يبدو أن قدر المدرسة التونسيةبالدوحة مرتبط بالجدل المستمر فبعد أن تخلصت أيام الدكتور الطيب البكوش حين كان وزيرا للتربية من هيمنة منظمة التربية والأسرة التي لم تكن سوى جزءا من ماكينة الدعاية السياسية وتولي الوزارة الإشراف على سير هذه المدرسة، فوجئ أولياء التلاميذ بإعلان السفير التونسيبالدوحة محمد منذر الظريف عن تنظيم انتخابات يوم السبت 21 أفريل 2012 لإفراز مجلس أمناء المدرسة التونسيةبالدوحة، وجاء في بيان وزّع على أولياء أمور التلاميذ، أن السفارة تدعو جميع أفراد الجالية التونسية المقيمين بصفة قانونية في قطر (وليس فقط أولياء أمور التلاميذ) وبلغت أعمارهم السن القانونية للمشاركة في انتخاب مجلس الأمناء يوم 21 أفريل الجاري. و سيعقد المجلس المنتخب أوّل اجتماعاته يوم 23 أبريل 2012، حيث تشرف لجنة مشتركة بين السفارة ومجلس الجالية والمدرسة على جميع مراحل العملية الانتخابية. وردّا على قرار السفير بعث عدد من أبناء الجالية التونسية في قطر وأولياء التلاميذ في المدرسة التونسيةبالدوحة برسالة إلى وزير التربية الدكتور عبد اللطيف عبيد تنفرد التونسية بنشرها، ونأمل أن لا تكون هذه الرسالة صرخة في واد .... السيد وزير التربية المحترم.. هذه الرسالة نداءُ استغاثة ومحاولة للدّفاع عن تعليم محترم يُمثل تونس بعراقتها ورفعة منزلتها، ومحاولة للدفاع عن دور وزارة التربية في الإشراف على المدرسة التونسية في قطر وإنقاذها من مخاطر التلاعب والتسييس. السيد الوزير، كما تعلمون فقد انتظر التونسيون في قطر بكثير من الحماس والارتياح بأن تحمل الثورة التونسية الخلاص من سنوات طويلة من الفساد الإداري والمالي والتوظيف السياسي المخجل الذي هيمن على المدرسة التونسية منذ سيطرة منظّمة التّربية والأسرة عليها، وقد تنفّسنا الصّعداء إذ أصبحت المدرسة راجعة بالنّظر إلى وزارة التّربية والتّعليم التّونسيّة ونحن ننتظر ترسيخ هذا التّغيير وتفعيله في الواقع. إلاّ أنّنا فوجئنا - أساتذة وأولياء -في الأيّام الأخيرة بسعي أطراف أخرى تونسية في قطر للهيمنة على المدرسة التونسية والقيام بتحركات غامضة للتحول الى سلطة تهيمن على المدرسة دون أي مبرر ولا آلية ولا منطق لا تنظيمي ولا إداري ولا بيداغوجي، بل بمنطق سياسي صرف أصبح مكشوفا لدى أبناء الجالية التونسية هنا. والمؤسف أن هذه المساعي تتم بتنسيق غريب مع سفير تونس في الدوحة. حيث أن عددا كبيرا من التونسيين ممن كانوا ينتظرون بفارغ الصبر تفعيل دور وزارة التربية وهياكلها في الإحاطة بالمدرسة التونسية، فوجئوا بهيكل يعرف باسم "مجلس الجالية التّونسيّة بقطر" يسند إلى نفسه دورا في تسيير المدرسة بدعم من سفير تونس. وجاء ذلك بشكل مفاجئ ويفتقر لأدنى شروط الشفافية والاحترام لأبناء الجالية ولوزارة التربية. حيث صدمنا ومباشرة بعد زيارة وزير الخارجيّة السيد رفيق عبد السلام الأخيرة إلى الدوحة ببلاغ صادر عن السفير التونسي يخرق حياد الإدارة ويخرج عن مشمولاته ويقضي بتكوين هيئة "مجلس أمناء" خاصّ بالمدرسة استنادا إلى قوانين "المجلس الأعلى للتّعليم بقطر" والذي يفرض تكوين مجالس أمناء على المدارس الموجودة في قطر، وأن تتكوّن أساسا من أولياء الأمور والمدرّسين، ويتمّ تطعيمها ببعض الشّخصيّات الاجتماعية. إلاّ أنّ السّفير تجاهل قانون المجلس الأعلى للتّعليم القطري ووضع مقاييس أخرى إرضاءً لمجلس الجالية واستجابة لضغوط قيل إنها مورست عليه، ففتح باب التّرشّحات لكلّ من هبّ ودبّ بما يَسمحُ لأعضاء في "مجلس الجالية" من غير الأولياء بالتّرشّح والتّدخّل في الشّأن المدرسيّ. أمّا الجانب الأخطر فإنه يتعلّق بما يراد لهذا المجلس من مهامّ، فقد أَسند إليه السّفير مهمّة "تسيير المدرسة" بدلا من صفته الاستشاريّة وفقا للقانون، وهو بذلك يقصي وزارة التّربية ويمنعها من ممارسة مهامّها ويثير السؤال: ماذا يريد مجلسٌ يفترض أن يُعنى بمشاغل اجتماعية من المدرسة؟ ومالذي يرغب في تسييره بالضبط؟ وإن في تركيبة "مجلس الحالية التونسية في قطر" وظروف ولادته ما يجعلنا ندرك ما يتمّ التخطيط له، ويدفعنا لدق ناقوس الخطر. فهذا المجلس الذي ولد بعد الثورة تمّ انتخابه في ظروف غامضة ولم يشارك في انتخابه من التونسيين المقيمين في قطر إلاّ ما يناهز 400 تونسي من جملة أكثر من 8000 مقيم وهناك جدل هذه الأيام بين أعضائه أنفسهم على صفحات الفايسبوك وفي الأماكن العامة حول الانتخابات التي أدارتها عناصر تنتسبُ لحركة النهضة ولكن للأسف بأساليب مريبة بحشد اللوبيات والتلاعب والإقصاء، مما دفع عدة مستقلين يعرفون بنزاهتهم إلى طلب الاستقالة. كلّ ذلك جعل "مجلس الجالية التونسية في قطر" أشبه بهيئة سياسية فوقية لا تتحرج من إظهار الولاء لحركة النهضة رغم أن اهتماماتها المفترضة غير سياسية بل اجتماعيّة تخص كلّ أبناء الجالية التونسية. وإن ذلك يجعلنا نفزع من محاولات إعطاء هذا المجلس سلطات التسيير والإشراف التي قد تتسع لتشمل المسائل البيداغوجية، ولأن كل شيء يتم بشكل غامض فقد تلاحقت الأحاديثُ عن مراجعة تطالُ الإطار التدريسي على خلفيّة الولاء السياسي، وعن واجب نُصرة توجهات الفريق المهيمن على الحكومة وهو حركة النهضة من خلال المدرسة التونسية، فضلا عن إفصاح البعض عن نفورهم من تدريس الموسيقى مثلا.....وهو ما اعتبره عديد الأساتذة والأولياء وهم المموّلون الوحيدون للمدرسة سابقة خطرة تهدّد مستقبل أبنائنا بل وتمهّد ربّما إلى تعميم ما يمكن أن يحدث هنا على المدارس التونسيّة.. وتبعا لما سبق واعتمادا عليه فإننا نحن أولياءَ الأمور نعبر عن رفضنا الشديد والقاطع لأيّ محاولة للهيمنة على المدرسة التونسية بقطر، وخاصة مع انكشاف نوايا البعض السياسية التي لم تعد تخفى على احد. نطلب التدخّل العاجل من وزارة التّربية دون غيرها لتسيير المدرسة بيداغوجيا وإداريا لمنع تسييسها من أطراف خارجين عنها. نتمسّك بما حقّقته تونس في المجال التّعليميّ من مكاسب نريد تدعيمَها لا التّراجعَ عنها. كما نطلب تحييد السّفارة وأيّة منظّمة أو جمعيّة أخرى وحصر مجال تدخّل أيّ طرف في المساعدة لا في اتّخاذ القرارات.