طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» صباح أمس خلال ندوة صحفية ترأستها مديرتها بتونس آمنة القلالي السلطات التونسية بمراجعة قانون المخدرات وإلغاء كل العقوبات السجينة المتعلقة باستهلاك أو حيازة المخدرات لغايات ترفيهية. وأضافت في تقرير صادر عنها أمس, أن مشروع القانون الخاص بتخفيف العقوبات على استهلاك المخدرات قد لا ينجح في معالجة الاشكاليات الحقيقية في القانون الحالي. وأشار التقرير المذكور إلى أن مشروع قانون المخدرات ألغى العقوبة السجنية في جميع القضايا المتعلقة بحيازة المخدرات بغاية الاستهلاك الشخصي للمرة الأولى والثانية, مقابل عقوبات بالسجن الإلزامي للمعاودين. وأوضحت المنظمة أنه بالإمكان تفعيل آلية العقوبة البديلة في قضايا المخدرات بما أن قانون المخدرات يمنح للقضاة سلطة تقديرية للحكم بعقوبات بديلة على مستهلكي هذه المادة عوض العقوبة السجنية, إضافة إلى أنه يفسح المجال أمام الإحاطة بالمدانين في هذه القضايا كخدمات العلاج وغيرها. كما أعلن التقرير أن منظمة «هيومن رايتس ووتش» قامت بتوثيق كيفية تسبب تفعيل قانون المخدرات في المساس بحقوق الإنسان وحدوث انتهاكات خطيرة في هذا الخصوص. و أضاف التقرير أن بعض المدانين في قضايا المخدرات تعرضوا للعنف والإهانات في فترتي الإيقاف والإستجواب, إضافة إلى تفتيش منازلهم دون إذن قضائي, وإجبارهم على القيام بتحاليل بول للتثبت من استهلاك المخدرات. 7451 سجين مخدرات من بينهم 145 إمرأة كما تضمن التقرير, حسب الإدارة العامة للسجون والإصلاح أن عدد السجناء المدانين في قضايا متعلقة بالمخدرات يبلغ 7451 شخصا, من بينهم 7306 رجال, و145 نساء, وأن حوالي 70 بالمائة من هؤلاء أي ما يعادل 5200 شخصا أدينوا باستهلاك أو حيازة (الزطلة), أي أن نسبة المدانين في قضايا المخدرات تبلغ 28 بالمائة من مجموع المساجين في تونس. ذات التقرير أورد كذلك أن الحكم في قضايا المخدرات في صياغته الحالية، ربما يُستخدم لملاحقة أعضاء المنظمات الداعية إلى إلغاء تجريم المخدرات، وكذلك الفنانين الذين يغنون عن المخدرات، والمنظمات التي تقدم خدمات لتقليص الأضرار الناتجة عن المخدرات، وغيرهم, ممن يعبر عن رأيه حول المخدرات بشكل سلمي. ويهدف مشروع القانون المعروض إلى تحوير التشريع المتعلق بالمخدرات, وذلك بإلغاء القانون عدد 52 لسنة 1992 المتعلق بالمخدرات, وتعويضه بقانون جديد في إطار مزيد مواءمة التشريع التونسي للاتفاقيات الدولية المصادق عليها ولأحكام الدستور الجديد التي تكفل حقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها وترابطها خاصة الحق في الصحة واعتبارا للتوجه الجديد المعتمد في أغلب الأنظمة المقارنة في مجال السياسات الجزائية الذي يكرس الوقاية قبل الزجر ويشجع على المبادرة التلقائية بطلب العلاج والتداوي ويحث على استبدال العقوبات السالبة للحرية بعقوبات بديلة تحقق الإصلاح وإعادة الإدماج بالنسبة لمستهلكي المخدرات عبر تكريس تمش جديد يهدف إلى الوقاية والعلاج عبر تكريس آليات تمتع مستهلكي المخدرات بالحق في العلاج البديل والتغطية الإجتماعية. في المقابل أبقى المشروع على الطابع الزجري الرادع للجرائم المتصلة بالإتجار غير المشروع في المخدرات التي غالبا ما تكتسي طابعا منظما وعابرا لحدود الوطن, كما أخذ بعين الإعتبار ارتباط جريمة تجارة المخدرات بجرائم الإرهاب وغسل الأموال التي تشكل خطرا على النظام العام, مما يكرس ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وفقا للمعايير الدولية. سنيا البرينصي