عقدت أمس دائرة المحاسبات ندوة صحفية لتقديم تقريرها السنوي وتقرير غلق الميزانية لسنة 2013 ، حيث تضمن التقرير نتائج الأعمال الرقابية المنجزة خلال السنة القضائية 2013 - 2014، بخصوص عدد من المصالح والهياكل العمومية من وزارات ومؤسسات ومنشآت، فضلا عن جملة من المجالات التي تتصل بالبعدين الوطني والجهوي. وقد خصّصت أعمال الدائرة 28 مهمة رقابية ميدانية شملت مجالات حيوية، لها انعكاس مباشر على التنمية على مختلف الأصعدة وطنيا وجهويا بما يتماشى ومقتضيات مزيد إحكام التصرف في المال العام والنأي به عن كل مظاهر الخلل أو التقصير، فضلا عن الأعمال الرقابية المضمنة نتائجها بالتقرير العام السنوي التاسع والعشرين، وقد قامت الدائرة بإعداد التقرير حول غلق ميزانية الدولة المشفوع بالتصريح العام بالمطابقة بين الحساب العام للسنة المالية وحسابات المحاسبين العموميين بالنسبة إلى تصرف 2013 في ضوء نتائج تنفيذ قوانين المالية، وقد تضمن التقرير السنوي التاسع والعشرون ردود الجهات الخاضعة للرقابة وإجابات سلطة الإشراف عند الاقتضاء حول ملاحظات الدائرة. السلطتان التشريعية والتنفيذية تحت الرقابة أكد الرئيس الأول لدائرة المحاسبات عبد اللطيف الخراط خلال الندوة الصحفية أن السلطتين التشريعية والتنفيذية تخضعان إلى مهمة رقابية جارية حاليا من طرف الدائرة في مجال التصرف، مشيرا إلى وجود مهمة رقابية أخرى تجري في الوقت الحاضر في مجلس نواب الشعب لمراقبة التصرف في المجلس وذلك على امتداد السنوات الأخيرة، وثالثة في رئاسة الحكومة تتعلق بالرقابة على الإدارة الالكترونية. وأوضح عبد اللطيف الخراط أن دائرة المحاسبات كانت تعتزم انجاز مهمة رقابية على مؤسسة رئاسة الجمهورية، موضحا وجود هيكل رقابي عمومي آخر يتولى حاليا انجاز هذه المهمة، مضيفا «لتفادي تكرار وتداخل العمل الرقابي وإهدار الجهود تم التخلي عن الرقابة لفائدة الهيكل العمومي الآخر». نحو إسناد مهمة رقابة الانتخابات البلدية لهيئات أخرى أبرز الرئيس الأول لدائرة المحاسبات صعوبة المهمة والحجم الكبير لمراقبة تمويل الانتخابات البلدية، في مقاربة مع الاستعدادات المادية والبشرية للدائرة، موضحا انه من الصعب جدا على الدائرة مراقبة تمويل الانتخابات البلدية وأن مراقبة الانتخابات البلدية مختلفة عن مراقبة الانتخابات التشريعية أو الرئاسية، مشيرا في نفس السياق إلى أن عدد القائمات في الانتخابات البلدية قد يتجاوز 10 ألاف قائمة مما يعنى أن حجم العمل المطلوب لانجاز العمل الرقابي لا يتناسب وطاقة عمل دائرة المحاسبات. واقترح الخراط إسناد المهمة الرقابية إلى هيئات أخرى أو تقاسم العمل الرقابي بين هذه الهيئات ودائرة المحاسبات، موضحا أن إسناد الدائرة مشمولات إضافية بخصوص الرقابة على تمويل الحملة الانتخابية المحلية يجعل الهيئة القضائية غير قادرة على الإيفاء بالتزاماتها على الوجه المطلوب باعتبار أن من شأن ذلك أن يخل بقاعدة التناسب بين طاقة العمل المتوفرة لديها ومتطلبات انجاز مختلف المهام الموكولة لها، مشددا على أن مقومات استقلالية دائرة المحاسبات تقوم بالأساس على رصد الامكانات الضرورية لانجاز المهام الموكولة لها، معربا عن الأمل في أن يتم التنصيص مستقبلا بنص القانون على أن الدائرة تتمتع بالاستقلال المالي والإداري والتسيير الذاتي وعلى أن تعد مشروع ميزانيتها وتناقشها أمام اللجان المختصة بمجلس نواب الشعب، منبها إلى أن دائرة المحاسبات لا تدخر جهدا من أجل أن تؤدي الدور الموكول لها باعتبارها مختصة في مراقبة حسن التصرف في المال العام وفقا لمبادئ الشرعية والنجاعة والشفافية كما نص على ذلك دستور الجمهورية الثانية، حسب قوله. عمل دقيق مطابق للمعايير الدولية وسط ظروف صعبة أكدت فاطمة قرط رئيسة اتحاد قضاة محكمة المحاسبات ل «التونسية» أن قضاة الدائرة تطرقوا إلى جملة من الإخلالات في التقرير المقدم لسنة 2013 - 2014، بطريقة دقيقة، حيث تم تقييم الأثر المالي لهذه الإخلالات في غالب المهام الرقابية، منبهة إلى أن القضاة يعملون بمهنية طبقا للمعايير الدولية مع احترام حق الرد المكفول للهياكل موضوع الرقابة، منبهة إلى أن التقرير السنوي تضمن 28 تقريرا، وهو ما اعتبرته ملخصا لما أعده قضاة الدائرة بعد أن تمت موافاة الهياكل محل الرقابة بالملاحظات الأولية المشفوعة بالبيانات والأرقام الدقيقة. وأوضحت قرط أن مهمة تحضير التقرير تمت في ظروف صعبة في ظل انخفاض الاعتمادات المرصودة في ميزانية الدائرة، وفي ظل تشتت مقرات الدائرة، ومحدودية ونقص الوسائل المادية والبشرية. كما دعت قرط إلى ضرورة توفير مقر لائق وموحد وتوفير الموارد البشرية والمالية واللوجستية اللازمة على مستوى الغرف المركزية والجهوية للدائرة، وذلك بهدف تمكين قضاة الدائرة من تأديتهم لمهامهم على أحسن وجه، خاصة في ظل تراكم وزيادة الملفات. واعتبرت محاسن قدور السويسي عضوة في اتحاد قضاة محكمة المحاسبات أن قضاة محكمة المحاسبات هم العين الساهرة على حسن التصرف في المال العام من خلال الأعمال الرقابية المنجزة التي تفضي إلى الوقوف على جملة من النقائص والإخلالات، معتبرة نشرها للرأي العام ضمانة لحق المواطن في المعلومة وضمانة لشفافية العمل الرقابي للدائرة. مشيرة إلى أن اتحاد قضاة محكمة المحاسبات يدعو بمناسبة هذا الملتقى السلطات العمومية من مجلس نواب ورئاسة حكومة ورئاسة جمهورية، إلى ضرورة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتجاوز النقائص والإخلالات التي تم الوقوف عليها في إطار الأعمال الرقابية المنجزة من قبل قضاة محكمة المحاسبات، مع حث الجهات موضوع الرقابة على إدخال ما يلزم من إصلاحات. من جهتها أكدت وفاء بن عبد الصمد عضوة في اتحاد قضاة محكمة المحاسبات على أن القضاة الماليين (قضاة محكمة المحاسبات) هم جزء لا يتجزأ من منظومة مقاومة الفساد وإرساء قواعد الحوكمة الرشيدة، وفاعلون أساسيون في هذا الميدان، داعية إلى تعزيز صلاحيات الدائرة في النصوص القانونية المنظمة لها من خلال إدراج وظيفة المتابعة ضمن مهام محكمة المحاسبات طبقا للمعايير الدولية واستجابة لتطلعات الرأي العام، مؤكدة على دعوة الاتحاد إلى استكمال مراجعة النصوص بما يتطابق مع مقتضيات الفصل 117 من الدستور خاصة، وما جاء في باب السلطة القضائية عامة، داعية إلى ضرورة استشارة القضاة الماليين عند إعداد النصوص المتعلقة بالمالية العمومية عموما، وبالتصرف المحلي خصوصا، وفقا لمقتضيات الدستور ولما يستدعيه التصرف الرشيد في المال العام وواجب المساءلة. ونبه اتحاد قضاة محكمة المحاسبات إلى أنه في صورة ما ثبت أن الأفعال الرقابية من شأنها أن تمثل أخطاء تصرف أو تكتسي طابعا جزائيا، وجب إحالتها إلى الجهات المختصة على غرار دائرة الزجر المالي أو القضاء العدلي.