منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    تونس تصدر موقفا بخصوص فشل مجلس الامن الدولي في اقرار عضوية دولة فلسطين الكاملة    ابداع في الامتحانات مقابل حوادث مروعة في الطرقات.. «الباك سبور» يثير الجدل    قبل الهجوم الصهيوني الوشيك ...رفح تناشد العالم منعا للمذبحة    أخبار الترجي الرياضي .. أفضلية ترجية وخطة متوازنة    وزير الشباب والرياضة: نحو منح الشباب المُتطوع 'بطاقة المتطوع'    بعد القبض على 3 قيادات في 24 ساعة وحجز أحزمة ناسفة ..«الدواعش» خطّطوا لتفجيرات في تونس    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    انطلاق الموسم السياحي بتونس.. «معا للفنّ المعاصر» في دورته السادسة    الجم...الأيّام الرّومانيّة تيسدروس في نسختها السابعة.. إحياء لذاكرة الألعاب الأولمبيّة القديمة    القصرين..سيتخصّص في أدوية «السرطان» والأمراض المستعصية.. نحو إحداث مركز لتوزيع الأدوية الخصوصيّة    بكل هدوء …الي السيد عبد العزيز المخلوفي رئيس النادي الصفاقسي    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    توقيع مذكرة تفاهم بين تونس و 'الكيبيك' في مجال مكافحة الجرائم الالكترونية    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    عاجل/ محاولة تلميذ الاعتداء على أستاذه: مندوب التربية بالقيروان يكشف تفاصيلا جديدة    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    ماذا في اجتماع وزيرة الصناعة بوفد عن الشركة الصينية الناشطة في مجال إنتاج الفسفاط؟    عاجل/ هذا ما تقرّر بخصوص زيارة الغريبة لهذا العام    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    عاجل/ تعيين مديرتين عامتين على رأس معهد باستور وديوان المياه    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    النادي البنزرتي وقوافل قفصة يتأهلان إلى الدور الثمن النهائي لكاس تونس    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 5 آخرين في حادث مرور    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    عاجل/ انتخاب عماد الدربالي رئيسا لمجلس الجهات والأقاليم    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    وزارة التربية تقرر إرجاع المبالغ المقتطعة من أجور أساتذة على خلفية هذا الاحتجاج ّ    برنامج الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    عاجل: زلزال يضرب تركيا    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    القيروان: هذا ما جاء في إعترافات التلميذ الذي حاول طعن أستاذه    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا يرفض «التوانسة» زواج بناتهم بغير المسلم؟
نشر في التونسية يوم 17 - 01 - 2016


ماذا يقول الدّين وفقهاء القضاء؟
سرّ تحريم الاسلام زواج المسلمة من غير المسلم
واحدة تزوجت أمريكي: «دولار التونسي طايح.. وخلّي يقولو آش يهم»
أخرى طلقها أهلها إلى الأبد
الاسلام «المضروب» مرفوض
تحقيق: أسماء وهاجر
يعدّ الزواج المختلط بين معتنقي الديانات المختلفة من أكثر المواضيع الحساسة لأنه لا ينظر اليه من زاوية الرضا في العقود وممارسة الحريات الشخصية وإنما من زاوية عقائدية بحتة بمعنى من ناحية تحريم قطعي يقابله تصلب اجتماعي حتى في صورة اعلان الزوج غير المسلم اسلامه أمام دار الافتاء حيث ينظر إلى المسألة على أنها عملية تصحيح إداري ينال مقابلها شهادة مبايعة تسلم له بعد شهر الأجل الأدبي المناسب للتنسيق مع سفارة بلده وأنّ مثل هذه الزيجات تظلّ أقرب في شكلها للزنا ولعلاقة المخادنة ويقصى أصحابها ولوفعلوا المستحيل ...
وقد يتبادر إلى الذهن سؤال عن سر الاقبال سرا وعلنا على هذا النوع من الزيجات في ظل معاناة الاقصاء التي لا تنتهي ولو مع تزكية البعض؟ إقصاء يراه البعض مبالغا فيه لأن قراءة النصوص على ضوء التطورات الحاصلة فندت وأضعفت من حدود هذا التحريم وتعتبر أن الأمر ممكن وأنّ في التحريم القطعي تجاوز لمقاصد الإسلام الحقيقية.. وهوالتخفيف الذي اعتمدته المحاكم حديثا وهي تعالج مسألة الحرمان من الميراث بسبب اختلاف الملّة..
«التونسية» رصدت شهادات حيّة لنساء عشن التجربة وتذوقن مرارتها واستقت آراء أهل فقه القضاء ورأي الدين في الموضوع.
لم تكن تتصور انها ستتزوج من ايطالي لكن للقدر أحكامه. فبعد 13سنة بطالة ذاقت خلالها كل أنواع المهانات والمرارات لم يبق لها غير تنظيم رحلة حرقان عبر «النات» فأرشدها أحد أصدقائها عن موقع لرجال معاقين أوروبيين يبحثون عن زوجات فلم تتأخّر في الاتصال بأحدهم رغم العيوب الشكلية الفادحة التي كان يعاني منها. وانطلقت عملية التواصل وكان نصيبها رجلا قصيرا جدا لكنه يتمتّع بتغطية اجتماعية هامة وله كل وسائل الرفاهة فتبادلا الرضا على الزواج دون أن تفكر في عائق الدين والمجتمع معتبرة أن مسألة العقيدة مسألة شخصية وأن الضرورات تبيح المحظورات وأن المجتمع لم يفكر فيها ولم يرحمها حتى تفكر فيه وتجعله طرفا في حسابات قرارها.. لا تنفي هذه المرأة أن زواجها من غير مسلم كلفها عائلتها ووطنها وربطها بغربة قد تكون أبدية وكأنها في منفى.. لكنها في المقابل نجت من كابوس البطالة والعجز وهي ترى أنّ زواجها من غير المسلم حصّنها ضدّ «عقود المجالسة» بلبنان وحماها من أن تظلّ حبيسة الحاجة أوتضطرّ لبيع شرفها أوتشتغل كمعينة منزلية بأجر زهيد.. وهي ترى أن المجتمع اولى أن يحاسب نفسه لأنه دفع بإهماله وتجاهله آلاف الشباب إلى غياهب المجهول.. وهي لا تنفي أن ما فعلته مخالف للشرع لكنها تؤكّد أن الله وحده هوالذي يحكم على النوايا وأنها عازمة على اقناع زوجها بطريقة غير مباشرة للدخول في الدين الإسلامي. أما اذا صادف وأنجبت أبناء فمبدؤها هوحرية المعتقد وأنّه لا يمكنها أن تتحمل وزرا باعتبار أن الشريعة نفسها أدرجت ذلك في خانة الحرية الشخصيّة..
«خلّي يقولوآش يهم»
في اتجاه آخر اعتبرت فتاة أخرى أن كل شيء اليوم يدور في فلك بورصة المال والأعمال وأن «دولار» الشاب التونسي «طايح» متسائلة ماذا عساها أن تجني منه سوى لعنات الفقر و«مشّيلي ماعنديش»؟ لذلك كانت لعبتها وهي –خبيرة محاسبة- في البحث عن الشريك الذهبي ووجدت ضالّتها في شاب أمريكي الجنسية غير مسلم وهذا أمر لا يزعجها لأنه يندرج حسب رأيها ضمن ما يسمى بحرية الضمير وهي تعيش معه بلا منغّصات وبلا أيّ إزعاج فكل شيء متوفّر مشيرة إلى أنها لوتزوجت من شاب تونسي مسلم لبقيت تعاني معه سداد القروض التي لن تنتهي الى أن يلتهم اللحد جسدها.. وربما في تقديراتها أن عائلتها منزعجة جدا من هذه الزيجة لكنها تباركها ضمنيا وتتناسى شيئا فشيئا ما يقال عنها «فطلاسم المال وسحره أقوى» خاصة مع حجم الهدايا والمال الذي نالته من وراء هذه الزيجة. فالدين حسب رأيها لا يمثّل عائقا أمام العلاقات البشرية وتلاقح الثقافات والتعامل الايجابي مع الآخر وليس لأحد أن يرسم خطوط حياة غيره العريضة باسم استنباط الفتاوى والتحجج بالمقدس.. وتضيف أنها لديها العديد من الصديقات تونسيات مسلمات تزوّجن من أجانب وأنّهن سعيدات لايعرفن في حياتهنّ «قلاقل» المجتمع «وخلّي يقولوآش يهم».
امراة أخرى أكّدت أنها رياضية وأنّها ارتبطت بمدرّبها غير المسلم بقصة عشق انطلقت من خلال تطابق شكله مع صورة فارس أحلامها ظنت في البداية أن الأمر لا يعدوأن يكون اعجابا وانجذابا لكن مع استقرار الحالة وصل بها الأمر في احدى المرات حد التصريح له بمشاعرها الفياضة إلى أن أصبح يبادلها نفس الشعور وانتهى الأمر إلى اتفاق بينهما على الزواج.. لم يكن الأمر هيّنا مع والدها ذي الأصول الزيتونية وأمام رفضه جاهرت بمعارضته وأبرمت مع حبيب قلبها عقد زواج وكان الثمن القطيعة و«قلّة السماح» إلى يوم الدين... فلا لمة ولا دفء عائلي فحتى صوت والدتها واخوتها حرمت منه والتهمة مرتدة, كافرة, ملعونة...نعوت عمقت احساسها بالأزمة وجعلتها تسعى لفك الحصار الذي وضعه والدها. وبعد ست سنوات وبفضل وساطات قبل التفاوض في الأمر بشروط وهي أن يعلن زوجها اسلامه أمام «كبار الحومة» ورجال العائلة وأن يصلّي ويصوم. وللتثبّت من اسلامه والتحقق منه يجب أن يقوم بأركان الاسلام أمام عينيه وعيني «أهل الحل والعقد» لمدة تتجاوز خمس سنوات وهي شروط كانت مجحفة رفضها زوجها لينتهي الأمر إلى الانفصال عن عائلتها بالبينونة الكبرى – أي بدون رجعة- ...
اسلام «مخاوز» ...
في سياق متّصل بالموضوع اعتبرت احدى المتزوجات من اجنبي أن الاعراف الاجتماعية التونسية العميقة ترفض نهائيا أن تتزوج التونسية المسلمة بغير المسلم حتى لو أسلم ملاحظة أنّ ذلك ما رصدته من خلال تجربتها وتجربة صديقاتها فزوجها وهوفرنسي مسيحي تعرفت عليه أثناء اقامتها بفرنسا للدراسة وقد كان لها خير أنيس في غربتها ووحدتها فكانت كل صفاته النبيلة كفيلة أن تجعلها تقبل الزواج به خاصة وان كما هائلا من الشباب التونسي المسلم لا يمتلك من الاسلام سوى القشرة أما الصفات والقيم فلا يملك منها سوى «ماعون الصنعة» لايقاع الفتيات في شراكهم لتكتشف بعد الزواج كوابيس مرعبة. ونظرا لأنها كانت شديدة التعلّق بوطنها وأهلها فقد قبل زوجها بإعلان اسلامه أمام المفتي ولكن ذلك لم يحل المشكل حيث كذّبه والدها معتبرا أن الاسلام في القلب ويولد مع الإنسان وأن اسلامه مغشوش وغير حقيقي.. واستشهد بزوجة قريبته وهي ايطالية تزوجت من مسلم ورغم اعلان اسلامها فقد بنت في الحديقة بيتا صغيرا تمارس فيه طقوس المسيحية.. وأضاف قريب لها أن شكلية اعلان الاسلام بعيدة كل البعد عن كنه الاسلام الحقيقي قائلا إنّ أغلب الظن أنّ زوجها تحيّل على الدين وأن ذلك تحدّ للمسلمين ولعاداتهم وأعرافهم مضيفا: هي حرب صليبية «نظيفة» بدون سلاح يخوضونها بعقود زواج وبإسلام «مضروب» مؤكّدا أنه لا يصدق إسلام النصارى لأن من شب على دين المسيحية سيشيب عليه وأنها مرتدة لا ترث بحكم الشرع وأبناؤها اعداء للإسلام وكفار ومن غير ملّة المسلمين..
جدل كبير على صعيد فقه القضاء
وقد أثار موضوع الحق في الميراث بالنسبة للمتزوجات من غير المسلم جدلا كبيرا على صعيد فقه القضاء في ظل غموض النصوص التشريعية. فالفصل 88 من مجلة الاحوال الشخصية والاتجاه الأقدم والأسبق في الزمن، تزعمته محكمة التعقيب منذ سنة 1966 ولا تزال إحدى دوائرها وفيّة له مع ما بين القرارين من أحكام ابتدائية وقرارات استئنافية تنطلق من ذات القراءة لأحكام الفصل 88 من مجلة الأحوال الشخصية وهي إمكانية تأويل «من» التبعيضية بالرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية وبالتالي اعتبار اختلاف الدين مانعا من موانع الارث. وتتلخص وقائع القضية في أن «حورية» تزوّجت سنة 1945مواطنا فرنسيا وبعد وفاة أمها سنة 1964 طالبت «حورية» بنصيبها من ميراث أمها فنازعها أحد أشقائها في حقها لأنها تجنست بجنسية زوجها وحكم المتجنس بجنسية دولة غير مسلمة هوالردة التي توجب الحرمان من الميراث بالرّجوع إلى التشريع الإسلامي. ويلاحظ في هذه القضية أن النقاش تمحور حول تأويل أحكام الفصل 88 من مجلة الأحوال الشخصية: فوجهة النظر الأولى اعتبرت ان زواج حورية بغير مسلم يجعلها مرتدة، والردة واختلاف الدين هما من موانع الإرث ولوأن الفصل 88 لم يتعرض لهما صراحة لكن استخدام «من» التبعيضية يدل على أن المشرع لم يلغ الموانع الشرعية الأخرى. «فتزوج المسلمة بغير مسلم هي من المعاصي العظمى، كما لا جدال في أن الشريعة الإسلامية تعتبر الزواج باطلا من أساسه لكن مع ذلك لا تراه ردة إلا إذا ثبت أن الزوجة اعتنقت دين زوجها غير المسلم وهوما لم يثبت حتى يصح القول بأن حورية مرتدة». أما وجهة النظر الثانية فقد مثلها الدفاع الذي اعتبر ان تجنس «حورية» بالجنسية الفرنسية باختيارها يدل على نبذها البقاء تحت الأحكام الإسلامية ويجعلها مرتدة بالإجماع، وهوموقف جارته محكمة التعقيب من حيث المبدإ لكنها ردته باعتباره دفعا موضوعيا كان يجب التمسك به أمام قضاة الأصل. ويتضح مما سبق أن محكمة التعقيب تعاملت مع مسألة اعتبار الردة من موانع الإرث تطبيقا لأحكام الفصل 88 كأمر مفروغ منه لا يحتاج إلى جهد تأويلي. كما أنها وقعت في خلط خطير بين الجنسية والدين مع أن النيابة العامة في ملاحظاتها بينت أن الدين غير الجنسية. ومع كل ذلك فإن محكمة التعقيب برفضها مطلب التعقيب أصلا تكون قد أبقت على حق «حورية» في الإرث طبقا لما قضى به قضاة الأصل من أن مجلة الأحوال الشخصية لم تبن قواعد الميراث على اختلاف الأديان. وفي نزاع آخر تتلخص وقائعه في أن أشقاء الهالك وبعد 20 سنة من وفاة شقيقهم زوج المرأة «لويز شارلوت» عمدوا إلى إقامة حجة وفاة ثانية أغفلوا فيها ذكر اسم الزوجة وسارعوا بإدراجها بالسجل العقاري فقامت الزوجة بقضية لدى المحكمة الابتدائية طالبة الحكم بإبطال حجة الوفاة الثانية وبصحة حجة الوفاة الأولى, لكن محكمتي البداية والاستئناف أيّدتا ما تمسك به المدعي عليهم وهم أشقاء المتوفي من أن المدعية وهي زوجة المتوفي غير مسلمة في حين أن الزوج المورث مسلم وأن اختلاف الدين مانع من الإرث بينهما وأن اعتناق الزوجة الدين الإسلامي وقع بعد وفاة الزوج اعتمادا على أن تاريخ الشهادة المسلمة لها في ذلك من مفتي الجمهورية هو2 أكتوبر 1979 في حين أن المورث مات قبل ذلك التاريخ. إلا أن محكمة التعقيب نقضت القرار الاستئنافي ولكن ليس على أساس عدم الأخذ باختلاف الدين، بل على العكس من ذلك يفهم من حيثيات هذا القرار أنها اعتبرت أن اختلاف الدين مانع من الميراث طالما أنها ركزت تحليلها على بيان القرائن المثبتة لإسلام الزوجة إذ اعتبرت محكمة التعقيب أن:«الطاعنة تمسكت بأنها عاشرت زوجها المسلم على دين الإسلام وكان على محكمة الموضوع التحقق من ذلك بجميع الوسائل ولاسيما أن قرينة تحرير حجة الوفاة الأولى بناء على طلب الطاعنة في شهر فيفري 1959 بمقتضى إذن من رئيس المحكمة الابتدائية وبواسطة عدلين عالمين بأحكام المواريث الشرعية وشهادة شاهدين مسلمين لا تخفى عنهما هذه الأحكام أيضا، كل ذلك يدل على أن الزوجة كانت مسلمة في تاريخ الوفاة، بالإضافة إلى أن بقية الورثة لم يعارضوا في إسلام الطاعنة واستحقاقها الميراث عند إقامة حجة الوفاة الأولى وسكتوا عن ذلك عشرين عاما، وطول مدة سكوتهم تثير الريبة في جدية أقوالهم الآن لأنها ترمي لمجرد جلب النفع لأصحابها». فالفصل 88 من مجلة الأحوال الشخصية وما أراده المشرع من سنه لهذا الفصل الذي وإن تعرض لصورة واحدة من موانع الإرث فإن تلك الصورة لم تكن واحدة حسب مقصد المشرّع إذ لم يأت النص بصورة محصورة وإنما بالإشارة إلى التبعيض... وأحال الفقهاء على المصادر التكميلية اذ يكون من الضروري الرجوع إلى مصادر الفصل وأهمها التشريع الإسلامي وخاصة المذهب المالكي واعتمادا على القاعدة الفقهية المالكية في أنه لا توارث بين ملّتين وقول الرسول لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم فإن اختلاف الديانة يصبح من موانع الإرث». هذا الموقف عرف تغيرا كبيرا نلمسه من خلال تمكين تونسي مسلم من ميراث شقيقته الفرنسية غير المسلمة وحيث اعتبرت المحكمة أنه على فرض مجاراتها لفكرة لسان الدفاع الرامية إلى حرمان المدّعى من الميراث تطبيقا لأحكام الفصل 88 من م.أ.ش. الذي يتضمن في طياته حسب رأيه أن لا توارث بين ملتين باعتبار أن المشرع قد نصّ في الفصل المذكور على مانع واحد هوالقتل وترك الاجتهاد في التعرف على بقية الموانع انطلاقا من التشريع الإسلامي الذي يعتبر المرجع الوحيد في تأويل نصوص مجلة الأحوال الشخصية وحيث أن وجوب الرجوع إلى الشريعة الإسلامية في تأويل مجلة الأحوال الشخصية لم يأت به نص وضعي مثلما تقر به بعض الأنظمة العربية الأخرى ولكنه إجراء عملت به المحاكم التونسية لما فيه من مصلحة واضحة في تقرير الحكم والوصول إلى الحل وحيث أن موانع الميراث محصورة بالعد وهي عدم الاستهلال والشك في من مات قبل الآخر واللعان والكفر والرق والزنا والقتل والمعبر عنه بالحروف الأولية لكل مانع «عش لك رزق» فعدم الاستهلال كمانع للميراث نصت عليه مجلة الأحوال الشخصية وكذلك الشك في من مات قبل الآخر والزنا أواللعان فقد أصبح في حكم العدم بعد أن وقع التخلي عن هذه المؤسسة في التشريع التونسي وكذلك الرق قد وقع إلغاؤه عالميا ولم يبق إلا القتل المنصوص على أحكامه بالفصل 88 وهكذا يتبين أنه لم يبق من تلك الموانع بدون تنصيص إلا الكفر. وقد اعتبر بعض الفقهاء أن كلمة «من» في ذلك النص تعني «البعض» أي «من» التبعيضية وأنه من العسير أن يحمل النص معنى لا يطيقه إذ أن المشرّع لو أراد التعريج ضمنيا على اختلاف الدين كمانع للميراث لنص عليه صراحة إذ لم يبق من الموانع غيره في التنظيم فضلا عن أن المشرّع قد وضع بعد كلمة «من» موانع الإرث المفهوم الذي أراده الفصل 88 من م.أ.ش. وهوالقتل العمد لا غير وهل يعقل أن يكون القتل العمد أشد من الكفر حتى ينتبه المشرع إلى الأول وينسى الثاني؟».
تحريم قطعي
يعتبر المجمع الإسلامي في احدى مداخلاته أن الإسلام يجيز زواج المسلم من غير المسلمة (مسيحية أويهودية) ولا يجيز زواج المسلمة من غير المسلم وللوهلة الأولى يُعد ذلك من قبيل عدم المساواة، ولكن إذا عرف السبب الحقيقى لذلك انتفى العجب ، وزال وَهْمُ انعدام المساواة فهناك وجهة نظر إسلامية في هذا الصدد توضح الحكمة في ذلك وكل تشريعات الإسلام مبنية على حكمة معينة ومصلحة حقيقية لكل الأطراف فالزواج فى الإسلام يقوم على «المودة والرحمة» والسكن النفسي ويحرص على أن تبنى الأسرة على أسس سليمة تضمن الاستمرار للعلاقة الزوجية. فالإسلام دين يحترم كل الأديان السماوية السابقة ويجعل الإيمان بالأنبياء السابقين جميعًا جزءاً لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية, وإذا تزوج مسلم من مسيحية أويهودية فإن المسلم مأمور باحترام عقيدتها، ولا يجوز له من وجهة النظر الإسلامية أن يمنعها من ممارسة شعائر دينها والذهاب من أجل ذلك إلى الكنيسة أوالمعبد, وهكذا يكفل الإسلام توفير عنصر الاحترام من جانب الزوج لعقيدة زوجته وعبادتها وفي ذلك ضمان وحماية للأسرة من الانهيار. أما إذا تزوج غير مسلم من مسلمة فإن عنصر الاحترام لعقيدة الزوجة يكون مفقودًا فالمسلم يؤمن بالأديان السابقة، وبأنبياء الله السابقين، ويحترمهم ويوقرهم، ولكن غير المسلم لا يؤمن بنبيّ الإسلام ولا يعترف به، بل يعتبره نبيًّا زائفًا وَيُصَدِّق في العادة كل ما يشاع ضد الإسلام وضد نبيّ الإسلام من افتراءات وأكاذيب، وما أكثر ما يشاع وحتى إذا لم يصرح الزوج غير المسلم بذلك أمام زوجته فإنها ستظل تعيش تحت وطأة شعور عدم الاحترام من جانب زوجها لعقيدتها وهذا أمر لا تجدي فيه كلمات الترضية والمجاملة فالقضية قضية مبدإ وعنصر الاحترام المتبادل بين الزوج والزوجة أساس لاستمرار العلاقة الزوجية وقد كان الإسلام منطقيًّا مع نفسه حين حرّم زواج المسلم من غير المسلمة التي تدين بدين غير المسيحية واليهودية، وذلك لنفس السبب الذي من أجله حرّم زواج المسلمة بغير المسلم.
فالمسلم لا يؤمن إلا بالأديان السماوية وما عداها تُعد أديانًا بشرية فعنصر التوقير والاحترام لعقيدة الزوجة في هذه الحالة بعيدًا عن المجاملات يكون مفقودًا وهذا يؤثر سلبًا على العلاقة الزوجية ، ولا يحقق « المودة والرحمة» المطلوبتين في العلاقة الزوجية ...كما أن المرأة المسلمة إذا تزوجت من غير المسلم فهي بصدد تعزيز صفوف الشق غير المسلم وأبناؤها غرباء عن الاسلام لكن هناك قراءات أخرى تعتبر أن علة التحريم في تزويج المسلمة بغير المسلم مردها قراءة للنصوص الشرعية على ضوء مسلّمات.
الاعتبارات الاجتماعية هي سبب التحريم
في اتجاه آخر تعتبر الأستاذة الباحثة آمال القرامي أن المجتمعات الإسلامية المعاصرة تشهد صراعا حادّا بين أنصار الحداثة الذين يكرّسون جهودهم لتجديد بنى المجتمع، وقراءة تراثه قراءة تراعي المستجدات، وتؤمن بضرورة إقرار الحريّات الأساسية وإرساء حقوق الإنسان، ودعاة العودة إلى «الإسلام الحق» الذين يلحون على أنّ اختيارهم هوالسبيل الوحيد لإنقاذ الأمّة وتحقيق الرقي، وذلك لأنّهم وحدهم العليمون بكنه النص فلا غرو إذن أن يكثر الجدل ويشتد النزاع حول جملة من القضايا المطروحة اليوم على الفكر الإسلامي والتي باتت تتطلّب حلولا جذرية وحسما قاطعا. ولعلّ أهمّ هذه المسائل ما يترتب عن ثنائية الفقه الإسلامي والقوانين الوضعية ولعل قضية زواج المسلمة بغير المسلم أثارت ردود فعل متباينة خاصة بعد أن صادقت مثلا تونس في 4 ماي 1967 على اتفاقية نيويورك التي بمقتضاها تمنح المرأة حريّة التزوج بمن تختار دون أيّ اعتبار للجنس والعنصر والدين ولقد انقسم المفكّرون المحدثون إلى فريقين: فئة تمسّكت بموقف الإباحة ونادت بضرورة تمكين المرأة من حقها في اختيار شريك حياتها دون وصاية مثلما هوالحال بالنسبة للرجل ودعت إلى القضاء على التناقض الذي توسم به جملة من النصوص التشريعية الحديثة. أمّا الفئة الثانية فقد أصرّت على تحريم هذا النوع من الزواج محتجّة بنصوص قرآنية وأحكام فقهيّة وفتاوي، مغلّبة الاعتبارات الاجتماعية ولا خفاء أنّ تلمّس أبعاد هذه المسألة يكون أوّلا بعرض ما احتوى عليه النصّ التأسيسي من آيات تتعلق بزواج المسلمة بغير المسلم, اذ جاء في القرآن: «وَلاَ تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنْكِحُوا المُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللهُ يَدْعُوإِلَى الجَنَّةِ وَالمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ». من الواضح أنّ الخطاب في هذه الآية متعلّق أساسا بالمشركين والنهي فيه يتوجه إلى الرجال والنساء على حدّ السواء، ولكن كيف كان فهم المفسّرين القدامى لهذه الآية؟
كان اهتمام هؤلاء منصبا على القسم الأول من الآية، إذ أنّهم ذكروا سبب النزول وفصّلوا القول في مفهوم المشركات، فإذا هنّ حسب البعض المشركات من أهل مكّة، أي من أهل الحرب، بينما ذهب آخرون إلى أنّ المشركات هنّ من العرب الذين ليس فيهم كتاب . ورأت فئة أخرى أنّ المشركين هم عبدة الأوثان، واعتبرت فئة أخرى أنّ المشرك هوالكافر سواء كان كتابيا، أوغيركتابي فلا مراء أنّ المدوّنين والعلماء أضفوا على هذه الروايات وغيرها مسحة من القداسة ورفعوها إلى مستوى الأحاديث المسندة. وممّا لا شك فيه أنّ حرص القدامى على المنافحة على الإسلام هوالذي جعلهم يعتبرون أنّ ما فعله الجيل الأوّل هوعين الحقّ وما على الخلف إلاّ الاهتداء بهديهم والسير على نهجهم والخضوع لأحكامهم. وهكذا ارتقت هذه الاجتهادات إلى مستوى المقدّس وصارت حجّة قاطعة ملزمة. كيف لا وهي تجسّد القيم المشتركة وتشعر الفرد بانتمائه إلى أمّة تعتمد على مثال أعلى ومن ثمّة تنصهر الجماعة في بعضها البعض، ويلتحم بعضهم ببعض فما يجب أن تكون عليه العلاقة بين المسلم و«الكافر» كما هومعلوم نزل القرآن في احداثيات الزمان والمكان، وفي وسط سيطرت عليه الوثنية وقد عبّرت عديد الآيات عن هذه الحقيقة وحثّت المؤمنين على جهاد المشركين والابتعاد عن أهل الزيغ والضلال...
إنّ «القرآن والسنّة» نصّان مؤسّسان لرؤية جديدة للكون والمجتمع والسلوك وذلك بالفعل في الواقع، أي عبر تركيز مفاهيم وتصورات ومبادئ خاصة مقابلة لتلك التي كانت سائدة ضمنه وبذلك تغدوالجاهلية «ما قد سلف». فإن كان الجاهلي قد احتك باليهود والنصارى وغيرهم وصاهرهم مؤثرا الزواج بالأباعد أحيانا على الزواج بالأقارب، فإنّ الوضع الجديد الحريص على تميّز المنظومة المحدثة سيدفع المسلم إلى التساؤل عن «شرعية» التواصل مع «الآخر» وحدود العلاقة التي ستربطه به. لقد تعددت النّصوص التي تشعر المسلمين بأنّهم يكوّنون مجموعة اجتماعيّة مصطفاة مقابلة لمجموعة الجاهليين، وبذلك تشكّلت الذات المثلى لجماعة «المؤمنين»، وتحددت علاقتهم بسواهم فلا غرو إذن أن تتضافر النصوص التي تجسد صورة المسلم المنشود، ذاك المثال الأخلاقي لذات جماعيّة بأسرها، ذاك الذي ينظم سلوكه ليس فقط انطلاقا من موقع وامتيازات ووظائف اجتماعيّة واقتصاديّة وسياسيّة، وإنّما أيضا انطلاقا من «دور علائقي» مع زوجته فهوالمكلّف بأداء رسالة تهذيبية ودينية باعتباره يلعب دور الفاعل الأخلاقي في العلاقة الزوجية. فمن واجب الزوج أن يعلّم زوجته أحكام الصلاة أن يلقّنها اعتقاد أهل السنّة ويزيل عن قلبها كلّ بدعة إن استمعت إليها ويخوّفها في الله إن تساهلت في أمر الدين أمر الجهاد والميراث والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». وممّا لا شكّ فيه أنّ مواقف «العلماء» من زواج المسلمة بغير المسلم لا يمكن فهمها إلاّ في ضوء ما كانت عليه منزلة كلّ من الذكر والأنثى في المجتمعات الإسلامية القديمة. لقد كان الرجل ربّ الأسرة وراعي أهله، وهوالمسؤول عن كلّ أمر وهو«العاقد» في النكاح وهوالسيّد المهيمن والمطاع، وهوالمكلّف بحماية الإسلام إذ الدين «بالرجال أليق»، فلا ضير أن يجوّز علماء أهل السنة اقترانه بالكتابيّة لأنّها في هذه الحالة، ستكون «تحته» وهوفي العلاقة الزوجية «الأقوى» بحكم انتمائه إلى حضارة غازية وأمّة مختارة اصطفاها الله لتكون شاهدة على النّاس أجمعين، وبحكم انتمائه إلى الدين «الحق» الذي يعزّ به كلّ من انتسب إليه لأنّه متفوّق على سائر الأديان التي كان ينظر إليها نظرة استنقاص حتى وإن سمح لمعتنقيها بممارسة شعائرهم في ظلّ دار الإسلام. وكما هومعلوم كانت المنافسة على تجسيد «الدين الصحيح» وممارسته والدفاع عنه ظاهرة مشتركة بين الأديان التوحيدية الثلاثة. وإذا نظرنا إلى منزلة المرأة تبيّن لنا أنّ النصّ التأسيسي كان حريصا على تغيير نظرة احتقار الأنثى واستنقاصها وهي النظرة التي كانت سائدة في الغالب، زمن الجاهلية ويبدو أنّ هذا التغيير كان في صالح المرأة في بعض الحالات، إذ لم يعد للرجل حق التزوج بما لا يحصر من النساء، ولم يعد له القسم على اعتزال زوجته قدر ما يشاء بيد أن عسر التخلص من الموروث القديم أدّى إلى تواصل النزاع بين المنظومة القديمة والمنظومة الجديدة، وهوأمر بدا جليّا في كتابات القدامى، إذ كثيرا ما سعى هؤلاء إلى ترسيخ فكرة المفاضلة بين الجنسين معتمدين في ذلك على روايات وأحاديث منتقاة تخدم الغرض وتضفي الشرعيّة على هيمنة الرجل على المرأة كما أنّ اعتماد العلماء على هذه النصوص والتذكير بها في كلّ مناسبة ينمّ عن حرص المجتمع وهومجتمع «رجالي» على تحقيق الضبط الاجتماعي والمحافظة على وضع يكون فيه الرجل في أعلى الهرم وتكون فيه المرأة في الأسفل.
وتضيف الدكتورة آمال القرامي انها صرفت اهتمامها إلى تتبع الخلفيات الضمنية التي تستند إليها مواقف القدامى، وإلى ترصّد أبعاد تلك الآراء المقدّمة باسم «الإسلام». وكان ممّا لفت نظرها أثناء استقراء كتب التراث التي تسنّى لها الاطلاع عليها الجهد المبذول في خطاب «العلماء» لحجب حالات اتصال المسلمات بغير المسلمين سواء كان ذلك عن طريق العقد، أوالوطء. فالمرأة حاضرة في النصوص التشريعيّة بصفتها طرفا معقودا عليها ومتكلّما عنها لكنّها تبدو، في الغالب، غائبة في النصوص التي اهتمت بتصوير الواقع المعيش. فلا توجد روايات، أوشهادات تبيّن إلى أي مدى كان التزام المرأة بما قرره العلماء؟ وهنا حقّ لنا التساؤل عن وضع الأسيرات اللاّتي انتقلن إلى مجتمعات غير إسلاميّة واجبرن على التواصل مع غير المسلم. كما أن السؤال المطروح هوما هو وضع المسلمات اللاتي كنّ في أمصار تتعايش فيها ملل متعددة ويكون فيها المسلمون أقليّة، ثمّ ما هو وضع المورسكيات اللاتي اكرهن على التزوّج بالنصارى؟
إنّ غاية ما يجده الباحث في هذا الصدد بعض الإشارات العابرة في عدد قليل من الرحلات التي تخبرنا بأنّ اقتران المسلمة بغير المسلم لم يكن أمرا مستحيل الحدوث، بل كان إجراء معمولا به في فترات تاريخية وفي أمصار خاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.