ستصدر مجموعة من الأحزاب السياسية بيانا تحصلت "التونسية" على نسخة منه وهو ممضى إلى حد اللحظة من قبل الأمين العام لحركة الإصلاح والعدالة الاجتماعية "مصطفى بدري" والأمين العام لحزب الوفاق "مصطفى صاحب الطابع", تحتج فيه على الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي معتبرين أنها تفتقر لتمثيلية حقيقية أو مشروعية شعبية, كما اعتبروا أن أعضاء الهيئة قاموا بتنصيب أنفسهم كجهاز رقابة على عمل الحكومة دون صبغة شرعية وأبدوا رفضهم لانعقاد جلسات الهيئة بمقر مجلس المستشارين باعتباره مؤسسة دستورية سيادية ودعوا لضرورة اعتماد طريقة الاستفتاء الشعبي. وفي ما يلي نص البيان كما ورد علينا: "إن الأحزاب الممضية على هذا البيان تلاحظ بأسف عميق أن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي قد تم تشكيلها بصفة فوقية واعتباطية دون أن تكون لمجلسها تمثيلية حقيقية أو مشروعية شعبية, ضرورة أن مجلس الهيئة لا يعكس في تركيبته حقيقة المشهد السياسي والحزبي في تونس, ناهيك وقد أقصي منه ما يناهز الأربعين حزبا لم تتح لها إمكانية المشاركة في أشغاله, وهو ما يفصح بوضوح أن دروس الثورة لم يقع استيعابها كما ينبغي وأن غريزة إقصاء الآخر ومنطق الصفقات السياسية وتصفية الحسابات قد انتصرت على الرغبة الجادة في إيجاد مخرج توافقي تلتقي حوله كافة حساسيات الطيف السياسي من أجل الخروج من مأزق سقوط الشرعية الدستورية والتأسيس لمشروع دولة حديثة تأخذ بمبادئ الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان. لذلك فإننا نحذر كافة أفراد الشعب التونسي من أن الهيئة العليا التي اتخذت لنفسها كشعار أول تحقيق أهداف الثورة قد حادت منذ خطواتها الأولى عن أسمى أهداف الثورة, وهو القطع مع الإقصاء والتهميش وحكمت على نفسها أن تبقى بعيدة عن نبض الشارع التونسي وأن تنغلق على ألوان سياسية وأطياف مهنية دون غيرها ناسية بأن تونس لكل التونسيين وأن تشكيل صورة تونس ما بعد الثورة لا يمكن أن يكون حكرا على مجموعة دون أخرى. وحيث أن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة بالإضافة إلى كونها تفتقر إلى الشرعية القانونية والتمثيلية الحقيقية, لا سيما وأن عملية تشكيلها تمت في إطار مناورات وتحالفات وممارسات محمومة أدت إلى تعديل تركيبتها مرارا عديدة خلال فترة وجيزة، فإن الأحزاب السياسية الممضية تعلن ما يلي: - أولا: تعرب عن استيائها من السماح لهذه الهيئة بعقد جلساتها في رحاب مؤسسة دستورية (مجلس المستشارين) وهو إلى جانب كونه يعد تطاولا على حرمة المؤسسات السيادية واستخفافا بمشاعر المواطنين قد سول لأعضاء الهيئة تنصيب أنفسهم كجهاز رقابة على عمل الحكومة منتهزين زيارة رئيس الحكومة المؤقتة السيد الباجي قائد السبسي الذي سمح لنفسه بحضور إحدى الجلسات لمناقشة بعض المواضيع تحت قبة مجلس المستشارين, وهو في تقديرنا خطأ سياسي جسيم بدليل أن رئيس الهيئة السيد عياض بن عاشور طفق يتصرف وكأنه رئيس السلطة التشريعية, ويبدو ذلك جليا من خلال تصريحاته ومواقفه, من ذلك قوله بأن عمل الهيئة سينتهي مع أول اجتماع يعقده المجلس التأسيسي, وهذا يعني أن الهيئة ستلعب دور السلطة التشريعية لمدة قد تطول أكثر مما نتصور. - ثانيا: تطالب الحكومة المؤقتة والرئيس الوقتي بضرورة التدخل الفوري للتصدي لمثل هذه الممارسات والمؤامرات الحزبية الخطيرة على مستقبل البلاد والعباد, وعدم اعتبار أو اعتماد مشروع المرسوم الصادر عن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة, ضرورة أنها غير مؤهلة أو مخولة لتقديم اقتراحات أو مبادرات باسم الشعب الذي لم يكن له دور في إحداثها. هذا زيادة على كونها تدعو إلى التفرقة والتنابذ بين أبناء الوطن معتمدة طريقة الإقصاء والإلغاء التي أثبتت التجربة أنها غالبا ما تكون مقدمة للاستبداد والحكم المطلق. - ثالثا: تؤكد على ضرورة اعتماد طريقة الاستفتاء العام باعتبار أن هذا القانون الانتخابي هو أهم نص على الإطلاق إذ سيحدد تركيبة المجلس التأسيسي ومحتوى الدستور الذي سيتم وضعه لاحقا. لذلك يتحتم اللجوء إلى صاحب السيادة الحقيقي عن طريق الاستفتاء الشعبي, فالشعب هو الذي من حقه أن يختار ممثله ومن باب أحرى وأولى أن يختار الطريقة التي سينتخب من خلالها نوابه في المجلس التأسيسي بكل حرية, دون وصاية من أحد أو تحت أي عنوان."