التونسية –(تونس) يشهد الصندوق الوطني للتأمين على المرض ضغوطات متزايدة من أجل إجراء مراجعات شاملة في قائمة الأدوية والعمليات الجراحية المتكفّل بها بعد أن أثبتت تجربة ال10سنوات الماضية من انبعاث نظام التأمين على المرض أن القائمات المعمول بها حاليا باتت عاجزة عن تلبية متطلبات المنخرطين الاجتماعيين وأنّ العديد من البروتوكولات العلاجية تجاوزها الزمن . ويصطدم منخرطو «الكنام» في حالات عديدة برفض الصندوق التكفّل بأدوية باهظة الثمن أو أدوية جديدة في السوق حيث يعلل الصندوق قرارات الرفض بأنها غير مدرجة في القائمة الرسمية وهو ما يدخل المريض وذويه في دوامة البحث عن بديل . وتؤكد مصادر الصندوق أن قرارات الرفض التي تصدرها المصالح الطبية ل«الكنام» قانونية مشيرة إلى أن قرار التكفل من عدمه مستند إلى القانون والبروتوكولات العلاجية الجاري بها العمل . وتشير المصادر إلى أن قرار توسعة قائمة الأدوية أو العمليات الجراحية المتكفل بها القطاع الخاص لا يعود إلى إدارة الصندوق بل إلى سلطة الإشراف المدعوة إلى مراجعة القانون الحالي في إطار لجان مشتركة بين وزارتي الشؤون الإجتماعية والصحة تحدد في ضوئها حاجات وتطورات التدخلات الطبية في السنوات الأخيرة . وتؤكد النقابات الطبية أن القطاع الصحي قطاع متطور مشيرة إلى أن «الكنام» مدعو إلى مواكبة هذه التطورات خاصة أن تونس تعد قبلة علاجية ذات صيت عالمي، داعية وزارة الشؤون الإجتماعية إلى فتح ملف إعادة إصلاح منظومة التأمين على المرض . وتعتبر النقابات الطبية أن النسخة الحالية لمنظومة التأمين على المرض التي يحددها قانون أوت 2004 كانت متسرعة ولم تخضع لاستشارة موسعة تجعلها قابلة للتحيين بصفة آلية ودورية وهو ما يدعو إلى إعادة النظر فيها في إطار المجلس الوطني للتأمين على المرض. وكان المجلس الوطني للتأمين على المرض المنعقد في أوت 2014 قد وعد بمناقشة إصلاح منظومة التأمين على المرض ومناقشة الحلول الممكنة لعديد الإشكاليات التي تتعرض إليها الأطراف المتعاقدة. و أكّد الدكتور «فوزي بوقرة» كاتب عام نقابة أطباء القطاع الخاص أن مسديي الخدمات الصحية رفعوا توصياتهم إلى المجلس في ما يخصّ الضغط على المصاريف العلاجية الخاصة بالأمراض المزمنة عن طريق البروتوكولات العلاجية . و أكّد الدكتور بوقرة أن النقابة التي سبق أن وضعت البروتوكولات العلاجية التي تعتمدها الكنام حاليا واعية بأهمية الضغط على المصاريف للمحافظة على منظومة التأمين على المرض كمكسب اجتماعي هامّ غير أنّه اعتبر أن الضغط على المصاريف لا يمكن أن يتمّ في مجتمع يسير نحو التشيّخ وهو ما يجعل الأمراض المزمنة تتفاقم آليا ( أكثر من مليون قرار تكفل بالأمراض المزمنة )مشيرا إلى أن أرقام منظمة الصحة العالمية تؤكّد أن الأمراض المزمنة تكلّف جل المجتمعات نحو 60 ٪ من المصاريف العلاجية. وقال الدكتور بوقرة إن المحافظة على منظومة التأمين على المرض وتحسينها يجب أن تمرّ عبر إصلاحات تمكّن من توفير موارد إضافية لل«كنام» مقترحا البحث عن تمويلات في شكل أداءات إجتماعية توظّف على بعض مواد الرفاهة والتبغ والكحول إلى جانب ضرورة إقرار مساهمة الدولة في صندوق التأمين على المرض الذي يكتسي بعدا اجتماعيا . وأشار الدكتور فوزي بوقرة إلى أن البحث عن تمويلات إضافية وجديدة سيعطي دفعا جديدا للصندوق الوطني للتأمين على المرض كما سيساهم في تحسين سلّة الخدمات المقدمة حاليا وذلك في انتظار مراجعة نسبة المساهمة المحددة حاليا ب6,75 بالمائة بعد تحسّن الظرف الإقتصادي . وتصر نقابات مقدمي الخدمات الصحية على ضرورة التعجيل بتوسيع دائرة تكفّل الصندوق بالأدوية والأعمال الطبية زيادة على الانفتاح التدريجي على القطاع الخاص في اختصاصات طب الولدان وتعقيدات ما بعد الولادة والتعقيدات الناتجة عن الأمراض المزمنة والعمليات الجراحية مع الرفع في السقف العلاجي وتوسيع دائرة المضمونين الإجتماعيين لتشمل الطلبة وصغار الفلاحين الذين يبلغ عددهم قرابة 500 ألف نسمة . فهل تعجّل وزارة الشؤون الاجتماعية بالدعوة إلى مجلس التأمين على المرض واتخاذ إجراءات ثورية في هذا المجال لتواصل ال«كنام» الاكتفاء بتقديم الحد الأدنى من الخدمات ولو كان ذلك على حساب حق المواطن في العلاج بعد أن بات قانون 2004 لا يخدم مصلحة المواطن ؟