تبقى الحياة الطلابية مشوار حياة تطيب ذكراه حيث تؤلف ردهاتها باقة من الذكريات رغم حلوها ومرها تمثل مصدر افتخار للمستجوب بقطع النظر عن المحطة التي اختارها أو اختارته. ضيفتنا اليوم هي السيدة سلوى الشرفي استاذة تعليم عال بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار متخصصة في تحليل الخطاب السياسي، متزوجة وأم لبنت وولد . عن حياتها الجامعية تحدثت فقالت: «دخلت معهد الصحافة وعلوم الاخبار سنة 1975 عن طريق مناظرة انتقائية تخضع دراسة الملفات المتعلقة بها الى شروط مضبوطة منها أن تكون ناجحا في الباكالوريا بملاحظة حسن أو قريب من الحسن وأن تكون صغير السن ومتقنا للغات ومتفوقا في مادة الفلسفة. وهذه «الصعوبة» في الدخول الى معهد الصحافة جعلتني أركز كل اهتمامي على النجاح في هذا الاختصاص وأضحي بدراسة الحقوق بعد ان سجلت بكلية الحقوق بالتوازي مع معهد الصحافة وعلوم الإخبار من أجل الحصول على شهادة مزدوجة. تحصلت سنة 1980 على الأستاذية في الصحافة بعد أن قدمت بحثا حول سبب إقبال التونسيين على الصحافة الأجنبية. انتميت الى اليسار منذ دخولي معهد الصحافة وعلوم الاخبار وذلك لأسباب نقابية أكثر منها ايديولوجية وناضلت في صفوف المعارضة الطلابية وأطردت من الجامعة ولم أعد إليها الا بقرار من المحكمة الادارية مثلي مثل مختار الطريفي. ورغم صغر سني وتواضع بنيتي الجسدية فقد كنت طالبة جسورة وكنت أتقدم الصفوف الأولية في المظاهرات والاحتجاجات حتى أن اعوان الأمن عندما يرونني قادمة نحوهم يضحكون كثيرا، وقد صادف ذات مرة أن اخترقت صفوف رجال الأمن فصاح احدهم «اوقفوا الجروة» وما راعني الا ان نزل عليّ أحدهم بضربة هراوة نقلت على اثرها الى المستشفى. ومما بقي عالقا في ذهني من فترات النضال بالجامعة أنني لما كنت مطالبة بتعليق مناشير في معهد الصحافة ذهبت باكرا الى المعهد ود خلت الى المدرج وكان مظلما وبدأت بإلصاق المناشير على الحائط ولم ألاحظ وجود اي شخص الا عندما وصلت الى طاولة الأستاذ فوجدت السيد فتحي الهويدي المعروف بانتمائه الى الحزب الحاكم فخشيت أن يرفع ضدي تقريرا ويتم طردي من الجامعة لكن ذلك لم يحصل ولُقّنت بفضل تلك الحادثة درسا في التسامح". وبخصوص المنحة الجامعية قالت محدثتنا: «حصلت على منحة جامعية وكنت أنفقها على مستلزمات البيت لأنني تزوجت من طالب بعد اتمامي لسنتي الأولى جامعة وكان هو بدوره ينفق المنحة على مستلزمات البيت اضافة الى أنه كان يعطي دروسا خصوصية للتلاميذ حتى يؤمن متطلبات طفله. فقد رزقنا بطفل ونحن طلبة. وكنا نقيم في غرفة واحدة لم يتجاوز معلوم كرائها 10 دنانير لأننا لم نجد مكانا بالمبيت المخصص للمتزوجين. كما أننا تزوجنا بطريقة غير مكلفة حيث لم نشتر خواتم الزواج ولا أثاثا معتبرا بل اكتفينا بخزانة وسرير أثثنا بهما الغرفة.