(تونس) دافع الرئيس الباجي القائد السبسي عن خياراته بالتحالف مع حركة «النهضة» وآختيار الحبيب الصيد رئيسا للحكومة. وأكد الباجي قائد السبسي، في حديث حصري لمجلّة «ليدرز»، بأنها اختيارات فرضتها الضرورة ولكنّها في نظره حقّقت جدواها مؤكدا إنه بقدر ما كانت سنة 2015 صعبة جدّا تخللتها عمليّات إرهابية مؤلمة، انعكست سلبا على الاقتصاد الوطني، بقدر ما يتطلع إلى أن تكون سنة 2016 سنة أمن واستقرار وانتعاشة اقتصادية. واعتبر الباجي قائد السبسي ان زيارته إلى المملكة العربيّة السعوديّة كانت جيِّدة وممتازة قائلا «حظينا بحفاوة بالغة من لدُنْ جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز الذي غمرنا حقيقة بلطفه وبمحبّته لتونس. لا غرابة إطلاقا أن يصدر ذلك عن نجل الملك عبد العزيز آل سعود، أحد أكبر أصدقاء بورقيبة الذي كان استقبله قبل ستين سنة... بين البلدين علاقات متينة، علاقات تضامن»، مشيرا الى ان المستقبل القريب سيكون مُبشِّرا بنتائج جيدة وبتعاون مثمر مؤكدا ان المملكة العربيّة السعوديّة لم تتخلف عن تأكيد تضامنها مجددا مع تونس. 2015 صعبة جدا واوضح رئيس الجمهورية ان سنة 2015، السنة الأولى لتوليه مقاليد الحكم، كانت سنة صعبة للغاية قائلا «وجدنا أنفسنا إزاء وضع في منتهى الدقة، وأكثر بكثير ممّا كان متوقعا. وكان لا بدّ من مواجهة جملة من الأمور الاستعجالية بلا انتظار. وكان الإرهاب من بين أشدّ هذه الأمور خطورة، فقد اكتوت تونس بنيرانه في ثلاث مرّات على الأقل. حصل ذلك مرّة أولى في باردو حيث استهدف الإرهاب حضارتنا وثقافتنا وكذلك السياحة وهي أحد الركائز التي يقوم عليها اقتصاد البلد. في المرة الثانية ضرب الإرهاب في سوسة مستهدفا السياحة مرة أخرى من خلال هجمته على ضيوفنا. وفي المرة الثالثة، استهدف الإرهاب عناصر من الحرس الرئاسي في سعي إلى مهاجمة الدولة بشكل مباشر. لكن الدولة ظلت واقفة، وستظل واقفة ثابتة على الدوام، كما كان ذلك شأنها دائماً ومنذ ما يزيد عن 3000 سنة». تونس استعادت مكانتها من جهة اخرى، اكد رئيس الجمهورية ان تونس استعادت مكانتها في محفل الأمم مشيرا الى انه قام بزيارات عديدة للخارج، واستقْبَل في تونس عددا من قادة البلدان الشقيقة والصديقة، مضيفا «علاقاتنا مع الشقيقة الجزائر ممتازة، ويوجد تعاون وثيق بيننا في التصدي للإرهاب، والحدود بيننا مؤمَّنة. قمت كذلك بزيارة هامة الى الولاياتالمتحدة، هي الثانية التي أؤديها إلى هذا البلد في عهد الرئيس أوباما، من أجل توثيق العلاقات التقليدية القائمة بين بلدينا وإدراجها في سياق مستقبلي أرحب. وكانت زيارة الدولة التي قمت بها إلى فرنسا - وهي شريكنا الاقتصادي الأوّل وطرف مهم صُلْبَ الاتحاد الاوروبي - علامة متميزة في مسار علاقاتنا، كما هو الشأن تماما بالنسبة إلى مشاركتنا في قمة مجموعة السبع الملتئمة برئاسة المستشارة الألمانية ميركل. ويكتسي التعاون مع القوى العالمية السبع الكبرى أهمية بالغة. ثم إني استجبت لدعوات صدرت عن الرئيس عبد الفتاح السيسي كي أقوم بزيارة إلى مصر، ومن جلالة الملك عبد الله كي أقوم بزيارة إلى المملكة الهاشمية ومن الملك كارل السادس عشر غوستاف لزيارة السويد... وكانت كلها مناسبات سانحة لإعادة ترتيب علاقاتنا الديبلوماسية، ولاستعادة الديبلوماسية التونسية بريقها». 2016 أفضل وقال رئيس الجمهورية أنه يتطلع لأن تكون سنة 2016 أفضل من السنوات السابقة قائلا: « نحرص بجَدٍّ على أن تكون كذلك. وحري بالتونسيين أن يتحركوا من أجل إخراج البلد من عنق الزجاجة. لكننا نقدر مع ذلك أننا أنهينا سنة 2015 في ظروف طيبة، واهتدينا إلى نوع من الوفاق ساعدنا على تحقيق نتائج لا بأس بها. حققنا إنجازات كبرى يمكن أن نذكر من بينها السلم الاجتماعية التي أتاحتها العديد من الاتفاقات، وكذلك حصولنا على جائزة نوبل للسلام التي جاءت لتكرس ديناميكية الوفاق واختيار سبيل الحوار والتشاور واعتماده أسلوبا ومنهجا». وحول المشهد السياسي في تونس، اكد الباجي قائد السبسي ان هناك في تونس حكومة ائتلاف تعمل بشكل جيّد.وقال نحترم المعارضة ونرغب في أن تبادلنا بدورها الاحترام. أما بالنسبة إلى «النهضة»، فإن المسألة لا تطرح بالشكل الذي أشرتَ إليه، في الانتخابات الرئاسية هنالك فائز واحد، أما في التشريعية فقد حازت أربعة أحزاب قصب السبق. هذه الأحزاب تمثل إرادة الناخبين. «حزب النداء» احتل المرتبة الأولى ب89 مقعدا، تليه «النهضة»ب 69 مقعدا، فحزبا الاتحاد الوطني الحرّ وآفاق تونس. وكان لزاما علينا أن نأخذ حكم الصندوق واختيار الشعب في الاعتبار، فالسيادة للشعب وحده. والشعب عيّن أربعة أحزاب في أعلى الترتيب، وليس لنا من خيار آخر غير احترام قراره، وهو قرار وافق عليه مجلس نواب الشعب وذلك في غياب أغلبية مطلقة من نصيب حزب بعينه. لقد أراد الشعب من خلال قراره هذا أن يبعث برسالة استقرار، ولا بد أن نأخذها في الاعتبار. اختيار وجيه وعن اختيار رئيس الحكومة، قال الباجي قائد السبسي ان الحبيب الصيد شخصيّة مستقلة لا تنتمي لأيّ حزب، لكن كلّ الاحزاب تساندها مضيفا ان «هذا الاختيار وجيه. لقد اتهمونا في الماضي ولمدة طويلة بأننا نريد احتكار الحياة السياسية. لكن« نداء تونس» أعطى درسا جيّدا حينما اقترح لتشكيل الحكومة شخصيّة غير منبثقة من صفوفه، وهنا يكمن حقيقة سرّ نجاح هذه الحكومة». الباجي متفائل وعبر الباجي قائد السبسي في ختام حواره مع مجلة «ليدرز» انه متفائل جدّا بان تونس ستخرج من عنق الزجاجة قائلا «لو اعتراني أقل شك، لما رشحت نفسي للانتخابات الرئاسيّة. وإني لعلى قناعة بأن تونس ستخرج من الوضع الذي هي فيه، وستتقدم إلى الأمام على درب تدعيم الديمقراطية. وهنا يكمن التحدي الأصعب. دأبُنا أن نكرِّس الديمقراطية في حياتنا اليومية، ولن يتحقق ذلك إلَّا بمشيئة كل أبناء تونس، بلا إقصاء، ما عدا أولائك الذين يقصون أنفسهم بأنفسهم. فأهلا وسهلا بكل الذين يأنسون في أنفسهم القدرة على الإسهام في ازدهار تونس وفي رخائها».