لئن كان البعض يشجع على احتواء أزمة البطالة وانتداب المتخرجين، فإن ما حصل في وزارة الفلاحة قد يكون سابقة غريبة في بلادنا، فبعد انتداب قرابة الألف شخص وبعد مباشرة هؤلاء للعمل، فوجئ عدد منهم بإلغاء أسمائهم وبالتالي طردهم (156 منتدبا). فمن المتسبب في هذه الأزمة؟ وكيف تصدر «الوزارة» قرارا بالانتداب ثم تتراجع فيه؟ "التونسية" بحثت في الموضوع وتحدثت مع المعنيين. الاحتجاجات تجتاح الوزارة وسلسلة «مناظرة سنة 2011» متواصلة "مروان الدبوني"، اختصاصه هندسة ريفية تم قبوله في المناظرة كما تلقى برقية لمباشرة العمل ويقول محدثنا في هذا الإطار: «بعد عملية قبولي في المناظرة، قاموا بتجميدي اليوم الثاني بتعلة أن قائمة المنتدبين التي صدرت في آخر شهر نوفمبر 2011 «غالطة» وهو ما أقرّه «محمد بن سالم» عندما ترأس الوزارة في شهر ديسمبر وأمر هذا الأخير بضرورة إعادة النظر في القائمة نظرا لوجود العديد من التجاوزات. فقامت الوزارة بإصدار قائمة ثانية في 30 جانفي وقد وجدت في القائمتين وباشرت العمل لكن ما راعني إلا أن الوزارة قامت بإيقافنا عن العمل لأن الوزير يريد أن يدقق للمرة الثالثة في قائمة المنتدبين. وظهر «محمد بن سالم» بعد ذلك على قناة «نسمة» وصرّح بوجود رشوة وتزوير في النتائج". وأضاف مروان في نفس السياق أن المهندس والتقني السامي قد همشا وأنهما يتعاملان مع إدارة لا مع أشخاص، كما طالب الإدارة بأن تعيد إدراجه وزملائه في القائمة، وأن يتحمل كل من استعمل الغش مسؤوليته. الخصاصة أرّقتني ومن جهتها أكدت مريم كثيري وهي خريجة كلية صفاقس منذ سنة 2003 أنه لم يتسن لها الالتحاق بسوق الشغل رغم تفوقها في المناظرة الخارجية لوزارة الصحة سنة 2011. وتقول في هذا الإطار: «بعد عملية قبولي في المناظرة تنقلت الى وزارة الفلاحة للاستفسار عن مكان عملي، ففوجئت عندما أخبروني أنه تم رفضي لأن شهادة قبولي تحمل إمضاء الوزير السابق «محمد المختار الجلالي» فهل أتحمل مسؤوليتي في هذا ؟". وأضافت محدثتنا: «نحن لا نتعامل مع أشخاص، نحن نتعامل مع إدارة، وما قدموه من تعلات لا تعنيني خاصة وأن الفقر والخصاصة قد أثقلا كاهلي وقضيا على عائلتي وأنا لم أفعل ما يستحق أن أحاسب عليه". وزير الفلاحة يوضح وللاستفسار التقت «التونسية» بوزير الفلاحة السيد «محمد بن سالم»، فقال في هذا الإطار: «قامت الوزارة بمناظرة لانتداب 950 فردا وتلقينا 750 ألف مطلب. والإشكالية تتمثل في كون الوزير السابق السيد «محمد المختار الجلالي» أراد قبل مغادرته للوزارة أن يعلن نتائج المناظرة، فقام بالضغط على الموظفين المسؤولين، فما كان منهم إلا أن أعلنوا النتائج دون التثبت في مجموعة من المعطيات وخاصة التثبت من الاستمارة. فهناك من المترشحين من قام بوضع معلومات مغلوطة لا أساس لها من الصحة. وأضاف الوزير: «لم أكن على علم أنهم لم يدرسوا الملفات، وتعرضنا الى حالات غريبة مفادها أن أحد خريجي الصناعات الغذائية قدم ترشحه في قيس الأراضي وتم قبوله، وهو ما فتح باب الشك لذلك قررت أن ألغي النتائج لأنها مبنية على الغش". وأقرّ الوزير في نفس الإطار بأن مجموع المعلومات المغلوطة تتلخص أساسا في سنة التخرج وإدراج تربصات وهمية لا تستجيب لمنشور وزارة التشغيل حول طبيعة التربصات المطلوبة، ويقول في هذا المستوى: «نحن طبقنا القانون ليس إلا، وكل من قام بالغش يتحمل مسؤوليته، كما أن الوضعية واضحة بالنسبة لي، القائمة الجديدة التي سنقوم بإصدارها ستحمل أسماء أشخاص لم يقوموا بعملية غش". وختم الوزير حديثه قائلا إنه سبق وأن التقى بمجموعة من المحتجين وأكد لهم أنه بإمكانهم تقديم اعتراضات كما أنه سيتم تكوين لجنة للنظر في كافة ملفات اعتراضاتهم و«الحق أولى أن يتبع» حسب تعبيره.