هناك تحسن على كل المستويات في آداء الترجي الرياضي خلال المقابلات الأخيرة مقارنة مع لقاءات كأس الإتحاد الإفريقي بفضل التعزيزات التي شهدتها المجموعة وما قدمه اللاعبون المنتدبون من إضافة تتأكد أكثر فأكثر بمرور المقابلات والجولات في بطولة هذا الموسم... إذن لم تكن النتائج الإيجابية المحققة خلال الجولات الثلاث الأخيرة من بطولة الرابطة المحترفة الأولى وليدة الصدفة بل إن بعض العناصر والعوامل من تعزيزات واختيارات ساهمت فيها وجعلت الفريق يتدارك عثرة الجولة الافتتاحية للبطولة كأحسن ما يكون... هذا الإستنتاج لا يشك فيه أحد ولا يختلف فيه اثنان ، لكن ما يجب أن لا يخفى على الترجيين وأن لا تحجبه النتائج الإيجابية المتتالية عن أعينهم هو أن هذه الانتصارات لا تعني بالمرة أن الترجي الرياضي بلغ المستوى الرفيع الذي يضمن له النجاح بصفة آلية أو أنه قضى على كل السلبيات ونقاط الضعف التي يشكو منها، فالأحمر والأصفر لا يزال في أول طريق عملية بناء الفريق العتيد الذي يخطط له رئيس النادي حمدي المدرب صحبة بعض المسؤولين القريبين منه ولا يزال هناك عمل كبير ينتظر الإطار الفني وكذلك مشوار طويل ينتظر اللاعبين الوافدين الجدد على حديقة الرياضة «ب» لبلوغ المستوى الذي يضمن فعلا للأحمر والأصفر الإنتصارات المقنعة وخاصة – وهذا هو الأهم - الإنتظام في النتائج والأداء على حد السواء... هذا ما لا يجب أن يتغافل عنه الترجيون لكن المهم والمطمئن كذلك بالنسبة لأبناء باب سويقة هو أن المدرب عمار السويّح المسؤول الفني رقم واحد في الفريق واع بذلك حيث لم تغالطه الانتصارات الأخيرة ولم تخف عنه نقاط الضعف بل هو يدرك جيّدا أن فريقه يشكو من بعض النقائص وأن لاعبيه يحتاجون إلى عمل كبير للوصول إلى المستوى الذي يليق بفريق كبير ويلبي طموحات عائلته الموسعة، هذا هو الشيء الأهم وهو الضامن لمزيد التطوّر والتحسّن. نجاعة أفضل بعد اللقاء الأخير في البطولة ضد النادي الرياضي لحمام الأنف وخلال دردشة معه أمام حجرات الملابس فإن أول كلام قاله لي المدرب عمار السويح يتعلق ببعض السلبيات التي يعمل على إصلاحها مستقبلا والمتمثلة أساسا في استغلال فترات القوة التي يمر بها فريقه خلال اللقاء والتحلي بنجاعة أفضل في اللمسة الأخيرة أمام شباك المنافس، كلام السويّح منطقي للغاية ففريق باب سويقة كان بإمكانه تسجيل على الأقل هدفين آخرين خلال الشوط الأول من مباراة الهمهاما الذي كانت فيه سيطرة زملاء حسين الراقد صاحب الهدف الأول كاملة خلقوا بفضلها ثلاث فرص واضحة سانحة للتهديف لكنهم لم يستغلوها وخرجوا من فترة قوتهم في هذا اللقاء بتقدم صغير لا يعكس مجريات الفترة الأولى من هذه المباراة... نفس الشيء حصل في الشوط الثاني بعد مضاعفة النتيجة حيث كان فريق باب سويقة قريبا من إضافة الهدف الثالث لكنه لم يوفق في ذلك ولم يستغل بن يوسف الفرصة السهلة التي توفرت له وسمح بذلك للنادي الرياضي لحمام الأنف من البقاء في اللقاء وتذليل الفارق والخروج بنتيجة ( 2 – 1 ) التي وبقطع النظر على النقاط الثلاث لم تكن منصفة للترجيين بالنظر إلى الفرص السانحة للتهديف ولم ترض عمار السويّح الذي كان يود أن يكون التعامل مع فترات القوة والفرص أفضل حتى يحقق فريقه انتصارات عريضة تزيده ثقة وراحة وتعطي للمجموعة دفعا أكبر يكون له اثر إيجابي جدا في المقابلات القادمة. الامتياز ل«كوليبالي»... نعود إلى العناصر التي تساهم بشكل ملحوظ في تطوّر آداء فريق باب سويقة لنبدأ بالإيفواري فوسيني كوليبالي الذي أعطى انضمامه إلى وسط الميدان توازنا كبيرا لهذا الخط ومنه للفريق ككل نظرا لتأثير مردود الوسط على آداء بقية الخطوط بحكم المهمة المزدوجة دفاعا وهجوما المطلوبة من اللاعبين... هذا اللاعب يمتاز أولا ببنية جسمانية قوية تسمح له بالفوز بأكبر مفتاح نجاح في كرة القدم وهو الحوارات الثنائية سواء الأرضية أو الفضائية وهذه هي أكبر وأول نقطة قوة لدى الإيفواري... كوليبالي يحسن الدفاع ويفتك العديد من الكرات في كل لقاء والفضل في ذلك يعود إلى ذكائه في حسن التمركز عند فقدان الكرة وقراءة جيّدة للعب ثم - وهنا تكمن الإضافة التي لا يملكها زملاؤه في هذا الخط – يتمتع كوليبالي بفنيات عالية تمكّنه من النجاح في عملية تصعيد الكرة وتأمين بداية الهجمة بالصفة اللازمة التي تضمن وصول الكرة بالدقة المطلوبة للمهاجمين وتخلق الخطر على الدفاعات المنافسة، الإيفواري مفيد جدا في الكرات الثابتة وكان وراء اقتناص كرات دفاعية عديدة أبعدت الخطر على مرمى الترجيين، وفي كلمة فإن الإمتياز على المستوى الفردي في الترجي الرياضي يعود إلى كوليبالي. اللاعب الثاني الذي أظهر تطوّرا كبيرا جدا خلال لقائي بن قردان والهمهاما على وجه الخصوص هو علي المشاني الذي تميّز باندفاع أكبر في المقابلتين المذكورتين وهذا ما أهله إلى التغلب عن المهاجمين في الحوارات الثنائية وهو ما أعطى القوة التي كان يفتقدها الخط الخلفي للترجي الرياضي وجعلت مهاجمي الفرق المقابلة لا تخشى شيئا عند دخول مناطقه، المشاني تحسن أيضا على مستوى تصعيد الكرة حيث أصبحت بداية الهجمة من الخلف أسرع وأدق وهذا ربما ما ساهم أيضا في تطوّر آداء الترجيين، الواضح والأكيد هو أن قائد المنتخب الأولمبي التونسي بدأ يكسب الثقة التي تصنع الفارق في النوادي الكبرى لأنها تفرّق بين اللاعب «الكبير» واللاعب المتوسط وتضمن ظهور أي عنصر بمستوى رفيع يسمح له بتقديم الإضافة... تطرقنا إلى كوليبالي والمشاني لا يعني أن بقية اللاعبين لم يفيدوا الترجي الرياضي إذ يمكن ذكر الخنيسي الذي أعطى العمق الهجومي المطلوب للفريق ويملك حاسة التهديف التي ستقضي بمرور المقابلات على نسبة كبيرة من العقم الهجومي، كذلك مردود الذوادي الطيب والذي منحه الأفضلية مقارنة مع اليعقوبي وكان لدخوله وقع إيجابي على آداء خط الدفاع ككل. من جهة أخرى لا يمكن الحديث عن مباراة الترجي الرياضي الأخيرة دون توجيه تحية خاصة للحارس الشاب وسيم القروي الذي لم يبلغ بعد 18 سنة وهو بالتالي أصغر حارس يدافع على شباك الأحمر والأصفر عبر تاريخه ولم يمنعه صغر سنه ولا قلة الخبرة ولا ثقل المسؤولية من تقديم مقابلة مقبولة دون أخطاء كان خلالها عند حسن ظن الجميع مؤشرا بالمناسبة إلى مستقبل كبير في مرمى شيخ الأندية التونسية، طبعا لا يجب أن يحرق هذا الحارس المراحل فهذا ليس من مصلحته لكنه في المقابل يمثل حلا مناسبا للإطار الفني عند الحاجة مثلما كان الأمر أول أمس. «الرجايبي» و«بن يوسف» مطالبان بالأفضل مقابل كل هذه الإيجابيات التي ساهمت في النقلة النوعية التي ميّزت آداء ونتائج الترجي الرياضي في المباريات الثلاث الأخيرة فإن مردود بعض اللاعبين لم يرتق بعد إلى مستوى الإنتظارات خصوصا بعض الأسماء التي تملك كل الإمكانيات التي تسمح لها بإفادة الترجي الرياضي بشكل كبير مثل فخر الدين بن يوسف وآدم الرجايبي، فهذا الثنائي يمكن أن يشكل أكبر نقطة قوة في هجوم الترجي الرياضي وأن يصنع الفارق بشكل كامل وخاصة بانتظام كبير سواء في اللقاء الواحد أو على امتداد الموسم ككل... صحيح أن بن يوسف كان وراء ضربة الجزاء التي كان بإمكان الترجيين أن يعودوا بها في النتيجة في مباراة الجولة الإفتتاحية في المرسى وصحيح أيضا انه كان أول امس صاحب التمريرة الحاسمة التي مكنت الخنيسي من تسجيل الهدف الثاني لكن الثابت والأكيد كذلك أن هذا اللاعب ينتظر منها إضافة كاملة ومتواصلة يحسم بها انتصارت فريقه... بالنسبة للرجايبي فقد كان دخوله في الشوط الثاني من مباراة المرسى مفيدا وكان مردوده خلال الشوط الأول من لقاء المتلوي طيبا لكن اتسم بعقم هجومي كاد أن يدفع الترجي الرياضي ثمنه غاليا في الفترة الثانية من هذه المقابلة ولم يكن في المستوى المطلوب في مباراتي بن قردان والهمهاما وكانت عملية تبديله معقولة بل وضرورية... تركيزنا على هذا الثنائي يعود إلى إيماننا بإمكنيات هذين اللاعبين وبالتالي قدرتهما على تقديم الأفضل لفريق باب سويقة وخاصة تشكيل القوة الهجومية الضاربة للأحمر والأصفر.