نظمت وزارة العدل صباح امس زيارة ميدانية استطلاعية للسجن المدني ببرج العامري والسجن المدني بمرناق اشرف عليها السيد نور الدين البحيري وزير العدل والسيد فوزي العلوي المدير العام للسجون والإصلاح بغية التعرف على الأوضاع التي يعيشها السجناء والإطارات والاعوان العاملون هناك والوقوف على الأضرار الحاصلة بالسجون خلال الثورة . وقد أكد وزير العدل نور الدين البحيري ان هذه الزيارة تأتي في سياق المعاينة المباشرة لوضع السجون التي مازلت لم تتخلص بعد من الموروث الثقيل لفترة حكم النظام البائد، وبالمناسبة دعا البحيري ممثلي وسائل الإعلام التي شاركت في هذه الزيارة إلى ضرورة نقل الوضعية التي يعيشها المساجين دون إغفال الأوضاع التي يعاني منها الأعوان العاملون والإطارات هناك. السجن المدني ببرج العامري كانت البداية بزيارة السجن المدني ببرج العامري اين استقبل المقدم رياض العماري الزوّار مقدما شريطا وثائقيا يعرّف بالسجن من حيث المساحة والموقع الجغرافي والانشطة والورشات التكوينية التي يقدمها للمساجين واستعرض الأضرار التي لحقت به نتيجة للاحداث التي رافقت الثورة مؤكدا الظروف الصعبة التي يواجهها نزلاء السجن والعاملون به من إطارات وأعوان بسبب قدم السجن وتهرؤ تجهيزاته والنقائص التي يعاني منها... ثم قاد المقدم رياض العماري الوفد في زيارة بين أروقة السجن في بادرة هي الاولى من نوعها بعد ان كانت السجون مناطق محرمة على عدسات الصحفيين وانطلقت الجولة بزيارة للمنشآت المتضررة لمعاينة الأضرار الحاصلة بها. بعد ذلك توجه الوفد الى ورشات التأهيل وتكوين السجناء التي تميزت بتنوعها لتشمل الكهرباء وصناعة المصوغ والنجارة والحلاقة وغيرها من الاختصاصات التي يتم تعليمها للمساجين لتساعدهم على التأقلم والاندماج في المجتمع والحصول على شغل بعد مغادرة السجن. ثم توجه الوفد الذي يقوده الوزير الى إحدى غرف المساجين الاحداث الذين تتراوح اعمارهم بين 18 و 25 سنة وقد تحدث معهم البحيري داعيا اياهم الى التحلي بالهدوء والرصانة والاستجابة لتعليمات الاعوان كما اطلع على التهم الموجهة لهم واستمع الى طلباتهم التي كانت أهمها امكانية تمكينهم من عفو عام استثنائي. وبالمناسبة عبر المساجين للصحفيين عن امتعاضهم من بعض السلبيات وخاصة على مستوى التغذية حيث اعتبروا ما يقدم لهم من اطعمة ومأكولات لا يرتقي حتى الى درجة المتوسط رغم أن أكثر من 60 بالمائة من ميزانية السجن مخصصة للتغذية كما عبروا عن عدم رضاهم عن الخدمات الصحية المقدمة لهم وطلبوا من المشرفين مزيد الاحاطة بهم وتحسين نوعية الخدمات على الاقل لتخفيف وطأة السجن . وفي الجهة المقابلة عبر الأعوان والإطارات عن عدم رضاهم عن الظروف العامة المحيطة بممارستهم لعملهم وخاصة القانون الاساسي للسجون الذي لا يوفر لهم الحماية المطلوبة في حالة تعرضهم لاعتداء مادي او معنوي من السجناء. كما عبّروا عن تذمرهم من النقص الفادح في التجهيزات والمواد الطبية والنقص في الاطار الطبي وشبه الطبي زد على ذلك الحالة العامة للمنشآت التي تميزت بقدمها ونهاية عمرها الافتراضي منذ مدة طويلة على حد تعبير احد الاطارات، كما صرح بعض الاعوان ل«التونسية» انهم تعرضوا الى مظالم وتجاوزات ادارية خاصة فيما يتعلق بتدني الاجور وتعقيد مسالك الترقيات، كما اكدوا أنه كان للإعلام دور سلبي في تشويه وتهويل الحقائق وتصوير العاملين بالسجن على أنهم «وحوش آدمية» مؤكدين انه لا وجود لتعذيب او تنكيل بالسجناء. وقد وعد الوزير بتوفير سيارة اسعاف مجهزة ووضعها على ذمة السجن كما وعد باجراء تحسينات وتوفير تجهيزات صحية في أقرب الآجال . السجن المدني بمرناق نفس الاستقبال وجده الوزير والوفد المرافق له بالسجن المدني بمرناق حيث قدم لهم الاعوان والاطارات يتقدمهم الرائد يوسف القصراوي مدير السجن التحية عند الدخول، وقدم مدير السجن لمحة عامة عن السجن الذي يستوعب 922 سجينا، 80 بالمائة منهم لم تصدر في شأنهم بعد احكام سجنية، ثم تحدث عن الصعوبات التي يواجهها الاطار السجني اثناء تأديته لمهامه وخاصة تردي البنية التحتية للسجن والحالة السيئة للمعدات والتجهيزات وغياب الربط بشبكة التطهير والنقص في وسائل النقل وفي الرصيد البشري والاطار الطبي والمعدات الطبية قبل ان يقود الوفد في زيارة بين ارجاء السجن قادتهم الى المبنى الجديد الذي توفرت به المقومات اللازمة التي تضمن حقوق السجين وحرمته الجسدية على غرار الادواش العصرية والمطابخ وبيوت النوم الواسعة التي تستجيب للحد الادنى من شروط الرفاهية. بعد ذلك قام الوزير بزيارة بعض المرافق مرورا بجناح المساجين اين جمعه حديث ببعض المساجين عبروا خلاله عن مطالبهم وتطلعاتهم حيث اكدوا ان الظروف التي يعيشونها لا تستجيب للحد الادنى من الكرامة البشرية مؤكدين أملهم في لفتة وزارية تعيد لهم حريتهم المسلوبة. وفي هذا السياق تقدم رجل الاعمال والمقاول المعروف خالد القبي للوزير وطلب منه العفو واعادة النظر في قضيته واعتباره ضحية خاصة انه ساهم في بناء مساجد ومدارس وأعمال خيرية متعددة وساهم ولو بقدر قليل في بناء اقتصاد تونس، وأضاف انه تعرض الى مظلمة ويستحق التعامل مع قضيته بشيء من المرونة. بعد انتهاء الجولة تقدم الوزير بكلمة عبر فيها عن شكره لوسائل الاعلام ووعوده بمزيد العناية بالوضع المادي والمعنوي للاطارات والعاملين بالسجون معتبرا أن إصلاح الذات البشرية هو اساس كل إصلاح كما اكد على ضرورة التعجيل بإصلاح البنية التحتية لبعض السجون التي تشتكي من الكثير من النقائص مشيرا الى عزم الوزارة على اجراء تعديلات واصلاحات في المنظومة القضائية والجزائية دون اغفال القانون الاساسي للسجون الذي يحتاج الى اعادة صياغة تراعي الجوانب التنظيمية والهيكلية التي توفر الحد الادنى المطلوب من ضمان حماية العون اثناء تأديته لمهامه . هوامش - وعد الوزير احد الاعوان بالنظر في ملفه خاصة وانه لم يحصل على مستحقاته المالية منذ 1 جانفي 2011 . - تقدمت امرأة امام سجن مرناق للوزير بطلب العفو عن والدها الشيخ وتمكينه من حضور جنازة ابنه الذي توفي في حادث سير فأمر مدير السجن بتمكينه من حضور الجنازة والنظر في ملفه. - تحدث سجينان من ذوي الاحتياجات الخصوصية مع الوزير حول المعاملة التي يحظيان بها خاصة ان احدهما فاقد للبصر والثاني ساقه مبتورة. - الأواني التي يتم فيها اعداد الاطعمة للمساجين والاطارات قديمة جدا وصدئة وتبعث على الاشمئزاز. - قوبل الاعلاميون باستقبال جيد وتم تقديم المرطبات والحلويات لهم. - الوضعية النفسية التي كان عليها خالد القبي كانت سيئة جدا حيث ذرف الدموع اثناء حديثه مع الوزير و«التونسية» مؤكدا انه لا يستحق الوضعية التي هو عليها الآن. سهير بولعابة صور نبيل شرف الدين