الإعداد لمؤتمر حركة «النهضة» المزمع انعقاده خلال شهر جويلية القادم وإدراج الشريعة من عدمه في الدستور القادم لتونس كانا أهم محاور الندوة الصحفية التي عقدتها حركة «النهضة» في مقرّها المركزي بحضور كل من رئيس الحركة راشد الغنوشي ورئيس كتلة «النهضة» في المجلس الوطني التأسيسي الصحبي عتيق ورئيس الهيئة التأسيسية فتحي العيادي. وقد أوضح رئيس حركة «النهضة» راشد الغنوشي في مداخلته أنه يرفض أي انقسام ديني داخل المجتمع وبين أن هذا النوع من الخلاف يعطل مسار تحقيق أهداف الثورة ويهدد الوحدة الوطنية. وقال «الغنوشي» إن مصطلح «الشريعة» أثار تخوفات العديد من تطبيقها وكان محل ترحيب لدى آخرين في ما يتعلق باستلهام فصول الدستور وأضاف أن الصورة المروجة بخصوص تطبيق الشريعة أساءت اليها وضرب مثل تطبيقها في أفغانستان وارتباطها بالعنف والإرهاب. وأفاد في نفس الصدد أن امكانية تجاوز اشكال الانقسام كانت واردة عن طريق الاستفتاء الشعبي الا أن القائمين على الشأن السياسي عدلوا عن هذا الخيار نظرا لأنه قد يتسبب في مزيد تعميق الهوة بين مختلف فئات الشعب بما يعنيه ذلك من امكانية «أن نضع قسما من التونسيين في مواجهة الشريعة». واعتبر راشد الغنوشي أن مصطلح «الشريعة» يحمل «معنى غامضا» وأنه مفهوم ملتبس لذلك تقرر عدم ادخاله في الدستور تجنبا لاثارة الاشكاليات والنزاعات. وأكد «الغنوشي» في كلمته قائلا: «لن نفرض الاسلام بأدوات الدولة كما فرضت الحداثة». وأضاف أن «الإسلام والديمقراطية أساس الدستور» وأن حركة «النهضة» تتسع للآراء الكثيرة وهي ضد التشدد وأنه لا داعي للانقسامات طالما أن الاسلام يجمع مختلف الأطياف والأطراف والفئات في المجتمع التونسي وقال: «لا نريد أن نستخدم سلطة القانون للتدين». وفي تدخله، بيّن الصحبي عتيق، رئيس كتلة حركة «النهضة» في المجلس الوطني التأسيسي أن مختلف مكونات المشهد السياسي الفاعلة في المجال متفقة على مراعاة الوحدة الوطنية والحفاظ على الثوابت المتمثلة في منظومة القيم ومخزون مدرسة الاصلاح التونسية والتمسك بالعروبة والإسلام والحداثة سعيا لدفع مكاسب الدولة وقال «عتيق»: إنه قد تم تشريك شخصيات وطنية مرموقة لكتابة الدستور على غرار أحمد بن صالح وأحمد المستيري وعياض بن عاشور والصادق بلعيد وعدد من الشباب وممثلي المجتمع المدني ونقابة القضاة ودائرة المحاسبات. أما فتحي العيادي رئيس الهيئة التأسيسية لحركة «النهضة» فقد أكد أن الهيئة تتابع الأوضاع في البلاد وتحاول الالتقاء مع مختلف التيارات على قاعدة الحوار والنقاش وأفاد بأنها تدعو أعضاء المجلس الوطني التأسيسي الى وجوب مراعاة الدستور الجديد «في مفاصله المختلفة لخصائص هوية البلاد وحفظها وتذكر أن تحقيق أهداف الثورة في تنمية جهوية عادلة ومقاومة الفقر والبطالة واجتثاث جذور الفساد والاستبداد» حسب ما ورد في بيان الهيئة التأسيسية. من ضمن الأسئلة التي وجهت الى راشد الغنوشي أسباب اختيار هذا التوقيت لعقد هذه الندوة ومدى التزام الحزب بمبادئ الديمقراطية ومشروع الدستور القادم للبلاد التونسية وكذلك القرار المفاجئ لحركة «النهضة» والمتمثل في الابقاء على الفصل الأول من الدستور. وفي رده على هذه الأسئلة أكد راشد الغنوشي أن «النهضة» حركة كبيرة والحركات الكبيرة لابد أن تتسع للآراء الكثيرة كما أن الحركة لا تجتمع حول شيخ بل حول مشروع يخدم مصلحة البلاد، أما فيما يتعلق بالانقسام والخلاف بين رموز وقياديي حركة «النهضة» فقد أشار الغنوشي إلى أن هذا الخلاف يعكس التنوع في الأفكار والمبادئ. وفيما يخص القرار الذي فاجأ العديد من التونسيين والمتمثل في الابقاء على الفصل الأول من الدستور اعتبر رئيس الحركة أن المتفاجئين بهذا القرار لم يفهموا بعد الشريعة وهي مفاجأة جاءت نتيجة الضبابية الحاصلة في الأذهان حول مفهوم الشريعة وقال: «لا نرى أن الشريعة شيء والإسلام شيء آخر». وأضاف الغنوشي أن الشريعة حصل حولها نوع من الغموض والتشويه في الآونة الأخيرة بسبب الخلط الحاصل في أذهان العديد من التونسيين. وحول تحديد موعد 20 مارس لاجراء الانتخابات القادمة أكد راشد الغنوشي أن المجلس الوطني التأسيسي هو الذي يحدد موعد الانتخابات، وأشار الغنوشي الى أنه تم الالتزام بألا تتجاوز المدة سنة أو سنة ونصف السنة على أقصى تقدير، وإن أمكن أن يكون قبل ذلك لكان أفضل وقال: «نحن نريد للمرحلة المؤقتة أن تنتهي في أسرع وقت ممكن». وفي رده على سؤال امكانية انقسام الشعب التونسي وتجدد الخلاف حول النظام الرئاسي أو البرلماني اعتبر الغنوشي أن الانقسام حول صورة النظام الديمقراطي أمر طبيعي والأخطر من ذلك هو عودة الدكتاتورية والانقسام الذي من شأنه أن يؤدي الى الفتنة والقتال.