زعماء ومليارديرات ونجوم كرة متورّطون في تهريب أموال قبل الخوض في تفاصيل ما جاء في «وثائق بنما» (PANAMA PAPERS) يهمّ «التونسية» أن تلفت انتباه قرائها إلى أنّ «الفضيحة» تأتي في خضمّ تلاطم أحداث عالمية كبرى واشتداد الصّراع بين «كبار العالم» ممّا يجعل «الضّربات تحت الحزام» ممكنة واللّجوء إلى كلّ الوسائل للإطاحة بالخصم واردة. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّه إذا كان في الوثائق نصيب كبير من الحقيقة فإنّ بعضها لا يخلو من إثارة الشّبهات حوله ممّا يحيل على احتمال وجود مؤامرة من طرف لوبيات أو حكومات أو دول لخدمة أجندات معيّنة وتصفية حسابات مع رجال أو مؤسّسات أو حتى دول لغاية في نفس يعقوب. ومن هذا المنطلق وفي ما يتعلّق بالأسماء الواردة بالوثائق المشار إليها وخاصة منها الأسماء العربية والتونسية وباستثناء أسماء معروفة و«مفروغ منها» ثبت تورّطها في تهريب الأموال والثروات وبسبب الضّباب الذي يلفّ التسريبات تتحفّظ «التونسية» على نشر الأسماء العربية والتونسية الواردة بالوثائق في انتظار إثباتات دامغة تسمح بنشر وقائع بعيدة عن كلّ الشبهات والشكوك. فقد كشف تحقيق صحفي ضخم شاركت فيه أكثر من مائة صحيفة حول العالم ضمن «الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين» ونشر أول أمس أن 140 زعيما سياسيا من حول العالم، بينهم 12 رئيس حكومة حاليا أو سابقا، إضافة إلى أسماء بارزة في عالم الرياضة، هربوا أموالا من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية. وتحدثت كبريات الصحف العالمية عن «صندوق أسود» لأضخم تحويلات مالية وتهربّا من الضرائب الى بنما فيما تحدثت وسائل اعلام أخرى عن «شبكة بنما» (PANAMA CONNECTION) في اشارة الى طرق التحيل التي اتبعها اصحاب الثروات لتهريب أموالهم بعيدا عن مصالح الضرائب. ومن بين الشخصيات التي ورد ذكرها في التحقيق الدائرة المقربة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ولاعبا كرة القدم ميشيل بلاتيني وليونيل ميسي، إضافة إلى شركات مرتبطة بأفراد من عائلة الرئيس الصيني شي جينبينغ والرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو. وتم تسريب هذه الوثائق جميعها من مكتب المحاماة البنمي «موساك فونسيكا» الذي يعمل في مجال الخدمات القانونية منذ 40 عاما والذي لم يواجه حسب هيئة الإذاعة البريطانية طيلة هذه العقود الأربعة أية مشكلة مع القضاء. وأوضح «الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين»، ومقره واشنطن، أن الوثائق (وعددها نحو 11.5 مليون) تحتوي على بيانات تتعلق بعمليات مالية لأكثر من 214 ألف شركة عابرة للبحار (offshore) في أكثر من 200 دولة ومنطقة حول العالم. وأضاف الاتحاد أن هذه الوثائق حصلت عليها أولا صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» الألمانية قبل أن يتولى هو توزيعها على 370 صحافيا من أكثر من 70 بلدا من أجل التحقيق فيها في عمل مضن استمر حوالى عاما كاملا. وأطلق على الوثائق المسربة اسم «أوراق بنما» نسبة إلى شركة المحاماة البنمية التي تم تسريبها منها. وأعلنت الحكومة البنمية أول أمس أنها «ستتعاون بشكل وثيق» مع القضاء إذا ما تم فتح تحقيق قضائي استنادا إلى الوثائق المسربة. في المقابل ندد مكتب المحاماة بعملية التسريب التي طالته، معتبرا إياها «جريمة» و»هجوما» يستهدف بنما. وقال رئيس المكتب ومؤسسه رامون فونسيكا مورا: «هذه جريمة، هذه جناية»، مؤكدا أن «الخصوصية هي حق أساسي من حقوق الإنسان تتآكل أكثر فأكثر في عالمنا اليوم. كل شخص لديه الحق في الخصوصية سواء كان ملكا أم متسولا». وحسب التحقيق فإن الأشخاص المرتبطين بالرئيس بوتين هربوا أموالا تزيد عن ملياري دولار بمساعدة من مصارف وشركات وهمية. وكتب الاتحاد على موقعه الإلكتروني أن «شركاء لبوتين زورا مدفوعات وغيروا تواريخ وثائق وحصلوا على نفوذ لدى وسائل إعلام وشركات صناعة سيارات في روسيا». وحسب صحيفة «لا ناسيون» الأرجنتينية، والتي شاركت في التحقيق، فإن الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري كان عضوا في مجلس إدارة شركة مسجلة في جزر الباهاماس، لكن الحكومة الأرجنتينية أكدت أول أمس أن الرئيس «لم يساهم أبدا في رأسمال هذه الشركة» بل كان «مديرا عابرا» لها. من جانبه قال مدير الاتحاد جيرار ريليه لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إن «هذه التسريبات ستكون على الأرجح أكبر ضربة سددت على الإطلاق إلى الملاذات الضريبية وذلك بسبب النطاق الواسع للوثائق» التي تم تسريبها. ولا تنحصر الأسماء الواردة في التسريبات بعالم السياسة بل تتخطاه إلى عالم الرياضة وتحديدا الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا». فأربعة من الأعضاء ال 16 في الهيئة التنفيذية للفيفا استخدموا، حسب الوثائق المسربة، شركات «أوفشور» اسسها مكتب موساك فونسيكا. ووردت في هذه الوثائق أيضا أسماء حوالى 20 لاعب كرة قدم من المحترفين بينهم خصوصا لاعبون في فرق برشلونة وريال مدريد ومانشستر يونايتد، وفي مقدمة هؤلاء ليونيل ميسي. وحسب «الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين» فإن ميسي هو شريك مع والده في ملكية شركة مقرها في بنما. وورد اسم النجم ووالده للمرة الأولى في وثائق مكتب المحاماة في 13 جوان 2013 أي غداة توجيه الاتهام إليهما بالتهرب الضريبي في إسبانيا. ومن نجوم عالم الكرة الواردة أسماؤهم في الوثائق برز أيضا اسم ميشال بلاتيني الذي استعان بخدمات مكتب المحاماة في 2007، العام الذي تولى فيه رئاسة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لتأسيس شركة في بنما. وتعليقا على هذه المعلومات قال بلاتيني في بيان إن المرجع في هذه القضية هو «إدارة الضرائب في سويسرا، بلد إقامته الضريبية منذ 2007». وتشمل الوثائق معاملات جرت على مدى أكثر من أربعة عقود (1977 - 2005) لشركات تولى تسجيلها مكتب المحاماة البنمي، ومن بينها معاملات أجراها يان دونالد كاميرون والد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والذي توفي في 2010، وأخرى أجراها موظفون مقربون من الرئيس الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز.