عادة ما تثير التعاليق التي ينشرها أبناء السياسيين على المواقع الإلكترونية وخاصة منها موقع التواصل الاجتماعي «الفايس بوك» ردود أفعال مختلفة لدى عامّة الناس. فهم يخوضون معاركهم للدفاع عن سمعة ذويهم عاملين بمقولة «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» تحركهم في ذلك العاطفة وروابط القربى قبل كل شيء. وفي تونس ما بعد الثورة باتت حروب هؤلاء ضد اتهامات المعارضين وانصارهم معارك يومية. «التونسيّة» جالت في بعض مواقع أبناء السياسيين لتعقب أهم المواضيع التي يطرحونها. من أبرز الذين اشتهروا في هذا المجال يمكن ذكر سميّة ابنة زعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي فكلّما تعلّق الأمر بوالدها أو زوجها رفيق عبد السلام أو بحركة «النهضة» تجدها (عبر موقعها الفايسبوكي) توضّح وتستنكر ليصل بها الأمر إلى التهديد والتوعّد في بعض الأحيان. فمثلا حول اتهام حركة «النهضة» بالرجعية وابتعادها عن الحداثة تقول سمية: «واهم من يريد أن يضع نفسه في الخندق الحداثي مقابل حركة «النهضة»، لأن مثل هذا التصنيف، فضلا عن كونه يعكس رغبة في إعادة أجواء الاستقطاب الايديولوجي المضر بمشروع الانتقال الديمقراطي، يفتقر إلى أي سند فكري وسياسي حقيقي. واهم ومخادع لنفسه وغيره من يدعي أنه أكثر اطلاعا على الحداثة من «النهضة»، خاصة وأن الكثير من أبنائها وبناتها قد عاشوا منذ نعومة أظافرهم في العواصمالغربية وعايشوا الحداثة وخبروها بلا وسائط، بحلوها ومرها. لا نحتاج محاضرات ممجوجة عن فضائل الحداثة ممن نصبوا أنفسهم ممثلا وحيدا لها وناطقا واحدا باسمها». وتضيف سمية: «الحقيقة المرة التي يدركها هؤلاء في قرارة أنفسهم وينكرونها وينبرون لطمسها هي أن «النهضة» اليوم هي الحامل الفعلي لمشروع الحداثة والتقدم، مقابل حداثتهم الجوفاء المزيفة والمشوهة». و بخصوص خبر سفرها وسفر والدها إلى دافوس والذي راج على صفحات بعض المواقع الإلكترونية تقول سمية: «تختص كثير من المواقع والصفحات على الفايس بوك، كصفحة «وزير الضغط والسكر» وموقع «أخبار الوزير»، وصفحات أخرى متناسلة منها، في تلبيس الحقائق واختلاق الأكاذيب ونشر الأخبار الزائفة التي لا صلة لها بالواقع وآخر ما جاد به خيال هؤلاء المريض هو أن والدي قد سافر إلى دافوس على نفقة الحكومة، وهو الذي لم يسافر في حياته قط على نفقة هذه الحكومة أو سابقاتها، لا لدافوس ولا لغيرها، ولم يتلق منها مليما واحدا، ويصر على الركوب في الدرجة السياحية في أسفاره كغيره من أبناء شعبه. لم يكتف هؤلاء بتسفير والدي على نفقة الحكومة، بل سفروني أنا أيضا إلى دافوس بمعية زوجي وأسكنوني فندقا فارها بخمس نجوم على نفقتها أيضا، والحال أني لم أحضر دافوس أصلا، ولم أسافر مع زوجي منذ أشهر عديدة (بل إني بالكاد أراه) لكثرة مشاغله. ففيما يتجند هو وإخوانه في الفريق الحكومي لإصلاح ما خربه النظام المقبور والحكومات الفاشلة التي سبقتهم واصلين ليلهم بنهارهم، يتفانى هؤلاء في الدجل وتشويه الحقائق وبث السموم. لقد اعتدنا على أكاذيبهم المزرية التي لا تنطلي على أحد، وما المرجو من حفنة رثة من الفاشلين الخائبين المفلسين؟». هذا الردّ الذي نشرته سمية على موقعها أثار حفيظة بعض المواقع المذكورة لتشنّ عليها الحرب فجاء رّد موقع «أخبار الوزير» كالآتي «قرأت بلا اهتمام شديد ما جادت به قريحة السيدة «المحترمة جدا» سمية الغنوشي عبر صفحتها الخاصة على الفايس بوك والتي نعتتنا فيها بالكذابين و«المرضى» وأيضا ب «حفنة رثة من الفاشلين الخائبين المفلسين»، و إذ يقبل موقع «أخبار الوزير» النقد والتوجيه فإنه يأسف لمثل هذه الألفاظ والنعوت التي تأتينا من ابنة «مرشد الثورة التونسية» و«ملهم شباب تونس» فهي تنعتنا بالفاشلين والكذابين, في الوقت الذي تحتوي فيه لغتنا العربية على ألفاظ أرقى وأبلغ وأكثر قربا من أخلاقنا العربية الإسلامية. فما ضرّ السيدة سميّة لو ذكرت على صفحتها جملة أو جملتين تفند فيهما المعلومات التي ذكرناها بأسلوب متحضر وخال من التهم والسباب والابتعاد عن الألفاظ الجارحة؟ ولكن ماذا عسانا نقول غير: «فاقد الشيء لا يعطيه». ابنة عبد اللّه القلال هي الأخرى جعلت من المواقع الإلكترونية ملاذا لها لتشنّ حربا على خصوم والدها ولتردّ عنه الاتهامات. فقد أرست موقعا إلكترونيا جعلته خاصّا بالمقالات الصادرة عنه في الصحف والفيديوهات التي تتنزّل عنه في القنوات التلفزية والمتعلّقة به وأدرجت له صفحة فايسبوكية بعنوان «عبد الله القلال: مصارحة ومحاسبة أم تشف ومغالطة؟» لتتوجّه فيها بالتوضيحات إلى الرأي العام وترفع عن والدها اللبس وتستجدي الحكومة بالنظر في ملف والدها. فقد بعثت من خلال الموقع برسالة إلى رئيس الجمهورية الحالي قالت فيها: «سيدي الرئيس، إن مسؤولية والدي السياسية لا غبار عليها والإعتذار عنها واجب إن أطال الله في عمره بل إن الإعتذار من شيمنا العربية الإسلامية إلا أن والدي يواجه المظلمة تلو الأخرى منذ جانفي 2011 من إيقاف قبل ثبوت التهم ثم مصادرة لأملاكه البسيطة والشرعية ثم التعدي على شرفه إعلاميا وصولا إلى إصدار حكم سياسي في ثوب جزائي في نطاق محاكمة تفتقد لأسس المحاكمة العادلة والجادة شكلا وأصلا وأتحمل مسؤولية أقوالي هذه». وحول ما أوردته بعض الصحف من اتهام شخص لوالدها بالسماح لأخيه بالسطو على مصنع والجزّ بصاحبه في السجن علّقت قائلة: «...القلال ليس له أخ يدعى المنصف ولم يكن وزيرا للعدل في 1996 ولا علاقة له بمعضلتك البتة لا من قريب ولا من بعيد. اتق الله فعين الله لا تنام». كما أوردت على موقعها ردّا على الأستاذ عبد الستار بن موسى رئيس رابطة حقوق الإنسان نشرته لها احدى الصحف قالت فيه «اسمحوا لي سيدي الأستاذ عبد الستار بن موسى رئيس رابطة حقوق الإنسان بالتفاعل الصريح و التلقائي مع ما جاء على لسانكم حول علاقة مشروع إلغاء مرسوم سقوط جرائم التعذيب بمرور الزمن بقضايا التعذيب المرفوعة مؤخرا ضد السيد الباجي قائد السبسي مدير الأمن ووزير الداخلية الأسبق, والذي صدر في صحيفة «لوتون» بتاريخ 2 مارس 2012 فكان جوابكم حول هذا الموضوع أن جددتم ارتياحكم لهذا القرار بغض النظر عن الأشخاص المستهدفين, ثم أضفتم قائلين: «ثم من قال أن جرائم التعذيب ثابتة على قائد السبسي؟ هذا يتطلب توفر قرائن الإدانة». و عبّرت عن تمنّيها قائلة «كم تمنيت أن أسمع الحقوقيين ينددون بالتجاوزات التي يتعرض لها والدي أو آخرون من الذين وقع انتقاؤهم وتكليفهم بمهام أكباش الفداء إبان الثورة و ذلك بغض النظر عن مسؤوليتهم السياسية السابقة. ثم ألا يدافع الحقوقيون عن كل إنسان انتهكت حقوقه مظلوما كان أو من أخطر المجرمين؟ والدي أضحى كبش فداء لمنظومة التعذيب البشعة التي يعود تأسيسها إلى أكثر من 60 سنة. فلقد وقعت إدانة والدي أمام الرأي العام قبل أن يقول القضاء كلمته وأصبح عبد اللّه القلال رمزا لمنظومة التعذيب في تونس إلى حد أن يقع فتح بحث واستنطاق القلال في قضايا تعذيب حدثت وهو في المنزل دون عمل في 2003 و أيضا في 2009 وهو في مجلس المستشارين و هذا الأمر موثق». و حول قضيّة جنيف المنسوبة لوالدها قالت: «سوف ننشر وثيقة لأول مرة تثبت أن عبد الله القلال لم يترك جنيف على نقالة مثلما يتفنّن البعض في ترديده إلى حد الهذيان لغايات سياسية بل غادر جنيف عندما استقرت حالته وصرح له طبيبه المباشر بالمغادرة. ثم لا ولم ولن تصدر أية بطاقة قضائية دولية من أي نوع ضده». أمّا جهاد ابن الأستاذ الشهير شكري بلعيد فقد جعل من الفايس بوك وسيلة للتخاطب بينه وبين أنصار حركة الوطنيين الديمقراطيين وجعل منه كذلك أداة ترويج لأفكار والده وذلك من خلال نشر مقتطفات من خطاباته على غرار «لست المؤسس الوحيد لحركة الوطنيين الديمقراطيين، بل كنت من نخبة كان لها شرف المبادرة بالاعلان عن تأسيس الحركة، وثانيا إن الذين بادروا من أجيال مختلفة، فمنهم من هو من مؤسسي التيار الوطني الديمقراطي ومنهم من مازال يعيش حياته الطالبيّة». ولعلّ الوقوف على الهيئة التأسيسية، يبيّن حقيقة الأمر، ثمّ انّ رفاقنا روّاد ورموز التيار الوطني الديمقراطي، الذين شكّلوا ملامح تجربتنا، (ذلك انّ التيار الوطني الديمقراطي لا يتوقّف على تجربتنا فقط)، يتواصلون مع الحركة بمستويات مختلفة، إمّا كعناصر فاعلة صلب هياكلها أو كأصدقاء لها أو كمتحاورين معها. ثمّ انّ طرح بناء حزب للتيّار الوطني الديمقراطي هو في جزء منه فتح المجال أمام كلّ العناصر الوطنية الديمقراطية من مختلف الأجيال والتجارب لتساهم بفعالية في بنائه، غير أنّه لكل مسار ولكل تجربة نخبة تبادر ولقد تحملنا المسؤولية وكان لنا شرف المبادرة. وتحملنا أمانة حمل هذه الراية في كلّ المهمات وفي أكثرها صعوبة، وهو ما دعانا الى التفاعل مع لحظة تاريخية فارقة لا تسمح بالتردّد أو الارتخاء لأنّ الزمن غير محايد ومن لا يلتقط اللحظة يتجاوزه المسار». كذلك يهتمّ جهاد على موقعه الفايسبوكي بنشر كلّ التصريحات الإذاعية والمقالات الصحفية التي تتعلق بوالده ليجعلها محلّ تعليقات سواء من أنصار الحركة أو من معارضيها هذا دون أن ننسى الاتهامات التي يوجّهها من حين إلى آخر إلى الأحزاب التي تختلف عنهم في الفكر والاداء على غرار حزب حركة «النهضة» ليكون متحاملا عليهم ومحاربا شرسا لهم كلّما دعت الحاجة. أما سمير السرياطي ابن علي السرياطي فهو أيضا من الحاضرين عبر عديد المواقع والمدونات للدفاع عن والده. فكلّما طرح موضوع علي السرياطي أو القناصة إلا وتجده جاهزا للردّ على الأكاذيب والدفاع عن أبيه. كما جعل من صفحته الفايسبوكية أداة لعرض الفيديوهات والمقالات الخاصة بوالده ليقف موقف المدافع في تعليقاته. فبخصوص أحد الفيديوهات تجده يقول «الواقع أن الجنرال السرياطي ضحية مؤامرة رخيصة نسج خيوطها وزير دفاع سابق وعصابة السوء وما إن فاحت رائحة فشل تلك المؤامرة الرخيصة حتى عمدت عصابة السوء الى الزج به في قضايا قتل الشهداء لأنه شارك في اجتماع أمني حضره وزراء وقادة الأمن، تلك هي التهمة المؤامرة الثانية ودائما نؤكد انه بريء لكنهم يريدونه كبش فداء حتى يفلتوا من المحاسبة». ولم يقف سمير السرياطي عند هذا الحدّ بل تجده يتهم كذلك بعض الأطراف بالتواطؤ ضدّ والده مثل صاحب قناة تلفزية فيقول «وقع توظيف (إشارة إلى الشخص المعني) من طرف مدير للمخابرات العسكريّة ووزير سابق للدفاع وشلّتهم المتآمرة في تسميم المناخ العام للبلاد وبثّ الحقد والكراهيّة بين الشعب وأعوان الأمن الرئاسي الذين ما إن أقلعت طائرة المخلوع في ظهيرة 14 جانفي 2011 حتّى مكثوا في مواقعهم داخل القصر الرئاسي دون أن يشاركوا في أيّة جريمة أو صدام ضد ثورة تونس المجيدة منذ إندلاعها في 17 ديسمبر 2010 حيث بيّنت الأبحاث والتحرّيات الأمنيّة والقضائيّة المجراة منذ صبيحة 15 جانفي 2011 أنّ الأسلحة وذخيرة الأمن الرئاسي كانت سليمة في تعدادها ولم تنقص منها خرطوشة واحدة رغم أنّ الجنرال علي السرياطي كان موقوفا لدى الأمن العسكري». كما تجده يعدّد انجازات والده قائلا «ما لا يعلمه الشعب التونسي عن وطنية الجنرال علي السرياطي أنه هو من أسس مكتب «العلاقة مع المواطن» صلب وزارة الداخلية لحمايته من تجاوزات أعوان الأمن». وهناك أيضا من أبناء السياسيين من جنّد نفسه لخدمة الحزب الذي ينشط فيه احد والديه. فمريم الجلاصي ابنة عضو المكتب التنفيذي لحركة «النهضة» عبد الحميد الجلاصي لا تتوانى في الدفاع عن حركة «النّهضة» كلّما كانت هناك أحداث تفرض نفسها وتجدها دائما متحاملة على الإعلام في حرب تشنّها عليه. فحول اتهام حركة «النهضة» بتواجد ميليشيات صلبها علّقت على موقعها الفايسبوكي قائلة « إعلامنا والفوتوشوب والأخبار البايتة وقصّة حب لا ترى النور... وضعت الصورتين جنبا إلى جنب... تلك التي أنزلتها يوم 21 جويلية 2011 والصورة التي قيل أنها التقطت اليوم والتي أصبحت فيها ميليشيات نهضاوية». الشيء نفسه بالنسبة للأستاذة ذكريات معطر ابنة وزير التشغيل عبد الوهاب معطر فهي وإن كانت لا تنشر تعاليق على موقعها لا تتوانى في نشر فيديوهات وصور تروّج لوالدها ولحزب «المؤتمر من اجل الجمهوريّة». هناك أيضا من الأبناء من فضّل الابتعاد عن الحياة السياسية وعدم الخوض فيها ومع ذلك وحسب شهادة من يعرفهم جيّدا فهم دائمو النشاط على مواقعهم للدفاع عن ذويهم والحزب الذي ينتمون إليه ويمكن على سبيل الذكر الإشارة إلى أبناء رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر أو رباب عتيق ابنة عضو حركة «النهضة» الصحبي عتيق.