الوكالة الفنية للنقل البري تصدر هذا البلاغ    في اجتماعات الربيع: وزيرة الاقتصاد تواصل سلسلة لقاءاتها مع خبراء ومسؤولي مؤسسات تمويل دولية    اليوم: انعقاد الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    وزير السياحة يلتقي رئيس الغرفة الوطنية للنقل السياحي    طيران الإمارات تعلق إنجاز إجراءات السفر للرحلات عبر دبي..    انفجارات أصفهان.. إيران: "لا تقارير عن هجوم من الخارج"    المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني يؤكد عدم تعرض البلاد لأي هجوم صاروخي خارجي    بعد فيضانات الإمارات وعُمان.. خبيرة أرصاد تكشف سراً خطيراً لم يحدث منذ 75 عاما    عاجل/ زلزال بقوة 5.6 درجات يضرب هذه الولاية التركية..    طقس الجمعة: رياح قوية وانخفاض نسبي في درجات الحرارة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..سحب كثيفة مع الأمطار..    فرنسا: إصابة فتاتين في عملية طعن أمام مدرسة شرقي البلاد    الأندية المتأهلة إلى نصف نهائي الدوري الأوروبي    سلطنة عمان: ارتفاع عدد الوفيات جراء الطقس السيء إلى 21 حالة    اللجان الدائمة بالبرلمان العربي تناقش جملة من المواضيع تحضيرا للجلسة العامة الثالثة للبرلمان    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    تم جلبها من الموقع الأثري بسبيطلة: عرض قطع أثرية لأول مرّة في متحف الجهة    جوهر لعذار يؤكدّ : النادي الصفاقسي يستأنف قرار الرابطة بخصوص الويكلو    خلال الثلاثي الأول من 2024 .. ارتفاع عدد المشاريع الاستثمارية المصرّح بها    في كمين لقوات الجيش و الحرس ...القبض على أمير كتيبة أجناد الخلافة الإرهابي    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    عاجل/ هيئة الدفاع عن الموقوفين السياسيين: اللّيلة تنقضي مدّة الإيقاف التحفّظي    ارتفاع عائدات صادرات زيت الزيتون بنسبة 82.7 بالمائة    عاجل/ بعد "أمير كتيبة أجناد الخلافة": القبض على إرهابي ثاني بجبال القصرين    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    سوسة: الاستعداد لتنظيم الدورة 61 لمهرجان استعراض أوسو    أنس جابر خارج دورة شتوتغارت للتنس    طبربة: إيقاف 3 أشخاص يشتبه في ترويجهم لمواد مخدرة في صفوف الشباب والتلاميذ    تخصيص حافلة لتأمين النقل إلى معرض الكتاب: توقيت السفرات والتعريفة    سيدي بوزيد.. تتويج اعدادية المزونة في الملتقى الجهوي للمسرح    توزر.. افتتاح الاحتفال الجهوي لشهر التراث بدار الثقافة حامة الجريد    عاجل/ محاولة تلميذ طعن أستاذه داخل القسم: وزارة الطفولة تتدخّل    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    كأس تونس لكرة القدم: تعيينات حكام مقابلات الدور السادس عشر    بعد حلقة "الوحش بروماكس": مختار التليلي يواجه القضاء    جلسة عمل مع وفد من البنك الإفريقي    حملات توعوية بالمؤسسات التربوية حول الاقتصاد في الماء    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    انخفاض متوسط في هطول الأمطار في تونس بنسبة 20 بالمئة في هذه الفترة    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    أبطال أوروبا: تعيينات مواجهات الدور نصف النهائي    عاجل/ تلميذ يطعن أستاذه من خلف أثناء الدرس..    عاجل : نفاد تذاكر مباراة الترجي وماميلودي صانداونز    هام/ تطوّرات حالة الطقس خلال الأيام القادمة..#خبر_عاجل    في انتظار قانون يحدد المهام والصلاحيات.. غدا أولى جلسات مجلس الجهات والأقاليم    الحماية المدنية: 9 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    ضربة إسرائيل الانتقامية لايران لن تتم قبل هذا الموعد..    البنك المركزي : ضرورة مراجعة آليات التمويل المتاحة لدعم البلدان التي تتعرض لصعوبات اقتصادية    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    مصر: رياح الخماسين تجتاح البلاد محملة بالذباب الصحراوي..    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    الكاف: تلقيح اكثر من 80 بالمائة من الأبقار و25 بالمائة من المجترات ضد الأمراض المعدية (دائرة الإنتاج الحيواني)    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    جراحة فريدة في الأردن.. فتحوا رأسه وهو يهاتف عائلته    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابنة "عبد الله القلال" ل "التونسية" : مسؤولية أبي السياسية في التعذيب ثابتة والاعتذار عنها واجب... " السبسي" و"اللطيف" وراء محنته وزيارة "الجبالي" اسعدته كثيرا

علاقة والدي ب «بن علي» كلّها عناء ...و «الطرابلسية» رأس الداء
والدي ليس ملاكا..ولكنّه ليس وحشا أيضا
أؤمن بعدالة انتقالية غير انتقائية.. ومحاسبة والدي فيها كثير من التشفي والانتقام
نظام بن علي منع والدي من الدفاع عن نفسه وهو اليوم يدفع ثمن صمته
أبي بريء من قضية «براكة الساحل» لأنّ المسؤول الفعلي والمباشر هو "بن علي"
نرفض التشفي والإدانة قبل أن يقول القضاء كلمته
أتحدّى كل من يدّعي امتلاك «عبد الله القلال» عقارات أو أملاك أو حسابات مشبوهة
أحد «الطرابلسية» أراد شراء ذمة أبي ب300 هكتار لكنه رفض
متاعب والدي مع القصر بدأت إثر رفضه منح رخصة بيع خمر لأحد الطرابلسية
صحة والدي في وضع «دقيق» وحياته أو موته بيد القضاء
بعد أكثر من عام على سقوط النظام السابق وانتقالنا إلى المرحلة الشرعية الثانية المؤقتة، يبقى مفهوم العدالة الانتقالية غامضا ما لم تحسم فيه الحكومة الحالية و جمعيات ونقابات القضاء والمحاماة.
ولنا أن نتساءل هنا عن ماهية التهم الموجهة لرجالات بن علي الهارب؟ وهل استطعنا الدخول في المحاسبة والمصارحة ثم المصالحة تأسّيا بتجارب عالمية أهمها في جنوب إفريقيا؟
وقد راجت بعض الاشاعات والأقاويل التي تفيد وجود ضغوطات خليجية للافراج عن عبد الله القلال خاصة إثر الزيارة التي أداها رئيس الحكومة حمادي الجبالي لوزراء سابقين موقفون بثكنة العوينة رفقة سمير ديلو وزير حقوق الإنسان و العدالة الانتقالية .
في هذا الإطار يتنزّل حوارنا مع ابنة رجل تقلّد مسؤوليات في حكومات المخلوع، وهذا الحوار ليس دفاعا عنه فالقضاء أولى بذلك ولكن مبادئ ثورتنا المجيدة تسمح للمتهم أن يدافع عن نفسه انطلاقا من المبدإ القانوني القائل بان كل متهم بريء حتى تثبت إدانته .
وقد فكّرنا كثيرا قبل نشر هذا الحوار و لكننا قررنا بعد نقاش مطوّل ،عرضه على القرّاء دون زيادة أو نقصان .طبعا،نحن لا نتبنى ما جاء فيه ولكننا ننشره حرفيا احتراما لميثاق العمل الصحفي ونترك للقارئ قبل السياسي الحكم على ما تقوله ابنته الدكتورة لمياء القلال .و يبقى القضاء هو الفيصل الوحيد بعيدا عن التأويل و عن عواطف تغمر بنتا تجاه أبيها.
هل تشرفين بنفسك على الموقع الرسمي لعبد الله القلال؟
أشرف بنفسي على موقع عبد الله القلال، الفكرة في البداية كانت باقتراح من العائلة خاصة بعد الحظر الإعلامي الذي فرض علينا وعلى تصريحاتنا. بعد ذلك، أصبح الموقع متنفسا للدفاع عن والدي وعن عائلتي، خاصة أمام إصرار اغلب الوسائل الإعلامية على تشويه سمعتنا.... لا أحد يريد معرفة الحقيقة والبعض يفضل السكوت فيما يسعى البعض الآخر إلى العبث بخصوصياتنا والاستمتاع بمآسينا.
ألا ترين أن المعلومات الواردة في الموقع جعلت من والدك ملاكا بلا أخطاء عكس صورته المخيفة لدى العامة؟
عبد الله القلال ليس ملاكا ولكنّه ليس وحشا أيضا، هو إنسان يخطئ ويصيب، فبعد 14 جانفي أصبح عبد الله القلال رمز التعذيب وهذه مغالطة كبرى للتاريخ ولشعبنا. التعذيب منظومة كاملة لا يمكن اختصارها في شخصه وشهادة الصحفي منذر الشارني في جريدة «حقائق» خير دليل عندما قال: «منذ 14 جانفي لم نر الأشخاص الحقيقيين الذين عذبوا الناس".
حقيقة، كلما قرأت جريدة أو استمعت إلى إذاعة أو شاهدت تلفازا، أتألم جدا ويجول بخاطري سؤال «هل يتحدثون حقا عن والدي أم عن شخص آخر لا أعرفه». والدي عانى الكثير و صعد السلّم خطوة خطوة، تربّى في ساقية الزيت بصفاقس من أب فلاح وأم لا تعرف القراءة، كان يعمل في الأرض لكي يشتري كتبه، كان يبيع الطماطم والفلفل مع والده...لكن مع ذلك كان من الأوائل وتخرج بامتياز من المدرسة العليا للإدارة....
أنا مثل أي مواطنة أؤمن بمبدإ العدالة الانتقالية طالما كانت عادلة غير انتقامية وغير انتقائية إلا أن المحاسبة في ما يخص والدي بدأت في الحقيقة منذ أكثر من عشرة أشهر وكانت غير عادلة وفيها الكثير والكثير من التشفي و الانتقام.
هل كنتم تتحدثون عن السياسة في البيت زمن بن علي؟
تعودنا ألا نتكلم في السياسة، لا بالمدح و لا بالذم. وإذا تكلم أحد منا عن بن علي أو النظام كان والدي يغير الموضوع فجأة. لأننا كنا موضع تصنت في عقر دارنا.
ما حدود مسؤولية والدك في قضايا التعذيب؟
مسؤولية والدي السياسية لا غبار عليها و الاعتذار عنها واجب إلا أن والدي يواجه المظلمة تلو الأخرى منذ جانفي 2011 :‏ إيقاف قبل إيجاد التهم ثم مصادرة لأملاكه البسيطة والشرعية ثم التعدي على شرفه إعلاميا وصولا إلى إصدار حكم سياسي في ثوب جزائي في نطاق محاكمة تفتقد لأسس المحاكمة العادلة و الجادة شكلا وأصلا وأتحمل مسؤولية أقوالي . ذاق والدي المسن والمريض وعائلته مرارة الظلم و مع هذا أبقى على يقين بأن هذا الظلم لا يساوي الكثير مقارنة بمعاناة الآلاف من المناضلين وعائلاتهم في عهد بن علي لمدة طويلة و التنكيل بهم والذين قد يستحيل إنصافهم على وجه الأرض مهما كان الحكم أو التعويض لهم.
والدي ليس مسؤولا عن انزلاقات 23 سنة و حتى 50 سنة، لقد تعاقب نحو 24 وزيرا على وزارة الداخلية ومن ضمنهم السبسي ولم تتم محاسبة سوى «القلال» فأين العدالة وأين المساواة؟ ثم لماذا تفتح ملفات و تُغلَق أخرى ؟ والدي لم يمض على تعيينه بوزارة الداخلية آنذاك سوى شهرين وجميعنا يعرف كيف أن الأوامر تتجاوز أحيانا شخص الوزير ' ثم إنه وفي أغلب الشهادات لم يصرح أي شخص أن القلال هو الذي أعطى الأوامر بالتعذيب أو طلب تنفيذ ذلك ؟ وبالتالي فإنّ فصل الإحالة 101 أي طبقا للمجلة الجزائية كان مجحفا جدا في حق القلال.
لكن الجميع يتذكر كيف عاد هاربا من سويسرا التي ذهب إليها للعلاج بعد أن قدم تونسيون قضايا ضده تتعلق بالتعذيب؟
هذا غير صحيح بالمرة. لم تصدر ضد والدي أي بطاقة جلب لا محلية و لا دولية. فهذا كذب و افتراء روجه البعض لغايات أخرى. كل ما في الأمر أن جمعية «تريال» ساعدت عبد الناصر نايت ليمام على تقديم شكوى. و نجدها على موقعها الالكتروني.
وقد قدمت الشكوى يوم 14 جانفي 2001 و حُفِظَت يوم 15 جانفي 2001 ودون إصدار أي بطاقة. وقد أدى والدي العديد من الزيارات إلى البلدان الأوروبية بعد ذلك. والواقع أن السيد «نايت ليمام» في ماي 2000، ثمانية أشهر قبل الشكوى، أدلى بشهادة نشرت على 5 صفحات ولم يذكر عبد الله القلال بتاتا.
لماذا لم يواجه والدك هذه التهم قبل سقوط بن علي ؟
نظام بن علي منعه من الدفاع عن نفسه وأجبره على السكوت.
لكن مسؤولية القلال في قضية براكة الساحل تبدو «ثابتة» حسب تصريحات بعض الحقوقيين؟
غير صحيح، الحقيقة مخالفة تماما لهذه الادعاءات. لا والدي و لا وزير الدفاع كان بمقدورهما فعل أي شيء. فالرئيس السابق بن علي هو الذي أشرف على إيقاف هؤلاء من طرف عسكريين وإيصالهم بوسائل وزارة الدفاع إلى الداخلية بعد إنابة من القضاء العسكري. هذه الحقيقة أقرها كل المتضررين في بحثهم.
وهنا أتساءل، لماذا لم تفتح وزارة العدل تحقيقا ولم تقم بالأبحاث اللازمة والضرورية لمعرفة حقيقة التعذيب ومن قام به؟ . هذا كله يبين أن هناك مسؤولية أساسية مشتركة بين العديد من الأطراف.
والحقيقة كما ذكر الأساتذة المحامون في مرافعتهم، أن بن علي بجبروته شلّ أعمال كل الهياكل فهو الذي يتحمل اليوم المسؤولية كاملة، و إلا فإن وزراء العدل و الداخلية و الدفاع مسؤولون بنفس الدرجة.
لكن والدي يتحمل مسؤولية سكوته،وهو يدفع ثمنها الآن.
أنا مع تحقيق العدالة و تمكين المتضررين من حقوقهم المسلوبة...هؤلاء عُذِّبوا و حُرموا طيلة عشرين سنة لكن مع الأسف، تاريخ تونس مليء بالأعمال التعسفية للدولة منذ الاستقلال من إخماد اليوسفيين إلى شل الحركة اليسارية و مقاومة الحركة الإسلامية منذ 1981 ثم «البوكت» منذ سنة 1995 و الجهاديين سنة 2002 .
هل تعتبرين والدك ضحية لعبة سياسية؟
هذه فرصة لإعلام الرأي العام أن والدي السيد عبد الله القلال والذي يحرص البعض على تصنيفه ضمن «رموز النظام» تمت تنحيته من وزارة الداخلية سنة 2001 بسبب حادثة رفضه تقديم امتيازات غير قانونية لعائلة الطرابلسي تَمّ على إثرها إعلامه بقرار تنحيته وتعيينه وزيرا للصحة فرفض بشدة طالبا مغادرة الحكومة بصفة نهائية. ولعله من القلائل الذين قالوا «لا» للرئيس السابق وهو ما تسبب له في غضب هذا الأخير وما ترتب عنه من تضييقات واستفزازات عانى منها والدنا وعائلته الأمريْن.
نتفهم حق كل شخص في التعبير عن المعاناة التي عاشها في ظل النظام السابق بعد أن كانت الأفواه مكبلة والأقلام جافة والأبواب موصدة ونساند حق كل مظلوم في استرجاع حقوقه ورد الاعتبار إلى شخصه، لكننا نندد بشدة بكل استغلال لهؤلاء قصد التشفي من بعض المسؤولين السابقين وإدانتهم وتأليب الرأي العام عليهم وتوجيه أصابع الاتهام إليهم قبل أن يقول القضاء كلمته في شأنهم خاصة عندما يتعلق الأمر باتهامات تبدو في ظاهرها واهية ومجردة وفاقدة لكل جدية.
كنت توجهت برسالة إلى الرئيس المرزوقي لماذا؟
رسالتي كانت للمرزوقي لأنه حقوقي قبل أن يكون رئيسا لأن تاريخه زاخر بالنضالات ولأنه ذاق ويلات الظلم و القهر و التعسف. وفي تقديري إنّ من وقع التنكيل بهم طيلة سنوات عدة وتعذيبهم وإقصاؤهم مثل قادة وأعضاء حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» وحزب «حركة النهضة» هم من سيكونون أحرص على العدل ووضع حد للظلم والقهر.
وأملي أن تكون المحاسبة الجزائية مستقلة عن الحسابات السياسية.
عندما نقول عبد الله القلال فإن الصورة الأولى التي تتبادر للأذهان هي صورة شخص «كان يحكم بأحكامه» زمن بن علي ؟
خلافا للصور الرسمية التي تلتقطها «الكاميرا» لتبث في نشرات الأخبار فإن والدي لم يكن يتردد على القصر ولم نكن نذهب في الحفلات والزيارات الخاصة وقد كانت العلاقة فيها الكثير من «التحفظ» فقد رفض والدي الدخول في اللوبيات السياسية ولم يكن يحضر «السهريات» التي تقيمها العائلة الحاكمة أو اللقاءات الخاصة في قصر قرطاج. كان يكتفي بالعمل ويحبذ الأجواء الأسرية، يذهب بمفرده للسوق لاقتناء الخضر والغلال وفي أوقات الفراغ يهتم بحديقة المنزل ويزرع النباتات والخضر الورقية فهو يحب الفلاحة ويعشق الأرض والبستنة.... وقد انطلقت المشاكل بعد رفضه لأوامر الطرابلسية فعندما كان وزيرا للعدل طلب منه أحد الطرابلسية التأثير على القاضي وتغيير الحكم من سنتين إلى 6 سنوات وعندما إطلع والدي على الملف وتحدث مع القاضي لم يجد داعيا لتلك العقوبة وقال للقاضي «أحكم حسب القانون»وصدر الحكم بسنتين سجنا وهو ما أغضب هذا الشخص من الطرابلسية .و فعلا بعد بضعة أيام، تمت نقلة القاضي وتغيير والدي من منصبه وكان يعرف أنه ستتم نقلته ومع ذلك لم يرضخ .وبعد تغيير وزير العدل، تمّ في الاستئناف تغيير الحكم من سنتين إلى 6 سنوات، وطبعا هذا الموظف ما يزال على قيد الحياة وقد قابل والدي وبإمكانه تأكيد ما ذكرته.
وما هي حقيقة الأراضي والعقارات التي يملكها والتي تحصل عليها من خلال منصبه وتقربه من العائلة الحاكمة؟
أتحدى كل من يدعي أن القلال لديه عقارات وأملاك مشبوهة ففي خريف 2010 هاتفه أحد المقربين من الطرابلسية وقد كان الوالد يرأس مجلس المستشارين وقال له هذا الشخص:«سآتي للفطور معك» فطلب والدي تجهيز الأكل وعندما قدم هذا الشخص ،عرض عليه 300 هكتار من الأراضي في جهة مرناق وقال له : «إن أردت سنكتبها باسم ابنك كما فعل الوزير الفلاني والفلاني... فأحدهم أخذ 700 هكتار وآخر 400 هكتار»، وعندما رفض والدي هذا العرض خرج هذا الشخص غاضبا ورفض تناول الغداء. لقد أرادوا شراء ذمته بأي طريقة ولكنه رفض... وأتحدى أي شخص الادلاء بوثيقة أو أي دليل يثبت أن القلال أخذ مالا دون وجه حق أو ممتلكات كهدية ،فمنزلنا كوّنه بعرق جبينه وهو منزل عادي وأثاثه بسيط ككل البيوت التونسية وليس فيه مسبح أو أي مظهر من مظاهر البذخ والترف. وما نملكه في صفاقس هو مجرد قطعة أرض وزيتون و هي إرث من جدّي و لدينا الوثائق التي تثبت ذلك.
وللإشارة، بدأت رحلة المتاعب منذ 2001 بعد رفضه منح رخصة لبيع الخمر لأحد الطرابلسية وكان والدي يماطله بلباقة ،مرة يقول له المحلّ بجانب مسجد ومرة بجانب مدرسة وهو ما جعل هذا الشخص يفقد صوابه.. .ثم بدأ الوالد يضيق ذرعا بالضغوطات وقرر الانسحاب وتقديم استقالته في 2001 فهاتف محمد الغنوشي فقال له والدي «قل للرئيس أريد أن أرتاح» فهاتفه الغنوشي مرة ثانية وثالثة وقال له: «لا استطيع قول ذلك سيغضب الرئيس كثيرا، فإن أردت فهو يعرض عليك وزارة الصحة أو وزارة أخرى تختارها» ، لكن والدي أصر على طلبه وقال له «اخبره بما قلته لك». فأجابه الغنوشي «تحمل إذن مسؤوليتك» وكان أول وزير يقول "لا" لبن علي وهو ما أغضبه لاحقا .
وماذا حصل بعد ذلك؟
خضع منزلنا للتفتيش ووضعت أجهزة تنصت في كل مكان وكان أعوان الأمن مرابضين أمام منزلنا حتى أن والدي هاتف «الجنرال بن حسين» في ذلك الوقت وسأله : «لماذا الأمن موجود أمام البيت؟» فأجابه : «تعليمات..» وقد قضى 3 سنوات في البيت وكانوا يتعمدون فتح حقائبنا عند السفر وتفتيشها وقد تعرضنا لعدة مضايقات في المطار، ثم وبعد 3 سنوات من الانسحاب ،طلبوا منه العودة للنشاط واقترحوا عليه رئاسة مجلس المستشارين فقبل وهو «خطأ» يدفع ثمنه الآن .
ألم يتدخل لخدمة مصالح بعض المقربين وهو الذي كان يشغل أهم منصب في مجلس المستشارين؟
كان يرفض التدخل لفائدة أي كان والمقربون يعرفون ذلك جيدا ،فقد زارتنا ذات مرة إحدى القريبات طالبة منه مساعدة ابنتها لأن موعد التسجيل في إحدى الكليات بالخارج سينتهي وعليها أن تسرع في الوثائق. وقد رفض الوالد التدخل ولم تسافر ابنتها في الموعد . وهو ما تكرر أيضا معي في الخارج وقد تمكنت من السفر بصعوبة صحبة مجموعة من الأطباء المتربصين نظرا لتعقيد الإجراءات. ثم إن جميع زملائي وزميلاتي يعرفون كيف أعيش وكيف كنت أعمل أحيانا لأوفر مصروفي الخاص وكنت أكتفي بغرفة صغيرة مع عدة طالبات اخريات وكنت أحيانا أغضب من والدي وأقول له «ساعدني على الأقل في فتح محل للملابس الجاهزة كما تفعل زميلاتي» فيقول لي : «مش متاعنا» اهتمي فقط بالدراسة وكان لا يقبل سوى النتائج الممتازة و يشجعنا على المطالعة .
لكن الشارع التونسي لن يصدق أن شخصا في حجم القلال لم يستغل نفوذه يوما ولم يتدخل لأي كان؟
تدخّل فقط لمساعدة بعض المظلومين ،نعم ساعدهم .وأذكر كيف أن امرأة أطردوا زوجها ظلما من إحدى الوزارات وكان لديها 4 أطفال وانتظرته أمام المنزل وبعد أن روت له مشكلتها وقف إلى جانبها.وأتساءل اليوم أين المظلومين الذين ساعدهم القلال ووقف إلى جانبهم ؟
ما حقيقة ما حصل يوم 14 جانفي ؟ولماذا تم القبض على القلال وهو شخص تقولين إن يديه «نظيفتان»؟
ببساطة «لقد باعوه» لأنه لم تكن لديه صداقات و«لوبيات» تسانده ،فبعد الثورة هناك أشخاص أرادوا الانتقام منه وبالأخص «كمال اللطيف» فقد كانت لديه مشكلة مع والدي لأنه لم يرضخ له ولم يذهب في طابور الوزراء الذين وقفوا على بابه . والسبسي اعترف في أحد تصريحاته أن كمال لطيف صديقه ،ثم كيف نفسر أن اسم القلال لم يكن ضمن المطلوبين للعدالة في نشرة الأخبار ثم وبسرعة تم إدراجه في قائمة النشرة الثانية للأخبار؟ هناك لعبة حاكها كمال اللطيف وأدرج والدي ضمنها بغاية «الانتقام» ولم يكتف بذلك بل قام بشن حملة شرسة في وسائل الإعلام الأجنبية وكان هدفها الوحيد تشويه صورة القلال وتأليب الرأي العام عليه ونجح في ذلك ،لأننا مهما حاولنا اليوم كشف الحقيقة فستبدو المسألة شبه مستحيلة . وطبعا تناقلتها بعض الوكالات في تونس ورسخت «صورة» مشوهة تضاهي تلك التي نسجت عن قتلة الشهداء والقناصة رغم أن الحقيقة بعيدة كل البعد وما فعله والدي لم يكن في حجم تلك الفظاعات. ثم جاء خبر الاستقالة وقد سمعناها مباشرة من التلفزة وهاتف والدي بعض المسؤولين وأبدوا استغرابهم من ذلك .وفي مارس كانت عملية إيقافه ولم يتم استنطاقه إلا بعد 7 ساعات من الإيقاف .
ولكن ملف والدك «ثقيل» ولا يمكن أن تكون كل الشهادات التي تروج ضده مغلوطة؟
سامح الله الباجي قائد السبسي فقد اقترف خطأ جسيما في حق والدي وإن سامحه البعض فلن أسامحه «لا في الدنيا ولا حتى في الآخرة» فقد كانوا يبحثون عن كبش فداء وتصفية حسابات قديمة و كان الزج بالقلال في السجن هو الحل لإغلاق بعض الملفات خاصة وأنه يعرف الكثير من «الخنار» عندما كان على رأس وزارة الداخلية، وهناك حقائق لا يريدون أن تظهر للرأي العام لكن والدي ترك لي ملفات ثقيلة وأنا أحتفظ بها و سأقدمها في الوقت المناسب ، وبإصرار منه لن أكشفها في الوقت الراهن .
لماذا لم يقدم والدك استقالته على ضوء الضغوطات والمضايقات التي عاشها زمن بن علي؟
كم تمنيت في وقت ما أن يقدم استقالته، لكن من يستطيع المغادرة في حكومة بن علي متى يشاء و متى يشاء دون أن يعرض عائلته و أمنه للخطر. والدي حاول الحد من الإنزلاقات و رفض إسناد المنافع لعائلة بن علي خاصة سنتي 1999 و 2000 حيث توترت علاقاته معهم، ثم كانت له شجاعة الاستقالة سنة 2001 و رفض آنذاك حقيبة في الحكومة و بقي ثلاث سنوات بالبيت.
بعض الوجوه من المعارضة ساندوكم في محنتكم؟ كيف وماذا فعلوا بالتحديد؟
هناك أناس لم نتخيل أبدا أن يقفوا إلى جانبنا وبعضهم من المعارضة ممن تعذبوا في فترة بن علي وقد ساهموا في التخفيف عنّا ومؤازرتنا في أحلك الفترات وخاصة بعد تعكر صحة والدي. ففي الوقت الذي تخلت فيه عديد الشخصيات والوزراء عنا رغم أنهم يعرفون القلال جيدا، وجدنا أناسا طيبين ساندونا ولو ببعض «الكلمات» الطيبة و نحن لم نتخيل أبدا أن يقفوا إلى جانبنا .
لقد طرقت جميع الأبواب في تونس من منظمات ووزارات ووجدتها موصدة أمامي، فحتى المؤسسات الإعلامية رفضت الإنصات إلينا في فترة كان فيها والدي بين الحياة والموت وتساءلت ساعتها أين اختفت المنظمات الحقوقية و الإنسانية؟.
لكن قضية القلال وصل صداها إلى عدة بلدان أجنبية؟
بعد أن رفضت أغلب الجهات في تونس الاستماع إلينا ، التجأنا إلى المنظمات في المهجر وعديد وسائل الإعلام الأجنبية وقد استمعوا إلينا وقدمنا لهم بعض الأدلة عن "المظلمة" التي تعرض إليها الوالد . والتجأنا حتى للإتحاد الأوروبي لنقلِ معاناة الوالد ووعدونا بالتدخل لإنقاذ حياته ، وقد زارنا عديد الصحفيين من أمريكا وفرنسا واطلع بعضهم حتى على خزانة الأدوية الخاصة بوالدي .
ماذا عن لقائك بسمير ديلو وزير حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية؟
أشكره لأنه فتح لي بابه و استمع إلي وقد حاولت تبليغ صوتي ونقلت له تفاصيل «المؤامرة» التي حاكتها هذه الأطراف ضد القلال وآمل أن تأخذ العدالة مجراها لأننا نريد كشف الحقيقة لا غير .
ولكن قيل كلام كثير عن زيارة الجبالي لوالدك وكيف أن أطرافا سعودية طلبت منه التدخل حتى أن الأخبار التي تروج في الكواليس تتحدث عن صفقة تم إبرامها هناك؟
زيارة الجبالي كانت مخصصة للطرابلسية ولا أعتقد أنه ذهب بالأساس للقلال وحسب علمي لم تكن هناك صفقة فوالدي ليست لديه علاقات بالسعوديين ولا يعرف شخصيات هناك لتطلب التدخل لفائدته، ولا أعتقد أن علاقته ب«بن علي» كانت جيدة ليطلب إطلاق سراحه. لكن تلك اللفتة الرائعة من الجبالي أسعدته كثيرا فلا تتخيلوا مدى المعاناة التي يشعر بها شخص في مثل حالته الصحية ولا أحد يزوره أو يطمئن عليه . وطبيعي أن أي «لفتة» من الحكومة لها وقع خاص فالناس القابعون في السجون هم بشر قبل كل شيء ولا بد من التخفيف عنهم. فهناك من المسجونين من الوزراء والتجمعيين من ترك وراءه أطفالا صغارا ولايمكن أن تتخيلوا مدى معاناتهم وكيف يتألمون من نظرة المجتمع التي لا ترحم .نحن نحمد الله لأننا في سنّ تسمح لنا بتجاوز الأزمة بسلام وقد تخطينا مرحلة البكاء والألم والضغط النفسي .وأحاول شخصيا معالجة نفسي بالكتابة. فكلما أحسست بضيق أكتب على صفحتي على «الفايسبوك» وأعبر عن ألمي وكثيرا ما أحمل مقالاتي للوالد ولا تتخيلوا مدى سعادته وفخره بما أفعله. أتمنى فعلا ومن كل قلبي أن يتدخل أي طرف سواء كان سعوديا أو غيره لمساعدة والدي والسماح له بالعلاج وإجراء العملية في الخارج قبل فوات الأوان، وسأناضل من أجل هذا الهدف حتى ولو تطلب الأمر حياتي.
ماذا عن صحة والدك؟
لقد تعكرت صحته في الأسابيع الأخيرة، وبناء على طلب من هيئة الدفاع قرر قاضي التحقيق تكليف لجنة طبية تتكون من 3 أطباء في أمراض القلب بمراقبة الحالة الصحية لعبد الله القلال وإجراء اختبار طبي في الغرض .
لقد أجريت لوالدي عملية جراحية ثانية على القلب و أضحى وضعه الصحي دقيقا ولا شك أنه يتعكر يوما بعد يوم . لقد أصبحنا نخشى على حياته وقد نصحنا الأطباء بإجراء عملية دقيقة في الخارج. أود أن أقول إن حياة القلال أو موته متعلق بيد القضاء.
كلمة أخيرة؟
-"ربي يحنّن القلوب على بعضها ونطلب العدالة فقط ".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.