شبهات حول الدعم.. وجوائز حسب الطلب خروقات للقانون ومجاملات للانتفاع بالعائدات سنلجأ إلى المحكمة الإدارية لإيقاف نزيف الدّعم هذا ما ننتظره من وزيرة الثقافة الجديدة حاورته: خولة الزتايقي علي العبيدي مخرج سينمائي يعمل في المجال السينمائي منذ 1978، أنهى دراسته العليا برومانيا، اختصاص إخراج سينمائي، وأخرج 5 أشرطة طويلة و5 أشرطة قصيرة، وترأس جمعية السينمائيين التونسيين لمدة 25 سنة وعمل أستاذا في المعهد العالي للفن المسرحي، ودرّس عدة مواد على غرار الكتابة السينمائية وتاريخ السينما وتاريخ المسرح في العديد من الجامعات وله أعمال عديدة منها فيلم «الرديف 54» و«برقو» و«لنبارة» و«الساعة الأخيرة». بعد الثورة، أسس نقابة للمخرجين السينمائيين بعد أن سلم جمعية السينمائيين التونسيين لفنانين شبان بمقتضى جلسة عامة. طرح العبيدي في حواره مع «التونسية» المشاكل التي تواجهها السينما التونسية والتي وصلت إلى حدّ «خرق القانون في العديد من المسائل، وهو ما أفضى على حد قوله، إلى احتكار مجموعة من المنتجين والمخرجين القطاع، وإقصاء وتهميش وظلم عدد كبير من الشباب السينمائيين، مؤكدا على أنه غير معني بالدعم، وأنه لم يقدم مطلبا للحصول على دعم منذ أكثر من 10 سنوات، نظرا لوجود شبهات متعلقة بخروقات واضحة للقانون». لديكم العديد من الأعمال السينمائية، ولكن لم نسمع عن فوز أحدها في أي مهرجان دولي؟ لديّ رصيد هام من الأعمال الفنية، وشاركت في عدد كبير من المهرجانات الدولية، وقد أعلنت سابقا في العديد من الجرائد، أنني قررت عدم المشاركة في أي مهرجان، لأن الجوائز تعطى لأشخاص معيّنين، لأطراف محددة، بما في ذلك المهرجانات العربية، آخرها مهرجان الإسكندرية، وقد وقع سؤالي في العديد من المرات عن الجائزة التي أود الحصول عليها، أما بالنسبة للمهرجانات الدولية في بلجيكا وغيرها من البلدان الأوروبية والتي تكون مخصصة لأفلام الجنوب (البلدان العربية)، فأنا ضدها لأنها تقدم «التونسي حسب وجهة نظر الغربي»، وهو ما نشرته في كتابي وفي جميع تصريحاتي، وقد وقعت محاصرتي بسبب هذه الآراء. ما هي أبرز المشاكل التي يعاني منها قطاع السينما التونسية؟ الإشكاليات التي تعاني منها السينما التونسية للأسف الشديد منذ أكثر من 10 سنوات، معقدة ومتشعبة وكل القطاع السينمائي يئن من قبل الثورة وإلى اليوم، وقد أصبحت الإدارة لا تتعامل مع الكثير من ممثلي السينما وللأسف الشديد المسؤولون في الإدارة العامة للسينما وقلة من المنتجين تكتّلوا على القطاع السينمائي، ولم نجد أصواتا وأشخاصا توقف هذا التعدي على السينما التونسية، وأنا كنت من بين القلة الذين حاولوا التصدي للعديد من الممارسات التي تمس قطاعنا، وقد وقعت معاقبتي وبلغ الأمر إلى قطع مرتبي، نتيجة عدم سكوتي عن الظلم الممارس على العديد من الضحايا، خاصة منهم الشبان، الذين تضرروا من سيطرة قلة من المنتجين على الواقع السينمائي، سواء على مستوى الإنتاج أو توزيع الأفلام أو توريدها وحتى على مستوى المهرجانات، وأنا أقولها القطاع السينمائي التونسي مريض منذ سنوات ويعاني من خروقات قانونية وتجاوزات كبيرة، وذلك بسبب هيمنة قلة من المنتجين السينمائيين الذين اتفقوا مع مدير السينما فتحي الخراط والذي سمي الآن مديرا للمركز الوطني للسينما في حين أنه بلغ سن التقاعد، وهو سبب كل الخروقات القانونية والتجاوزات منذ أكثر من 10 سنوات، وللأسف الشديد كل الوزراء، وخاصة الذين جاؤوا بعد الثورة، بمن فيهم الوزيرة السابقة والمتخلية لطيفة الأخضر تضامنوا معه دون تقديم أي تفسير، وكأن كل الوزراء يخشون هذا الشخص، رغم أن جل الجمعيات وجل النقابات راسلت الوزارة وأعلمتها بالخروقات القانونية والتجاوزات التي يقوم بها الخراط، ورغم ذلك لم يتخذ أي وزير منهم أي تدبير ولم يقم أي منهم باتخاذ موقف أو إجراء ما، بل بالعكس وقع تثبيته ودعمه وإعطاؤه كل الصلاحيات القانونية. كنتم تتحدثون عن ارتكاب إدارة السينما العديد من الخروقات القانونية؟ لو توضّح؟ نعم إدارة السينما ارتكبت العديد من الخروقات القانونية والتي تمثلت بالأساس في مجالين اثنين وهما الدعم السينمائي وشراء الأفلام. بالنسبة لملف الدعم السينمائي، تجسمت الخروقات في 3 نقاط محددة وفي 3 قوانين أساسية، أولا قانون عدم الخلط بين المصلحة الخاصة وبين المصلحة العامة، أي أن يكون شخص ما هو الخصم والحكم في نفس الوقت، إذ أصبحنا نشهد اليوم وجود شخص في اللجنة المشرفة والمسؤولة عن دراسات ملفات الدعم، ينظر ويصوت ويبت ويقدم الدعم لشركات تنتج أعماله الفنية، وهو النوري بوزيد. طبعا المخرج النوري بوزيد أصبح عضوا قارا في اللجنة منذ 4 سنوات، وهو أخلاقيا غير معقول، بإعتبار وجود شبان قادرين على تولي هذه المسؤوليات. ولكن القانون لا يمنع ذلك؟ القانون لا يمنع ذلك، ولكنّي أتحدث من مبدإ أخلاقي، وأنا أتساءل لماذا هو؟ لماذا هو دائما؟ وهذه المسألة جعلته محل شبهة، والإشكال الحقيقي هو في قيامه بالجلوس للبت في ملفات الدعم، ثم منحها إلى منتجيه، وهنا نتساءل عن الهدف من إعادة تسميته، ثم إنّ قانون الدعم يمنع أن يكون الخصم حكما في نفس الوقت، فهل يعقل أن يبت في ملفات دعم متعلقة بشركات تنتج أعماله السينمائية، وما أريد أن أضيفه أن النوري بوزيد أعطى دعما بقيمة مليارين من الدنانير لفائدة شركتين منتجتين لأعماله الفنية طوال 40 سنة، والتي لم تتجاوز 9 أفلام، ولديهم مصالح مالية مشتركة واضحة، حيث يتقاسمون عوائد الأفلام، طبعا هذا الدعم المقدم للشركتين، موجود ومنصوص عليه صلب قرار الدعم الأخير الذي وقع نشره، وهو ما يثير العديد من الشبهات حوله، والتي يمكن أن تؤدي إلى تسليط عقوبات جزائية عليه، نتيجة لوجود مصالح مالية مشتركة بينك وبين من ستبت لصالحه، دون أن تقوم بإعلام الوزارة أو اللجنة. لكن الوزارة واللجنة على علم تام بهذه العلاقات والمصالح المشتركة، من خلال معرفتها بالنوري بوزيد ومع من يتعامل؟ لذلك قلت إن هذه المسألة فيها خرق واضح للقانون، وتوقيع الوزيرة على قرار الدعم لا يعني أنها قامت بالصواب، أو أنها قامت بشيء قانوني، فالوزراء يخطئون أحيانا، وهو ما جعلنا نلجأ إلى المحكمة الإدارية لما في القرار من شبهات وخروقات كبيرة وأخطاء مرتكبة من قبل اللجنة ومن قبل الوزيرة السابقة لطيفة لخضر، وقد سبق أن أعلمنا الوزارة قبل أن يتم الإمضاء على قرار الدعم، بأنه ليس من حق النوري بوزيد الجلوس والبت في الملف على اعتبار أنه خصم وحكم في نفس الوقت. هذا بالنسبة للخرق القانوني الأول، ماذا عن بقية الخروقات؟ الخرق القانوني الثاني تجسم أساسا في قانون أفريل 1983، المتعلق ببطاقة الاحتراف السينمائية، حيث وقع إسناد منح مساعدة لمن ليس سينمائيا، وبالنسبة للبعض الأخر، هم سينمائيون ولكن ليست لهم الأهلية للقيام بالإخراج، ذلك أن قانون بطاقة الاحتراف يفرض تسلسل في الرتب من أجل أن تصبح مخرجا، إذ فرض شروطا محددة من أجل أن تصبح مخرجا، وهي أن تكون دارسا للسينما، وأن تكون عملت مساعد مخرج ثان، فمساعد مخرج أول، ثم مخرج سينمائي، هناك من قدم لهم دعم، لكن ليس له أهلية ليكون مخرجا سينمائيا ان كان إما مصورا أو مساعد مخرج أو مدير تصوير، بل وصل الأمر إلى إعطاء دعم إلى مدرسة للآداب الفرنسية في الجامعة، فالدعم لا يمكن أن يقدم إلا لمن أثبتت بطاقة احترافه أنه مخرج سينمائي، وهو خرق صريح لقانون بطاقة الاحتراف. أما بالنسبة للخرق الثالث، فهو تقديم الدعم من أجل إعادة الكتابة، وهي مسألة غير منصوص عليها في القانون، فإنتاج الفيلم يمر ب3 مراحل، أولا مرحلة الكتابة، ثانيا، مرحلة التصوير، ثالثا، الإنتاج، ثم ما بعد الإنتاج نقوم بإنهائه، وما حدث هو أنه عندما تقوم بطلب المساعدة على الإنتاج، لم تطلب المساعدة على الكتابة، أنت هنا في مرحلة انتهيت فيها من كتابة السيناريو، فتطلب 500 أو 600 مليون من أجل إنتاج الفيلم، هناك أفلام رفضتها اللجنة، ولكن قدم لها دعم من أجل إعادة الكتابة، وهو أمر غير معقول، إضافة إلى أن القانون يقر بعدم إمكانية تقديم نفس المشروع للجنة الدعم، إذا وقع رفضه مرتين، ثم أن منح الكتابة بلغت 40 ألف دينار، وهو أمر مرفوض، فكيف يمكن للجنة أن تعلن أن السيناريو رديء وترفض دعمه على مستوى الإنتاج، وفي نفس الوقت تقدم 40 ألف دينار من أجل إعادة كتابته، هذا تجاوز صارخ للقانون، وسوء تأويل لمفهوم المهنة السينمائية. أمر ثان أريد أن أنبه إليه وهو أن الدعم وحسب مقتضيات القانون لا يتجاوز 35 بالمائة، أي أنّه يجب على صاحب السيناريو الرديء المقدم توفير 65 بالمائة من قيمة الإنتاج، مما يحيلنا على أن هناك من قرأ السيناريو وأعجبه ودعمه بال65 بالمائة، فكيف تقوم اللجنة بطلب إعادة الكتابة؟ هذه كلها خروقات جوهرية للقانون. ما ذا عن ملف شراء الأفلام؟ بالنسبة للأشخاص الذين لم يتحصلوا على دعم، نحن كنقابة المخرجين السينمائيين، طالبنا بمساعدتهم من خلال تشجيعهم على إنتاج الأفلام بأموالهم الخاصة، ولكن علينا شراء الفيلم من عندهم، ولكن للأسف الشديد عملية شراء الأفلام تتم في سرية تامة منذ أكثر من 10 سنوات، وأنفقت أموال طائلة ولم نر هذه الأفلام إلى الآن، وهناك حديث حول أن هذه الأفلام لا تصلح حتى لوضعها على آلة العرض، وهي تخضع أيضا إلى إشراف فتحي الخراط، الذي يشتري الأفلام ويخفيها. ألم تكن لكم كنقابة لقاءات أو مناقشات مع الوزارة حول هذه المسألة؟ كانت لدينا لقاءات، ووقع الاحتجاج مئات المرات، ولم يستمع لنا أي وزير، بل أن هذه الوزيرة المتخلية لطيفة لخضر راسلتها جميع النقابات والجمعيات التي أعربت عن اعتراضها عن تسمية فتحي الخراط على رأس المركز الوطني للسينما، ومع ذلك أصرّت على تسميته، وأنا أسألها كيف تسمي مديرا في قطاع مرفوض من كل أهل القطاع؟ ثم أنه تجاوز سن التقاعد، ورغم ذلك أبقت عليه مع العلم أن هناك العديد من الكفاءات الشابة في مجال الإدارة والسينما، الذين لديهم شهائد دولية ومتخرجين من معاهد وجامعات أوروبية وأمريكية، ومتحصلون على شهائد في القانون الإداري السينمائي، لكن هناك إصرار على وجود فتحي الخراط، وهي مأساة نعاني منها منذ سنين. هل يعني هذا أنّ هناك شبهات فساد بالقطاع السينمائي، إضافة إلى ما يعانيه من احتكار ومجاملات؟ أكيد كلما تعلقت المسألة بوجود أموال ولو قمنا بجدولة الدعم للأربع سنوات الفارطة، لوجدنا أن أقلية انتفعت به فمثلا حضور النوري بوزيد بشكل مستمر الذي أصبح مثل الفيتو في مجلس الأمن، أصبح متكررا، وأنا أرى أنه من الضروري له اليوم الابتعاد وفتح المجال أمام زملائه وحتى تلاميذه الذين درّسهم، إضافة إلى وجود مصالح مالية تجمعه كما قلت سابقا مع عدد من شركات الإنتاج التي يمنحها الدعم ممّا يدل على المجاملة والمحاباة، ويحيل على شبهات فساد، ويجعل من وجوده في اللجنة دلالة على أن تكوين اللجنة في حد ذاتها غير قانوني، وهو ما يحيلنا إلى أن قرارات الدعم كلها باطلة، وكل أعمالها غير قانونية، إضافة إلى أن اللجنة سمحت لنفسها بإضافة عدة قوانين جديدة وإعطاء الدعم لمن ليس سينمائيا أو مخرجا. إضافة إلى احتكار عدد قليل من المنتجين الدعم، وقد طالبنا الوزيرة الجديدة بجدولة سنوية لمن يتحصل على الدعم، وستجد أن الأموال متداولة بين نفس الأشخاص، وهذا احتكار مقصود، مبني على أساس عدم احترام القانون، وهنا أريد أن أوضح مسألة وهي أنني شخصيا رفضت على مدى سنوات، منذ سنة 2005، الحصول على دعم، نظرا للشبهات التي تحوم حول المسألة، وأنا كرئيس نقابة لا أريد أن أحصل على دعم فيه شبهة خرق للقانون. علمنا أنكم ستقدمون قضيتين إلى المحكمة الإدارية، هل لنا أن نعرف فحواهما؟ نعم نحن بصدد القيام بقضيتين أمام المحكمة الإدارية بخصوص قرار الدعم، الأولى قضية استعجالية من أجل إيقاف تنفيذ قرار الدعم، حتى نتفادى ما يمكن أن يحدث وما يمكن تداركه في ما بعد، والثانية أصلية من أجل إلغاء القرار. ما هي انتظاراتكم من وزيرة الثقافة الجديدة؟ أنا مستبشر خيرا بتسمية الفنانة والأستاذة سنية مبارك على رأس وزارة الثقافة، لأنها بنت الثقافة وليست غريبة لا عن الثقافة أو عن وزارة الثقافة، وهي من المبدعات، ولها تجربة كبيرة في مجال حقوق التأليف، ولها كل الحظوظ للنجاح، وأطلب منها بأن تؤجل النظر في هذا القرار وأن تفتح تحقيقا في هذه المسألة، نحن طلبنا لقاءها ونحن في انتظار الرد، ولدينا ثقة في نزاهتها وقدراتها على فك هذا الإشكال، خاصة في ظلّ وجود التفاف على القطاع، بعد أن أرسل الخرّاط عدة مشاريع قوانين لرئاسة الحكومة دون أن يستشير أحدا من النقابات أو الجمعيات المتدخّلة في القطاع وأنا أطلب من رئيس الحكومة ووزيرة الثقافة أن يتريثا عند النظر في هذه المشاريع. كلمة الختام؟ في كلمة الختام أود أن أوجّه نداء لوزيرة الثقافة الجديدة سنية مبارك، من أجل التريث في تنفيذ قرار الدعم قبل فتح تحقيق في هذه المسألة، كما أدعوها إلى التريث في ما تعلق بمشاريع القوانين التي قدمها فتحي الخراط بمفرده مع مجموعته والمتعلقة بالسينما التونسية، كما أطلب منها تجميد المركز الوطني للسينما، على اعتبار أنه غير قادر على القيام بوظيفته، ذلك أن وضع السينما اليوم في تونس اهترأ، وأصبح آلة ضخمة لا تصلح لشيء، إلا لتوفير مرتب شهري للخراط.