مسألة إدراج الشريعة في الدستور خلقت حالة انقسام في المجتمع قال الشيخ راشد الغنوشي خلال ندوة عقدتها حركة النهضة أمس بمقرها بحضور رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وفتحي العيادي رئيس الهيئة التأسيسية للحركة والصحبي عتيق رئيس الكتلة النيابية للحركة بالمجلس الوطني التأسيسي... إن مسالة الشريعة خلقت نوعا من الانقسام داخل المجتمع التونسي خاصة أن مفهومها أصبح ملتبسا وغير واضح في أذهان التونسيين بسبب التطبيقات السيئة لها. وبين راشد الغنوشي أن قرار الهيئة التأسيسية للحزب للإبقاء على الفصل الأول من دستور 1959 يعد التزاما بما جاء في البيان الانتخابي للحزب ومراعاة للمصلحة العامة للبلاد والوحدة الوطنية باعتباره محل إجماع وتوافق بين جميع أطياف الشعب التونسي.
الشريعة مسألة خلافية
واعتبر الغنوشي أن مسألة الشريعة مسألة خلافية داخل المجتمع وهو مفهوم ملتبس مشيرا إلى انه ليس هناك إجماع وتوافق بين مختلف شرائح المجتمع حول مسالة الشريعة التي أثارت جدلا كبيرا داخل الأوساط السياسية والمدنية وكذلك بشأن اعتماد هذا الفصل من عدمه في الدستور الجديد لكن في المقابل أقر بأن هناك اتفاقا وتوافقا على أن دين الدولة هو الإسلام مما يؤكد أن هوية الشعب التونسي ثابتة في هذا الإطار. وذكر راشد الغنوشي أن البرنامج الانتخابي لحركة النهضة لا يتضمن تطبيق الشريعة، فالأولوية تبقى على حسب تعبيره لإقامة نظام ديمقراطي حقيقي يضمن الحريات لجميع المواطنين من دون تمييز على أي أساس. وأشار إلى أن مسألة إدراج الشريعة في الدستور الجديد زادت من انقسام الشعب مؤكدا أن تشريعات الإسلام لا يجب أن تفرض لأنها تقوم على الاقتناع والإيمان بها فلا إكراه في الدين، فالحرية مكفولة للجميع في نظم الحياة التي يختارونها وفي المقابل أوضح زعيم حركة النهضة أن جزءا كبيرا من القانون المدني التونسي مستمد من الشريعة على غرار المجلة الجنائية ومجلة الأحوال الشخصية مؤكدا في هذا الإطار أن الدساتير تتأسس على ما هو مشترك وفيه إجماع وتوافق. وبخصوص تصريحات سلفيين بالتحريض على قتل اليهود أكد الشيخ راشد الغنوشي بأنه لابد من التصدى لمثل هذه الممارسات خاصة ان هناك أطرافا معادية للثورة تسعى إلى إثارة الفتنة والبلبلة في المجتمع التونسي مؤكدا على ضرورة الدفاع عن الأقلية اليهودية والأقليات الأخرى وإذا ما تجاوز أي مواطن القانون فستقع مساءلته بكل صرامة وذلك في إطار الحفاظ على السلم الوطني. وشدد زعيم حركة النهضة على تظافر كل الجهود من أجل المرور من المرحلة المؤقتة إلى المرحلة العادية من خلال صياغة دستور جديد للبلاد.
التزام بالبيان الانتخابي للحركة
ومن جهته أوضح فتحي العيادي رئيس الهيئة التأسيسية لحركة النهضة أن الهيئة عقدت يومي 24 و25 مارس الجاري اجتماعا عاديا في إطار متابعة آخر التطورات ومتابعة للحوار الوطني حول قضايا الدستور وبعد نقاشات عميقة ومطولة أصدرت بيانا أكدت فيه التزام الحركة بما جاء في برنامجها الانتخابي بصفة عامة مشيرا أن حركة النهضة ذات المرجعية الإسلامية تنطلق في برامجها من احترام الثوابت الوطنية وفي مقدمتها تعاليم الإسلام ومقاصده وتراثه الحضاري. كما تعتبر أن صيغة الفصل 1 من دستور59 التي تنص على أن «تونس دولة حرة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها» محل توافق بين كل مكونات المجتمع وهي تحفظ الهوية العربية الإسلامية للدولة التونسية وتؤكد مدنيتها وديمقراطيتها في ذات الوقت حيث أنها تنص على أن دين الدولة هو الاسلام بما يقتضيه من دلالات. ودعا رئيس الهيئة التأسيسية لحركة النهضة أعضاء المجلس الوطني التأسيسي إلى ضرورة مراعاة الدستور الجديد في مختلف مفاصله لخصائص هوية البلاد وحفظها مؤكدا أن تحقيق أهداف الثورة في تنمية جهوية عادلة ومقاومة الفقر والبطالة والفساد والاستبداد يتطلب توحيد كل قوى الشعب التونسي وتظافر جهوده من أجل ذلك.
صياغة الدستور بطريقة توافقية تشاركية
ومن جهة أخرى أدان الصحبي عتيق رئيس الكتلة النيابية للحركة بالمجلس الوطني التأسيسي تكرر الاعتداءات على الصحفيين اثر الاعتداء الأخير الذي تعرض له الصحفي لطفي حاجي في المنستير واعتبرها ممارسات غير مسؤولة. كما أكد أن انعقاد المؤتمر القادم سيكون في جويلية المقبل. وبخصوص عمل مختلف اللجان داخل المجلس التأسيسي حول صياغة الدستور أكد الصحبي عتيق أن هناك وفاقا وطنيا حول صياغة دستور يقطع مع الاستبداد ويقوم على الثوابت الوطنية. وأضاف بانه من الضروري دعم الوفاق والتوافق على صياغة دستور مضيفا أن صياغته ستكون بطريقة توافقية تشاركية خاصة بعد دعوة بعض الشخصيات الوطنية على غرار أحمد بن صالح والمستيري والفيلالي وبن عاشور والمنظمات والجمعيات والاتحاد العام التونسي للشغل للاستئناس بآرائهم والمشاركة في بناء دستور جديد للبلاد. كما قال الصحبي عتيق رئيس كتلة النهضة في المجلس الوطني التأسيسي إن حركة النهضة تسعى إلى تعزيز المكتسبات الوطنية ودعم الحريات العامة والفردية مع مراعاة الدين الإسلامي وقيم الحداثة والتقدم.