أمام الامتيازات التي منحت للمستثمرين الأجانب للانتصاب في تونس والانخراط في عملية تطوير القطاع الصناعي باعتباره يمثل ثقلا اجتماعيا واقتصاديا هاما مارس هؤلاء انتهاكات لحقوق العمال وتعمدوا تجاهل قوانين الشغل ضاربين عرض الحائط بأبسط تشريعاته ، مهمشين العمل النقابي ومقدمين بين الحين والآخر على طرد العمال والغلق الفجئي للمؤسسات. وقد تحدث عدد من العمال بمصانع أجنبية ل"التونسية" عن معاناتهم الكبيرة التي عجزت الجهات المعنية عن إيجاد الحلول الضرورية لها ...بل وغض عنها النظام السابق الطرف لغاية في نفس يعقوب. ظروف غير صحية ولا آمنة "جميلة فرحاني" عاملة بمصنع فرنسي أغلق فجئيا منذ 2009 تقول: "إنهم يتلاعبون بالقانون بشكل لافت إذ نعمل بلا تغطية اجتماعية ونتقاضى أجرا زهيدا وعندما نطالب بحقوقنا نجد أنفسنا في دوامة مشاكل تنتهي بنا غالبا بلا عمل ." أما الشاب "وليد براهم" عامل مطرود من مصنع ايطالي بعد الثورة فيقول:" ترفع الدولة لهؤلاء شعار الاستثمار لكنهم في حقيقة الأمر "استعمار" حيث يأكلون جهدنا وعرقنا مقابل اجر زهيد فلا اعتراف بحقوقنا ولا أهمية لسلامتنا الصحية اذ نعمل في ظروف لا تستجيب للسلامة المهنية ولا الصحية ... تنهك أجسادنا ساعات العمل وروائح المواد الكيمياوية وسط تغافل تام من الجهات المعنية ." غطرسة وابتزاز وتقول "مريم كوكي" :" إن العمل يبنى عادة على علاقات صحية ومتماسكة لكنهم يمارسون علينا غطرسة وابتزازا فيغيب لديهم مبدأ الحوار والالتزام بالتشريعات والقوانين المنظمة للقطاع فلا يعترفون بالقانون التونسي ويتلاعبون ببنوده كما يحلو لهم ...إذ يبتدعون حيلا للتخلص من العامل بعد أن يمضي أربع سنوات عمل كما يدفعه بعضهم ممن يمتلكون أكثر من مصنع إلى الالتحاق بمصنع ثان لقضاء أربع سنوات أخرى ليظل "رحّالة "بين المصانع يتقاضى أجرا تحت "الحيط " ودون أية ضمانات . ومن جهتها تشير "نجوى عياري":" عملت بمصنع سنوات عديدة وقد فوجئت وزملائي صبيحة احد الأيام بغلقه ودون أي إعلام مسبق أو توضيح يذكر ورغم صدور أحكام لفائدتنا إلاّ أننا لم ننل فلسا ولم نطل سوى التعب والمصاريف وليت الأمر انتهى عند هذا الحد لان صاحب المصنع غالبا ما استهزأ بالقانون التونسي وقال حرفيا "قانونكم بلوه واشربوا ماه". ويؤكد "ايمن عياري" بقوله:" الغريب أن هؤلاء الأجانب أصيلو دول أوروبية ترفع شعار الديمقراطية والحرية لكن أفعالهم تنافي تلك المبادئ فكل من يدافع عن العمال يصبح عدوهم وكل نقابي كذلك,فلا يحترمون العمل النقابي ويتعمدون تهميشه بالدوس على حقوق الشغّيلة." وتضيف "آمال الصغيري":" نقضي السنوات الطوال في العمل بالمصانع الأجنبية ولا ينوبنا منها سوى الإرهاق والأمراض والسقوط البدني وحوادث الشغل وهي ضريبة ندفعها بلا ثمن فلا نحظى بالتعويضات اللازمة ويقع التلاعب بحقوقنا ونعجز حتى عن إثبات حقوقنا." هذه هي الحقائق المرة التي عانى منها آلاف العمال في ظل صمت مطبق على مخلفاتها الاجتماعية والصحية من الجهات المعنية رغم جهود اتحاد الشغل وتفقديات الشغل فكلما تمت مطالبتها بفض نزاع مع العمال على أساس قوانين البلاد وتشريعاتها قابلها أصحاب المؤسسات الأجنبية بالمساومة بالبقاء أو المغادرة، مبتدعين في ذلك حيلا وثغرات للإفلات من طائلة القانون.