أحمد الجزيري: لا إضراب عام في البنوك نهاية ديسمبر... والموظف البنكي أصبح تحت خط الفقر    نيويورك وشيكاغو في قلب عاصفة ثلجية وفوضى في المطارات    وزارة التربية تنشر روزنامة اختبارات الامتحانات الوطنية للسنة الدارسية 2025 /2026    المجلس الجهوي لهيئة الصيادلة بتونس ينظم الدورة 13 للايام الصيدلانية يومي 16 و17 جانفي 2026 بتونس    رئيس البرلمان يفتتح مهرجان زيت الزيتون بتبرسق    كشفها الحكم المؤبّد على قاتل طالبة جامعية في رواد ... صفحات فايسبوكية للتشغيل وراء استدراج الضحايا    استراحة الويكاند    الإتفاق خلال جلسة عمل مشتركة بين وزارتي السياحة والفلاحة على إحداث لجنة عمل مشتركة وقارة تتولى إقتراح أفكار ترويجية ومتابعة تنفيذها على مدار السنة    الليلة: أمطار أحيانا غزيرة بهذه المناطق والحرارة تتراجع إلى 3 درجات    عاجل: 30 ديسمبر آخر أجل لتسوية المطالب الخاصة بالسيارات أو الدراجات النارية (ن.ت)    رئيس مجلس نواب الشعب يشرف على اجتماع المكتب    صلاح يهدي مصر «المنقوصة» فوزا شاقا على جنوب إفريقيا وتأهلا مبكرا إلى ثمن نهائي كأس إفريقيا    فيليب موريس إنترناشونال تطلق جهاز IQOS ILUMA i في تونس دعماً للانتقال نحو مستقبل خالٍ من الدخان    وزارة الفلاحة تدعو البحّارة إلى عدم المجازفة والإبحار الى غاية إستقرار الأحوال الجويّة    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    صادم/ كهل يحتجز فتاتين ويغتصب احداهما..وهذه التفاصيل..    قرقنة تكشف مخزونها التراثي: الحرف الأصيلة تحول إلى مشاريع تنموية    أيام القنطاوي السينمائية: ندوة بعنوان "مالذي تستطيعه السينما العربية أمام العولمة؟"    توزر: تنشيط المدينة بكرنفالات احتفالية في افتتاح الدورة 46 من المهرجان الدولي للواحات    قائمة أضخم حفلات رأس السنة 2026    سعر غرام الذهب سيصل الى 500 دينار..!    السعودية.. الكشف عن اسم وصورة رجل الأمن الذي أنقذ معتمرا من الموت    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    وزارة التربية تنظّم يوما مفتوحا احتفاء بالخط العربي    4 أعراض ما تتجاهلهمش! الي تتطلب استشارة طبية فورية    صادم : أم تركية ترمي رضيعتها من الطابق الرابع    هام/ الشركة التونسية للملاحة تنتدب..#خبر_عاجل    الكاف : عودة الروح إلى مهرجان صليحة للموسيقى التونسية    عملية طعن في اليابان..وهذه حصيلة المصابين..#خبر_عاجل    ممثلون وصناع المحتوى نجوم مسلسل الاسيدون    مقتل شخصين في عملية دهس وطعن شمالي إسرائيل    تونس والاردن تبحثان على مزيد تطوير التعاون الثنائي بما يخدم الأمن الغذائي    نجم المتلوي: لاعب الترجي الرياضي يعزز المجموعة .. والمعد البدني يتراجع عن قراره    بداية من شهر جانفي 2026.. اعتماد منظومة E-FOPPRODEX    القيروان: حجز كمية من المواد الغذائية الفاسدة بمحل لبيع الحليب ومشتقاته    محكمة الاستئناف : تأجيل النظر في قضية "انستالينغو" ليوم 09 جانفي القادم    عاجل: هذا ماقاله سامي الطرابلسي قبل ماتش تونس ونيجيريا بيوم    جندوبة: انطلاق اشغال المسلك السياحي الموصل الى الحصن الجنوي بطبرقة    عاجل/ انفجار داخل مسجد بهذه المنطقة..    بُشرى للجميع: رمزية 2026 في علم الأرقام    إهمال تنظيف هذا الجزء من الغسالة الأوتوماتيك قد يكلفك الكثير    كرة اليد: الترجي الرياضي يستأنف قرار قرار مكتب الرابطة    عاجل: المعهد الوطني للرصد الجوي يعلن إنذار برتقالي اليوم!    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    تونس : آخر أجل للعفو الجبائي على العقارات المبنية    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    عاجل : لاعب لريال مدريد يسافر إلى المغرب لدعم منتخب عربي في كأس الأمم الإفريقية    هام/ كأس أمم افريقيا: موعد مباراة تونس ونيجيريا..    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مقابلات اليوم من الجولة الثانية    مصر ضد جنوب إفريقيا اليوم: وقتاش و القنوات الناقلة    الرصد الجوّي يُحذّر من أمطار غزيرة بداية من مساء اليوم    استدرجها ثم اغتصبها وانهى حياتها/ جريمة مقتل طالبة برواد: القضاء يصدر حكمه..#خبر_عاجل    عاجل/ قتلى وجرحى في اطلاق نار بهذه المنطقة..    أبرز ما جاء لقاء سعيد برئيسي البرلمان ومجلس الجهات..#خبر_عاجل    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    ترامب يعلن شن ضربة عسكرية على "داعش" في نيجيريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



باسل الترجمان (خبير في الجماعات الإسلاميّة) ل«التونسية»:لا لمنطق الإرهابيّ بريء حتى يقتلنا
نشر في التونسية يوم 18 - 11 - 2015

على تونس ألاّ تفتح باب العودة أمام جيش من القتلة
أزمة «نداء تونس» حرب على الكراسي والمصالح
«داعش» دسّت عشرات المجنّدين مع اللاجئين لتنفيذ ضربات في الخارج
فرنسا تجني أشواك مشروع الخراب العربي
حوار: أسماء وهاجر
على وقع الضربات الأخيرة بالعاصمة الفرنسية باريس عاد الحديث بقوة عن «صناعة الإرهاب» وعن استيراد وتصدير الإرهابيّين والجهاديين.من الصانع ومن المستفيد؟ أسئلة عالقة بعدما أصبح الارهاب جزءا من استراتيجية دولية معقدة تصنع تحت أقبية المخابرات لنهب ثروات شعوب العالم المستضعفة وتغيير خريطته وهو مستمر باستمرار دعائمه كالتهريب وعصابات الجريمة المنظمة فقد تختلف نجومه ومسمّياته لكنّ جوهره واحد فمن بن لادن إلى أبي مصعب الزرقاوي إلى رجل الدواعش أبو بكر البغدادي ومن «القاعد» إلى «كتيبة عقبة» إلى «الموقعين بالدم» كلها أسماء تظهر وتزول لتخلفها أخرى ولكن الرسالة واحدة وهي كما ينعتها الدواعش «باقية وتتمدد» وقد يكون القادم أسوأ مع بداية جناح العمليات الخارجية ل«داعش» الذي يهدد اوروبا وتونس وغيرها من دول المغرب العربي. هذه بعض محاور حوار جمع «التونسية» بالسيد باسل الترجمان الباحث والاعلامي والخبير في شؤون الجماعات والحركات الإرهابية بالمغرب العربي والذي يعترض بشدّة على أيّ مشروع لقانون توبة الإرهابيين لأنه سيكون حسب تعبيره عبارة عن تشكيل جيش من القتلة والمجرمين والمتمرسين بكل أنواع الجرائم.
كلما توارت جماعة إرهابية عن مسرح الأحداث إلاّ وبرزت أخرى وكأن الدول العربية باتت مسرحا لصناعة الإرهاب وتصديره إلى الخارج؛ قبل استيراده من جديد. من الصانع ومن المستفيد ومن يحدد وجهة الارهابيين؟
الجماعات الإرهابية التي مرت عبر تاريخنا الحديث لم تخرج في كل محطاتها عن تاريخ جماعات الإسلام السياسي وتطورها وانتقالها بتدرج متسارع في تطوير إرهابها والانتقال في كل مرة إلى أسلوب جديد أكثر دموية ووحشية مما سبقه. وحتى لا نغرق في مفاصل التاريخ فمازال الجميع يتذكر كيف مارست حركة «طالبان» وتنظيم «القاعدة» عمليات القتل والإعدامات في ملاعب كرة القدم ورجم النساء في الساحات العامة بأفغانستان بعد سقوط النظام الشيوعي وسيطرتهما على مفاصل الحكم فيها. بعد الغزو الأمريكي للعراق وانتشار الجماعات الإرهابية وتحول تنظيم «القاعدة» بقيادة الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي إلى مشروع دولة العراق الإسلامية دخل إرهاب الجماعات مرحلة جديدة فصار الذبح وتصويره وبثه عبر الفيديو أحد وسائل التعبير عن جرائم هذه الجماعات واليوم وصل «داعش» أو ما يسمى ب«الدولة الإسلامية في العراق والشام» إلى درجة جديدة من إرهاب غير مسبوق في العصر الحديث من ذبح وحرق، وهذا الإرهاب الذي أصبحت الدول العربية ساحته الرئيسية جاء نتيجة طبيعية لحالة الفوضى الهدامة التي سعت الإدارة الأمريكية لتمريرها في المنطقة عبر الذراع السياسي للمشروع المتمثل في جماعات الإسلام السياسي وأولها جماعة الإخوان المسلمين وهذه الجماعات متعددة الولاءات أصبحت ساحة تستعملها عشرات الأطراف لخدمة أجنداتها وهذا متعارف عليه وتقبله تلك الجماعات على أمل أن يتاح لها ما يسمى بمفهوم «التمكين» الذي يمهد لإقامة ما يسمّى ب«دولة الخلافة» التي يتوهمون إقامتها وعودة الخليفة السادس الذي يتحدثون عنه وينتظرون عودته.
بعض الأطراف تعتبر أن رموز الإرهاب من بن لادن وغيره هم صنيعة استخباراتية بحتة، ما رأيك؟
من يرجع إلى تاريخ أسامة بن لادن وقبله شيخ الجماعة عبد الله عزام الذي عاش وتربي في أحضان جماعة الإخوان المسلمين والتي تعتبره احد شهدائها يجد أن تاريخ انطلاقها تأسس مع الغزو السوفياتي لأفغانستان حيث تكفلت المخابرات البريطانية في نهاية سنوات السبعين من القرن الماضي بتأسيس ودعم الجماعة التي سميت حينها بالمجاهدين العرب قبل أن تتحول إلى «القاعدة» السرية. وفي عهد الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغن فتحت أبواب واشنطن للجماعة وبقي مكتب تنظيم «القاعدة» مفتوحا في واشنطن إلى نهاية عام 1995 حيث وصلت العلاقة بين الطرفين إلى مرحلة اللاعودة وانتقلت من مرحلة الوفاء إلى مرحلة العداء ولا تنكر واشنطن ذلك وتعتبر أنها استغلت تلك الجماعات لإلحاق الهزيمة بالاتحاد السوفياتي في أفغانستان.
عديد المحللين السياسيين يرون أن ضربات باريس الارهابيّة هي نتيجة لسياسات فرنسا في سوريا وليبيا؟
بغض النظر عن أي موقف سياسي أقول أن ما جرى في باريس هو جريمة إرهابية غير مسبوقة يتحد العالم في إدانتها والتنديد بها ويقف متضامناً مع فرنسا شعباً ودولة ولا يمكن أن ننسى أن هذه الجريمة التي استهدفت أبرياء ومدنيين لم تفرق بين الضحايا بل كان هدف الإرهابيين إلحاق اكبر خسائر ممكنة وبث الرعب في صفوف المدنيين وقد كان ضحايا العمل الجبان من 19 جنسية ومن مختلف الأديان.
أمّا أن العملية تأتي رداً على السياسة الفرنسية في سوريا وليبيا وغيرها فيمكن القول أن أخطاء السياسة الخارجية الفرنسية واندفاعها باتجاه ركوب قافلة مشروع الخراب العربي بقيادة واشنطن جرّ عليها من الكوارث الكثير. ثمّ انّ فتح الجالية المسلمة المقيمة فيها الأبواب لشيوخ التطرف وتشجيع الشباب على الانخراط في المجموعات الإرهابية والذين فاق عددهم 1600 إرهابي فرنسي يتوزعون اليوم في عدة دول بالعالم من أفغانستان إلى الصومال واليمن مرورا بالعراق وسوريا وصولا إلى ليبيا واليمن بدأ ينعكس مباشرة على فرنسا التي يقيم فيها ما يقارب عشرة ملايين مسلم يرى بعضهم أنها تصلح لتكون جزءا من معركة الجهاد ضدّ «الكفار». فرنسا تلقت بالعمليات الإرهابية في باريس أولى ارتدادات التغاضي عن عمل ونشاط الجماعات الإرهابية على أراضيها وتحولهم للعمل في سوريا والعراق والتجربة التي حصلوا عليها ضمن هذه الجماعات سيكون لها ارتدادات مؤلمة في فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية التي تغاضت وشجعت الجماعات المتشددة.
كنت أول من صرّح بانتقال عشرات الارهابيين من «داعش» ضمن جحافل اللاجئين السوريين الذين فتحت لهم أبواب أوروبا فجأة ليتدفقوا عليها. هل يندرج ذلك في إطار سياسة مدروسة لتبرير حروب جديدة أسوة بما حدث بعد11سبتمبر 2011؟
ما صرحت به سابقا كان واضحاً لكن المطلوب في تلك الفترة غض الطرف عما سيجري وفجأة بدون مقدمات حركت صورة الطفل الكردي الغارق على شواطئ تركيا العواطف الإنسانية للعالم المتحضر الذي انتفض بعد أربع سنوات من الحرب التي تشنها عصابات الإرهاب ضد النظام السوري لفتح أبواب الهجرة بشكل غير مسبوق لمئات الآلاف من السوريين الذين فروا من المناطق التي تسيطر عليها العصابات الإرهابية وخاصة «داعش» و«النصرة» في شمال سوريا باتجاه تركيا ومنها إلى أوروبا. وقد استغلت الجماعات الإرهابية تلك الحالة ودفعت بالعشرات من عناصرها حاملين جوازات سفر سورية للانتقال إلى أوروبا تمهيدا لتوجيه ضربات إرهابية مؤلمة في قلب المدن وهو ما حصل للأسف في باريس والخوف اليوم أن تشهد الفترة القادمة عمليات إرهابية دموية بعديد المدن الأوروبية خاصة أنّ الإرهابيين الذين وصلوا من سوريا يملكون قواعد إسناد ودعم قادرة على احتضانهم وتسهيل تحركهم لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية.
سبق لكم ان قلتم إنّ «داعش» شكلت جناح عمليات خارجي سيبدأ بالتحرك قريبا وأن فرنسا ماهيّ إلا بداية، ماذا تقصدون بذلك وحسب رأيكم من المستهدف في قادم الأيام؟
«داعش» في بدايات تأسيسها اختلفت في منهج الجهاد مع تنظيم القاعدة الذي اعتبر أن الحرب مع الكفار لا تخرج عن توجيه ضربات مؤلمة لهم كلما سنحت الظروف بينما اعتبرت «داعش» ان الدولة الإسلامية التي أسستها تتمدد وبالتالي لا حاجة إلا لجمع الرجال والعتاد ومقاتلة الكفار أينما تصل قواتها وهذا كان شعارها «باقية وتتمدد» ولكن بعد التدخل الروسي والذي قلب الأوضاع تماما في سوريا تراجعت «داعش» وتلقت ضربات قاسية دمرت الكثير من قواتها وألحقت بها خسائر كبيرة جدا مما دفعها لإقرار تشكيل جناح العمليات الخارجي لتوجيه ضربات مؤلمة للدول التي انقلبت عليها بعد أن تنبهت متأخرا إلى مخاطر مراهنتها على هذه المجموعات لإسقاط النظام السوري، وعمليات باريس هي بداية عمل هذا الجهاز الذي سيشكل كارثة قادمة في أوروبا خاصة أن المساحة التي أعطيت لهم في السنوات الماضية للتنظيم والتجنيد وحشد الأنصار والجهاديين تسمح لهم بعمليات يصعب توقع نتائجها في أوروبا وانعكاساتها على منطقة البحر الأبيض المتوسط.
ما رأيك في من يتهم المخابرات السورية بأنها الصانع الحقيقي للإرهاب وان «داعش» ليست إلا مخلوقا يعلن مسؤولياته لتبرير خيارات السياسة الخارجية للقوى الاستعمارية؟
من يتّهم المخابرات السورية بصناعة الإرهاب ودعم «داعش» التي ولدت بالمناسبة في العراق قبل أن تتمدد الى سوريا يذكرني بمن قال في تونس إن الإرهاب «فزّاعة» وأن الإرهابيين في الشعانبي يمارسون الرياضة ويستمتعون بالهواء الطلق، من يشعرون بالورطة جراء خروج «داعش» عن النص الذي كان مطلوباً منها تقديمه ازداد خوفهم بعد عمليات باريس الإرهابية أن تقترب ساعة الحساب عن الكثير من الملفات التي تورطوا فيها فصاروا يهربون إلى نظريّة المؤامرة وتوابعها الغبية متناسين ان سوريا هي أولى ضحايا الجماعات الإرهابية التي ارتكبت جرائم تفوق الوصف وتعجز الإنسانية عن استيعابها ضد الأبرياء والمدنيين ولو كان لدى المخابرات السورية القدرة والإمكانيات والوقت لتجنيد وتخطيط مثل هذه العمليات لكانت على الأقل نجحت في ضرب وتفكيك العصابات الإرهابية التي تقف غير بعيدة عن أبواب دمشق.
يعتبر البعض أن العالم على وقع تنفيذ «سايس بيكو» جديدة وأن أمريكا ستعيد تشكيل حتى أوروبا العجوز لتستولي على خزائنها. ما هي وجهة نظرك؟
الحديث عمّا بعد «سايكس بيكو» وإعادة تشكيل خريطة المنطقة ليس جديدا وفي اعتقادي للقوى العظمى وأولها واشنطن ان تفكر كما تشاء ولكن ان تفرض إرادتها ورؤيتها على المنطقة فهذا ليس قدراً نخضع له وشعوب هذه الدول رغم كل ظروفها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الصعبة تملك من العناد وقدرة التحدي ما يفوق قدرة واشنطن على الاستمرار لما لا نهاية في محاولة فرض ما تريد في المنطقة العربية أساساً ومن راهنت عليهم لتمرير المشروع فقدوا الكثير من قوتهم ونجحت الشعوب في تدجينهم بعد أن توهموا أنّ بإمكانهم ضمن المشروع الأمريكي تدجين الشعوب وإخضاعها تحت مسمى المشروع الإسلامي الذي لا يؤمن بحدود ولا بسيادة الدولة الوطنية، والصمود الذي تحقق في سوريا في مواجهة مشروع تفتيتها وتقسيمها طائفيا شكل دافعاً قويا للعراقيين لمواجهة محاولة التقسيم ودعماً معنوياً كبيراً لكل القوى التي وقفت في مواجهة المشروع الأمريكي وأدواته في المنطقة.
بالنسبة للشأن التونسي يشير عديد الخبراء إلى أن حادثة ذبح الراعي مبروك السّلطاني مؤشر على المرور إلى مرحلة أكثر دموية ولا يستبعدون لجوء الارهابيين إلى عمليّات انتحاريّة وإلى السيارات المفخّخة؟
عملية الشهيد الراعي مبروك السلطاني رحمة الله عليه لم تكن أولى العمليات التي تستهدف المدنيين. فقد انتقل الإرهاب وتدرج ليصل مرحلة جديدة بتكفير واستباحة دماء وأموال وأعراض كل من لم يبايع هذه العصابات ويسير معها، تونس ولله الحمد نجت بفضل الجهود الجبارة لقوات الحرس والأمن الوطنيّين من كارثة كبيرة كانت الجماعات الإرهابية تعتزم تنفيذها بنفس اليوم الذي تمت فيه هجمات باريس وتم تفكيك عديد الخلايا واعتقال العشرات من الإرهابيين وحجز كميات مهولة من الأسلحة كانت ستستخدم لتنفيذ سيناريو دموي مخيف في تونس. وباعتراف الإرهابيين الذي اعتقلوا فقد كانوا في انتظار وصول الأحزمة الناسفة القادمة من ليبيا لتنفيذ مخططهم الجهنمي وهذا يؤكد أن العمليات التي يراد منها إيقاع الخسائر في صفوف المدنيين دخلت مرحلة البدء في التنفيذ ولولا يقظة رجال الأمن ونجاحهم في التصدي لهذه العصابات لشهدت تونس جرائم إرهابية ربما تفوق في وحشيتها ما شهدته باريس لكن هذه النجاحات يجب ألاّ تنسينا أن هذه العصابات الإجرامية مصرة على الاستمرار في محاولاتها لضرب تونس كلما أمكن لها ذلك.
«الارهابي بريء حتى يقتلنا جميعاً وقرينة البراءة في خدمة الارهاب الى ان يثبت الارهابي العكس» كانت هذه إحدى تصريحاتك عقب اعلان حالة الطوارئ بفرنسا.. إلى ماذا تشير استاذ؟
الإرهابي بريء حتى يقتلنا جميعاً وقرينة البراءة في خدمة الإرهاب إلى أن يثبت الإرهابي العكس كانت رسالة وجهتها عبر صفحتي على موقع التواصل الاجتماعي «الفايس بوك» لبعض الحقوقيين الذين أتمنى أن يتعلموا مما جرى في فرنسا بلد الديمقراطية وأم الدساتير عندما واجهت خطر الإرهاب كيف توحدت بكامل قواها السياسية والمدنية ضد هذا الخطر ولم نسمع صوتا يعترض على فرض حالة الطوارئ أو يعتبر أن الاعتقالات التي تتم في صفوف الإرهابيين هي انتهاك لحقوق الإنسان ونذكر جميعا كيف تصرفت جحافل من المراهقين السياسيين بعد عملية سوسة التي شكلت ضربة قاسية جدا لتونس وهم يرفضون اتخاذ الحكومة إجراءات لمواجهة الإرهاب والتصدي للجماعات الإرهابية بذريعة أن هذه الإجراءات الاستثنائية ستشكل ضربة للحرية والديمقراطية بينما نجد أساتذة هؤلاء السياسيين والحقوقيين يلتفون ويقفون صفا واحدا في فرنسا ضد الإرهاب ولم نسمع من يشكّك في كل الإجراءات التي اتخذت وبفرض قانون الطوارئ ثلاثة أشهر ويعتبرها انتهاكاً للحرية والقانون.
تداولت بعض الكواليس السياسيّة أخبارا عن وجود نيّة عرض «مشروع قانون توبة الإرهابيين» وفتح الباب لإدماجهم، هل تعتقدون أن هذه المعالجة مفيدة؟
«قانون التوبة» الذي تحدّث عنه البعض سيشكّل إن كتب له أن يرى النّور مصيبة بكل المقاييس لن تملك تونس قدرة على تحمّل تبعاتها خاصة أن أعداد الإرهابيين الذين التحقوا بالجماعات الإرهابية في سوريا والعراق يفوق سبعة ألاف إرهابي وعودة هؤلاء أو قسم منهم ضمن ما يسمى ب«قانون التوبة» سيكون عبارة عن استقبال جيش من القتلة والمجرمين المتمرسين بكل أنواع الجرائم من القتل والذبح والاغتصاب إضافة إلى كل أعمال وممارسات الجماعات الإرهابية وسيضع تونس أمام أزمة ومصيبة ستكون عاجزة عن مواجهتها. ومن يتحدث عن تكرار التجربة الجزائرية يجانب الحقيقة إذ أنّ ما جرى في الجزائر كان أزمة داخلية تحوّلت إلى حرب دموية بين الأشقاء في وطنهم والمصالحة التي تمت كانت بين فرقاء داخل وطنهم ولم أسمع أن الجزائر أصدرت قانون عفو عن الإرهابيين الجزائريين الذين انضموا للجماعات الإرهابية خارج الجزائر وبالتالي محاولة ربط التجربتين لا يؤدي المعنى وهو قول حق يراد به باطل. ولابدّ هنا من الإشارة إلى أنّ الإدارة الأمريكية التي تدير معسكر غوانتانامو اعترفت أن ما يقارب ثلث من خرجوا من المعتقل عادوا لحمل السلاح والالتحاق بالجماعات الإرهابية مما يؤكد أن مثل هذه المبادرات انتحارية ومدمرة. وبعد أحداث فرنسا وما شهدته تونس من محاولات عودة عشرات الإرهابيين من سوريا والعراق عبر تركيا إلى ليبيا التي تشكل اليوم الجماعات الإرهابية المنتشرة في طرابلس وسبراطه و«زواره» وغيرها حواضن أساسية لها وجهود هؤلاء للتسلل إلى تونس وارتكاب جرائم إرهابية من الضروري أن يتم إنهاء الحديث عن هذا الموضوع وعدم العودة للحديث عنه.
هل نجحت وزارة الشؤون الدينية في التصدي لمشروع بعض الأيمّة المتطرفين في ظلّ تحالف «النداء» و«النهضة»؟
الحرب التي أعلنتها عديد الأطراف على وزير الشؤون الدينية بسبب قرارات عزل عدد من الأيمّة المنعوتين بالتطرف هي محاولة استباقية لمنع الوزارة من فتح باب التجاوزات المالية وغيرها في عديد الجوامع والجمعيات. وما جرى في الجمعية التي أسست في جامع سيدي اللخمي والتجاوزات المالية التي حصلت فيها دليل ملموس عما يمكن ان يكشف عنه رفع الغطاء عن التجاوزات التي شهدتها هذه الجوامع والجمعيات وتنظيم المشهد في الجوامع والجمعيات المرتبطة بالشأن الديني أمر أكثر من ضروري وعاجل في تونس والتأخير واستمرار حالة الفوضى وخروج مساجد عن سيطرة الدولة سيمهد لاستمرار الفوضى ونتائجها التي لا تخرج عن مزيد تجنيد الشبان في الجماعات الإرهابية وإرسالهم إلى ساحات القتال وما ينجر عن ذلك من كوارث ومصائب، ووزير الشؤون الدينية ورغم كل الاعتراضات مطالب بتطبيق القانون واستخدام سلطاته لمنع تكرّر مشاهد الفوضى التي شهدتها المساجد زمن حكم «الترويكا».
أزمة «نداء تونس».. هل يمكن أن يكون لها تأثير على الوضع الأمني بالبلاد؟
الخلافات والصراعات داخل «نداء تونس» لم تخرج عن حرب الكراسي والمصالح والحزب الذي خرج بعد الانتخابات بصفته الفائز الأكبر خسر ثقة ناخبيه وفقد المساندة الشعبية التي نالها جراء النكسات التي شهدها في صراع وحرب الأخوة الأعداء. لكن هذه الصراعات بقيت محصورة في مرحلتها الحالية داخل أروقة الحزب ولم تنعكس سلباً على الدولة ومؤسساتها ولكن استمرار هذه الصراعات والحروب قد يشكل حالة من القلق ستنعكس سلبا على مؤسسات الدولة وأدائها ولكن يستبعد أن يكون لها أي تأثير على المؤسسات الأمنية والعسكرية ودورها في مواجهة الإرهاب.
هل تعتقدون أن التهاون مع التهريب فتح الباب أمام المافيا واننا خرجنا من مرحلة الإرهاب الديني؟
ثلاثي العمل الإرهابي يتكون من الجماعات الإرهابية وعصابات التهريب وعصابات الجريمة المنظمة وهذا الثلاثي نراه متجسّدا بشكل واضح في منطقة الغرب الليبي حيث تتحالف جماعات «داعش» و«أنصار الشريعة» مع عصابات التهريب في تحالف متواز يتقاسم المصالح والأموال ويحقق للطرفين أهدافهما بكل تناسق. وفي تناغم مع هذا التحالف يبدو حضور عصابات الاتجار بالبشر التي تشكل جزءا كبيراً من عمليات تمويل الجماعات الإرهابية وتقديم خدمات بتهريب عشرات الإرهابيين ضمن جحافل اللاجئين الهاربين من الجحيم باتجاه أوروبا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.