حكم غيابيا ب12 سنة في قضية التآمر على أمن الدولة: محكمة الاستئناف تنظر في اعتراض أحمد نجيب الشابي    بنك تمويل المؤسسات الصغرى والموسطة يقدّم قرض بدون فائدة...كيفاش ولشكون؟    غرفة محاضن ورياض الأطفال ترفض ''شدّان الصغار في الدار''    الفنان شمس الدين باشا يهدي بلدية تبرسق جرار    بالفيديو: هاو كيفاش تخلّص فاتورة الماء عن بُعد    سليانة: تقدم موسم البذر بنسبة 94 بالمائة    التوانسة في فرنسا يتصدّروا قائمة الحصول على الجنسية الفرنسية    عاجل/ رئيس غرفة القصابين يفجرها ويكشف عن إخلالات خطيرة في شحنات لحوم مبرّدة تمّ توريدها مؤخّراً..    إسبانيا: بطل تونسي يُنقذ جيرانه من حريق قاتل    بركان إتنا في جزيرة صقلية: هل تصل تأثيراته إلى تونس؟    كأس افريقيا للأمم المغرب 2025: المنتخب التونسي يواجه نظيره التنزاني من أجل حسم التأهل إلى الدور ثمن النهائي    عاجل : مدرب جنوب افريقيا يصدم المغرب بهذا التصريح    جريمة دامية بالقاهرة.. طعنة غادرة تنهي حياة شاب وسط ذعر المارة في المقطم    رحيل فنانين توانسة في 2025 ...شكونهم؟    عاجل : وفاة صاحب أغنية ''أخواتي'' الشهيرة في سن صغير    هام/ 6 مؤشرات أساسية لتطمئن على صحة قلبك..    اليوم: ملف التسفير أمام الاستئناف    غلوب سوكر 2025: نجم باريس سان جيرمان يتوج بجائزة أفضل لاعب في السنة    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مقابلات اليوم    الليغ 1: نيس الفرنسي يعلن رحيل مدربه    اتصالات ومهلة وزيارة سرية: "كواليس" تكشف لأول مرة عن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال..#خبر_عاجل    فار من السجن..تفاصيل الاطاحة بمجرم خطير..#خبر_عاجل    مصنفان بالخطيران جدا ... "مونتيتي" و"الزبراط" في قبضة عدلية سيدي حسين    أسعار الخضر واللحوم والأسماك في أسواق العاصمة اليوم    برشا ماتشوات اليوم: اليك شكون ضدّ شكون الوقت والقنوات الناقلة مباشرة    لحظات صادمة في كأس الأمم الإفريقية.. حارس السودان ينهار على أرض الملعب    عاجل : أول عملية اعوجاج العمود الفقري للأطفال ناجحة في سبيطار القصاب ...تفاصيل    أحمد العميري: وجود إخلالات خطيرة في شحنات لحوم مورّدة ومبرّدة وردت مؤخرًا    عاجل/ وفاة طفلة دهستها حافلة قرب شلالات بني مطير..التفاصيل الكاملة للحادث..    عاجل: العثور على جثة تونسي في فرنسا...ابنه يعترف بجريمته    عاجل/ بعد جريمة الأسبوع الماضي: "براكاج" جديد يستهدف سائق تاكسي..وهذه التفاصيل..    شنيا حكاية ''الكار'' تنزلق في شلالات بني مطير: تلميذة ضحية حادث مأساوي    QNB ينظم ورشة مالية لتلاميذ مدرسة "الشاذلي خزندار" الابتدائية بالزهراء    عاجل: هذا اللاعب سيحرم من المشاركة في ماتش تونس ضدّ تنزانيا    جدل واسع بعد حفل رادس : تذاكر مرتفعة وشكاوى من سوء التنظيم    مواجهات بين الشرطة التركية وعناصر من داعش..#خبر_عاجل    عاجل/ اثر زيارة غير معلنة للوالي: انهاء مهام هذا المسؤول..    شوف شنوا تاكل باش تقوي مناعتك في الشتاء    كيف سيكون طقس اليوم 29 ديسمبر؟    المكسيك: 13 قتيلا وعشرات المصابين بعد خروج قطار عن مساره    قصف جوي ومدفعي إسرائيلي على مناطق في غزة    إندونيسيا: وفاة 16 شخصا في حري بدار للمسنين    ترامب يحث زيلينسكي على تسريع عقد اتفاقية سلام ويحذر من خسائر جديدة في الأراضي    القيروان: اعتداء جديد على سائق تاكسي فردي يثير مخاوف مهنيّي القطاع    ما بقي من مهرجان «خليفة سطنبولي للمسرح» بالمنستير...ذكاء اصطناعي وإبداعي، مسرح مختلف وتفاعلي    مع الشروق .. التاريخ يبدأ من هنا    البنك الوطني للجينات يقوم بتركيز ثلاث مدارس حقلية بولايات سوسة وصفاقس وبنزرت    عاجل/ ايقاف صاحب مطعم..وهذا هو السبب..    توزر: إشكاليات تراث جهة الجريد وسبل تثمينه في ندوة فكرية بعنوان "تراث الجريد بين ضرورة المحافظة ورهانات التثمين المستدام"    فيلم "فلسطين 36" في القاعات التونسية بداية من الأربعاء 7 جانفي 2026    نابل: "العلوم الإنسانية والاجتماعية بين تحديات التحول الرقمي وفرص تحقيق التنمية المستدامة "محور أعمال منتدى تونس الثاني للعلوم الإنسانية والاجتماعية    علاج للسرطان.. من أمعاء الضفادع...شنيا الحكاية؟    وفاة الممثلة الفرنسية بريجيت باردو عن عمر يناهز 91 عاما    مرض الأبطن في تونس: كلفة الحمية الغذائية تثقل كاهل المرضى والعائلات محدودة الدخل    استراحة الويكاند    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الإعلام العمومي: آفاق الحلّ في الخصخصة وإعادة الهيكلة

بعد الثورة، صارت عبارة التطهير من اكثر العبارات شيوعا واستعمالا من طرف الجميع، وقد كان للإعلام العمومي نصيب في الدعوة الى التطهير من خلال عدم رضا الفريق الحاكم والطيف الأكبر من الشعب التونسي ونخبه ومثقفيه.
ولا يختلف اثنان في ان الإعلام العمومي على حاله الرّاهن يئنّ تحت وطأة أزمة خانقة جعلته غير قادر على مواكبة نسق الحراك الاجتماعي المتمثل خاصة في بروز علاقة جديدة بين السلطة والإعلام وبين الجمهور والإعلام لم يتسنّ له فهم كنهها، فتصوَّرَ أن تحرّره من إملاءات السلطة يسمح له بالتشكيك في شرعيتها والمساس بهيبتها، وان خدمته للجمهور تعميه عن رؤية نصف الكأس المملوء، وتبيح له تمرير دعوات المنافقين، وخطابات الرويبضة، وما فيه هتك لمقومات مجتمعنا العربي الإسلامي، وما صار من ثوابت شخصيتنا الوطنية وهويتنا القوميّة وعقيدتنا الإسلاميّة، أو تدفعه للإصطفاف مع كلّ شخص أو فئة أو حزب أو تيّار أو منظمة لا همّ له ولا سبب لوجوده غير معاداة الأطراف الحاكمة، ولو كان في ذلك ضرر على الوطن والمواطن.
ولئن تقاربت الرؤى في تشخيص الأزمة التي يعانيها الإعلام العمومي، فكانت سببا في المطالبة بتطهيره، إلاّ أنّ طرح الحلول لتجاوز هذه الأزمة بقي دون ذلك، إذ لم تقدّم السلطة حلاّ لجعل الإعلام العمومي جمهوريّا بمعنى الكلمة مثلما فعلت في قطاعات أخرى كالأمن مثلا، ومثلما هي بصدد إجرائه كما هو الشأن بالنسبة للقضاء بالرغم مما يشوبه من حذر مفرط يُخشى أن يتحوّل الى عجز عن الفعل، كما لم تصدر عن فعاليات المجتمع المدني أو أيّ طرف سياسي أيّة مبادرة تتسم بالجدية اللازمة ومن شأنها المساعدة على إرساء مقومات إعلام وطني حقيقي. ولهذا تأتي محاولتي المتواضعة لوضع تصوِّر، إن لم يتضمن الحل فهو على الأقل منطلق للوصول إليه.
إن ضمانات بلوغ إعلام وطني جمهوري يليق بتونس ما بعد الثورة تكمن في الخصخصة وإعادة الهيكلة :
خصخصة تُعفي الدولة ومن ورائها المجموعة الوطنية من تحمّل أعباء لا يرضى طيف واسع من التونسيين على بلوغها لهذا الجهاز، وتساهم في توسيع ساحة التنافس وطنياً في إرساء إعلام حقيقي، لا شك في أن ما سيسود منه ويستمر هو الإعلام الأكثر قدرة على تلبية تطلعات أكبر قدر من مستهلكي المادة الإعلامية مسموعة كانت أم مرئية أم مقروءة.
إعادة هيكلة تتمثّل أولاً في إصدار التشريعات الكفيلة برسم ضوابط العمل الإعلامي ككل ، وتنظيم علاقة الإعلام بكافة الأطراف مع مراعاة حريته وحقوق الإنسان وحرمة السلامة الوطنية. وتتمثّل ثانياً في إرساء مجلس أعلى للإعلام توكل إليه وفي كنف الإستقلالية مهمة إدارة الشأن الإعلامي بمنأى عن كل تدخل حكومي أو من أي طرف آخر، وشغل المناصب فيه حكر على الإعلاميين بموجب الانتخاب الحر والمباشر من الشعب.
قد ترتفع أصوات احتجاجاً على خيار الخصخصة قائلة:
إن الإعلام الخاص يقوم أساساً على منطق تجاري يتعارض مع الإهتمام بالشؤون الوطنية.
قد تؤدي الخصخصة، وفي غياب مؤسسات إعلامية عريقة، الى استئثار طرف سياسي بالمشهد الإعلامي دون غيره، ما يؤدي الى منزلقات خطيرة.
إن أعرق الديمقراطيات في العالم قد حافظت على قطاع الإعلام العمومي، فلو كانت الخصخصة ممارسة ديمقراطية لطبِقت في هذه الدول.
ولكنَّنا نرد على ذلك بالتأكيد على أنه إذا كان لا شك في أن من مرتكزات الخصخصة منطق الربح ، فلا ريب أن الجانب التجاري يسجَّل حضوره في المشهد الإعلامي العمومي من خلال الإشهار والتعويل على الاتصالات الهاتفية وإنتاج البرامج والأعمال الفنية وترويجها كمثل الإعلام الخاص جريدة كانت أو إذاعة أو تلفزة، ولا عيب في ذلك طالما كان الهدف استقطاب أكبر قدر من المستهلكين للمنتوج الإعلامي، ولنا في تجربة الإعلام الخاص السائدة حالياً (جرائد ومجلات وإذاعات وتلفزات خاصة) خير مثال على صدق ما نذهب ، وفيها ما يفنّد كافة أسباب الإعتراض على الخصخصة. كل ذلك دون أن نغفل ما للإطار القانوني من قدرة على ضمان سيادة الإعلام الخادم لقضايا الشعب والملبّي لطموحاته في الحرية والكرامة والتقدّم ، كما أن الوعي الجماعي قادر على تحقيق عملية الفرز الإعلامي ، فليس ذلك بهيّن على شعب قدر على صنع ثورة في زمن كان فيه الحديث عن الثورة ضربًا من الخيال ، والتحريض عليها نوعاً من الجنون ، وما هو بعسير على شعب أبى – في رحلته نحو البناء وإرساء دعائم المجتمع الديمقراطي – الإنسياق وراء أي شكل من أشكال الفتنة أو الإقتتال ، وأتمّ عملية انتخابية في 23 10 2011 أبهرت المعادي قبل المؤيد.
أليس في استمرار وجود الإعلام العمومي وتمويله من طرف المجموعة الوطنية إنخرام لمنطق العدالة في إدارة المجال الإعلامي ؟ كيف لا يحق للجرائد والمجلات والإذاعات والتلفزات الخاصة أن تحتجّ على عدم التكافئ هذا ؟ ألا يدعو منطق العدالة الذي يجب أن يسود جميع مفاصل الحياة السياسية لأن تتعادل الفرص بين جميع اللاعبين في الميدان الإعلامي حتى يمكن ضمان لعبة شيقة ومفيدة ؟
وإذا كانت أعرق الديمقراطيات قد حافظت على إعلامها العمومي، فإن ذلك لا يُعدّ حجة علينا كتونسيين وكتجربة ديمقراطية ويفرض علينا أن نستنسخ ذلك ، فقد كان لهم ذلك في ظروف موضوعية تختلف كليا عن التي نعيشها والتي تتسم بالخصوص بالتحرر الذي حققه الإعلام على الصعيد الدولي وبانفلات المعلومة وتجاوزها لكل القيود والمعوقات ويسر الحصول عليها ، فما صلح لديهم لا يصلح بالضرورة عندنا او لنا، وكفى تقليدا أعمى دون تعقل أو تروّ.
إن صلاح الإعلام أو فساده لم يكن يوماً متوقفاً على صبغته عموميا كان أو خاصا، وإنما على مدى سيادة مبدإ الحرية من عدمه، فالحرية هي صمّام الأمان لإعلام حرّ ونزيه يفترض أناّ جميعاً ننشده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.