وصف رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي الجيش التونسي ب«الجمهوري والمنضبط»،ودعا إلى ضرورة تنظيم المشهد السياسي في تونس لخلق التوازن بين جميع الأطياف السياسية لتوفير أسباب التداول على الحكم. وقال السبسي في حديث مع «يونايتد براس انترناشيونال»، إن الجيش التونسي قام بواجبه على أحسن ما يرام، وكان عنصرا إيجابيا في نجاح الفترة التي تولى فيها رئاسة الحكومة التونسية. ولم يتردد السبسي الذي يُنظر إليه اليوم كأحد أبرز الوجوه السياسية في البلاد، في وصف الجيش التونسي بأنه «جمهوري ومنضبط»، و«لا دخل له في القضايا السياسة، ويطبق أوامر السلطة السياسية في البلاد". وكانت الآراء والمواقف قد تباينت حول أداء ودور الجيش التونسي في هذه الفترة وذلك في أعقاب تسريبات مفادها أن الجنرال رشيد عمار قائد الجيوش التونسية الثلاثة، قال في لقاء خاص ضم وزير الداخلية علي لعريض ووزيرة المرأة سهام بادي دار الحديث خلاله حول العنف السلفي وتهديداته المستمرة للحريات وللأشخاص، إنه "قريبا سيضع حدا للاستراحة". واستنتج مراقبون من هذا التصريح أن المواجهة مع أنصار التيار السلفي في تونس باتت وشيكة، لاسيّما وأنه جاء بعد تصريحات لوزير الداخلية علي لعريض نشرتها صحيفة (لوموند) الفرنسية، قال فيها إنه «يعلم جيدا أنه سوف يخوض معركة كبرى مع السلفيين الجهاديين الذين يلجؤون إلى العنف، ويمثلون خطرا على المجتمع التونسي.. لذلك سنتجه الآن إلى المواجهة التي تبدو شبه حتمية". واعترف السبسي بأن ظاهرة التطرف الديني باتت تؤرق المجتمع التونسي حاليا ، واعتبر أن معالجة هذه الظاهرة «لا تتم بالطرق القانونية فقط، بل تستوجب أيضا سياسة ملائمة لتجاوز هذا العنف والتطرف". وأضاف أن هذا العنف «استهدفني شخصيا، وبالتالي يتعين إبراز الجدية في معالجته وتجاوزه،وعلى الشعب التونسي أخذ هذه القضية على محمل الجد،لأنها ليست مرتبطة بهذا الشخص أو ذاك،وإنما هي قضية أضحت تهم الأمن في البلاد بشكل عام والاستقرار وسمعة تونس في الداخل والخارج". لكنه استدرك قائلا " لا أتصور أن الحكومة الحالية راضية عن مظاهر العنف في البلاد التي من شأنها التأثير على الاستثمارات والسياحة والاقتصاد"، لذلك أقول إن معالجة هذه الظاهرة بحاجة إلى عمل طويل المدى". من جهة أخرى، نفى السبسي الاتهامات الموجهة له ب«تفخيخ» عمل الحكومة التونسية الحالية برئاسة حمادي الجبالي أمين عام حركة النهضة، وامتنع عن تقييم عملها خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وقال ل«يونايتد براس انترناشيونال»، إن مثل هذه الاتهامات تبقى «ظرفية لأن كل الحكومات الجديدة تعتبر أن الحكومة التي سبقتها مسؤولة عن المشاكل والأوضاع التي تواجهها". وأضاف «لقد قمنا بالواجب حسب ضميرنا، وحسب الإمكانيات المتوفرة،وأتمنى بصدق أن تتمكن هذه الحكومة من القيام بشيء ملموس»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه «لابد من الأخذ بعين الاعتبار الصعوبات الداخلية والخارجية التي تواجه الحكومة التونسية المؤقتة الحالية قبل إطلاق أي حكم أو تقييم لأداء عملها خلال الفترة الماضية". واعتبر أن هذه الفترة «تميزت بوضع صعب داخليا، ومعقد على الصعيد العالمي، وهو ما أثر على أداء الحكومة»، ودعا في المقابل إلى تمكينها من المزيد من الوقت لتنفذ ما وعدت به، «على اعتبار أنه لا وجود لحكومة ليس لها رغبة في الإصلاح وخدمة مصالح الشعب والاستجابة لاستحقاقات الثورة". لكنه لفت مع ذلك إلى أن هذه الحكومة لم تنجح في معالجة بعض الملفات الهامة، منها ملف التشغيل الذي قال إنه «لم يسجل أي تقدم، كما أن نسبة النمو المسجلة لا تستجيب لمعالجة ملف البطالة". إلى ذلك، أبدى السبسي تفهمه لاقتراح الحكومة التونسية الحالية إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة في 20 مارس المقبل، رغم أنه يطيل مدة الفترة الانتقالية. وقال «كنت أُفضل لو تم تحديد موعد الانتخابات المرتقبة بعد سنة واحدة من انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي جرت في 23 أكتوبر الماضي، ومع ذلك أتمنى أن يصادق المجلس التأسيسي على الموعد المقترح". وأعاد السبسي التذكير بأن غالبية القوى والأحزاب السياسية تعهدت في وقت سابق بأن تتم صياغة الدستور التونسي الجديد في أجل أقصاه عام من تاريخ انتخابات 23 أكتوبر الماضي، «ولكن يبدو أن الأمور تسير اليوم إلى مارس 2013، وهذا أكثر من اللازم، ومع ذلك نقبل ببعض الشيء ولا الكل". غير أن السبسي الذي جدد التأكيد على رفضه لأي شكل من أشكال الإقصاء السياسي،شدد على «ضرورة توفير الظروف الملائمة للتداول على الحكم". كما جدد التأكيد على رفضه لأي شكل من أشكال الإقصاء السياسي،وعلى ضرورة توفير الظروف الملائمة لتحقيق الديمقراطية التي «نصبو إليها ونريد تكريسها، وصولا إلى تكريس مبدأ التداول على السلطة". واعتبر أن هذه الظروف «غير متوفرة لغاية الآن»،ولهذا يتعين توفير الأسباب لتلك الظروف،و«هنا تبرز ضرورة تنظيم المشهد السياسي في تونس لخلق التوازن بين جميع الأطياف السياسية لتوفير أسباب التداول على الحكم".