أصبح من شبه المؤكد أن يعقد الإتحاد العام التونسي للشغل مؤتمره أيام 26 و 27 و 28 ديسمبر القادم بمدينة طبرقة تلبية لطلب الإتحاد الجهوي للشغل بجندوبة في استضافة المؤتمر خلال الهيئة الإدارية الأخيرة للمنظمة الشغيلة بعد أن تنازلت جهة توزر عن الاستضافة . وإن كان الاهتمام حاليا وحتى أواخر الأسبوع الجاري منصبا على استحقاق 23 أكتوبر فإن ذلك لم يمنع من أن يستأثر مؤتمر المنظمة الشغيلة المقبل باهتمام الساحة النقابية والنقابيين باعتباره أول مؤتمر بعد ثورة 14 جانفي وكذلك باعتباره يأتي مباشرة بعد حوالي شهرين من إنتخاب المجلس الوطني التأسيسي . كما يأتي هذا المؤتمر في خضم تحولات ديمقراطية في البلاد وفي مرحلة جديدة بدأنا نشهد فيها تطورا ملفتا للانتباه في مجال التعددية النقابية ، إذ تم بعث منظمتين نقابيتين جديد تين يتزعمهما كل من إسماعيل السحباني والحبيب قيزة المحسوبين على " التيار النقابي العاشوري" نسبة إلى المرحوم والزعيم النقابي الحبيب عاشور . ويتردد بالحاج سعي بعض الوجوه النقابية التي تحملت مسؤوليات قيادية في المركزية النقابية وفي الهياكل النقابية الجهوية والقطاعية وخاصة في عهد السحباني الى إحداث منظمة عمالية نقابية جديدة لذلك فإن المؤتمر القادم للإتحاد العام التونسي للشغل سيكون مناسبة لإعادة ترتيب بيت اقدم وأعرق منظمة عمالية نقابية في تونس وفي العالم العربي وفي إفريقيا وحتى في العالم . فالظروف والمتغيرات والمستجدات على المستوى الوطني اصبحت تفرض على الإتحاد العام التونسي للشغل أين يتوائم ويتناغم مع هذه المتغيرات خاصة وانه بإعتباره المنظمة الأكثر تمثيلية والأكبر وزنا تنتظره مهمات صعبة لا يمكن له أن يؤديها على أكمل وجه وبالمستوى المطلوب والمنشود في ضوء وضعه المترهل والمتكلس حاليا وفي ضوء هيكلته الحالية التي لم تعد في نظر أغلبية النقابيين الناشطين في المنظمة الشغيلة تستجيب لمقتضيات المرحلة الجديدة ومستلزمات العمل النقابي الحديث المتفاعل مع محيطه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي . كل ذلك يدفع إلى القول إلى إن الإتحاد العام التونسي للشغل يبقى طرفا مهما لا غنى عنه ومكونا أساسيا من مكونات المجتمع المدني في بناء تونسالجديدة سيكون له رأيه ومساهمته في صياغة الدستور الجديد للبلاد وفي إعداد المشروع البديل أي البرنامج الاقتصادي والاجتماعي للدولة في السنوات القادمة ولا يمكن بأية حال من الأحوال ألا يشارك بقوة في تصور وبلورة هذا البرنامج الذي ستكون الأولوية المطلقة فيه للتشغيل ولتحسين الدخل الفردي للعامل وتطوير ظروف العمل وتطوير الإنتاج والإنتاجية وخاصة من خلال الجولة الجديدة من المفاوضات الإجتماعية حول الجوانب الترتيبية والمادية في القانون الإطاري للوظيفة العمومية وفي الإتفاقيات الإطارية المشتركة في القطاع الخاص والقوانين الأساسية في المؤسسات والمنشآت العمومية. إذن مطروح على المؤتمر القادم للإتحاد العام التونسي للشغل ضخ دماء جديدة في هياكله المركزية والجهوية والقطاعية والقاعدية وتشبيبها ضمن تصور شامل لهيكلة جديدة بقيت مطلبا أساسيا منذ مؤتمر جربة للمنظمة الشغيلة . لذلك سيكون المؤتمر علاوة عن التنافس الشرس المنتظر للفوز بمقعد في المكتب التنفيذي الجديد الذي سيتواجد فيه العنصر النسائي لأول مرة في تاريخ المنظمة سيكون مؤتمر متميزا خاصة من حيث عدد النواب الذي سيتراوح بين 450 و 480 نائبا ونائبة . ومن حيث مضمون اللوائح التي ستصدر عنه والتي يتوقع النقابيون أن تمكن من تجديد المنظمة الشغيلة وتساعد على الإرتقاء بمستوى أدائها وأن تكون في مستوى إنتظارات الأجيال الجديدة من النقابيين بإختلاف توجهاتهم السياسية والإيديولوجية وكذلك في مستوى إنتظارات الطبقة الشغيلة التي تريد أن تركز على الجانب النقابي وأن تنأى بنفسها عن العمل السياسي . والسؤال المطروح : هل سيتمكن مؤتمر طبرقة من تحقيق ما يرنو وما يتطلع اليه النقابيون والشغالون ؟ ذلك ما سنعرفه بعد حوالي شهرين