ربما لا تمثل منحة التشجيع على الإنتاج السينمائي أكثر من 35 بالمائة من تكلفة الفيلم الطويل لكن دورها ما فتئ يتضخّم بسبب ما باتت تكتسيه من أهمية لدوران عجلة الإنتاج السينمائي في تونس. ولنا أن نتصور على الأقل في ظل ظروف الإنتاج الحالية كيف يمكن أن تتواصل حركة السينما في بلادنا لو حجبت منحة التشجيع على الإنتاج السينمائي التي توفرها وزارة الثقافة والمحافظة على التراث وكيف يمكن لأهل السينما في تونس أن يتدبروا أمورهم خاصة وأنهم وعلى الرغم من هذه المنحة ما فتئوا يعدّدون الصعوبات التي تقف في طريق النهوض بالإنتاج السينمائي في تونس وهي في الغالب عوائق مادية. انطلاقا من ذلك أصبح الإعلان عن نتائج اجتماع لجنة التشجيع على الإنتاج السينمائي في كل مرة لحظة حاسمة لأنه يتحدد من خلال قرارات اللجنة- ولو كانت استشارية - مصير عدد من المشاريع السينمائية وربما كذلك مصير المخرج السينمائي والمنتج إلخ... ومع تنامي دور منحة التشجيع على الإنتاج السينمائي بالنسبة للمشتغلين في قطاع السينما ببلادنا حتى أن المسألة تكاد تتحول أحيانا إلى حياة أو موت فإنه بات منتظر أن تصحب قرارات اللجنة ردود أفعال متباينة لكن ما حدث من ردود أفعال إثر الإعلان عن نتائج اللجنة الأخيرة فاق ما كان متوقعا وكانت علامات الغضب بادية على رجالات السينما هذه المرة أكثر مما هو معتاد. ولا ندري إن كان الأمر قد حدث بمحض الصدفة أم كان نتيجة دراسة متأنية لكن الحاصل أن أغلب أصحاب المشاريع السينمائية ممن يعتبرون أعمدة السينما في بلادنا قد خرجوا خالين الوفاض أو ما شابه ذلك وكأن كلمة السر المؤدية لمغارة علي بابا تحولت أخيرا إلى أطراف أخرى حتى وإن كانت أكثر حداثة بالميدان. النوري بوزيد تحصل على منحة لإعادة الكتابة فقط. حوالي 20 ألف دينار ورفض مطلبه للحصول على منحة على الإنتاج. مفيدة التلاتلي لم تحصل كذلك على منحة ورضا الباهي أيضا والمختار العجيمي والناصر خمير ونجيب بلقاضي وغيرهم. وحتى محمود بن محمود الذي حصل في بادئ الأمر على منحة إعادة الكتابة لم ينل الدعم على السيناريو إلا بعد تدخل وزير الثقافة والمحافظة على التراث. وسعينا بالمناسبة إلى استطلاع آراء جانب من هؤلاء لا سيّما السينمائيين من بين من كانت نتائج اجتماع اللجنة الأخيرة للتشجيع على الإنتاج السينمائي دون انتظاراتهم ولكن وبالتوازي مع نقد هؤلاء اللاذع أحيانا لقرارات أو مقترحات اللجنة ولأعضائها فإنهم تقدموا ببعض الإقتراحات التي قدّروا أنها مهمة لعمل اللجنة مستقبلا. كان لابد كذلك من الإستماع إلى صوت اللجنة التي انتهت إلى نتائج تبين أن عدد الغاضبين منها أكثر من المستحسنين لها في صفوف أهل القطاع. وتكلم الكاتب حسونة المصباحي عضو اللجنة باسم المجموعة ليدافع بحماس شديد على ما توصلت له الجماعة مؤكدا أن عمل اللجنة تم في "إطار الديمقراطية بما لا يرقى له الشك".