تتواتر الأخبار وتتالى الأحداث داخل مركب الترجي بشكل غير مسبوق وبعيدا عن لغة التعاقدات وعن مراسيم الانتدابات فان أكثر ما شد اهتمام جماهير الأحمر والأصفر منذ عودة فريقها من حلم اليابان هو بلا أدنى شك تلويح رئيس الفريق حمدي المدب بالانسحاب في وقت يسير فيه الرجل بثبات على عرش الترجي... قد يكون الفشل أحيانا مبررا كافيا لإعلان الانسحاب والتخفي وراء شماعة الإرهاق وقد يكون الوصول إلى القمة أيضا والتلذذ بعناوين النجاح مدعاة للفخر ودافعا قويا للخروج من الباب الكبير لكن لا هذا ولا ذاك ينطبق على قضية الحال فالرجل يبدو ثابتا في موقعه وطامعا في مجد جديد... لا يقنعني الطرح الذي ذهب إليه كثيرون ممن يرون أو يعتقدون بان حمدي المدب يصر فعلا على الرحيل وتسليم المشعل الى غيره لان المتابع لتحركاته في الفترة الأخيرة يقف على حقيقة واحدة وهي أن المدب لن يتخلى عن عرشه بتلك السهولة التي يتصورها البعض فمن يلازم مكتبه ساعات طوالا يطارد توقيع خليفة نبيل معلول لا يمكن ان يكون بصدد حزم حقائبه...حمدي المدب يريد عرش الترجي كما تريده جماهير الترجي تماما لذلك يبدو الحديث عن فك الارتباط بين الطرفين مجرد "فبركة" صحفية تسلل من خلالها بعض الذين يترصدون كرسي الرئاسة... قد يكون المدب ناور في وقت من الأوقات بالتلميح بالاستقالة خصوصا وان بعض المارقين عن القانون من جماهير الترجي نغصوا عليه فرحته بالثلاثية التاريخية وشوهوا حلمه المونديالي لكن تململ المدب لم يصل بعد إلى درجة التفكير في الانسحاب ورمي المنديل كما انه لا يفسر هرولة البعض لتثبيت رواية الاستقالة خصوصا وان هناك فعلا من شرع في البحث عن البديل... بعض الأطراف الفاعلة في عائلة الترجي التونسي أكدت لنا أن الحديث عن استقالة حمدي المدب لم يولد في حضرة الرجل وإنما خطت سطوره بعيدا عن أسوار الفريق حيث يجتمع بعض المحسوبين على الترجي للتخطيط لحاضر ومستقبل الفريق على أمل إعادة توزيع الأوراق من جديد و خلافة الرئيس الحالي والمرور إلى حقبة جديدة تنهي إمبراطورية المدب وتؤشر لبداية مرحلة جديدة في تاريخ "المكشخة"... رئاسة الترجي كانت ولا زالت حلما يراود الكثيرين لكن هذا الحلم ظل غير مشروع إلى وقت غير بعيد قبل زوال الديكتاتورية وبزوغ فجر جديد ولان الفكرة تنامت في ذهن البعض كانت البداية بلعب ورقة الاستقالة لجس نبض الشارع الرياضي من جهة وتوريط حمدي المدب من جهة ثانية عسى أن يفلح الجماعة في مسعاهم ويقتنع المدب أنه استنفد نفسه وان شمسه شارفت على المغيب... الترجي وعلى العكس من منافسيه لا يسمح لحكومات الظل بان ترتع داخل أسواره كما انه لا يبيح الحديث عن الخلافة أو الرئاسة أو ما شابه ذلك فالترجي كما عهدناه دوما يدور حول فلك بعينه ولا يعيش على هبات رجاله لذلك يقل التشويش حول محيطه وهذا ابرز ما يميزه عن غيره من الفرق... اليوم تبدو هذه المعادلة في طريقها إلى الزوال بما أن الترجي بدأ يكسر طوق الديكتاتورية و يتنفس طريق الديمقراطية لذلك ستنشط حتما حكومات الظل وستنمو جبهات المعارضة وسيكون على الترجي اللعب على اكثر من واجهة...البداية كانت بترويج خبر استقالة رئيس الفريق وهذا ما نفاه حمدي المدب على الاقل للمقربين منه والامر لن يقف عند هذا الحد حسب ما رصدناه من تحركات نشيطة في "كافيتيريا بن يدر" بالمنزه.... !