تجددت اليوم بعض مشاهد التظاهر بتونس العاصمة وفي بعض الجهات داخل الجمهورية وتنوعت مطالب المتظاهرين فمن مناد بحل التجمع الدستوري الديمقراطي ومؤيد لاستقالة بعض وزراء الحكومة الانتقالية بينما طالب بعضهم بضرورة تعيين وزراء من جهاتهم... ! هذه الفئات المتظاهرة محدودة العدد لكنها تربك الشارع التونسي وتجره إلى فوضى مرفوضة لأنها تشيع الخوف بين المواطنين وتحول دون استئناف الحياة بصفة عادية...وفي نظرنا يجب تطويق هذه الانفلاتات لأنها لا تمثل أغلبية الشعب التونسي الذي فرح للإنجاز البطولي ورحب بتأليف الحكومة الوطنية رغم الاحترازات لأنها الجسر الذي سيقودنا إلى الأمن والاستقرار قبل إجراء الانتخابات المرتقبة. هل أن الشعب الذي صبر لمدة 23 سنة على الظلم والجور والمحسوبية والانتهاز غير قادر على تحمل مرحلة قصيرة تتضح بعدها الرؤية الواضحة لمستقبل البلاد؟ هل نريد أن تتغير تونس في يوم وليلة؟ إنها قلة الوعي والهمجية التي يرفضها كل من يحب الخير لتونس...لا يخفى على أحد أن عديد العيون تتربص بتونس تحت رسائل مساعدتها على استتباب الأمن ونشر الديمقراطية !...إنهم قاب قوسين أو أدنى من حشر أنوفهم في شأننا الداخلي...عيون متربصة بنا لتحكم على شعبنا بقلة النضج والعجز عن تحقيق النقلة السياسية لنتحول من مثال الثوار الأبطال إلى حاملي شعارات لا نفهمها ولا نتقن تجسيدها ! المسؤولية لا تقع على المتظاهرين فقط بل النصيب الأوفر منها هي مسؤولية ممثلي أحزاب المعارضة واتحاد الشغل الذين أصبحوا يزايدون على تحمل مسؤوليات في الحكومة الانتقالية...كيف قبلوا ولماذا رفضوا؟ إنه العبث السياسي بمصير الوطن. هؤلاء سيحاسبهم التاريخ وسيحاسبهم الشعب لأنهم فرطوا في مصداقية تاريخية فرطوا في فرصة المساهمة في إنقاذ البلاد من تيارات الفوضى ! لقد ظلوا طيلة عقود ينتظرون مثل هذه الفرصة وحين استجاب القدر لانتظاراتهم فوتوا فيها بانتهازية ومصلحية ضيقة وقصر نظر...سلوك المعارضة أو البعض منها أكد أنهم ليسوا في مستوى انتظارات المواطنين ليسوا في مستوى الأمانة ! لا مفر إن تواصلت الفوضى من الاحتماء بالجيش الوطني ليمسك بأمور البلاد ليحكمها حتى يثوب الحالمون بالتفرقة، الحالمون بالمدينة الفاضلة في يوم وليلة إلى رشدهم...لعله أضعف الإيمان وأفضل من أن تمتد إلينا أياد أجنبية لتساعدنا ! بل لتشمت فينا...أية مساعدة نرتجي من الأجنبي؟ وأي أياد تصافحنا دون مقابل؟ إنها دعوة على لسان ملايين التونسيين الذين أزعجتهم هذه الردة وحدت من آمالهم وقتلت فرحتهم وفجرت الدموع في الأماقي دعوة إلى تغليب العقل ومصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات الأخرى...نعلنها على الملء التونسيون مع حكومة الغنوشي المؤقتة، التونسيون مع السلم والأمان...التونسيون مازالوا يؤمنون بنجاح ثورة الشعب التي هنأه عليها العالم بأسره...سنقف جميعا يدا واحدة جسدا واحدا ضد جماعات الردة وسنطالب بتتبعها.