كانت النوادي الثقافية في شتى الفنون تجمع شملنا في المدارس الابتدائية والمعاهد الثانوية خاصة أيام الجمعة في حصة ما بعد الزوّال لنفجّر مواهبنا ونمثل مؤسساتنا التربوية في المسابقات المدرسية ونختم أنشطتنا في حفل آخر السنة الدراسية بأن نعرض عديد الفقرات الفنية والابداعية أمام جمهور غفير من الأولياء. وتفاعلا مع أنشطة نوادينا كنّا نلتقي جميعا في «نادي المجلّة » مهما اختلفت توجهاتنا الأدبية والعلمية والفنيّة تحت إشراف أساتذتنا لنكونّ مجلّة ونؤثّث صفحاتها نعاند بها المجلات التي تصدر وتباع في الأكشاك وتوزّع في دور الثقافة والمكتبات العمومية وكنّا نقلّدها مع تغيير موجّة يهم مدرستنا أو معهدنا وكذلك مدينتنا أو قريتنا حسب خصائصها الاجتماعية والتاريخية والطبيعية .. وكنّا نطلق عليها اسما يخلّد حدثا تاريخيا أو علما من أعلام بلادنا أو معلما تراثيا .. وكنّا نقدّم انتاجنا إلى لجنة الفرز ننتظر على أحر من الجمر يوم ترويج مجلتنا لنفتخر بما كتبناه مذيلا بأسمائنا في صحفات متنوعة المحتوى حيث نبدأ بالافتتاحية وكلمة مدير مدرستنا ونمّر بمقالات تاريخية وعلمية ثم بقصّة العدد ونهتم بالألعاب والألغاز وحوار مع احد التلاميذ المتميّزين وصفحة التعارف مع هدية بسيطة عادة ما تكون صورة لنجم كروي أو أديب أو شخصية تاريخية. وكان جل تلاميذ المدرسة أو المعهد يتهافتون على اقتناء المجلة دعما لمجهود أعضاء النادي ويفتخرون بها أمام أصحابهم من المؤسسات التربوية الأخرى ويحتضنونها في مكتباتهم منتظرين صدور العدد القادم من المجلة المدرسية التي صارت اليوم في خبر كان وخرجت من اهتمامات الجميع بما فيهم الطاقم الاداري والمربين والتلاميذ تزامنا مع غياب النوادي الثقافية حيث صارت المؤسسات التربوية قاحلة دون حركيّة أو نشاط إبداعي رغم توفّر الوسائل التقنية مثل الآلات الناسخة والحواسيب والأقراص المضغوطة التي تيسّر الكتابة والرّقن والطباعة والتصوير والتلوين عكس ماضينا لما كنا نسهر الليالي نكتب بريشة الحبر ونرسم ونلوّن بالأقلام ونطبع بالأوراق الناسخة وكان سلاحنا الوحيد خطّنا الجميل وإبداعنا في التصوير حتى أنّ المجلة تولد في شكل طبيعي يجمع بين العفوية والتلقائية لأنها تحكي واقعنا المعيش وفيها نرسم مستقبلنا وأحلامنا حيث أن الكثير منا واصلوا الكتابة في المجلة المدرسية وفيها تعلّموا الكثير قبل أن تكبر تجربتهم ويصبحون أقلاما فذّة في صحف ومجلات مشهورة والبعض منهم صاروا روائيين وقصّاصين وشعراء لهم وزنهم في الساحة الأدبية والفضل لبداياتهم الثرية ضمن صفحات المجلة المدرسيّة.