عرفت منظومة اصلاح المساجين وتأهيلهم واعادة ادماجهم خلال السنوات الأخيرة تطورات هامة نتيجة الاهتمام الخاص والعناية الموصولة التي أولاها لها الرئيس زين العابدين بن علي حيث كان أدّى زيارة تاريخية الى سجن تونس يوم 24 جويلية 1996، وكذلك نتيجة المجالس الوزارية المتتالية التي خصصت لها والتشريعات الجديدة التي سنّت بشأنها والخدمات والبرامج الاصلاحية والتأهيلية العديدة التي أقرّت لفائدة المساجين والسجون. فعلاوة على الزيارة الرئاسية حظي قطاع السجون والاصلاح بعقد مجلسين وزاريين الاول في 19 أكتوبر 1992 وخصص لادماج وتأهيل المساجين، والثاني يوم 5 جانفي 2001 ونظر في قرار إحالة المؤسسات العقابية وإدارتها الى وزارة العدل، كما حُظي القطاع بجملة من التدابير العملية والاجراءات التي أسهمت فعلا في تحسين وضعه ودعمه وتطويره حيث تم ومنذ سنة 1992 بعث برنامج للتأهيل المهني والاجتماعي والنفساني والثقافي للمساجين وتمتيع المنتفعين بهذا البرنامج بالعفو التأهيلي كما تم في السياق نفسه الترخيص لرئيس الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الأساسية في زيارة المؤسسات السجنية والاصلاحية دون ترخيص مسبق، وتم ايضا رصد اعتماد سنوي قدره 300 ألف دينار لدعم برنامج تأهيل المساجين وإحالة المؤسسات العقابية وادارتها الى وزارة العدل استكمالا لبسط ولاية القضاء على كامل مراحل منظومة التقاضي الجزائي الى جانب اتخاذ جملة من القرارات الرامية الى معالجة ظاهرة الاكتظاظ داخل السجون وتكثيف الاحاطة الصحية والنفسية بالمساجين ودعم البرامج الاصلاحية والتأهيلية المقدمة لهم اثر الاطلاع على تقرير لجنة التحري في أوضاع السجون وذلك بتاريخ يوم 17 فيفري 2003. ** تشريعات وقد تدعمت هذه الاجراءات بسلسلة مطولة من التشريعات صدرت طيلة الفترة الممتدة من 1988 الى غاية السنة الفارطة 2003 وطالت مختلف الجوانب والميادين التي تتصل من قريب او من بعيد بالسجون والمساجين ففي 11 جويلية 1988 تمت المصادقة دون تحفظ على اتفاقية الاممالمتحدة الخاصة بمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية او اللاانسانية او المهينة، وفي 4 نوفمبر من العام نفسه صدر النظام الخاص بالسجون وبعده صدر في 27 فيفري 1989 قانون ألغى عقوبة الاشغال الشاقة ويوم 3 ماي 1991 صدر أمر رئاسي تم بموجبه ترقية ادارة السجون والاصلاح الى ادارة عامة ثم في 23 جانفي 1995 صدر قانون ألغى عقوبة التشغيل الاصلاحي والخدمة المدنية وفي 9 نوفمبر من السنة نفسها صدر قانون يتعلق بمجلة حماية الطفل التي تقنن حقوق الطفل باعتبارها ركنا أساسيا من أركان حقوق الانسان وترمي الى اعداده لحياة حرّة ومسؤولة في مجتمع مدني قائم على الربط بين الوعي بالحقوق والالتزام بالواجبات، علما وان تونس هي خامس دولة في العالم تصدر مثل هذه المجلة. وفي جانب الاصلاح التشريعي أىضا صدر في 16 مارس 1998 أمر رئاسي يتعلق بتنظيم مركز الرسلكة وتدريب أعوان السجون والاصلاح ببرج الطويل وضبط مهامه وفي 31 جويلية 2000 صدر قانون احداث خطة قاضي تنفيذ العقوبات كما صدر في 3 ماي 2001قانون آخر تم بمقتضاه احالة سلك السجون والاصلاح الى وزارة العدل وحقوق الانسان ثم صدر قانون يوم 14 من العام نفسه يهم نظام السجون ويهدف الى تنظيم ظروف الاقامة بها وضمان حقوق السجناء ومساعدتهم على الاندماج في الحياة العامة. كما تواصلت سلسلة التشريعات باصدار قانون دستوري في 1 جوان 2002 نقح فصولا من الدستور وحقق مكاسب حقوقية ودعم حقوقا اخرى في مجال العدالة الجزائية منصوصا عليها سابقا وباصدار قانونين آخرين يوم 29 أكتوبر من العام نفسه الاول دعّم صلاحيات قاضي تنفيذ العقوبات والثاني أرسى الصلح بالوساطة في المادة الجزائية، الى جانب صدور قرار عن وزير العدل وحقوق الانسان يوم 5 نوفمبر من العام نفسه يتعلق بتصنيف السجون واخيرا صدور امر رئاسي في 4 فيفري 2004 يتعلق بتنظيم المدرسة الوطنية للسجون والاصلاح وضبط مهامها. ** خدمات صحية كل هذه التشريعات اتخذت منها الادارة العامة للسجون والاصلاح التابعة لوزارة العدل وحقوق الانسان ارضية خصبة لتوفر من خلالها الخدمات الرعائية اللائقة والبرامج الاصلاحية والتأهيلية بالسجون، فقد أمكن لهذه الادارة وهي تستعد للاحتفال بالذكرى 48 لعيد قوات الأمن الداخلي والديوانة التي توافق يوم 18 أفريل الجاري. إقرار جملة من خدمات الرعاية الصحية تشمل اجراء الكشوفات الطبية الشاملة لكل المساجين حال ايداعهم ومتابعة حالاتهم الصحية بصفة دورية ومتواصلة وتركيز الوحدات الصحية والمصحات بكافة السجون وافرادها بالاطار الطبي وشبه الطبي اللازم مع تجهيزها بالمعدات وتوفير الادوية اللازمة لمعالجة مختلف الحالات الى جانب التثقيف الصحي وخاصة في مجال الوقاية من الامراض المعدية وبعث القوافل الصحية متعددة الاختصاصات. وفي اطار القرارات الرئاسية ليوم 17 فيفري 2003 في مجال الرعاية الصحية للمساجين تم تركيز وحدة صحية متكاملة بسجن قابس والناظور بعد ان تم تركيز وحدات مماثلة ودعم التجهيزات بالسجون الاخرى كما تم تركيز آلات تصوير بالأشعة بكافة السجون التي تفتقر الى هذه الآلة اضافة الى تحسين ظروف حفظ الصحة ودعم الاطار الطبي والاخصائيين في علم النفس وتعميم اللمجة الصباحية على كافة المساجين. وفي باب الرعاية النفسانية تؤمن مصالح ادارة السجون والاصلاح اجراء محادثات نفسانية مع المساجين حسب الحاجات العارضة والتكفل بالحالات الصعبة كما تقوم بدراسة الحالة المتعينة واقتراح العلاج الملائم ومتابعته بالتنسيق مع الطبيب النفساني كما تنظم المصالح حصصا في حركية المجموعة وقوافل نفسانية لمختلف المؤسسات السجنية. وتتولى مصالح الادارة أيضا رعاية المساجين بصفة لاحقة من خلال مكاتب العمل الاجتماعي التي تم تعميمها على كافة السجون والتي تقوم بربط الصلة بين السجناء وعائلاتهم وانجاز البحوث الاجتماعية المطلوبة والتدخل لدى السلط المعنية لتسوية الوضعيات الاجتماعية وتقديم المساعدات للمساجين وأسرهم اضافة الى متابعة حالة المساجين المفرج عنهم والتنسيق مع السلط والهياكل لتسهيل اندماجهم في المجتمع. ومع الرعاية بمختلف أشكالها تقدم ادارة السجون والاصلاح برامج اصلاحية وتأهيلية للمساجين تتمثل في البرنامج الرئاسي للتأهيل الذي يرتكز على التأهيل المهني والاجتماعي والنفساني والثقافي ويختم باجراء اختبارات مهنية واسناد شهائد من قبل الهياكل الوطنية للتكوين مع ترشيح المساجين لنيل العفو الرئاسي... كما تم في هذا الخصوص اقرار اجراءات للعفو والسراح والعقوبة البديلة تتمثل اساسا في مراجعة وضعية الموقوفين في انتظار المحاكمة باعتبار الايقاف التحفظي اصبح استثنائيا وتفعيل اجراء السراح بكفالة او بضمان بالنسبة للجرائم التي لا تمثل خطرا على أمن الاشخاص وممتلكاتهم وتحسيس الأشخاص والمؤسسات بفوائد عقوبة العمل لفائدة المصلحة العامة كبديل لعقوبة السجن التي أقرت بمقتضى قانون صدر مؤخرا. وضمن البرامج الاصلاحية ايضا يتمتع المساجين ببرامج للتعليم والتعلم من خلال برنامج تعليم الكبار للاميين والمرتدين للامية ومن خلال برامج خصوصية للتثقيف والتوعية والترشيد واتاحة الفرصة للمساجين المسجلين في اختبار الامتحانات الوطنية واستعارة الكتب من المكتبات السجنية. ** تكوين وتأهيل كما يخضع المساجين المؤهلين الى دورات تكوينية في التأهيل المهني او الفلاحي في اطار برامج خصوصية ويمكن للراغبين متابعة التكوين في اختصاصات مهنية او حرفية او فلاحية في الورشات والضيعات السجنية وتختتم فترة التأهيل والتكوين بإجراء اختبارات واسناد شهائد للفائزين كما يمكن للمساجين المحكومين ان يشتغلوا بمقابل لغرس قيمة العمل لديهم واعدادهم للاندماج اثر المغادرة وتقسم مداخيل السجين الى قسط يصرف له داخل السجن وقسط عند سراحه او لفائدة أسرته بطلب منه. وتتولى المصالح السجنية أيضا تشجيع السجناء على الابداع والابتكار عبر التعريف بمنتوجاتهم بالمعارض الجهوية والوطنية وبالمعرض القار للسجون والاصلاح.