ذاك الرجل الذي وقف تحت الساعة وراح يصرخ في الناس «الموت للسبسي... الموت لعصابة السبسي... الموت للبورقيبيين».. أما عدّل ساعته على «منقالة» ساحة 14 جانفي؟ ! هذا الرجل المحنّط في فكره هو مرشد الأيمة ومؤطرهم في وزارة الشؤون الدينية.. نعم المؤطر... نعم المؤطر وهو يدعو للقتل... القتال القتال.. اليهود.. اليهود.. وكان الشباب يكبّرون.. والغريب أن العذر أقبح من الذنب عندما قال إنه يدعو على السبسي بالموت.. السياسي فقط!؟! كفّره ودعا عليه.. بالموت الافتراضي... هكذا.. قد يكون أقنع المكبرين أمامه ولكنه لن يقنع حتى الأطفال الرضع.. هي جريمة.. في كل الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية.. كان يردد هذا على مرآى ومسمع من مكتب وزير الداخلية.. ولا ردّة فعل.. هدر الدم والحث على القتل وقفزة «نوعية» في الانفلات وغض الطرف عن صنّاع الفتنة بالجهل والجهالة... غيب الردع عن أحداث سابقة شارك في استفحال الوضع.. مدنّس العلم مازال طليقا في الطبيعة... قاتل الشيخ الدعوي مجهول... حادثة بئر علي بن خليفة في علم الغيب... وآخرها الاعتداء على أهل الفن في اليوم العالمي الذي تحتفي فيه الكرة الأرضية بالمبدعين... سوّدوا سماء شارع بورقيبة وتسلّقوا الساعة التي توحي لهم بأنهم في زمان غير زماننا. وها هي حادثة الحث على القتل تطال الباجي قائد السبسي... وأنا أعجب من حكومة تسلمت السلطة على يديه في جوّ ديمقراطي، بهيج.. وأذكر أن السيد علي العريض قال له وهو يصافحه بحرارة: «سي الباجي أنت زرعت ونحن سنسقي»... أين هو اليوم وأين رئيس الحكومة من زميله رئيس الحكومة السابقة؟ ! حتى مجرّد مكالمة هاتفية لم تقع.. سكت الجميع.. أين مفهوم الدولة واحترام رجالاتها للحفاظ على ناموسها.. هل نلوم «مؤطّر» الأئمة الجاهل.. أم نلوم رئيس الحكومة العاقل... «يلعن أبو السياسة» التي تزدري الأخلاق والتعامل الإنساني الراقي... جبّة الدولة قبل جبّة الحرب. الآن وقد قدّم أبناء السبسي قضية لدى المحكمة... كمواطن... سنرى مآل القضية وسنتابع مسارها، لأنها لا تعني هذا الرجل فقط بل تعني كل العاملين في الحقل السياسي... لأنها سابقة ولها لاحقات إن لم تحزم العدالة أمرها... من ليس معهم ليس معارضا وإنما عدوّ وعدوّ من؟ عدوّ الله.. ثقافة التكفير تحرق الأخضر واليابس... وتلغي كل ما يجمعنا تحت سماء واحدة... هناك من يدّعي «حماية الله» ونحن نقول الله حامينا...