدتها على العناية به نظرا لعدم شعورها بالأمان.و أضافت قائلة «أحب أن اشرف بنفسي على تربية طفلي وفي غيابي أمي تتولى المسؤولية وفي حال صار ابني قادرا على الفهم والنطق يمكن أن أضعه في الروضة». صراخ السيدة مريم صاحبة محل للملابس الجاهزة أكدت من جهتها أنها اعتبرت في وقت ما أن الحل هو الحضانة لكن لم يتطلب الأمر إلا شهرين فقط لتعدل عن الفكرة حيث تدهورت حالة صغيرها وصار كثير الصراخ مما جعلها تجلب احدى السيدات الموثوقات وصاحبات الخبرة في تربية الرضع للعناية به. شهادة مغايرة أدلت بها السيدة زروق التي اثنت على الحضانة التي تتعامل معها والطاقم العامل بها ودرجة الاهتمام بالصغار هناك ,مؤكدة أن العلاقة بينها وبينهم صارت علاقة شخصية ومتينة أيضا حيث قالت «هناك الجيد والرديء في المحاضن وعلى الولي أن يجيد الاختيار لمصلحة طفله لكن في بعض الأحيان الميزانية العائلية هي الفيصل». استغلال فاحش السيدة نبيهة كمون رئيسة الغرفة الوطنية لرياض ومحاضن الأطفال أكدت ل «التونسية» وجود مشروع لوضع إستراتيجية للقطاع لمدة 5 سنوات رغم غياب إجراءات لفائدة المحاضن صلب التقرير الصادر عن الإدارة العامة للطفولة .أما بالنسبة لتشكيات الأولياء فقد أكدت محدثتنا أنهم أيضا مسؤولون عن الوضع نظرا لسوء اختيارهم للمحاضن المناسبة والمطابقة للشروط المعمول بها .وأضافت السيدة كمون «لا ننكر وجود استغلال مادي فاحش للأولياء ووجود شطط في الأسعار لكن في بعض المحاضن والتي لا تتجاوز 1 بالمائة من إجمالي المحاضن». سيطرة الخاص و بينت محدثتنا ان الغياب الكليّ للمحاضن الحكومية في كامل تراب الجمهورية دعّم سيطرة القطاع الخاص كما أدى إلىظهور محاضن عشوائية رغم سعي اللجان المعنيّة في كامل تراب الجمهورية للسيطرة عليها لكن النتائج كانت محدودة. وبالنسبة للرقابة على المحاضن أكدت السيدة كمون على وجود الرقابة لكنها ليست بالمستوى المطلوب و عزت ذلك للنقص الكبير في المربين البيداغوجيين والمتفقدين مقارنة بعدد المحاضن كما ذكرت أن الإدارة العامة للطفولة عاجزة عن السيطرة على الوضع المتدهور متسائلة عن الأسباب . وباتصالنا بوزارة المرأة و الأسرة و الطفولة لمزيد الاستفسار عن الموضوع لم نستطع الحصول على أيّة معلومات تذكر. إيناس