عادت المخاوف من تفعيل الفصل 15 والقاضي بحرمان العائلة التجمعية من حقها في العمل السياسي وهو ما جعل كمال مرجان رئيس حزب «المبادرة» يحذر الجهات التي تعمل على محاولة تفعيل هذا الفصل من مغبة هذا التصرف واصفا إياه ب «التطهير العرقي السياسي». ولئن اعتبر كمال مرجان هذا الفصل كارثة فإن عديد الأحزاب وخاصة الدستورية والتجمعية عبرت بدورها عن قلقها إذا ما تم تفعيل هذا الفصل. "التونسية" تحسست ردود وأفعال بعض الرموز المحسوبة على «الدساترة» حول هذا الموضوع: أكد أحمد منصور رئيس الحزب الدستوري الجديد أن تفعيل الفصل 15 والذي يحرم الناس من حقهم المدني لا لشيء سوى لأنهم خدموا الدولة غير مقبول، مشيرا إلى أنه اذا حدث هذا فسيعدّ من قبيل «النازية» وملاحظا أن هذا الفصل تعدّ على حقوق الإنسان وعلى حقوق المواطن، وأنه اذا كان هناك أشخاص تتعلق بهم تهم أو أن هناك من استعمل نفوذه لغايات شخصية فالمحاكم تتكفل بذلك، وأن مازاد على ذلك هو تصرف غير قانوني، مؤكدا أنه في صورة ما أعيد تفعيل هذا الفصل لا يمكن الحديث عن ثورة كرامة بل نصبح في مرحلة الاعتداء والاستبداد وستتحول الثورة إلى قهر وقمع. وقال أحمد منصور: «إن كان هناك من يريد إفراغ الساحة السياسية فلا يمكن الحديث عن ديمقراطية ومن يريد أن يربح المعركة الانتخابية عليه أن يربحها بقدرته على الإنجاز والإقناع حسب مقتضيات المنافسة الشريفة والنزيهة، والفصل 15 هو المثال الأكثر تعبيرا عن القمع والانحراف عن التمشي الديمقراطي، فحتى الأحكام الجزائية الصادرة لا تحرم حق المواطن المجرم من الانتخاب إلا إذا كانت هناك جريمة منصوص عليها في الحكم وأن الإنسان ممنوع من الحياة السياسية، ثم لا يحق للدولة أن تحرم الآلاف من ممارسة حقهم في الحياة السياسية". وأضاف منصور: «وكان الأنسب أن يحسم في هذا الفصل الباجي قائد السبسي بكل جرأة وشجاعة وهو الذي قال شخصيا: «هذا غير معمول به في جميع الأعراف» فلماذا قبل به وهو صاحب السلطة وكان عليه الحسم منذ البداية؟" . وأضاف:"لابد من الذهاب مباشرة للمصلحة العليا للبلاد بعيدا عن محاولة تشنيج المحيط السياسي وهذا خطأ في التقدير ومع احترامنا لجميع الفئات السياسية لا بد من وضع نقاط الإلتقاء للخروج من حالة الهيجان والفوضى". أما عمر البجاوي رئيس «حزب صوت التونسي» فيرى أن الفصل 15 وإن لقي تجاوبا في بداية الثورة فإن عدد المدافعين عنه تناقص بمرور الأيام وقد تبين أن الإقصاء لا يخدم البلاد وان عملية المصالحة المنشودة لا تبنى على الإقصاء، ملاحظا أنه فصل ظالم ومضر وأنه في النهاية يوجد قضاء يبت في كل ما هو فساد. واضاف: «نحن نريد وضعا طبيعيا، تكون فيه قواعد اللعبة واضحة وفي الديمقراطية الناس هم الذين يختارون وحتى لو كان هناك أناس محسوبون على النظام السابق لمجرد انتمائهم فهذا عنصر سلبي لهم وليس لغيرهم ولكن لديهم محيطهم والناس يعرفونهم ولهم حرية القرار في إنتخابهم أو لا، وهناك في النهاية من يريد إختيار هؤلاء حتى ولو كانوا أقلية وبالتالي لا معنى للإقصاء فإن كانت مصلحة فرد تقتضي إقصاء البقية فسنعود للدكتاتورية... الوقت يمر ولا بد من تمكين أكثر عدد من الناس من الحياة وخلافا للقضاء يوجد صندوق إقتراع". أما كريم الميساوي رئيس «حزب التحالف» فيرى ان المجتمع التونسي إنقسم إلى قسمين وان هناك جهات تريد العودة بنا للوراء وأنه إن تم تفعيل هذا الفصل ستنضاف أزمة جديدة في البلاد وسيكون هذا العمل غير مسؤول وفيه الكثير من الإقصاء وقال: «من حق جميع التونسيين ممارسة حقهم وهناك محكمة وسلطة قضائية وإن تم تفعيل الفصل 15 فهو مخالف لأهداف الثورة وأكيد سيكون الهدف منه إعادة التوازنات السياسية وحتى الإجتماعية وسيكون له رد سيء... اليوم نحن في حاجة للتوازن ولكن للأسف أصبحنا بارعين فقط في خلق الأزمات". ويرى فيصل التريكي رئيس «الحزب الحر الدستوري التونسي الديمقراطي» أن الفصل 15 تعنى به العائلة التجمعية ولكن العائلة الدستورية تضم التجمعيين والدستوريين ويبقى الإقصاء مرفوضا سواء تعلق بالتجمعيين أو البعثيين، مشيرا إلى أنه في بداية الثورة كانت المخاوف من التجمعيين ومرت الانتخابات بسلام فهل سيبقى التجمعيون مقصيين من العمل السياسي طيلة حياتهم؟ وأضاف قائلا: «انّ التجمع مثل في حقيقة الأمر 27 سنة من حياة التونسيين وفي أقصى الحالات هو امتداد للحزب الدستوري وككل حزب فيه إيجابيات وسلبيات. وإن اردنا أن نحكم فالفكر السياسي شيء والسلطة شيء آخر وممارسة السلطة فيها أخطاء فلا يوجد نظام بلا أخطاء فالشيوعيون قاموا بأخطاء في روسيا والإسلاميون في السودان قاموا بأخطاء، والقوميون العرب في مصر ارتكبوا عدة أخطاء والمحاسبة الجماعية خاطئة فإن قام شخص بعمل ما فالمحاسبة تكون شخصية وليست جماعية، وبالتالي لا يجب السقوط في هذا الفخ وعلى القوى السياسية داخل المجلس وخارجه أن لا تسقط في هذا الفخ مهما كان مأتاه فالإنسان له الحق في التواجد".