الأمر مكشوف ومفضوح لا غبار عليه يدعونا إلى الحيرة والاستغراب ونحن نعيش ظاهرة خلع أبواب ونوافذ مدارس قصد نهبها وسرقة ما فيها من قبل أطفال احتضنتهم أقسامها وداخلها نهلوا العلوم والأخلاق.. وهاهم يتنكّرون لها في غياب الرّقيب بعد أن سقطت المؤسسة التربويّة إلى الحضيض في الهرم المجتمعي وصارت خارج التطوّر العمراني لبلادنا باعتبار أن كل المؤسسات والادارات والمحلاّت العمومية وغيرها لها من يحرسها كامل الليل بينما تخلو المؤسسات التربوية ليلا من أهلها لا تحرسها غير قمر الليالي ولكن لا تقدر على منع أيادي العابثين الذين يتستّرون بالظلام ويتسلّلون إليها لخلع نوافذ قاعات الاعلامية وسرقة ما خفّ حمله من الحواسيب ثم تهشيم أبواب مكاتب الادارة لحمل بعض الأقلام والاطارات والمزهريّات والآلات الحاسبة والبحث في رفوف الخزائن عن قطع نقديّة من أموال التلاميذ الذين يدفعونها مقابل التأمين ودروس التدارك ثمّ يفرّون تاركين آثار الخلع والنهب والحرق رغم أن المدرسة روضة من رياض المعرفة والتربية ولها الفضل عليهم ولو بالقليل ولكن «على من تتلو كتابك يا داوود». وبين عرائض مديري المؤسسات التربوية وصمت المندوبيّات الجهوية للتربية - باعتبار الظاهرة آفة اجتماعية يجب التصدّي لها في صلب المجتمع من قبل العائلات - تتكرّر مثل هذه الحوادث في جلّ المؤسسات التربوية بالبلاد التونسية فتضرب المربي في الصميم «ويبلع السكينة بدمها» لأن الأمر يعدّ إهانة واعتداء صارخ على مؤسسات هي في الأصل صانعة المجتمعات والأوطان رغم أن الحل يسير لا يتطلّب الكثير وذلك بالتنسيق مع السلط المحلية لانتداب ما يعرف بحرّاس الليل في المدارس والاعداديّات والمعاهد الثانوية أولا لدعم ملف التشغيل وثانيا لحماية الملك العمومي من أياد المنحرفين العابثين خاصة أن مثل هذه المهمّات كانت المجالس البلدية تحرص عليها بالتنسيق مع المندوبيّات الجهوية للتربية وكثيرا ما يسعى الطرفان إلى تشييد محلات سكنيّة ليقطنها الحارس الليلي للمدرسة ويضرب الجميع عصفورين بحجر واحد وتصبح المؤسسات التربوية في أمان و«يا ناس ما كان باس».