تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القاضية ليلى بحرية ل«التونسية»السلطة المحلية لبنة لإنجاح الديمقراطية
نشر في التونسية يوم 04 - 03 - 2016


القضاء سيتعافى ..
النجاح في إرساء سلطة محلية سيكون لبنة هامة لإنجاح الديمقراطية الناشئة في بلادنا
الكلّ يتَمترس وراء الاستقلالية والثّورة لجني أقصى المكاسب
الفساد أصبح ثقافة طاغية
حوار: أسماء وهاجر
العصبية القطاعية ودور جمعية القضاة في الدفاع عن استقلالية القضاء والعلاقة بين ثالوث القضاء والأمن والإعلام على ضوء التجاذبات الأخيرة والفساد وسبل مقاومته ودور جمعيات المجتمع المدني إثر شبهة المال الفاسد التي طالت العديد من الجمعيات ومنطق الغنيمة لدى بعض السياسيين ومنظومة حكم مالي مستقل عن السلطة المركزية ومفهوم الحوكمة الرشيدة كانت كلّها محور حوار «التونسية» مع السيدة ليلى بحرية قاضية سابقة ورئيسة «مرصد شاهد» وناشطة حقوقية التي أكدت أن القضاء سيتعافى حتما حال وجود وجوه شابة لم تتلبس بالفساد وأنها ليست متشائمة سواء بخصوص وضع الحريات أو بشأن نجاح التجربة الديمقراطية مشيرة إلى أهمية إرساء سلطة محلية كلبنة أساسية لدعم الديمقراطية الناشئة ببلادنا.
اليوم هناك تساؤلات أمام ما يروّج حول الجمعيات. ماذا تقدّمون في إطار نشاطكم للمواطن التونسي؟
- لست أدري ما تقصدان بما يروج حول الجمعيات ولكن أكيد أن عدد الجمعيات الذي ارتفع من 8000 قبل الثورة إلى ما يقارب 18000 بعد الثورة يجعل من المشروع طرح التساؤلات مثلما هو الحال بالنسبة للطفرة التي عرفتها بلادنا في عدد الأحزاب بعد الثورة (200 حزب). ولكن دعني أقول إنّ الفرز سيتم حتما وقد بدأ فعلا سواء بالنسبة للأحزاب أو الجمعيات ولن يبقى في الأخير إلا من هو قادر على تقديم الإضافة للبلاد والمواطن خاصة في مرحلة انتقالية هي بالأكيد معقدة ويمكن أن تمتد على مدى ما لا يقل عن عشر سنوات أخرى. وأضيف بأنه وقبل الثورة وباستثناء بعض الجمعيات التي تعدّ على أصابع اليد الواحدة فإن جلها كان يدور في فلك السلطة والحزب الحاكم المحلّ. أما بعد الثورة واليوم وبعد 5 سنوات فإن المجتمع المدني الجديد هو بصدد التشكل وأقصد بالمجتمع المدني ذلك الذي ينشط على مسافة من كلّ الأحزاب سواء في السلطة أو في المعارضة حتى يقوم بدوره الحقيقي أي يكون العين الرقيبة للتنبيه إلى كل مخاطر الانحراف والرجوع إلى ما قبل الثورة أي أن يكون صمام أمان ضد عودة الاستبداد كما أن هذا المجتمع المدني الجديد يجب أن يكون حاضنة للشباب حتى تبرز الطاقات التي ستكون قيادات المستقبل.
أما في ما يخص «مرصد شاهد» وبحكم تواجدنا في كل الجهات تقريبا عبر التنسيقيات الجهوية والمحلية استعدادا لانتخابات 2014 وعبر الحملات التحسيسية فقد حرصنا على استقطاب العناصر الشابة النوعية والقرب من المواطنين لتحسيسهم بأهمية مشاركتهم في الشأن العام عبر اختيار ممثليهم والخروج من السلبية.
لو تقيمين وأنت قاضية سابقة تحركات جمعية القضاة؟ هل تتسم بالموضوعية أم وقعت في فخ العصبية القطاعية ؟
- الفكر القطاعي لا ينحصر في جمعية القضاة فقط بل وهذا مؤسف طغى على جميع التحركات والاحتجاجات ويعود سبب ذلك إلى غياب المشروع الوطني الجامع وبالتالي فالكل يتمترس وراء الاستقلالية والثورة لجني أقصى ما يمكن من المكاسب المادية منها والمعنوية. وأكيد أن استضعاف الدولة بعد الثورة ورضوخها للضغوطات القطاعية مثلما هو الحال في جميع المراحل الانتقالية غيّب فرصة بناء المشروع الجامع هذا إضافة إلى أن نظام الاستبداد والفساد لا يمكن أن ينتج نخبة ليست على الشاكلة التي نشهدها الآن.
اليوم كذلك المحللون يجمعون على ضوء الخلافات الاخيرة أن هناك حربا بين الامن والقضاء وقودها الإعلام. ما رأيك ؟
- الأمن والقضاء والإعلام هو الثالوث الذي أسس عليه المخلوع نظامه الاستبدادي الذي أدى إلى خراب البلاد وانتهاك الحقوق والحريات ونهب الأرزاق وهي مؤسسات لم ينصلح حالها بعد ويتطلب الأمر الكثير من الوقت. أما ما يسمى بالحرب بين الأمن والقضاء وقودها الإعلام فالأمر يتعلق خاصة ببعض القضايا الحساسة والتي برز من خلالها اتجاه للضغط على القضاء ليصدر أحكامه لصالح هذه الجهة أو تلك والحال أن دور القضاء هو البحث عن الحقيقة وإرجاع الحقوق المسلوبة لأصحابها وتطبيق القانون وليس إرضاء أية جهة كانت. وصراحة فإن المؤسسة الأمنية التي تعودت على مدى عقود أن توجّه القضاء أو لنقل بعض الدوائر القضائية خاصة في القضايا الحساسة تتوجس خيفة من فقدان سلطتها هذه ومع الأسف انخرط بعض الإعلاميين في هجمة ممنهجة على القضاء للضغط عليه والحال أن القاضي يجب أن يعمل ويصدر أحكامه بكل أريحية وهنا لابد أن أشير إلى أن القضاء سيتعافى حتما ببروز وجوه شابّة لم تلتبس بالفساد سواء كان إداريا أو ماليا.
القاضي أحمد صواب صرّح بأنّ هناك أطرافا حاكمة تريد قضاء طيّعا وإن كان فاسدا كما اعتبر أنّ بعض القضاة يتعاملون مع الملفات الارهابية من منطلق ترضية أطراف سياسية طمعا في مناصب. كيف تقرئين تصريحاته مع العلم أنه سبق لك أن صرّحت بأن القضاء هدم بمعاول أبنائه؟
- صراحة أنا لا أريد الدخول في هذا الجدل العقيم وأعتقد أن في تصريحات السيد أحمد صواب الكثير من التجني على زملائه في القضاء العدلي المنكبين على النظر في الملفات الارهابية في ظروف قاسية من حيث وسائل العمل وغياب الحماية الأمنية رغم خطورة الملفات التي بين أيديهم وحجم الضغوطات التي يتعرضون لها عبر وسائل الاعلام. ولعل السيد أحمد صواب يقصد بذلك قاضي التحقيق 13 الذي ما انفك ولا يزال يتعرض إلى حملة ممنهجة لتشويهه وهي حملة لم يتعرض لها على ما أعتقد أي قاض سواء قبل أو بعد الثورة ويعزى ذلك إلى صموده أمام كل المغريات والضغوطات وسيشهد له التاريخ بمهنيته في التعاطي مع أكثر الملفات الارهابية تعقيدا.
ما رأيك في قرارات الهيئة الوقتية للقضاء العدلي بعزل وتأديب بعض القضاة خاصة أنّ هناك من اعتبر أن القضاة المعنيين هم من تم إعفاؤهم وأرجعتهم المحكمة الإدارية في حين أنّ هناك قضاة يمارسون السياسة وليس العدالة لم تطلهم العقوبات؟
- صراحة لست على علم بكل تفاصيل الملفات التي نظرت فيها الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي باعتبار أنه لم يتم نشر أسماء القضاة الذين تم عزلهم أو إصدار قرارات تأديبية في شأنهم مع العلم أن نشر تلك القرارات ليس بدعة ففي أحد البلدان الأوروبية (إيطاليا)تبث أشغال مجلس التأديب مباشرة عبر القنوات التلفزية ولعل هذا يكون رادعا لمن تسوّل له نفسه خيانة أمانة رسالة القاضي سواء من خلال الفساد المالي أو غيره. والأكيد أن المؤسسة القضائية لم تتعاف بعد ولم تدخل عليها الاصلاحات الجوهرية الضرورية ولم تقع محاسبة كل من أجرم في حق البلاد والعباد بل هناك من كافأته الثورة بتقليده منصبا وزاريا ركض وراءه طيلة حياته المهنية كقاض ولم ينله إلا بعد الثورة وأخيرا تم «تهريبه» إلى الخارج في منصب ديبلوماسي كي يفلت من المحاسبة.
من إرساء منظومة للحكم المحلي صلب الدستور الى تراجع عن ذلك صلب مشروع قانون البلديات هل كان إدراج منظومة الحكم المحلي في مرحلة أولى بالدستور وليد مخاض سياسي وليس عن قناعة عند الأحزاب؟
- للتوضيح فإن الأحزاب أو أغلبها عند صياغة الدستور لم تهتم بالباب السابع المتعلق بالسلطة المحلية وهو من أحسن الأبواب في الدستور باعتباره يؤسس فعلا إذا تمّ تفعيله على مستوى القوانين والممارسة إلى ديمقراطية حقيقية تنطلق من القاعدة ومن شأن ذلك بناء حسّ مواطني. ويعود سبب عدم اهتمام السياسيين بهذا الباب والذي لم يثر أي جدل سواء في المجلس الوطني التأسيسي أو خارجه هو أن الاهتمام كان منصبّا على السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية وطريقة توزيع الصلاحيات داخل هذه الأخيرة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة استعدادا لانتخابات 2014 ولعل عدم اهتمام السياسين أو جلهم بباب السلطة المحلية هو الذي أفرز لنا هذا الباب بدون تشويه وسيتضح من خلال تفعيل الباب السابع من الدستور ما هي الأحزاب التي تؤمن فعلا بإرساء الديمقراطية الحقيقية من خلال الحكم المحلي.
العلاقة مع المجتمع المدني غير واضحة وآليات التواصل معه غابت أو غيّبت واختصاصات السلطة المحلية والجهوية مازالت غير دقيقة. أما العلاقة مع الوالي ودور المجلس الأعلى للجماعات المحلية فمسائل ما زالت تحتاج إلى نقاش . وإجمالا فان الرؤية مازالت غير واضحة؟
- هذا واضح حتى من طريقة صياغة مشروع قانون الانتخابات المحلية وكذلك مشروع قانون المجالس المحلية من قبل وزارة الداخلية في الحكومة السابقة إذ لم يقع تشريك مكونات المجتمع المدني وخاصة الجمعيات الناشطة في المجال الانتخابي والاستماع إلى مقترحاتها وكانت ما سمي بالاستشارة الوطنية بعد الانتهاء من تلك الصياغة فقط لذرّ الرماد على العيون. وعلى كل فإنّ «مرصد شاهد» ينتظر مصادقة مجلس الوزراء على مشروع قانون المجالس المحلية والذي ربما سيعرف تعديلات على ضوء الانتقادات الموجهة إليه ثمّ سنقدم اقتراحاتنا وتوصياتنا إلى اللجنة المختصة بذلك في مجلس نواب الشعب وأعتقد أن هناك تخوفا من دور المجتمع المدني وبالتالي المواطنين صلب الجماعات المحلية والمنصوص عليه بالفصل 139 من الدستور وبالتالي أظن أن المسألة أعمق من عدم وضوح الرؤيا بل لنقل بأنه ستقع محاولات الالتفاف على الباب السابع من الدستور برمته وهنا على المجتمع المدني أن يكون عامل ضغط بالمعنى الإيجابي للكلمة وقوة اقتراح لتنزيل باب السلطة المحلية في التشريعات المرتقبة قبل إجراء الانتخابات المحلية إذ أن النجاح في إرساء سلطة محلية طبقا لمقتضيات الدستور سيكون لبنة هامة لإنجاح الديمقراطية الناشئة في بلادنا.
الحوكمة المحلية ومستقبل التنمية بالجهات الداخلية. ما يسمع عن هذا الموضوع غير ما يُرى. هناك من يعتبر أنّ مسألة الحوكمة المحلية للتسويق وأن المبدأ هو التهميش. ما مدى وجاهة هذا الرأي؟
- سيكون الأمر كذلك إذا ما تم الالتفاف على ما جاء بالباب السابع من الدستور وعلى كل فهي معركة على غاية من الأهمية يجب أن يستعد لها كل المؤمنين بضرورة نجاح التجربة. كما أنه على السياسيين حكما ومعارضة أن يفهموا أنّ من شأن إرساء الحوكمة المحلية خفض حالة الاحتقان الاجتماعي في الجهات الداخلية وتخفيف العبء عن السلطة المركزية لكي تهتم بالمسائل الاستراتيجية التي أغفلتها كل الحكومات المتعاقبة بعد الثورة كحل للمشاكل الاجتماعية داخل الجهات.
الانتخابات البلدية القادمة هي انتخابات تشريعية سابقة لأوانها بوصفها محاولة لاستيعاب المشهد السياسي والحزبي الجديد بعد التصدع الذي عرفه «نداء تونس» وظهور أحزاب جديدة على الساحة. هذا ما قال أحد الأساتذة عن الموضوع. ما تعليقك؟
- اتفق تماما مع هذا الرأي وإذا سارت الأمور على هذه الشاكلة فإن الأمر على غاية من الخطورة على الانتقال الديمقراطي وأعتقد أن الأحزاب بتفكيرها بهذه الطريقة ستلحق الضرر لا بالبلاد واستقرارها فحسب ولكن كذلك بمصداقيتها. فالسلطة المحلية وخاصة على ضوء أحكام الباب السابع من الدستور تختلف في تصورها عن كل من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية إذ يجب أن تكون الانتخابات المحلية الباب الذي سنؤسّس عبره لثقافة المواطنة والديمقراطية التشاركية وتمكين الشباب وخاصة في المناطق الداخلية المهمشة من المشاركة في الشأن المحلي سواء عبر الترشح أو التصويت وكذلك عبر مراقبة عمل السلطة المحلية وتقديم مقترحات المشاريع ومتابعة تنفيذها وتبعا لذلك فإنه لو هيمنت الأحزاب على الانتخابات المحلية القادمة فإنه من المنتظر أن يحدث عزوف ربما يفوق ما شهدنا في انتخابات 2014 ومن شأن ذلك أن يعمق حالة الاحتقان في الجهات خاصة والبلاد تشهد منذ مدة عديد الاحتجاجات والحراك الاجتماعي. إذن على السياسيين أن تكون لهم نظرة استراتيجية وأن يغلّبوا مصلحة الوطن على المصلحة الآنية لأحزابهم.
تردد الدولة في التفويت في صلاحياتها المركزية لفائدة المواطنين بالجهات والمناطق المحلية هو تخوف من أن يؤدي ذلك إلى تفتيت البلاد. هل من الحكمة أن تبقى السلطة المركزية هي الحكم ,كيف ترون طبيعة العلاقة بينها وبين السلطة المحلية ؟
- هذا التخوف من تفتيت البلاد لا سند له في الدستور ذلك أن الفصل 14 من الدستور أكد على أن «تلتزم الدولة بدعم اللامركزية واعتمادها بكامل التراب الوطني في إطار وحدة الدولةّ» إذن فإن هذا التخوف هو نتاج نظرة ضيقة لا تتناغم مع مقتضيات الدستور ولا متطلبات الثورة. فالثورة انطلقت من الجهات وخاصة المهمشة منها والفقيرة وهي تنتظر إلى الآن وبعد خمس سنوات حقها في العيش الكريم بما يعني ذلك من تنمية وتشغيل وبنية تحتية ومرافق عمومية وأماكن ترفيه وفضاءات ثقافية ولا شك أن تشريك المواطنين في الشأن العام المحلي سيخفف العبء عن الدولة مع الملاحظة بأن الحديث عن سلطة محلية لا يعني غياب السلطة المركزية التي ستعنى أكثر بوضع الاستراتيجيات العامة وفي تواصل مع الجهات ولابدّ هنا من الإشارة إلى أنّ خيار المركزية كان دوما سمة الأنظمة الاستبدادية أما اللامركزية بمختلف تنوعاتها فهي سمة الأنظمة المفتوحة الديمقراطية التي تشجع المواطن أن يكون فاعلا في الشأن العام.
البعض يعتبر أن الانتخابات البلدية هي مطية للفوز بالانتخابات القادمة وأنّ غاية «البلدية» ليست النهوض بالمناطق وتحسين الخدمات. يعني أنّ الانتخابات مبنيّة على عقلية الغنيمة أين الصح وأين الخطأ؟
- لا شك أن للأحزاب السياسية حساباتها الآنية وهي ترنو من خلال الفوز في الانتخابات المحلية إلى كسب الانتخابات التشريعية القادمة ولكن هذا الرأي يتجاهل حتما دور المجتمع المدني كي تكون التشريعات المتعلقة بالسلطة المحلية متناغمة مع أحكام الدستور. فمثلا اقترحنا كمرصد شاهد خلال جلسة مع اللجنة البرلمانية المختصة أن يتم تعديل نظام الاقتراع بالنسبة للانتخابات المحلية لتفادي هيمنة الأحزاب عبر القائمات المغلقة والتي ستكون وسيلة لإقصاء الطاقات الشابة والمستقلين ونشطاء المجتمع المدني.
هل يمكن أن تكون الانتخابات البلدية القادمة نزيهة والحال أن للمال السياسي أحكامه ؟
- لا شك أنّ بلادنا بصدد مراكمة التجربة في الشأن الانتخابي فهناك مكاسب تحققت ولعل أهمها خروج الانتخابات من إشراف وزارة الداخلية وتعهيد هيئة دستورية مستقلة بها ونحاول جميعا كأحزاب ومجتمع مدني وإعلام من خلال تقييم انتخابات 2014 أن نعزز المكتسبات ونتلافى الاخلالات وهي عديدة ولعل أهمها دور المال السياسي في الانتخابات وهي مسألة معقدة لأنه يصعب مراقبته في بلد أكثر من نصف معاملاته تتم على هامش الدورة الاقتصادية الرسمية. كما أنه يجب أن نقرّ بأن المال السياسي يجد حاضنة له في مؤسسات نخرها الفساد ولم تتم الاصلاحات الجوهرية في شأنها بل إن الفساد نخر المجتمع ككل وأصبح ثقافة طاغية ورغم ذلك فإن القانون الانتخابي يجب أن يتضمن أحكاما أكثر ردعية وأكثر صرامة بخصوص المال السياسي الذي يفسد الحياة العامة. ثم إن مراقبة المال السياسي لا يجب أن تنحصر في فترة الحملة الانتخابية بل يجب أن يكون عملا متواصلا وهنا أشير إلى أن «مرصد شاهد» أكد خلال جلسة الاستماع المنعقدة مع اللجنة البرلمانية المختصة بمجلس نواب الشعب على ضرورة تقنين الملاحظة في الانتخابات صلب القانون الانتخابي نفسه وذلك بتمكين المراصد المعنية بمراقبة الانتخابات من القيام سواء لدى الهيئة ولكن خاصة لدى المحكمة المختصة عند معاينتها وتسجيلها لتجاوزات وإخلالات. ذلك أنه وخلال انتخابات 2014 اقتصر دورنا على إصدار البيانات والظهور الإعلامي للتنديد بالإخلالات التي تم رصدها من قبل ملاحظينا الذين وفي مجال المال السياسي شهدوا يوم الاقتراع نفسه توزيع أموال على الناخبين أمام مراكز الاقتراع ولم يكن القانون الانتخابي يسمح لنا بالقيام قضائيا رغم توثيقنا تلك التجاوزات الخطيرة.
ولكن ورغم ذلك فإنه على كل المراصد المعنية بالشأن الانتخابي أن تستعد من الآن حتى تكون الانتخابات المحلية أقرب ما يمكن للنزاهة والشفافية حتى لا يقع التشكيك فيها من أية جهة كانت وبذلك فقط يتشجع المواطن على القيام بواجبه وحقه في نفس الوقت في اختيار ممثليه.
كحقوقية وناشطة في المجتمع المدني ما هي حالة الحريات ونحن كما قال احد المحللين السياسيين في «بلد تابع وهش وطبقة سياسية لا هدف لها سوى مغنم الحكم»؟
- لنكن موضوعيين وإيجابيين فبلادنا عاشت عقودا من القمع على جميع الأصعدة. فالتشريعات وخاصة الممارسة كانت تحاصر كل الحريات من حرية التنظيم إلى حرية التفكير والتعبير والإعلام والتظاهر السلمي لكن بعد الثورة وهذا أمر طبيعي أصبحت الحريات تمارس من قبل الجميع وأحيانا بدون ضوابط مما أدى ولازال إلى نوع من الانفلات ولكن شيئا فشيئا وبنموّ الوعي المجتمعي ستستقر الأمور لأن الحرية لا تعني الفوضى وتجاوز كل الخطوط الحمراء الموجودة حتى في أعرق الديمقراطيات. وأستطيع القول إنّ دستور 2014 يعتبر مكسبا في باب الحريات ولكن الدستور مازال في حاجة إلى تنزيله على مستوى القوانين وأكيد أن هناك جهات تريد الجذب إلى الوراء لتقليص هامش الحريات ولكنّي أعتقد أن صمام الأمان للتصدي لهذا الجذب إلى الوراء هو المجتمع المدني الجديد والذي من ضمن أدواره غرس ثقافة المواطنة والوعي بحماية المكسب الذي أتت به الثورة وهو هامش الحريات.
ولعل أهم ضامن للحقوق والحريات هو القضاء المستقل والنزيه وهو المبدأ الذي تصمنه الفصل 102 من الدستور وفي الأخير يجب أن نعي جميعا بأن المرحلة الانتقالية في كل التجارب العالمية غير مستقرة ويمكن أن تعرف تراجعات وانتكاسات لا قدّر الله والمهم أن نبقى جميعا متيقّظين وشخصيا لست متشائمة سواء بخصوص وضع الحريات أو بشأن نجاح التجربة الديمقراطية في بلادنا رغم التعثرات والانزلاقات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.