تأجيل تأهل المغرب إلى ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    ظهر في مقطع فيديو يتجول بسيف كبير الحجم: الفرقة 17 تطيح بأخطر منحرف في السيجومي    مزاجك متعكّر؟ جرّب هذه العادات اليومية السريعة    ليبيا.. احتجاجات كبيرة على الاوضاع العامة في طرابلس    وزارة التربية تنشر روزنامة اختبارات الامتحانات الوطنية للسنة الدارسية 2025 /2026    أحمد الجزيري: لا إضراب عام في البنوك نهاية ديسمبر... والموظف البنكي أصبح تحت خط الفقر    المجلس الجهوي لهيئة الصيادلة بتونس ينظم الدورة 13 للايام الصيدلانية يومي 16 و17 جانفي 2026 بتونس    استراحة الويكاند    الإتفاق خلال جلسة عمل مشتركة بين وزارتي السياحة والفلاحة على إحداث لجنة عمل مشتركة وقارة تتولى إقتراح أفكار ترويجية ومتابعة تنفيذها على مدار السنة    رئيس البرلمان يفتتح مهرجان زيت الزيتون بتبرسق    الليلة: أمطار أحيانا غزيرة بهذه المناطق والحرارة تتراجع إلى 3 درجات    كأس افريقيا: المنتخب المصري أول المتأهلين للدور ثمن النهائي بفوزه على جنوب افريقيا    رئيس مجلس نواب الشعب يشرف على اجتماع المكتب    عاجل: 30 ديسمبر آخر أجل لتسوية المطالب الخاصة بالسيارات أو الدراجات النارية (ن.ت)    فيليب موريس إنترناشونال تطلق جهاز IQOS ILUMA i في تونس دعماً للانتقال نحو مستقبل خالٍ من الدخان    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    صادم/ كهل يحتجز فتاتين ويغتصب احداهما..وهذه التفاصيل..    قرقنة تكشف مخزونها التراثي: الحرف الأصيلة تحول إلى مشاريع تنموية    وزارة الفلاحة تدعو البحّارة إلى عدم المجازفة والإبحار الى غاية إستقرار الأحوال الجويّة    توزر: تنشيط المدينة بكرنفالات احتفالية في افتتاح الدورة 46 من المهرجان الدولي للواحات    قائمة أضخم حفلات رأس السنة 2026    السعودية.. الكشف عن اسم وصورة رجل الأمن الذي أنقذ معتمرا من الموت    سعر غرام الذهب سيصل الى 500 دينار..!    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    وزارة التربية تنظّم يوما مفتوحا احتفاء بالخط العربي    أيام القنطاوي السينمائية: ندوة بعنوان "مالذي تستطيعه السينما العربية أمام العولمة؟"    4 أعراض ما تتجاهلهمش! الي تتطلب استشارة طبية فورية    صادم : أم تركية ترمي رضيعتها من الطابق الرابع    الكاف : عودة الروح إلى مهرجان صليحة للموسيقى التونسية    مقتل شخصين في عملية دهس وطعن شمالي إسرائيل    ممثلون وصناع المحتوى نجوم مسلسل الاسيدون    تونس والاردن تبحثان على مزيد تطوير التعاون الثنائي بما يخدم الأمن الغذائي    نجم المتلوي: لاعب الترجي الرياضي يعزز المجموعة .. والمعد البدني يتراجع عن قراره    بداية من شهر جانفي 2026.. اعتماد منظومة E-FOPPRODEX    القيروان: حجز كمية من المواد الغذائية الفاسدة بمحل لبيع الحليب ومشتقاته    محكمة الاستئناف : تأجيل النظر في قضية "انستالينغو" ليوم 09 جانفي القادم    عاجل: هذا ماقاله سامي الطرابلسي قبل ماتش تونس ونيجيريا بيوم    عاجل/ انفجار داخل مسجد بهذه المنطقة..    جندوبة: انطلاق اشغال المسلك السياحي الموصل الى الحصن الجنوي بطبرقة    بُشرى للجميع: رمزية 2026 في علم الأرقام    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    عاجل/ تقلبات جوية جديدة بداية من ظهر اليوم..أمطار بهذه الولايات..    عاجل : شركة نقل بنابل تعلن عن انتداب 35 عونا ...الشروط و رابط التسجيل    عاجل: المعهد الوطني للرصد الجوي يعلن إنذار برتقالي اليوم!    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    تونس : آخر أجل للعفو الجبائي على العقارات المبنية    عاجل/ مع اقتراب عاصفة جوية: الغاء مئات الرحلات بهذه المطارات..    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    القناة الجزائرية تفتح البث المجاني لبعض مباريات كأس أمم إفريقيا 2025.. تعرف إلى ال Fréquence وطريقة التنزيل    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    عاجل : لاعب لريال مدريد يسافر إلى المغرب لدعم منتخب عربي في كأس الأمم الإفريقية    هام/ كأس أمم افريقيا: موعد مباراة تونس ونيجيريا..    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مقابلات اليوم من الجولة الثانية    استدرجها ثم اغتصبها وانهى حياتها/ جريمة مقتل طالبة برواد: القضاء يصدر حكمه..#خبر_عاجل    عاجل/ قتلى وجرحى في اطلاق نار بهذه المنطقة..    أبرز ما جاء لقاء سعيد برئيسي البرلمان ومجلس الجهات..#خبر_عاجل    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    ترامب يعلن شن ضربة عسكرية على "داعش" في نيجيريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عميرة عليّة الصغيّر ل «التونسية»:لا أنصاف حلول مع الإرهاب
نشر في التونسية يوم 12 - 03 - 2016

لا يجب الاستهانة بإصرار «الدواعش» على «فتح تونس»
إرهابيو تونس صناعة محليّة
حاورته: سنيا البرينصي
قدم قراءة أكاديمية دقيقة ومعمقة لتاريخ ظهور الحركات الإرهابية المتلحفة بالدين. و عرج على حقب تنامي التيارات الإسلاماوية عبر مراحلها المتعاقبة. ودق ناقوس الخطر محذرا من محاولات «دعشنة» تونس تحت مسميات وتقييمات وتبنيات مغلوطة مستعرضا تاريخ صناعة الإرهاب فكرة وتمويلا وتسليحا وتنفيذا ودعما وتأدلجا, مقرا في الأثناء أن إرهابيينا «صناعة محلية بحتة وبضاعة ردت إلينا».
المؤرخ والأكاديمي وأستاذ التاريخ المعاصر بالجامعة التونسية د- عميرة عليّة الصغيّر تحدث كذلك ل « التونسية» عن الانتصارات الأمنية والعسكرية المسجلة في بن قردان, أين تم إحباط مخطط الدواعش لإقامة إمارتهم الموعودة او هكذا خيّل إليهم ملاحظا وجود إخلالات ونقائص في الإستراتيجية الوطنية للحرب على الإرهاب التي اعتبر أنها ستكون أنجع إن تم تجفيف منابع هذه الآفة, تأسّيا بمقولة « للقضاء على البعوض عليك بتجفيف مستنقعاته». بداية ما تعليقكم على النجاح الباهر الذي حقّقته قواتنا المسلحة في بن قردان؟
لا يسع أي تونسي غيور على وطنه الا أن يسعد بهذا النجاح, وأن نهنئ انفسنا بهذا الانتصار على الدواعش, ونطمئن بأن حماة الوطن على استعداد لمجابهة الخطر, وإن كانت عديد الفجوات ما تزال قائمة. نترحم على الشهداء من حاملي الزي الوطني من الأمنيين والجيش والديوانة ومن المدنيين.
قلتم «هناك فجوات مازالت قائمة».. ماذا تعنون؟
دون ادعاء التخصص في المسائل الأمنية أو الاستراتيجية مثلما يدّعي البعض ولكن كمتتبع ينبه لمسار الواقع الأمني بالبلاد أرى أن نقائص ما تزال قائمة في هذا المستوى بعضها نتيجة حل جهاز أمن الدولة ،مما ترك نقائص في القدرة الإستعلامية ليس فقط في المناطق الحدودية بل حتى داخل البلاد. في واقع الحال ، وقد اتضح أن أغلب العناصر المتورطة في عملية بن قردان من المدينة بل وكانوا متواجدين فيها والسؤال هو لماذا لم تقم قوات الأمن بعملية استباقية لإيقاف العناصر المشبوهة؟ وهذا يمكن أن يعمّم على بقية الجهات في تونس ، فالذين ينتمون للفكر التكفيري وحتى من عادوا من مناطق الارهاب ،معروفون لدى السلط وعلى دوائر الأمن الاحتياط وحتى إيقاف هذه العناصر وقانون مكافحة الارهاب لسنة 2015 يسمح بتتبع كل العناصر الحاملة للفكر التكفيري وحتى الذين يشيدون بالإرهاب, وكذلك الشأن بالنسبة لتأمين الحدود أعتقد ان الجانب اللوجستي ناقص وحتى الخندق المحفور تبين عدم قدرته على صد المتسربين . المراقبة الالكترونية والإنذار المباشر ممكن ولا يكلف الكثير خاصة ان المنطقة الحدودية منبسطة وأن دولا غربية أبدت استعدادها لدعم جهد تونس في محاربة الارهاب مثل فرنسا.
هل تم بالفعل إحباط مخطط احتلال بن قردان وإقامة إمارة داعشية في المنطقة؟ أم أن الخطر لا يزال قائما؟ وماهي أنجع الاليات الكفيلة للتصدي للتهديدات الإرهابية القادمة من الجبهة الليبية في تقديركم؟
هذه المحاولة الجدية لتكوين إمارة سلفية تابعة لدولة الخلافة في بن قردان سبقتها محاولات أخرى في سجنان وفي الشعانبي ، وإن فشلت هذه المحاولات فإن إرادة الإرهابيين ستبقى قائمة وما صرّح به الدواعش عن طريق إعلامهم وفيديواتهم، بعد فشل محاولتهم هذه ، من إصرارهم على «فتح تونس» ومحاربة «نظام الديمقراطية الكافرة» والعلمانيين والمرتدين من أهلها وأهل الذمة فيها ليس من باب الدعاية بل هو الحقيقة. الخطر سيبقى قائما من الجانب الليبي أولا لأن الدواعش يتمركزون هناك في عديد المناطق بدعم من جماعة الإخوان, وعددهم سيزداد في الايام القادمة بنزوح الهاربين منهم من سوريا خاصة أن نسبة كبيرة منهم من الإرهابيين التونسيين وأنه لا مفرّ لهم إلاّ الهروب الى تونس بما أن الحدود الجزائرية محكمة الغلق. ثانيا يتمتع دواعش الخارج بدعم من الخلايا النائمة في مختلف جهات البلاد وربما هم مستفيدون من تواطؤ عناصر داخلية إضافة للدعم من عصابات التهريب لأنه ثابت أن المصالح بين الارهابيين والمهربين متبادلة, ولذا لا مفر من تقوية الاستعلامات داخل تونس وخارجها والقيام بالضربات الاستباقية بإيقاف كل العناصر المشبوهة ، هذا طبعا ليس فقط بزيادة جهوزية قواتنا الامنية والعسكرية تدريبا وتسليحا واستخبارا ، بل بإسنادها وتقوية معنوياتها ماديا والإحاطة بعائلات شهدائها.
أغلب الإرهابيين الذين لقوا مصرعهم في بن قردان هم من أبناء الجهة؟
الثابت فعلا، من مصادر متقاطعة أن العناصر الإرهابية التي قُتلت أو اعتقلت ،أغلبها من المنطقة أو من بن قردان وهذا يضع نقاط استفهام كثيرة وشكوكا في جدية تتبع العناصر المسترابة وخاصة في فترة انغراسها وتجنيدها للأتباع سنوات 2011 - 2014. يجب أن ننتقل من طور الإدانة فقط عند حدوث الجرم الارهابي الى الإدانة عند حمل الفكر المؤدي للجريمة الإرهابية وقانون الإرهاب لسنة 2015 يسمح بذلك. وهذا لا يعني البتة اتهام سكان بن قردان بالخيانة لأن وقفة البنقردانيين إلى جانب قوات الأمن والجيش لدحر الإرهابيين وعدم تلبية ندائهم للانضمام اليهم برهان على وطنية أهل جنوبنا وهذا ليس بجديد.
هل أن انتصارات بن قردان دليل على تحرر الأجهزة الأمنية من قبضة التعليمات السياسية مقابل وجود إرادة سياسية من الحكام الجدد لمكافحة الارهاب؟
صحيح في ظني أن الانتصار على الارهابيين في عملية بن قردان الأخيرة يثبت أن القوات الأمنية أضحت تشتغل بأكثر حرية ونجاعة ورفعت عنها سياسة التعليمات المباشرة وربما التوجيهات التي تعيق عملها . أمّا انّها تحررت تماما وأن هناك إرادة سياسية واضحة وحاسمة في اجتثاث الارهاب فإنني لست واثقا من ذلك لعدة اعتبارات لأن مقاومة الإرهاب لا تكون في المستوى العملياتي فحسب, فالسياسي ، أي الحاكم لم يدرك بما فيه الكفاية مدى استشراء الفكر الارهابي عبر قنوات بثه الكثيرة، وفي المدارس وفي الجوامع وعبر المكتبات والجمعيات والمال .
يؤكد مراقبون أن الإرهاب في تونس حلقة مترابطة بين صانعيه ومموليه ومبيضيه ومنفذيه في الداخل, فهل أصبحت هذه الآفة صناعة محلية في علاقة بالتهريب والتجارة الموازية على الحدود مع كل من ليبيا والجزائر؟
الإرهاب هو ظاهرة عالمية لعدة اعتبارات. العالم أضحى قرية واحدة ، في تداخل مع مصالح الدول الكبرى والدول التي في خدمتها بالوكالة, وإن لم تخلق الدول الكبرى تلك التنظيمات الارهابية شأن «القاعدة» وبن لادن منذ الثمانينات من القرن الماضي انطلاقا من افغانستان، فإنها تستعملها خدمة لمصالحها وأجنداتها ، لكن يبقى الإرهاب في جوهره «صناعة محلّيّة» وخاصة إرهاب المتسترين بالإسلام التكفيري وهؤلاء ثقافتهم تؤدي حتما إلى فكر التكفير ثم التفجير والايمان الراسخ بأن المسلمين أحسن أمة أخرجت للناس وأن كل الاديان الأخرى إما محرفة أو كافرة وأن «شرع الله» يجب أن يسود كل الخليقة وان ذاك «وعد الله»، وهم لذلك يرفعون سلاح التكفير ليس فقط في وجه الحاكم ك «طاغوت» بل في وجه كل مختلف وكل متحرر في ممارسة طقوسه الدينية, بمعنى آخر, الارهابيون هم إنتاجنا المحلي، لكن هم صنيعة خاصة للتيارات الإسلامويّة المتلحفة بالدين . في تونس يجب أن نعيد وجودهم الى السبعينات إثر انتشار الفكر الإخواني مع كتب حسن البنا وسيد قطب والمودودي ومحمد ابن عبد الوهاب وابن تيمية وأشرطة الشيخ كشك ثم القنوات التلفزية وشيوخ ودعاة التكفير¸كما أن التهريب هو رافد للإرهاب من كل الحدود وتجارة الممنوعات من المخدرات الى السلاح والمال والبشر كلها في خدمة الارهابيين وبارونات التهريب ومافيا الفساد.
حسب اعتقادكم من صنع تنظيم «داعش»؟ ولأية أهداف؟ وهل يمكن القول إن نصف أجندات صانعيه سقطت بالنظر لصمود سوريا والإطاحة بإخوان مصر, إضافة إلى فطنة الجزائر ومقاومة التونسيين الشرسة؟
تطور الإرهاب في تنظيماته وأصبح بعضها عابرا للقارات ولعلّ أشهرها تنظيم « القاعدة» وما تفرع عنه من تنظيمات ك «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» و«أنصار الدين» في مالي (2001) و«أنصار الشريعة» المحظور في تونس (2011) و«جبهة النصرة»(2011) في سوريا و«بوكو حرام»(2002) في نيجيريا و«القاعدة في شبه الجزيرة العربية» (2009) لتتكوّن سنة 2006 «داعش»و التي اتخذت اسم «الدولة الاسلامية» او «دولة الخلافة» تحت قيادة ابي بكر البغدادي منذ 29 جوان 2014 وهي كما هو ثابت تفرع عن «القاعدة» التحقت به عديد القوى السنية وبقايا جيش صدام حسين في التقاء للمصالح للتمرد على سيطرة واضطهاد حكم الشيعة في بغداد الذي وضعته أمريكا بعد احتلال العراق. داعش هي كذلك ممولة من الولايات المتحدة ومدعومة من تركيا ودول عربيّة بدافع من الامريكيين كحلف سني وضد ايران وفي النهاية خدمة مصالح الولايات المتحدة الامريكية في تفتيت العراق وسوريا وخدمة اسرائيل بأموال العرب ودماء أبنائهم السذج الذين جندوهم للجهاد. وبإسقاط حكم الإخوان في مصر وفشل إسقاط نظام بشار الأسد في سوريا بدأت أحلام الدول المخططة تتبخر, لكن في النتيجة الغايات تحققت ولو جزئيا ، العراق منهار ، سوريا منهارة ، اليمن منهار ، وشراءات دول الخليج للأسلحة زادت وسوق الموت المموّل من المصانع الأمريكية والغربية ناشط . في شمال افريقيا ، ليبيا منهارة ومرشحة لخراب أكبر ، فقط تبقى الجزائر والمغرب وتونس عصية الى حدّ الآن.
هل صحيح أن تونس ضحية صراع إقليمي ودولي نظرا لموقعها الإستراتيجي كساحة عبور نحو ليبيا والجزائر ثم لاحقا إفريقيا السوداء؟
لا اتفق مع هذا القول ، هذا الكلام كان يقبل حتى الستينات والسبعينات من القرن الفائت ، ومنذ السبعينات بتطور قدرة الاستعلام عن طريق الأقمار الاصطناعية وتطور الاسلحة وأجهزة المراقبة وسرعة التحرك للجيوش، أضحت الأرض ثانوية في الحروب والسيطرة . الضربات العسكرية في افغانستان كانت تدار من قاعدة «واست بونت» بالغرب الأمريكي, لكن تبقى تونس، لموقعها ، ذات اهمية في استراتيجية ومخططات القوى التي تريد أن تتنفذ بالمنطقة عبر من تستخدمهم المخابرات وهم كثر. العبور نحو ليبيا يمكن ان يكون عبر حدود بحرية وقارّيّة بآلاف الكيلومترات وكذلك افريقيا.
القبائل الليبية أعلنت استعدادها لمساعدة تونس في حربها على الإرهاب؟ فهل أخطأت تونس عندما أغفلت هذا الجانب؟
طبعا أخطأت الحكومة التونسية حين أهملت التعامل مع القبائل الليبية.
هل لهجوم بن قردان علاقة بهبّة التونسيين لإسقاط قرار تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية؟
لا ادري، لكن ذلك لا يستبعد, وفي ظني أن ضربة صبراتة الأخيرة والحديث المتواتر عن تدخل وشيك لقوات غربية لدحر الدواعش في ليبيا جعل هؤلاء الجرذان يسرعون في الخروج من جحورهم والإقدام على تنفيذ مشروعهم الدائم وهو «فتح تونس» ظنا منهم أنها الأضعف وأن حلفاءهم والمتعاطفين معهم كثر في بلادنا ، لكن أطماعهم تكسرت أمام صمود حماة الوطن.
ما تعليقكم على ما وصفه البعض بسقوط تونس في صراع المحاور بين السعودية وإيران؟
السياسية الخارجية لحكومة وطنية فعلا يجب أن تكون فوق الإصطفاف المحوري وخارجه, أي لا محور السنّة ولا محور الشيعة, بل مع محور مصالح تونس ومع مساندة القضية الفلسطينية دون مزايدات ولا عنتريات فارغة. إن كان من محاسن تذكر لسياسة حكم بورقيبة هي السياسة الخارجية التي كانت بعيدة عن التجاذبات والمحاور وديدنها المصلحة الوطنية وربط علاقات الصداقة مع الجميع.
وبالنسبة لانضمام تونس إلى التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب؟
غلطة كبيرة, وجر لبلادنا في مطبات هي في غنى عنها. تونس ما تزال تضمد جراحها ووضعها الاقتصادي والاجتماعي المنخرمين يعفيانها من أية تحالفات ولو شكلية.
كيف يمكننا الانتصار على الإرهاب؟
لا انتصار على الارهاب بإيقاف ارهابي هنا وقتل ارهابيّ هناك بل يجب تجفيف منابع الارهاب وذاك يتوجب ضرورة تجاوز ما دأبت عليه المجتمعات الاسلامية من الاعتقاد في قدسية الموروث من اجتهادات وتأويلات رجال الدين من فقهاء وشيوخ ومن مفسرين ورواة والوعي بضرورة السّمو بالإسلام في أبعاده الروحية والماورائية وقراءة النص الديني بعقل ناقد وخلاق ،و فهمه في تاريخيّته إن كان قرآنا أو سنّة . هذه الشروط الأساسية التي لا محيد عنها لخروج المسلمين من المأزق التاريخي الذي هم متردّون فيه. كما انّ التخلّص من تلك النظرة الاسطورية التمجيديّة لتاريخ الاسلام والمسلمين واعتماد المقاربات العلمية الموضوعية للماضي هما الكفيلان بسحب البساط من تحت اقدام المستنجدين بالتاريخ وبسيرة السلف وبأقوالهم لتشريع القتل وادعاء هدي الناس بالقوة وفرض نظام حياة خاص عليهم، أنتجه بشر لعصر غير عصرهم. التحديث الاقتصادي والاجتماعي والاداري دون اعتماد الفصل بين الديني والسياسي أي حصر الدين في الحيز الخاص في مجال العبادة والروحانيات هو حتما تأسيس للدولة الدينية ( مهما اختلفت تسمياتها ، جمهورية أو ملكية)، أي تأسيس للاستبداد لأنه كما كتب الأستاذ محمد الشرفي « أنّ التاريخ كلّه قد أبان بما فيه الكفاية استحالة أن تكون الحكومة الدينيّة ديمقراطيّة وانّه اذا كانت كلّ الدّكتاتوريات شنيعة فإنّ أشنعها الدكتاتوريات الدّينيّة اذ هي لا تكتفي بالتحكّم في العلاقات السياسيّة والاجتماعيّة، بل أيضا في المواقف الفرديّة ، وهي لا تكتفي بالتحكّم في السّلوكات ، بل أيضا في الضمائر وما تخفي الصدور». إمّا ان يكون تحديثا كاملا والاّ كان فشلا كاملا ، التاريخ لا يؤمن بأنصاف الحلول، وهذا للأسف ما وقعت فيها عديد البلدان ومنها تونس. وما تعانيه بلادنا الآن من صعود قوي للأصولية وللتيارات الإسلامية الظلامية واستشراء للإرهاب ،بعد مسار تحديثي متقدم نسبيا على دول عربية كثيرة، هو نتيجة سياسة التحديث المنقوصة والتردد في التعامل مع القضايا الدينية والذهاب بها الى منتهاها، كذلك نتيجة السياسة الثقافية للدولة التي كانت أكثر جرأة وانتصارا للعقل والتجديد والانفتاح منذ الاستقلال قبل ان تنتكس مع منتصف السبعينات من القرن الماضي ، علاوة على التدخل الأجنبي ، وها هي البلاد تحصد الآن نتيجة ذاك الانتكاس والتردد والحسابات السياسية الضيقة, لكن الأمل يبقى قائما.
تونس بين فكي كماشة: إرهاب, تدهور إقتصادي, بطالة, تهميش, في كلمة: إلى أين نحن سائرون؟
تونس مفتوحة على كل الإمكانيات, لكن لكي نسير نحو الاختيار الأسلم على الناس وخاصة نخب المجتمع أن تعي أن المصير بأيدينا شريطة التخلي عن روح الاستقالة والوقوف على الربوة, وأن الوطن ما يريده اهله. شرط العمل والعمل والفعل السياسي الواعي والتضحية هي من شروط الخلاص.
ما تعليقكم على دعوة تنسيقية الأحزاب الحاكمة إلى التظاهر ضد الإرهاب؟ وهل أن مكافحة الإرهاب تحتاج فقط إلى مسيرات قد لا تغني أو تسمن من جوع؟
المناداة للتظاهر ضد الإرهاب كالحرث في البحر ومقاومة الارهاب تتطلب كشف الارهابيين و كشف مبرمجيهم وترك القضاء يشتغل بحرية وإعطاء الامن كل الصلاحيات ليقوم بواجبه. البقية بكائيات ومسرحيات هزيلة.
كيف تشخصون المشهد العام في تونس منذ قدوم الحكومة الحالية؟
الوضع بائس: أمنيا, هناك تحسن وهذا إيجابي. إقتصاديا واجتماعيا: فشل ولا جديد يذكر وليس هناك سياسات فعلية لوضع الاقتصاد على ساقيه وإعطاء الأمل للشعب التونسي. ديبلوماسيا هناك فشل ولخبطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.