دخل الدربي رقم 122 طي التاريخ وسيكون رقما لا أكثر سيستعمله في السنوات القادمة زميلنا عماد الكيلاني كلّما قدّم الأرقام المتعلّقة بالدربي أو بالحكم السالمي في مختلف البرامج الرياضية التي ستستأنس بخدماته والكرة الأرضية لن تتوقّف عن الدوران والحياة ستسمرّ لا محالة. ومع ذلك فإن الحديث عن الدربي لا يزال يشغل بال البعض في المقاهي والإدارات والميترو إلى غير ذلك من الأماكن العامة والخاصة. وإذا كان الحديث في الدول المتقدمة (كرويا وفكريا) عن المقابلات الكبرى يدور حول الفنيات ومردود اللاعبين وذكاء المدربين فإننا في تونس نتحدّث قبل كل شيئ عن التحكيم والتعيين المشبوه والنوايا لاستهداف الفريق إلى غير ذلك من النعوت. إذن وبما أننا في تونس يمرّ الحكم في التحليل في المقام الأوّل قبل أداء اللاعبين وخطط المدرّبين و«حسن أخلاق» المرافقين الجالسين على البنك (المسموح لهم وغير المسموح وما أكثرهم) فلنعد للحكم السالمي وما أتاه عشية الأحد 3 أفريل 2016 بملعب رادس الذي أصبح يشبه مسرح صراع الثيران أكثر منه ميدان كرة قدم. ولئن تتعدّدت الآراء حول اختيار ابن حفوز لإدارة لقاء الموسم بالنسبة لفريقي بابي سويقة وجديد فإنه كان متوقّعا ولكن ما أثار الاستغراب هو تعيين المساعدين وقد اجتهدت اللجنة ولكنها لم تصب لأن الاختيار كان في غير محله دون التنقيص من القيمة الفنية للمساعدين وليد الحراق ومحمود الشيباني فقد كان أولى بلجنة التعيينات الاعتماد على مساعدي العادة بالنسبة للسالمي ( رمزي الحرش وطيب الكسابي أو جمال الدرعي ) أو تعيين مساعدين دوليين. هذا الكلام ليس قدحا في اختيارات اللجنة بل هو رأي جميع الفنيين والذين تحدثنا معهم بإطناب حول تحكيم الدربي. لقد حصل إجماع حول مردود صادق السالمي سواء من ناحية حضوره البدني أو الذهني أو مستواه الفني وقد لاح جليا أنه مستعد ذهنيا للمقابلة منذ إنذاره لسعد بقير الذي حاول التمويه للحصول على ضربة جزاء. أغلب القرارات كانت صائبة ولو أنها تخضع دوما للنقاش والاجتهاد وقد ذهب أغلب الفنيين إلى أنه قدّم مردودا طيبا حتى أن المحاضر الدولي ناجي الجويني في تحليله على قناة الكأس القطرية منحه عدد 8,7 وقد اتصلت « التونسية »ببعض الحكام الدوليين القدامى لأخذ انطباعاتهم ( يسر سعد الله وفتحي بوستة ومكرم اللقام وعلالة المالكي وحبيب الميموني وجلول عزّوز ) فكان لهم نفس الرأي تقريبا أي أنهم راضون على مردوده رغم بعض التحفظ على بعض القرارات في الإعلان عن المخالفات ( لفائدة الترجي ). بالمقابل أجمع كل الذين تحدثنا إليهم على أن المساعدين لم يكونا في المستوى واستغربوا كيف يتم إلغاء هدف المنياوي بتلك الطريقة.أما بخصوص الهدف الأوّل للإفريقي والذي أثبتت بعض الصور أنه مسبوقا بتسلل فإنه لا يمكن لوم المساعد الشيباني كثيرا لأنه ليس له « 3D» ليتثبت من العملية. المساعدان لم « يساعدا» السالمي الذي خرج «سالما» من الدربي. ما حكاية الهفوة الفنية ؟ لم يخطر ببال أحد أن يتطرّق الحكم الدولي السابق ومحلل الموفيولا بالأحد الرياضي سليم الجديدي إلى الهفوة الفنية التي قد يكون صادق السالمي ارتكبها. من الناحية التثقيفية فإن تعرّض الجديدي للهفوة الفنية يعتبر أمرا محبّذا ومفيدا غير أن التعليق لم يكن في محلّه فقد كان على الجديدي التوقّف عند الإشارة لها دون الحديث عن جهل المسؤولين للقوانين و إعادة المقابلة لو قاموا باحتراز فني. الجديدي تكلم حسب ما يبدو من منطلق محب للإفريقي في هذه اللقطة وليس كحكم أو محلل وبدا وكأنه يلوم مسؤولي باب الجديد عن تغافلهم لتلك الهفوة. ولكن في حقيقة الأمر هل ارتكب السالمي هفوة فنية؟ لمعرفة القصة تبيّن أنه قبل خروج الكرة أشار المساعد الشيباني بواسطة السماعة لحكم الساحة بأن الجويني ارتكب مخالفة على العيفة وهذا الأخير لكمه فما كان من السالمي إلا إشهار الورقة الحمراء في وجه العيفة والعودة إلى المخالفة. هذا ما أكّده لنا الحكم والحكم الرابع والمراقب ل «التونسية» والله أعلم. الخلاصة ما يمكن استخلاصه هو أن هذا الدربي ككل سابقيه كان لقاء أعصاب تميّز خلاله الحكم صادق السالمي بأدائه المقنع رغم بعض الأخطاء التقديرية البسيطة مقابل عدم التركيز الكلي للمساعدين ولكن إحقاقا للحق يجب الاعتراف أن هدف المنياوي كان سريعا جدا ومن الصعب جدا التفطن لشرعية الهدف في الحين. إنه سوء الحظ لا أكثر ولا أقل. لقد شاهدنا مساء السبت كيف ألغى المساعد هدفا رائعا لريال مدريد وكيف تغافل الحكم عن ضربة جزاء لفائدة ميسي. فهل حدث شيء ؟ هل رأينا عشرات الدخلاء فوق الميدان ؟ إنه لأمر غريب ما يحدث بملاعبنا. إنها لفوضى عارمة وما يبعث على الحيرة والتساؤل هو ماذا يفعل كل هؤلاء على حافة الميدان ثم داخله ؟ من أين أتوا ومن سمح لهم بالتواجد هناك ؟ في خضم كل التجاوزات فإن الذاكرة لا تحتفظ سوى بعدم الإعلان عن تسلل أو مخالفة أو إلغاء هدف بالمقابل يقع التغافل عن المارقين على القانون والتصرّف المشين لبعض اللاعبين . إنه العالم الثالث بل الرابع وكفى.